المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاستثمار العقاري مرتبط بنجاح التمويل



سلطان
01-10-2005, 09:10 AM
قد يكون تدبير التمويل العقاري هو العائق الاول والاهم لانطلاق قطاع العقار العربي، لكن بدون تطوير هذا الجانب المالي المهم، لن ينمو قطاع العقار الى ابعد من بناء وحدات سكنية وبيعها لفئة تدفع ثمنها نقدا، لكن هذه الصناعة تعد الكبرى في العالم الغربي في الوقت الحاضر من حيث القيمة، وهي تتفرع الى عشرات الانواع من القروض ومئات الحلول المالية لكل أحوال وظروف المستثمر.
معرفة خبايا واسرار التمويل العقاري، هي اهم جوانب هذا النوع من الاستثمار، لانها تمثل الفارق بين النجاح والفشل. فهوامش الارباح يتم حسابها كفارق بين جملة التكاليف العقارية، ومن بينها اقساط التمويل، وبين العوائد الاجمالية للاستثمار. والتمويل الخاطئ او غير المناسب، قد يقلب المعادلة، بحيث يكون الرابح الاول هو البنك او جهة التمويل والخاسر الاكبر هو المستثمر.

القروض العقارية في الغرب مجال ناضج ومتطور، وهو يصلح ان يقدم بعض النماذج والحلول للبنوك والحكومات العربية لكي تنهض بقطاع التمويل العقاري.، لكن الاهم من ذلك، انه ضروري للمستثمر العقاري خارج الحدود. فمعرفة انواع التمويل ومزايا وعيوب كل منها من الضروريات، حتى لو استعان المستثمر بخبير مالي، لان الخبير يعرض احيانا عدة خيارات لكي يختار المستثمر من بينها ما يناسبه، وبالتالي فإن الاختيار الاخير ـ وتحمل المخاطر ـ يقع على عاتق المستثمر نفسه.

عوامل مشتركة

* القروض العقارية بوجه عام تشترك في ما بينها في الكثير من العوامل المشتركة، فهي قروض طويلة المدى تترواح فترات السداد فيها بين عشر سنوات وثلاثين سنة. وهي تحسب وفق تكاليف اضافية يتم حسابها علاوة على قيمة القرض الاسمية، وهذه العلاوة قد تكون في صورة فوائد او في صورة تكاليف او فروق اسعار في حالات التمويل الاسلامي. ويلزم للحصول على القرض العقاري تقديم مستندات تأمين (على العقار واحيانا على الحياة ايضا)، وتقديم مستندات اخرى تدل على قيمة الدخل الشهري، حتى تتأكد جهة الاقراض من قدرة المستثمر على السداد من مصادر دخله بدون متاعب مالية. ولا يحصل المستثمر العقاري في العادة، على صكوك ملكية العقار إلا بعد سداد القيمة، ويحتفظ البنك، او جهة التمويل بهذه الصكوك مهما كان نوع القرض او قيمته او مدته. ولا بد ان يساهم المستثمر بحصة لا تقل عن خمسة الى عشرة في المائة من قيمة العقار، لان البنوك تفضل ألا تزيد حصة التمويل على 90 في المائة، وذلك للتأكد من جدية المستثمر ومحافظته على استثمار له حصة فيه من جهة، وايضا لتجنب الوقوع في فخ القيمة السلبية في حالات تراجع السوق من جهة اخرى، بحيث يكون العقار اقل قيمة من القرض نفسه. وفي الماضي وقعت حالات لمستثمرين فقدوا الامل في تحسن الاحوال، فما كان منهم إلا ترك مفاتيح العقار مع البنك كسداد لاجمالي القرض، ووجد البنك نفسه خاسرا في الصفقة. والدقة في حسابات التكلفة مهمة، لان الفوارق الصغيرة في التكلفة تترجم بعد خمس وعشرين سنة الى عدة الاف من الدولارات. ويدفع المستثمر في العادة ثلاثة اضعاف المبلغ الذي اقترضه خلال عشرين عاما بسعر فائدة لا يزيد على عشرة في المائة بسبب الفوائد المركبة، لكنه في الوقت نفسه يحقق هوامش اكبر من الارباح، لان قيمة العقار تتضاعف من خمس الى عشر مرات وفقا لاحوال السوق خلال الفترة نفسها.

وسائل التمويل

* وغير هذه العوامل المشتركة، تختلف وسائل التمويل كثيرا الى درجة إصابة المستثمر بالحيرة احيانا في عمليات الاختيار، من هذه الاختيارات:

« قرض السداد العادي: وهو ابسط انواع القروض واكثرها انتشارا. وفيه يسدد المستثمر قرضه على اقساط تتغير في قيمتها وفق سعر الفائدة السائد صعودا وهبوطا، وبحيث يتكون كل قسط من جزءين، احدهما لسداد نسبة من رأس المال والاخر للفائدة، ويستمر السداد هذا الاسلوب الى نهاية القرض. من مزايا هذا النوع من الاقتراض بساطته وتناقص قيمة القرض باستمرار، ومن أهم عيوبه عدم معرفة قيمة الاقساط مع التغير الدائم لمعدلات الفائدة.

> قرض الفائدة الثابتة: ويتم فيه الاتفاق على تثبيت سعر الفائدة عند حد معين وفقا لحالة السوق ولفترات تترواح بين العام الواحد والعشرين عاما (او لطول فترة القرض في الولايات المتحدة وبعض انحاء اوروبا)، وميزة هذا القرض ان المقترض يعرف تماما، ومسبقا، حجم التزاماته المالية الذي لا يتغير، لكن أهم عيوبه هو عدم الاستفادة من تحولات السوق في حالات انخفاض معدل الفائدة ودفع معدلات عالية وثابتة.

> دفع الفوائد أولا: وهو نوع من القروض كان مشهورا في الثمانينات، لكنه ليس مفضلا في الوقت الحاضر. والفكرة في هذا النوع من التمويل هي سداد الفوائد فقط خلال فترة القرض والاستثمار في ادوات مالية اخرى طوال فترة القرض، بحيث تغطي هذه الاستثمارات قيمة اصل القرض في نهاية الفترة، لكن اداء البورصات المتراجع في السنوات الاخيرة كان معناه ان الآلاف من وثائق الاستثمار لم تكن كافية لتغطية اصول القروض في نهاية فترات سداد الفوائد. وفي بريطانيا يتم استخدام وسائل مالية اكثر كفاءة من الناحية الضريبية لربط القرض باستثمارات اخرى مثل قيمة معاش التقاعد او حسابات Isa المعفاة من الضرائب، لكن هذه الوسائل لها ايضا عيوبها المتمثلة في استنزاف اوعية ادخارية كان يجب ان تخصص لاغراض اخرى.

> قرض الحوافز الخاصة: وهو اسلوب تستخدمه البنوك لتشجيع الاقبال على قروضها وزيادة حصتها من السوق، من ضمن الحوافز التي تعلن عنها البنوك، تقديم حسومات على معدلات الفائدة لفترات تصل احيانا الى خمس سنوات. وتأتي الحوافز احيانا في صورة وضع حد اعلى لفوائد القرض لا يتخطاها مهما كانت تحولات السوق، مع امكانية الاستفادة من انخفاض الفوائد. وتمنح بعض البنوك فترات سماح من الدفع او مرونة في الدفع بحيث يمكن للمقترض ان يغير قيمة الاقساط وفقا لحالته المالية.

> التمويل الإسلامي: وهو وإن كان افضل انواع التمويل من الجوانب الشرعية، الا انه لم ينتشر بعد بحيث يمكن ان يتيح للمستثمر خيارا عمليا في الكثير من الدول الغربية، لكن الامر المشجع ان هناك الكثير من المبادرات من البنوك الغربية نفسها للتوسع في وسائل التمويل الاسلامي وايجاد الحلول المالية المناسبة لها لكي تستقطب بها الطلب الهائل من الجاليات المسلمة المقيمة، الى جانب الطلب الخارجي القادم من الدول الاسلامية والشرق الاوسط. وأحيانا يكون هذا الطلب من بعض شرائح المجتمع الغربي، التي تجد قيمة اخلاقية ومعنوية في الاقتراض بوسائل تمويل اسلامية. في الوقت الحاضر، وفي بعض الحالات، تزيد تكلفة الاقتراض بهذا الاسلوب من التمويل عن بعض الاساليب التقليدية، لكن مع انتشار هذا التمويل، ومع نجاح الحصول على اعفاءات ضريبية، كان التمويل الاسلامي محروما منها في الماضي بسبب جهل الجهات الضريبية الرسمية به، فإن التمويل الاسلامي يتعادل حاليا في التكلفة ويقل في بعض الحالات عن تكلفة الاقتراض بأسلوب دفع الفوائد والاستثمار في ادوات مالية لتغطية اصل القرض في نهاية فترة سداد الفوائد. هذه هي فقط بعض جوانب التمويل العقاري، والكثير منها يناسب الدول العربية والاسلامية ايضا. والكثير من البنوك العربية والاسلامية، مؤهلة تماما لانجاز هذا النوع من التمويل الذي تعتبره اكثر ضمانا من بعض انواع التمويل التجاري، لكنها تنتظر تطور التشريعات القانونية وتطور صناعات تسويق العقار والتأمين عليه لكي تتوسع في اعمالها وتضمن حلا قانونيا عادلا لبعض مشاكل صعوبات الدفع التي قد يعاني منها مستثمر العقار بحيث تضمن في النهاية اموالها، التي هي في النهاية اموال مودعين استأمنوها عليها. وهناك بوادر جيدة لنهضة هذه الصناعة في مواقع النهضة العقارية في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية وبعض مدن الخليج المزدهرة مثل دبي.