إنتعاش
11-11-2007, 11:23 PM
http://www.alaswaq.net/files/image/large_87133_12026.jpg
أدى ارتفاع أسعار النفط إلى إثارة أكبر عملية تحول للثروة في التاريخ. فالدول المستهلكة للنفط تدفع ما يتراوح بين 4 إلى 5 مليارات دولار يوميا أكثر للنفط الخام بالمقارنة بخمس سنوات مضت، وهو ما يعني حصول شركات النفط والدول المنتجة على تريليوني دولار هذا العام فقط.
وعواقب مثل هذا التحول في الثروة واضحة كل الوضوح في انتشار الغضب بين الصينيين في محطات البنزين، وثقة زائدة في الكرملين، أسلحة جديدة في تشاد ومجمعات بتروكيماوية جديدة في السعودية، حملات في كوريا الجنوبية لتقليل قيادة السيارات وزيادة مبيعات سيارات تويوتا الهجين، عبء مالي في السنغال وازدهار في البرازيل. وقد ثارت مظاهرات بورما الأخيرة بسبب قرار الحكومة رفع أسعار النفط، وفقا لتقرير نشرته جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية اليوم الأحد 11-11-2007.
خفض معدلات الادخار
وفي الولايات المتحدة، أدت زيادة فاتورة النفط المستورد إلى خفض معدلات الادخار، وأضاف أن التضخم زاد من سوء العجز التجاري، وأضعف الدولار وجعل الأمر أكثر صعوبة على مصرف الاحتياط المركزي تحقيق التوازن بين الأهداف المتنافسة لمحاربة التضخم والحفاظ على معدلات النمو.
وقد منحت أسعار النفط المرتفعة دعما قويا لولاية ألاسكا الغنية بالنفط، التي رفعت نصيب كل رجل وامرأة وطفل في عائدات النفط إلى 1654 دولارا سنويا بزيادة قدرها 547 عن العام السابق. وفي ولايات أخرى، أدى ارتفاع أسعار النفط إلى مزيد من الحوافز لتنفيذ مشاريع طاقة غير نفطية كانت تبدو في يوم من الأيام مكلفة للغاية وتؤثر على أرباح الشركات المستهلكة للطاقة مثل شركات الطيران والشركات الكيماوية. وحتى شركة كيلوغ أشارت إلى ارتفاع تكلفة الطاقة كعامل مؤثر على أرباحها في الربع الثالث من العام الحالي.
ومع اقتراب أسعار النفط من مائة دولار للبرميل الواحد، لا توجد نهاية لعملية إعادة توزيع أكثر من 1% من إجمالي الإنتاج الداخلي العالمي. وكانت الصدمات النفطية المبكرة قد أدت إلى نقلة عملاقة في الثروة وإجمالي ما يعرف باسم الدولار النفطي. ولكنها تلاشت وجرى تعديل الاقتصاديات.
أما الارتفاع الحالي في أسعار النفط فقد تم عبر أربع سنوات ويعتقد العديد أنه يمثل نقطة جديدة حتى لو انخفضت الأسعار بطريقة ما في الأشهر المقبلة.
وقال كينيث روفوف وهو أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد والاقتصادي السابق في صندوق النقد الدولي "لم يحدث مثل هذا الشيء من قبل بطريقة منتظمة كما شاهدنا في العامين السابقين. إن أسعار النفط لا ترتفع ارتفاعا مفاجئا بل هي تتزايد".
والفوائد التي تصل إلى 700 مليار دولار سنويا تتدفق على الدول المنتجة للنفط.
واثنان من تلك الدول هما إيران وفنزويلا يمكنهما تحدي إدارة بوش لسبب عائدات النفط الضخمة. فقد استخدمت فنزويلا ثروتها من النفط لنشر رعايتها في جنوب أمريكا اللاتينية، والبحث عن النفوذ حتى مع دول حليفة منذ أمد بعيد مع الولايات المتحدة. بينما كان من الممكن أن تكون إيران أقل تأثرا بالعقوبات الهادفة للضغط عليها للتخلي "عن برنامجها النووي أو فتح تسهيلاتها النووية أمام التفتيش".
السعودية تبني 4 مدن جديدة
وتستخدم السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، ثروتها النفطية المتجددة لبناء أربع مدن جديدة. ومثل تلك المشاريع تهدف إلى تحسين صورة البلاد وتطوير اقتصاد غير نفطي وخلق وظائف كافية للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.
وواحد من مدن الملك عبد الله الاقتصادية، هو مشروع هائل يقع على الساحل الغربي للبلاد. وطبقا لإعمار وهي واحدة من الشركات العقارية في دبي، فإن تكلفة المدينة ستصل إلى 27 مليار دولار، وستقام على مساحة أكثر ثلاث مرات من مانهاتن.
وقال مقاول يعمل هناك، إنه طريق تحفه أشجار النخيل يمتد لأميال عبر الصحراء وينتهي على ساحل البحر الأحمر. ويقود عمال البناء الحفارات ويحفرون الأساسات لمصانع الطاقة وتحلية المياه والميناء.
وسيشمل المشروع في النهاية منطقة صناعية وجزيرة مالية وجامعة ومنطقة سكنية، ومن المتوقع أن يستوعب مليوني شخص. وبالرغم من تلك المشاريع العملاقة فإن السعودية تحقق فائضا في الميزانية. وقد دفعت معظم ديونها الخارجية التي جمعتها في التسعينات وتضيف المزيد إلى احتياطي النقد الأجنبي. أما روسيا ثاني أكبر دولة مصدرة للنفط، فقد أظهرت تأثير عملية التحول النفطية في المجال السياسي بالإضافة إلى المجال الاقتصادي. وعندما وصل فلاديمير بوتين للسلطة في عام 2000، كان ذلك أقل من عامين بعد انهيار الروبل وعدم تمكن روسيا من دفع ديونها الدولية، وشعر صانعو القرار السياسي في البلاد بالقلق من أن عام 2003 يمكن أن يتسبب في كارثة مالية اخرى. وكان من المتوقع أن تصل مدفوعات الديون الخارجية في تلك السنة إلى 17 مليار دولار.
وفي الكرملين، ومع اقتراب نهاية مدة بوتين الثانية والأخيرة كرئيس للدولة، يبدو مثل هذا المبلغ تافها. فاحتياطي روسيا من الذهب والعملات الأجنبية زاد بأكثر من قيمة ديونها منذ شهر يوليو/ تموز الماضي. وساعد ارتفاع أسعار النفط روسيا على زيادة ميزانيتها النفطية عشر مرات منذ عام 1999 بينما دفعت ديونها الخارجية وشكلت ثالث أكبر احتياطي في العالم من الذهب والعملات الأجنبية يصل حجمه إلى 425 مليار دولار.
قال فلاديمير ميلوف رئيس معهد سياسات الطاقة في موسكو ونائب وزير الطاقة سابقا: "الحكومة أقوى بكثير وأكثر ثقة بنفسها. وهي تؤمن أنها قادرة على التكيف مع الأزمة الاقتصادية الداخلية".
وقامت الحكومة بتجميع مبلغ 150 مليار دولار في حساب اسمه "صندوق تحقيق الاستقرار" وقال ميلوف إن "هذه الاستقلالية المالية ساهمت في قيام روسيا بممارسات أقوى على الصعيد الدولي. وهناك توجه قوي ضمن جزء من النخبة لإظهار أننا تجاوزنا أزمة الخنوع للآخرين". والنتيجة: تحاول روسيا اليوم استرجاع الجمهوريات السوفياتية السابقة كي تكون ضمن مجال نفوذها. فروسيا اليوم متحررة من الحاجة للتودد إلى الشركات الأجنبية سعيا لكسب عطفها عليها، لذلك فهي تستطيع أن تقاوم التوسع الأمريكي خصوصا من خلال توسيع الناتو ونظام الصواريخ الأمريكي في أوروبا الشرقية، وطرح مقاربة مستقلة بما يخص قضايا خلافية مثل برنامج إيران النووي.
توسع الاستهلاك المحلي
كذلك قاد توفر الدولارات بغزارة من خلال بيع النفط إلى توسع الاستهلاك المحلي ويمكن تجليه من خلال انتشار مجمعات التسوق والأسواق المفتوحة لـ 24 ساعة في اليوم، مع بروز أعداد كبيرة من مباني المكاتب والشقق السكنية والسيارات الأجنبية التي أصبحت سائدة لا في موسكو وسان بطرسبرغ بل في المدن الإقليمية الصغيرة. وتضاعف معدل الدخل خلال فترة حكم بوتين وانخفضت نسبة الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر بنسبة النصف.
لكن الكثير من الاقتصاديين اعتبروا مخزونات النفط الاحتياطية أقرب للسم لأنها تمكن الدول الغنية بالنفط أن تتجنب الخطوات التي يمر بها الاقتصاد لتحقيق تنوع في منتجاته ولتحقيق توزيع عادل للثروة. فلروسيا على سبيل المثال تضخم متصاعد مع تصاعد للمنتجات المستوردة وغياب استثمارات جديدة في الصناعات التي تغني الازدهار الاقتصادي.
المشاكل في روسيا أسوأ من الموجودة في نيجيريا التي تقاتل ضد تمرد أوقف استخراج النقط من دلتا نهر النيجر. بينما راحت الحكومة تنفق ما تبقى لها من دخل النفط على الرغم من الفساد قوض فعالية البرنامج. كذلك فإن الحكومة قطعت دعم الأسعار بالنسبة للغاز ورفعت الأسعار عدة مرات تحت اسم تحسين الصحة والتعليم والبنى التحتية.
وقالت ربة البيت حليمة داهيرو، 36 سنة، خلال انتظارها لحافلة بالقرب من محطة غاز خاصة بتكساكو في كانو العاصمة التجارية لنيجريا: "ثروتنا النفطية لعنة علينا بدلا من أن تكون بركة على بلدنا. أنت تذهب إلى الفراش وتستيقظ في الصباح التالي لتسمع أن الحكومة قد زادت سعر البترول، وتتقبل ذلك. الشيء المعقول الوحيد الذي يمكن القيام به هو التكيف للواقع الجديد لأنه ليس هناك ما يجعل الحكومة تستمع إلى شكاوى الجمهور".
تكسب البلدان التي دخلت سوق الإنتاج النفطي للتو أرباحا مثل السودان وتشاد جنبا إلى جنب مع شركات النفط بما فيها بتروناس الماليزية وتوتال الفرنسية. وتعرف الخرطوم عاصمة السودان ازدهارا اقتصاديا حيث راحت ناطحات السحاب تبرز في الأفق مع فنادق بخمسة نجوم على الرغم من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سعيا للضغط على البلد من أجل إيقاف الهجمات ضد سكان دارفور.
واستخدمت حكومة تشاد بعضا من وارداتها النفطية لشراء أسلحة بدلا من تطوير اقتصاد البلد. وفي شرق تشاد لا يوجد بالكاد أي محطات غاز والناس يشترون الغاز لدراجاتهم البخارية أكثر من سياراتهم من أكشاك على الرصيف تبيعها في زجاجات.
وفي الصين زادت الحكومة هناك من الأسعار المحلية للنفط يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بمعدل 10% مع وجود نقص في التجهيزات ويمكن رؤية الطوابير الطويلة للمستهلكين عبر شتى أنحاء البلد.
بل إن نقص وقود الديزل ضرب حتى المدن الصينية الأكثر غنى مثل بكين وشنغهاي وهذه كانت في السابق تتمتع بوفرة في الوقود. وفي نينغبو المدينة الواقعة جنوب شنغهاي كانت مدة الانتظار أمام محطات الغاز تزيد عن ثلاث ساعات خلال هذا الأسبوع وتمتد الطوابير إلى أكثر من 200 ياردة.
شائعات
وانتشرت شائعات تقول إن محطات الغاز أو الحكومة تخزّن الوقود توقعا لارتفاع جديد في أسعاره وهذا ما دفع وكالة أنباء الصين الجديدة إلى التحذير من أن أي شخص ينشر شائعات من هذا النوع سيتعرض "لعقوبات صارمة". وقال سائق التاكسي، لي ليوجن، 37 سنة، إنه غاضب جدا لعدم قدرته شراء الوقود إذ اضطر إلى مجادلة العاملين في محطة غاز واتصل بالشرطة. وقال: "لم أحصل حتى الآن على الديزل".
أدى ارتفاع أسعار النفط إلى إثارة أكبر عملية تحول للثروة في التاريخ. فالدول المستهلكة للنفط تدفع ما يتراوح بين 4 إلى 5 مليارات دولار يوميا أكثر للنفط الخام بالمقارنة بخمس سنوات مضت، وهو ما يعني حصول شركات النفط والدول المنتجة على تريليوني دولار هذا العام فقط.
وعواقب مثل هذا التحول في الثروة واضحة كل الوضوح في انتشار الغضب بين الصينيين في محطات البنزين، وثقة زائدة في الكرملين، أسلحة جديدة في تشاد ومجمعات بتروكيماوية جديدة في السعودية، حملات في كوريا الجنوبية لتقليل قيادة السيارات وزيادة مبيعات سيارات تويوتا الهجين، عبء مالي في السنغال وازدهار في البرازيل. وقد ثارت مظاهرات بورما الأخيرة بسبب قرار الحكومة رفع أسعار النفط، وفقا لتقرير نشرته جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية اليوم الأحد 11-11-2007.
خفض معدلات الادخار
وفي الولايات المتحدة، أدت زيادة فاتورة النفط المستورد إلى خفض معدلات الادخار، وأضاف أن التضخم زاد من سوء العجز التجاري، وأضعف الدولار وجعل الأمر أكثر صعوبة على مصرف الاحتياط المركزي تحقيق التوازن بين الأهداف المتنافسة لمحاربة التضخم والحفاظ على معدلات النمو.
وقد منحت أسعار النفط المرتفعة دعما قويا لولاية ألاسكا الغنية بالنفط، التي رفعت نصيب كل رجل وامرأة وطفل في عائدات النفط إلى 1654 دولارا سنويا بزيادة قدرها 547 عن العام السابق. وفي ولايات أخرى، أدى ارتفاع أسعار النفط إلى مزيد من الحوافز لتنفيذ مشاريع طاقة غير نفطية كانت تبدو في يوم من الأيام مكلفة للغاية وتؤثر على أرباح الشركات المستهلكة للطاقة مثل شركات الطيران والشركات الكيماوية. وحتى شركة كيلوغ أشارت إلى ارتفاع تكلفة الطاقة كعامل مؤثر على أرباحها في الربع الثالث من العام الحالي.
ومع اقتراب أسعار النفط من مائة دولار للبرميل الواحد، لا توجد نهاية لعملية إعادة توزيع أكثر من 1% من إجمالي الإنتاج الداخلي العالمي. وكانت الصدمات النفطية المبكرة قد أدت إلى نقلة عملاقة في الثروة وإجمالي ما يعرف باسم الدولار النفطي. ولكنها تلاشت وجرى تعديل الاقتصاديات.
أما الارتفاع الحالي في أسعار النفط فقد تم عبر أربع سنوات ويعتقد العديد أنه يمثل نقطة جديدة حتى لو انخفضت الأسعار بطريقة ما في الأشهر المقبلة.
وقال كينيث روفوف وهو أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد والاقتصادي السابق في صندوق النقد الدولي "لم يحدث مثل هذا الشيء من قبل بطريقة منتظمة كما شاهدنا في العامين السابقين. إن أسعار النفط لا ترتفع ارتفاعا مفاجئا بل هي تتزايد".
والفوائد التي تصل إلى 700 مليار دولار سنويا تتدفق على الدول المنتجة للنفط.
واثنان من تلك الدول هما إيران وفنزويلا يمكنهما تحدي إدارة بوش لسبب عائدات النفط الضخمة. فقد استخدمت فنزويلا ثروتها من النفط لنشر رعايتها في جنوب أمريكا اللاتينية، والبحث عن النفوذ حتى مع دول حليفة منذ أمد بعيد مع الولايات المتحدة. بينما كان من الممكن أن تكون إيران أقل تأثرا بالعقوبات الهادفة للضغط عليها للتخلي "عن برنامجها النووي أو فتح تسهيلاتها النووية أمام التفتيش".
السعودية تبني 4 مدن جديدة
وتستخدم السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، ثروتها النفطية المتجددة لبناء أربع مدن جديدة. ومثل تلك المشاريع تهدف إلى تحسين صورة البلاد وتطوير اقتصاد غير نفطي وخلق وظائف كافية للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.
وواحد من مدن الملك عبد الله الاقتصادية، هو مشروع هائل يقع على الساحل الغربي للبلاد. وطبقا لإعمار وهي واحدة من الشركات العقارية في دبي، فإن تكلفة المدينة ستصل إلى 27 مليار دولار، وستقام على مساحة أكثر ثلاث مرات من مانهاتن.
وقال مقاول يعمل هناك، إنه طريق تحفه أشجار النخيل يمتد لأميال عبر الصحراء وينتهي على ساحل البحر الأحمر. ويقود عمال البناء الحفارات ويحفرون الأساسات لمصانع الطاقة وتحلية المياه والميناء.
وسيشمل المشروع في النهاية منطقة صناعية وجزيرة مالية وجامعة ومنطقة سكنية، ومن المتوقع أن يستوعب مليوني شخص. وبالرغم من تلك المشاريع العملاقة فإن السعودية تحقق فائضا في الميزانية. وقد دفعت معظم ديونها الخارجية التي جمعتها في التسعينات وتضيف المزيد إلى احتياطي النقد الأجنبي. أما روسيا ثاني أكبر دولة مصدرة للنفط، فقد أظهرت تأثير عملية التحول النفطية في المجال السياسي بالإضافة إلى المجال الاقتصادي. وعندما وصل فلاديمير بوتين للسلطة في عام 2000، كان ذلك أقل من عامين بعد انهيار الروبل وعدم تمكن روسيا من دفع ديونها الدولية، وشعر صانعو القرار السياسي في البلاد بالقلق من أن عام 2003 يمكن أن يتسبب في كارثة مالية اخرى. وكان من المتوقع أن تصل مدفوعات الديون الخارجية في تلك السنة إلى 17 مليار دولار.
وفي الكرملين، ومع اقتراب نهاية مدة بوتين الثانية والأخيرة كرئيس للدولة، يبدو مثل هذا المبلغ تافها. فاحتياطي روسيا من الذهب والعملات الأجنبية زاد بأكثر من قيمة ديونها منذ شهر يوليو/ تموز الماضي. وساعد ارتفاع أسعار النفط روسيا على زيادة ميزانيتها النفطية عشر مرات منذ عام 1999 بينما دفعت ديونها الخارجية وشكلت ثالث أكبر احتياطي في العالم من الذهب والعملات الأجنبية يصل حجمه إلى 425 مليار دولار.
قال فلاديمير ميلوف رئيس معهد سياسات الطاقة في موسكو ونائب وزير الطاقة سابقا: "الحكومة أقوى بكثير وأكثر ثقة بنفسها. وهي تؤمن أنها قادرة على التكيف مع الأزمة الاقتصادية الداخلية".
وقامت الحكومة بتجميع مبلغ 150 مليار دولار في حساب اسمه "صندوق تحقيق الاستقرار" وقال ميلوف إن "هذه الاستقلالية المالية ساهمت في قيام روسيا بممارسات أقوى على الصعيد الدولي. وهناك توجه قوي ضمن جزء من النخبة لإظهار أننا تجاوزنا أزمة الخنوع للآخرين". والنتيجة: تحاول روسيا اليوم استرجاع الجمهوريات السوفياتية السابقة كي تكون ضمن مجال نفوذها. فروسيا اليوم متحررة من الحاجة للتودد إلى الشركات الأجنبية سعيا لكسب عطفها عليها، لذلك فهي تستطيع أن تقاوم التوسع الأمريكي خصوصا من خلال توسيع الناتو ونظام الصواريخ الأمريكي في أوروبا الشرقية، وطرح مقاربة مستقلة بما يخص قضايا خلافية مثل برنامج إيران النووي.
توسع الاستهلاك المحلي
كذلك قاد توفر الدولارات بغزارة من خلال بيع النفط إلى توسع الاستهلاك المحلي ويمكن تجليه من خلال انتشار مجمعات التسوق والأسواق المفتوحة لـ 24 ساعة في اليوم، مع بروز أعداد كبيرة من مباني المكاتب والشقق السكنية والسيارات الأجنبية التي أصبحت سائدة لا في موسكو وسان بطرسبرغ بل في المدن الإقليمية الصغيرة. وتضاعف معدل الدخل خلال فترة حكم بوتين وانخفضت نسبة الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر بنسبة النصف.
لكن الكثير من الاقتصاديين اعتبروا مخزونات النفط الاحتياطية أقرب للسم لأنها تمكن الدول الغنية بالنفط أن تتجنب الخطوات التي يمر بها الاقتصاد لتحقيق تنوع في منتجاته ولتحقيق توزيع عادل للثروة. فلروسيا على سبيل المثال تضخم متصاعد مع تصاعد للمنتجات المستوردة وغياب استثمارات جديدة في الصناعات التي تغني الازدهار الاقتصادي.
المشاكل في روسيا أسوأ من الموجودة في نيجيريا التي تقاتل ضد تمرد أوقف استخراج النقط من دلتا نهر النيجر. بينما راحت الحكومة تنفق ما تبقى لها من دخل النفط على الرغم من الفساد قوض فعالية البرنامج. كذلك فإن الحكومة قطعت دعم الأسعار بالنسبة للغاز ورفعت الأسعار عدة مرات تحت اسم تحسين الصحة والتعليم والبنى التحتية.
وقالت ربة البيت حليمة داهيرو، 36 سنة، خلال انتظارها لحافلة بالقرب من محطة غاز خاصة بتكساكو في كانو العاصمة التجارية لنيجريا: "ثروتنا النفطية لعنة علينا بدلا من أن تكون بركة على بلدنا. أنت تذهب إلى الفراش وتستيقظ في الصباح التالي لتسمع أن الحكومة قد زادت سعر البترول، وتتقبل ذلك. الشيء المعقول الوحيد الذي يمكن القيام به هو التكيف للواقع الجديد لأنه ليس هناك ما يجعل الحكومة تستمع إلى شكاوى الجمهور".
تكسب البلدان التي دخلت سوق الإنتاج النفطي للتو أرباحا مثل السودان وتشاد جنبا إلى جنب مع شركات النفط بما فيها بتروناس الماليزية وتوتال الفرنسية. وتعرف الخرطوم عاصمة السودان ازدهارا اقتصاديا حيث راحت ناطحات السحاب تبرز في الأفق مع فنادق بخمسة نجوم على الرغم من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سعيا للضغط على البلد من أجل إيقاف الهجمات ضد سكان دارفور.
واستخدمت حكومة تشاد بعضا من وارداتها النفطية لشراء أسلحة بدلا من تطوير اقتصاد البلد. وفي شرق تشاد لا يوجد بالكاد أي محطات غاز والناس يشترون الغاز لدراجاتهم البخارية أكثر من سياراتهم من أكشاك على الرصيف تبيعها في زجاجات.
وفي الصين زادت الحكومة هناك من الأسعار المحلية للنفط يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بمعدل 10% مع وجود نقص في التجهيزات ويمكن رؤية الطوابير الطويلة للمستهلكين عبر شتى أنحاء البلد.
بل إن نقص وقود الديزل ضرب حتى المدن الصينية الأكثر غنى مثل بكين وشنغهاي وهذه كانت في السابق تتمتع بوفرة في الوقود. وفي نينغبو المدينة الواقعة جنوب شنغهاي كانت مدة الانتظار أمام محطات الغاز تزيد عن ثلاث ساعات خلال هذا الأسبوع وتمتد الطوابير إلى أكثر من 200 ياردة.
شائعات
وانتشرت شائعات تقول إن محطات الغاز أو الحكومة تخزّن الوقود توقعا لارتفاع جديد في أسعاره وهذا ما دفع وكالة أنباء الصين الجديدة إلى التحذير من أن أي شخص ينشر شائعات من هذا النوع سيتعرض "لعقوبات صارمة". وقال سائق التاكسي، لي ليوجن، 37 سنة، إنه غاضب جدا لعدم قدرته شراء الوقود إذ اضطر إلى مجادلة العاملين في محطة غاز واتصل بالشرطة. وقال: "لم أحصل حتى الآن على الديزل".