amego
14-11-2007, 07:53 PM
http://www.jpl.nasa.gov/images/stars/m16.jpg
هناك أسئلة شغلت أذهان الناس منذ القديم مثل "هل الكون لانهائي؟ أم هو واسع فقط؟ وأين بدايته وأين نهايته؟.." وبالنسبة للذين لا علاقة لهم بالدين فالكون لا بداية له ولا نهاية. وحتى السنواتِ الأولى من القرن العشرين كان الاعتقاد السائد هو أن الكون ثابت ضمن الزمن، ولكن هذه القناعة تغيرت في بداية القرن العشرين تغيرًا جذريا؛ إذ تبين أن الكون في توسّع مستمر، وأن هناك بداية للكون ونهاية.
ونحن نعلم الآن بأننا إذا رجعنا إلى الماضي البعيد جدًّا نرَى أن الكون كلّه بنجومه ومجراته كان متركزًا في نقطة واحدة حين ظهر إلى الوجود من العدم. وعندما نأتي إلى هذه المرحلة نرى أن علم الكونيات (Cosmology) يبحث عن قصة الكون في علم "الفيزياء النووية" وأنه يبحث عن قصة الكون في الحركات التي نستطيع مشاهدتها في هذه الجزيئات التي هي أصغر الموجودات في كرتنا الأرضية. فمن المثير للانتباه أن تكون القوانين التي تحكم الكون مخبوءة في نواة الذرة وفي الجزيئات دون الذرية.(1)
من المستحيل طبعًا إعادة وتكرار الشروط والظروف التي أدّت إلى الخلق على سطح أرضنا، ولكننا نستطيع مشاهدة بعض الشروط والظروف التي كانت موجودة في المراحل الأولى من خلق الكون وذلك بتسريع هذه الجزيئات دون الذرية تسريعًا كبيرًا، ومشاهدةِ طبيعة تصرف هذه الجزيئات في تلك الظروف وفي تلك السرعات؛ أو نستطيع -في الأقل- بالمعادلات والحسابات التي نجريها للظروف والشروط التي نستطيع مشاهدتها، القيامَ بتخمين الحوادث التي لا نستطيع مشاهدتها. وهكذا فإن المعلومات التي نملكها حول "الانفجار الكبير" (Bing Bang) في الثواني الأولى من الانفجار، ثم في سنواتها الأولى، ثم في مئات السنوات التي أعقبتها إنما تستند إلى الحسابات المبنية على هذه المشاهدات وعلى نتائجها. وقد دلت البحوث بأن الجزء الأكبر من الكون يتألف من الألكترونات والنيوترونات والبروتونات.
نستطيع القيام في محطات "المعجّلات الذرية" (التي نستطيع وصفها بأنها ميكروسكوبات ضخمة) بإعطاء سرعات كبيرة جدًّا للأجزاء دون الذرية. وبهذه السرعات الكبيرة نستطيع مشاهدة بعض المراحل التي كانت موجودة في بداية الكون، وأن نكررها على سطح أرضنا.
قام العلماء العاملون في محطة "المعجلات الذرية" الموجودة في حدود فرنسا مع سويسرة والتي يبلغ طول نفقها 27 كم بتأمين اصطدام "الألكترون" مع "ضد الألكترون"(2) ودرسوا طبيعة الإشعاع الذي ينتج من هذا التصادم حيث تتحول كل من الألكترون وضده إلى طاقة. ومن دراسة النتائج التي أسفرت عن هذا التصادم، وصلوا إلى معلومات حول بداية خلق الكون، وإلى نتائج مذهلة. تناولوا في أول الأمر مقياس الزمن، ثم تناولوا الثوابت الثلاثة التي تشكل أساس الفيزياء وهي: ثابت بلانك، وثابت السرعة، وثابت جاذبية الكتلة. وباستعمال هذه الثوابت توصلوا إلى حساب أصغر جزيئة غير قابلة للتجزئة لوحدة الزمان والمكان والطاقة.
لقد أظهرت المعادلات الفيزيائية أن الزمن يستمر في الصغر حتى يصل إلى 10-43 ثانية (أي جزء واحد من تريليون x تريليون x تريليون x مائة مليار من الثانية)(3) وأنه لا يوجد في الكون وحدة زمنية أصغر من هذه الوحدة. وهذا يرينا بأن الزمن لا يمكن أن يصغر بشكل لانهائي، وأن أصغر وحدة زمنية لا يمكن أن تكون أصغر من 10-43 ثانية. وليس من الممكن لنا تخيل مثل هذه الوحدة الزمنية البالغة في الصغر.
كانت الحرارة في لحظة خلق الكون (أي عندما كان عمر الكون (10-43) ثانية تبلغ 3210 درجة مئوية (أي تريليون x تريليون x مائة مليون درجة مئوية). فإذا علمنا أننا نستطيع حاليا التحدث عن مليار درجة مئوية فقط، علمنا مبلغ الارتفاع الهائل لدرجة الحرارة عند ولادة الكون.
طبعا لم تكن الحرارة فقط هي المرتفعة عندما كان عمر الكون 10-43 ثانية (أي عند ولادة الكون)، بل كانت الكثافة وقوة الجاذبية مرتفعة إلى درجة لا يتخيلها العقل. كانت تلك المرحلة مرحلة بين التجريد والتشكيل، أي مرحلة لا شكل للمادة فيها. وبعد تجاوز هذه المرحلة التي نطلق عليها اسم "مرحلة بلانك"، إن جئنا إلى الكون عندما أصبح عمره 10-37 ثانية نرى أن الحرارة لا تزال مرتفعة جدًّا إذ تصبح 2910 مo (أي الرقم واحد وأمامه 29 صفرًا) هنا لا تزال الذرات غير موجودة، ولا تزال القوى الأساسية في الكون (وهي القوة النووية والقوة الضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية) غير منفصلة عن بعضها، بل توجد معاً.
عندما أصبح عمر الكون 10- 9 ثانية (أي جزءً من مليار جزء من الثانية) نستطيع متابعة ما جرى فيه من المعجلة الذرية "CERN" الموجودة في سويسره. يقول المختصون أنهم نجحوا في الحصول على درجة حرارة عالية جدًّا تبلغ 1510مo (يساوي ألف تريليون درجة مئوية).
والآن تتم المحاولات للوصول إلى معرفة خواص الفترة الغامضة الموجودة في المرحلة الأولى من الخلق التي لا نعرف حاليا عنها شيئا، وذلك بالاستعانة بالجزيئات دون الذرية وبالوحدة الصغيرة جدّاً لأجزاء الزمن، وبالتغيرات التي حصلت مع تغير درجات الحرارة. أما في المراحل التي تلتْ فنستطيع القول بأن الكون المادي بدأ يأخذ شكله تدريجيّاً. ويتناول العالم الفيزيائي البروفسور الدكتور ستيفن وينبرغ "Prof. Dr. Steven Winberg" الحائز على جائزة نوبل (والذي يعد من أفضل الكتاب العلميين) في كتابه "الدقائق الثلاث الأولى" التَّطوراتِ التي حدثت منذ حصول الانفجار الكبير وحتى تشكل المجرات، ويقسمها إلى ست مراحل. والآن لنتابع هذه المراحل الست المثيرة للخلق:
الأيام الستة الأولى: من العدم إلى الوجود
اللحظة الأولى التي تجلى فيها الأمر الإلهي ﴿كُنْ﴾ تقابل مرحلة 10-2 من الثانية (أي 1/100 من الثانية). الحرارة هنا مرتفعة جدّاً وتبلغ 100 مليار درجة مئوية. الكون في هذه المرحلة الأولى يشبه حساءً من الطاقة الإشعاعية. ومع أن الجزيئات دون الذرية مثل البروتونات والنيوترونات التي تؤلف نواة الذرة لم تتشكل بعد، إلا أن فترة الخلق بدأت تأخذ مسارها. لا توجد هناك سوى الألكترونات وضدها البوزوترونات، والزمن يبلغ جزءً من مائة جزء من الثانية. وعملية الخلق تجري بسرعة كبيرة إلى درجة أن الطاقة والمادة والكثافة بدأت تأخذ أبعادها الفيزيائية (المادية)، أي المادة بدأت تتشكل بدرجةٍ ما، وبدأت تكتسب أبعادها.
والكثافة أيضاً (مثلها في ذلك مثل الحرارة) مرتفعة جدًّا في هذه اللحظات الأولى للخلق. وحسب الحسابات التي استخرجها المختصون من معادلة =m.c2 E(4) فإن كتلة لتر واحد من المادة آنذك كانت تساوي 3,8 مليار كغم (3,8 مليون طن).
وهكذا نرى كيف أن نواة الكون الصغيرة التي ظهرت في جزء من مائة جزء من الثانية تظهر من ظلام العدم إلى نور الوجود، وكيف أنها بدأت تتوسع بيد القدرة اللانهائية بسرعة كبيرة حتى بلغت في ذلك الجزء الصغير جدّاً من الزمن إلى سعة بلغت 4 سنوات ضوئية.
ظهور النيوترون والبروتون
في بداية المرحلة الثانية تكون الحرارة قد انخفضت إلى 30 مليار درجة مئوية. وبدأت البروتونات والنيوترونات (التي هي أجزاء من الذرة) بالظهور. هنا نرى أن الألكترونات والبروترونات والنيوترونات وضد النيوترونات والفوتونات في حالة مختلطة. وبدأت نسب الجزيئات دون الذرية التي تشكل نواة الذرة بالتعيّن: 38 % نيوترونات، 68 % بروتونات. وبظهور البروتونات والنيوترونات تكون الكواركات والغليونات(5) قد خلقت أيضا.
وبعد هذه المرحلة التي تحققت في عُشر جزء من الثانية تأتي المرحلة الثالثة، في هذه المرحلة التي تكون فيها المادة الموجودة في الكون في حالة كثيفة جدًّا، لا تزال الحرارة مرتفعة جدًّا. ومع أنها انخفضت عما كانت عليه في المرحلة الثانية إلا أنها لا تزال في مستوى 10 مليار درجة مئوية. أما كثافة المادة فيها فهي أكثر من كثافة الماء بـ 380,000 ضعفا.(6)
ولكن الحرارة لم تنخفض بعد في هذه المرحلة إلى الدرجة التي يمكن فيها اتحاد النيوترونات(7) والبروتونات لتشكيل نوى الذرات.
يتبع
هناك أسئلة شغلت أذهان الناس منذ القديم مثل "هل الكون لانهائي؟ أم هو واسع فقط؟ وأين بدايته وأين نهايته؟.." وبالنسبة للذين لا علاقة لهم بالدين فالكون لا بداية له ولا نهاية. وحتى السنواتِ الأولى من القرن العشرين كان الاعتقاد السائد هو أن الكون ثابت ضمن الزمن، ولكن هذه القناعة تغيرت في بداية القرن العشرين تغيرًا جذريا؛ إذ تبين أن الكون في توسّع مستمر، وأن هناك بداية للكون ونهاية.
ونحن نعلم الآن بأننا إذا رجعنا إلى الماضي البعيد جدًّا نرَى أن الكون كلّه بنجومه ومجراته كان متركزًا في نقطة واحدة حين ظهر إلى الوجود من العدم. وعندما نأتي إلى هذه المرحلة نرى أن علم الكونيات (Cosmology) يبحث عن قصة الكون في علم "الفيزياء النووية" وأنه يبحث عن قصة الكون في الحركات التي نستطيع مشاهدتها في هذه الجزيئات التي هي أصغر الموجودات في كرتنا الأرضية. فمن المثير للانتباه أن تكون القوانين التي تحكم الكون مخبوءة في نواة الذرة وفي الجزيئات دون الذرية.(1)
من المستحيل طبعًا إعادة وتكرار الشروط والظروف التي أدّت إلى الخلق على سطح أرضنا، ولكننا نستطيع مشاهدة بعض الشروط والظروف التي كانت موجودة في المراحل الأولى من خلق الكون وذلك بتسريع هذه الجزيئات دون الذرية تسريعًا كبيرًا، ومشاهدةِ طبيعة تصرف هذه الجزيئات في تلك الظروف وفي تلك السرعات؛ أو نستطيع -في الأقل- بالمعادلات والحسابات التي نجريها للظروف والشروط التي نستطيع مشاهدتها، القيامَ بتخمين الحوادث التي لا نستطيع مشاهدتها. وهكذا فإن المعلومات التي نملكها حول "الانفجار الكبير" (Bing Bang) في الثواني الأولى من الانفجار، ثم في سنواتها الأولى، ثم في مئات السنوات التي أعقبتها إنما تستند إلى الحسابات المبنية على هذه المشاهدات وعلى نتائجها. وقد دلت البحوث بأن الجزء الأكبر من الكون يتألف من الألكترونات والنيوترونات والبروتونات.
نستطيع القيام في محطات "المعجّلات الذرية" (التي نستطيع وصفها بأنها ميكروسكوبات ضخمة) بإعطاء سرعات كبيرة جدًّا للأجزاء دون الذرية. وبهذه السرعات الكبيرة نستطيع مشاهدة بعض المراحل التي كانت موجودة في بداية الكون، وأن نكررها على سطح أرضنا.
قام العلماء العاملون في محطة "المعجلات الذرية" الموجودة في حدود فرنسا مع سويسرة والتي يبلغ طول نفقها 27 كم بتأمين اصطدام "الألكترون" مع "ضد الألكترون"(2) ودرسوا طبيعة الإشعاع الذي ينتج من هذا التصادم حيث تتحول كل من الألكترون وضده إلى طاقة. ومن دراسة النتائج التي أسفرت عن هذا التصادم، وصلوا إلى معلومات حول بداية خلق الكون، وإلى نتائج مذهلة. تناولوا في أول الأمر مقياس الزمن، ثم تناولوا الثوابت الثلاثة التي تشكل أساس الفيزياء وهي: ثابت بلانك، وثابت السرعة، وثابت جاذبية الكتلة. وباستعمال هذه الثوابت توصلوا إلى حساب أصغر جزيئة غير قابلة للتجزئة لوحدة الزمان والمكان والطاقة.
لقد أظهرت المعادلات الفيزيائية أن الزمن يستمر في الصغر حتى يصل إلى 10-43 ثانية (أي جزء واحد من تريليون x تريليون x تريليون x مائة مليار من الثانية)(3) وأنه لا يوجد في الكون وحدة زمنية أصغر من هذه الوحدة. وهذا يرينا بأن الزمن لا يمكن أن يصغر بشكل لانهائي، وأن أصغر وحدة زمنية لا يمكن أن تكون أصغر من 10-43 ثانية. وليس من الممكن لنا تخيل مثل هذه الوحدة الزمنية البالغة في الصغر.
كانت الحرارة في لحظة خلق الكون (أي عندما كان عمر الكون (10-43) ثانية تبلغ 3210 درجة مئوية (أي تريليون x تريليون x مائة مليون درجة مئوية). فإذا علمنا أننا نستطيع حاليا التحدث عن مليار درجة مئوية فقط، علمنا مبلغ الارتفاع الهائل لدرجة الحرارة عند ولادة الكون.
طبعا لم تكن الحرارة فقط هي المرتفعة عندما كان عمر الكون 10-43 ثانية (أي عند ولادة الكون)، بل كانت الكثافة وقوة الجاذبية مرتفعة إلى درجة لا يتخيلها العقل. كانت تلك المرحلة مرحلة بين التجريد والتشكيل، أي مرحلة لا شكل للمادة فيها. وبعد تجاوز هذه المرحلة التي نطلق عليها اسم "مرحلة بلانك"، إن جئنا إلى الكون عندما أصبح عمره 10-37 ثانية نرى أن الحرارة لا تزال مرتفعة جدًّا إذ تصبح 2910 مo (أي الرقم واحد وأمامه 29 صفرًا) هنا لا تزال الذرات غير موجودة، ولا تزال القوى الأساسية في الكون (وهي القوة النووية والقوة الضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية) غير منفصلة عن بعضها، بل توجد معاً.
عندما أصبح عمر الكون 10- 9 ثانية (أي جزءً من مليار جزء من الثانية) نستطيع متابعة ما جرى فيه من المعجلة الذرية "CERN" الموجودة في سويسره. يقول المختصون أنهم نجحوا في الحصول على درجة حرارة عالية جدًّا تبلغ 1510مo (يساوي ألف تريليون درجة مئوية).
والآن تتم المحاولات للوصول إلى معرفة خواص الفترة الغامضة الموجودة في المرحلة الأولى من الخلق التي لا نعرف حاليا عنها شيئا، وذلك بالاستعانة بالجزيئات دون الذرية وبالوحدة الصغيرة جدّاً لأجزاء الزمن، وبالتغيرات التي حصلت مع تغير درجات الحرارة. أما في المراحل التي تلتْ فنستطيع القول بأن الكون المادي بدأ يأخذ شكله تدريجيّاً. ويتناول العالم الفيزيائي البروفسور الدكتور ستيفن وينبرغ "Prof. Dr. Steven Winberg" الحائز على جائزة نوبل (والذي يعد من أفضل الكتاب العلميين) في كتابه "الدقائق الثلاث الأولى" التَّطوراتِ التي حدثت منذ حصول الانفجار الكبير وحتى تشكل المجرات، ويقسمها إلى ست مراحل. والآن لنتابع هذه المراحل الست المثيرة للخلق:
الأيام الستة الأولى: من العدم إلى الوجود
اللحظة الأولى التي تجلى فيها الأمر الإلهي ﴿كُنْ﴾ تقابل مرحلة 10-2 من الثانية (أي 1/100 من الثانية). الحرارة هنا مرتفعة جدّاً وتبلغ 100 مليار درجة مئوية. الكون في هذه المرحلة الأولى يشبه حساءً من الطاقة الإشعاعية. ومع أن الجزيئات دون الذرية مثل البروتونات والنيوترونات التي تؤلف نواة الذرة لم تتشكل بعد، إلا أن فترة الخلق بدأت تأخذ مسارها. لا توجد هناك سوى الألكترونات وضدها البوزوترونات، والزمن يبلغ جزءً من مائة جزء من الثانية. وعملية الخلق تجري بسرعة كبيرة إلى درجة أن الطاقة والمادة والكثافة بدأت تأخذ أبعادها الفيزيائية (المادية)، أي المادة بدأت تتشكل بدرجةٍ ما، وبدأت تكتسب أبعادها.
والكثافة أيضاً (مثلها في ذلك مثل الحرارة) مرتفعة جدًّا في هذه اللحظات الأولى للخلق. وحسب الحسابات التي استخرجها المختصون من معادلة =m.c2 E(4) فإن كتلة لتر واحد من المادة آنذك كانت تساوي 3,8 مليار كغم (3,8 مليون طن).
وهكذا نرى كيف أن نواة الكون الصغيرة التي ظهرت في جزء من مائة جزء من الثانية تظهر من ظلام العدم إلى نور الوجود، وكيف أنها بدأت تتوسع بيد القدرة اللانهائية بسرعة كبيرة حتى بلغت في ذلك الجزء الصغير جدّاً من الزمن إلى سعة بلغت 4 سنوات ضوئية.
ظهور النيوترون والبروتون
في بداية المرحلة الثانية تكون الحرارة قد انخفضت إلى 30 مليار درجة مئوية. وبدأت البروتونات والنيوترونات (التي هي أجزاء من الذرة) بالظهور. هنا نرى أن الألكترونات والبروترونات والنيوترونات وضد النيوترونات والفوتونات في حالة مختلطة. وبدأت نسب الجزيئات دون الذرية التي تشكل نواة الذرة بالتعيّن: 38 % نيوترونات، 68 % بروتونات. وبظهور البروتونات والنيوترونات تكون الكواركات والغليونات(5) قد خلقت أيضا.
وبعد هذه المرحلة التي تحققت في عُشر جزء من الثانية تأتي المرحلة الثالثة، في هذه المرحلة التي تكون فيها المادة الموجودة في الكون في حالة كثيفة جدًّا، لا تزال الحرارة مرتفعة جدًّا. ومع أنها انخفضت عما كانت عليه في المرحلة الثانية إلا أنها لا تزال في مستوى 10 مليار درجة مئوية. أما كثافة المادة فيها فهي أكثر من كثافة الماء بـ 380,000 ضعفا.(6)
ولكن الحرارة لم تنخفض بعد في هذه المرحلة إلى الدرجة التي يمكن فيها اتحاد النيوترونات(7) والبروتونات لتشكيل نوى الذرات.
يتبع