المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخيانة الزوجية رصاصة في قلب الأسرة



سيف قطر
24-11-2007, 06:20 AM
الشرع حرمها والقانون جرمها ....الخيانة الزوجية رصاصة في قلب الأسرة
| تاريخ النشر:يوم الجمعة ,23 نوفمبر 2007 11:28 ب.م .



صالحة أحمد :

حين يؤتمن المرء منا على أي شيء كان فلابد له أن يصونه من خلال المحافظة عليه.. ولكن متى خان تلك الأمانة وجبت معاقبته حتى لا تمتزج الخيانة ودمه فيغدو الإقدام عليها تصرفاً هيناً يرتجله في كل حين دون أن يعتبر لأحد حتى ضميره الذي قد تنهكه كل المحاولات التي شنها في سبيل ردعه فيدخل في سبات عميق ومنه لن يفيق إلا حين يُطلق عليه الرصاص.. وما هي إلا رصاصة واحدة فقط تلك التي ستخرج في أثره فإما أن تصيب وإما أن تخيب.. فإن صابت وأصابت فإنها ستخترقه لتصرعه فيقع أرضاً دون أن يهم لمساعدته أحد.. إلا الطريق الذي سيلتقطه ويضمه إليه حتى يغدو مثله فيداس عليه هو وكرامته بالأقدام تماماً كما فعل وأقرب الناس إليه.. وأما إن خابت وانحرفت عنه فإن دويها سيظل يقرع في رأسه حتى يُقر بأنه أذنب حين عبث بالأمانة التي سُلمت له منذ البداية.. لذا فإن وقع تلك الرصاصة واقع لا محالة وهو تماماً كوقع (الخيانة الزوجية) التي غدت رصاصة أسميناها (رصاصة الخيانة الزوجية).

و(رصاصة الخيانة الزوجية) هي تلك التي يُرمى بها المرء حين يخون ولكنها لا تخرج في أثره فحسب بل إنها ستخرج لتصيب الضحية أيضاً.. ولعل أثرها على الضحية أقوى منه على الجاني.. وعليه فقد وجب تناول هذا الملف الشائك وإلقاء الضوء عليه لتوضيح كل جوانبه حتى تصبح الصورة واضحة للجميع فتكشف أثرها وتبين مدى خطرها.


أنواع الخيانة

للطب النفسي دور كبير في شرح مفهوم (الخيانة الزوجية) وكشف أنواعها وأسبابها والتعريف بضحاياها.. لذا فقد التقينا بالدكتور خالد محمد فرج الخنجي مدير مركز الإرشاد الطلابي وأستاذ مساعد في جامعة قطر ليتناول كل تلك النقاط التي تتعلق بملف (الخيانة الزوجية) بشيء من الإسهاب.. فقال: إن الخيانة الزوجية عبارة عن انتهاك لحدود الزواج سواء المنصوص عليها شرعاً أو اجتماعياً.. كأن يقيم الشريك علاقة غير شرعية أو غير مقبولة مع طرف جديد غير شريكه في الزواج..ويختلف تعريف الخيانة من فرد لآخر كل بحسب بيئته التي ينتمي إليها وخلفيته الثقافية التي يستند إليها.. ولعل لنوع الخيانة دوراً في تحديد التعريف المناسب للخيانة الواقعة من قبل الفرد.. فللخيانة أنواع منها:

ü الخيانة الجسدية: وهي أن يقيم الشريك علاقة غير مشروعة مع طرف آخر جديد.. لإشباع رغبات لا يمكنه البوح بها لشريكه الشرعي.

ü الخيانة العاطفية: وهي خيانة يُقدم عليها الفرد تلبية لحاجته الملحة للعاطفة التي قد لا يلتمسها من الشريك الشرعي.. فتجده يبحث عمن يلبي هذه الحاجة فيغدقه بالمشاعر الدافئة والاهتمام الدائم الذي يولد بداخله الإحساس بمدى أهمية وجوده بالوجود.

ü الخيانة الجسدية العاطفية: وهي تلك التي يجتمع فيها الشعور بالحاجة لسد الفراغ العاطفي والحاجة لإشباع الرغبة الجنسية.. فتبدأ الرحلة بالبحث عن طرف يُبدي استعداداً للمشاركة في الأحاسيس والمشاعر المخزونة ومن ثم تمتد العلاقة ويمتد الحب المحسوس لما هو ملموس.. وذلك من خلال تطور الأمر وبلوغه مرحلة الرغبة التي أشعلتها تلك العاطفة المحرمة منذ البداية والتي قد تدوم لفترات طويلة ومع ذات الطرف نتيجة للانسجام الذي يولده توافق ظروف اللقاء وتوافق الطرفين على ضرورة المحافظة على سرية هذه العلاقة لضمان استمرارها.

هناك الكثير ممن يخونون وهناك أسباب كثيرة دفعتهم للسقوط في الهاوية لعل أهمها:

ü طبيعة العلاقة الزوجية: هناك زيجات كثيرة تبدو ناجحة أمام الجميع ولكن الواقع يُخفي حقيقة مرة في جعبته.. إذ تكون العلاقة هشة بسبب خضوعها لمزاج أحد الأطراف والذي يعاني من رغباته الجنسية المكبوتة فيعمل على إحداث خلل في توازنها.

ü الحرمان العاطفي: حين يفتقد أحد الأطراف وجود عاطفة الحب ومشاعر الاهتمام من قبل الشريك الشرعي فإن هذا الأمر يجعل من عش الزوجية بيئة طاردة قد تدفع به للتحليق بعيداً بحثاً عن مبتغاه وهو الأمر الذي قد يُسهل عملية انزلاقه في الهاوية.. ليس دفعة واحدة وإنما خطوة خطوة تبدأ بالتعارف الذي قد يأخذ طابعاً رسمياً في بادئ الأمر.. ثم لتنحل عنه الرسمية فيصبح شيئاً آخر مضمونه الإعجاب بالطرف الجديد ومن ثم الخوض في علاقة قد يمكن وقد لا يمكن التكهن بما سيعقبها.

ü تجارب ما قبل الزواج: إن لتجارب ما قبل الزواج دوراً في تكوين شخصية الفرد.. لأنها تتيح له فرصة التنويع في العلاقات وفي الشخصيات التي تنحدر منها.. حتى إذا ما ارتبط لاحقاً وواجه مشكلة ما.. بدأ بعقد المقارنات بين ما كان من ذاك في الماضي وما يكون من هذا في الحاضر.


ضحايا

إن كل هذه الأسباب الجوهرية السالف ذكرها وغيرها الكثير قادرة على تحويل حياة أي فرد لجحيم لما لها من آثار وخيمة تضر بجميع من بالأسرة صغارها قبل كبارها فهي تحطم رابطة الثقة التي تُحكم وثاقها لتلفظ ما نتج عنها من ضحايا للمجتمع:

ü الضحية الأولى (الخائن): وهو الجاني والضحية في وقت واحد.. فهو من جنى على نفسه وعلى أقرب الناس إليه حين سمح لنفسه الضعيفة بالبحث عن بديل غير شريكه الشرعي ليلبي كل رغباته المخجلة والتي خجل في المقام الأول من البوح بها له ولكنه لم يخجل من البحث عن آخر ليفصح له عنها.. إن خيانة الفرد لشريكه الشرعي وهو أقرب الناس إليه هو أمر لابد وأن يُفقده الثقة بكل من حوله حتى نفسه فيظهر ذلك من خلال شكه بالمحيط الذي يحتويه وفي جميع مجالات حياته.. حتى إن هذا الشك سيثقل كاهله ليصبح تحت ضغوطات كبيرة لا قدرة له على احتمالها مما يجعله يتوجه بسلوكه لمنحى آخر قد يكون أشد خطراً ظناً منه بأنه سيستطيع ومن خلاله التخلص من كل ما يعانيه.

ü الضحية الثانية (الشريك الشرعي): وهو الشريك الذي سيعاني ضعف الألم بحكم أنه ضحية وبحكم أنه طرف رئيسي ستلقى على عاتقه مسؤولية هذا الانحراف منذ البداية.. فسيبدأ بالشك بذاته وسيبرحه ألم الإحساس بالنقص الذي قد لا يعرف مصدره ولكنه السبب الأول الذي أحدث هذا الخلل فاضطر شريكه للبحث عن بديل له.

ü الضحية الثالثة (الأطفال): إن وقع الخيانة على الأطفال شديد جداً ولكن تأثيرها بعيد المدى.. فالطفل وهو في هذه المرحلة شديد التعلق بوالديه وبالتالي فإن ثقته بهما شديدة جداً لاعتبارهما أو أحدهما مثلاً أعلى يُحتذى به.. لذا فإن علمه بخيانة أحدهما وتدميره لهذه الأسرة الجميلة هو أمر يعمل على تهميش الثقة التي خُلقت بينهم جميعاً في ظل تكوينهم الأسري.. وهو الأمر الذي سيُحدث شرخاً في بيئة هذا الطفل مستقبلاً سواء من الناحية الدراسية أو من الناحية الصحية (العضوية والنفسية) وهو الأمر الذي سيخلق منه شخصاً يعاني نقصاً واضحاً وملموساً لا يمكن تجاهله بل من السهل ملاحظته إن لم يتم الاهتمام به منذ البداية.

سيف قطر
24-11-2007, 06:31 AM
عقوبات

للقانون رأي مهم أيضاً في موضوع (الخيانة الزوجية) لما له من دور أساسي في ردع كل من سولت له نفسه ارتكاب هذه الجريمة.. لذا فقد التقينا بالمحامي محمد ناصر الفضالة الذي تناول مهمة إلقاء الضوء على أهم النقاط التي تغطي هذا الملف فقال: إن الخيانة الزوجية تشترط وجود عقد زواج صحيح قائم فعلاً أو حكماً لخرق العلاقة الزوجية.. فالقانون الذي يقرر المسؤولية الجنائية عن فعل (الزنا) لم ينظر إلى مجرد الوطء كما هو الشأن في الشريعة الإسلامية وإنما نظر إلى تدنيس فراش الزوجية.. لارتكاب جريمة (الخيانة الزوجية) عقوبة تختلف باختلاف حالة فاعلها:

ü في حالة أن الشخص كان متحرراً من قيود الزوجية فإنه لا يكون مرتكباً لجريمة في القانون حتى وإن زنا مع متزوجة وعليه فإنه يُعاقب باعتباره شريكاً لامرأة متزوجة لا زانياً.. ولقد جرم قانون العقوبات هذه الجريمة من خلال المادة 281 التي نصت على «يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سبع سنوات كل من واقع أنثى بغير إكراه أو تهديد أو حيلة وكانت قد أتمت السادسة عشرة من عمرها، وتعاقب بذات العقوبة الأنثى التي قبلت ذلك على نفسها وتكون العقوبة الحبس المؤبد أو الحبس الذي لا تجاوز مدته خمس عشرة سنة إذا كان الجاني من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو رعايتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادماً عندها أو عند من تقدم ذكره». كما نصت المادة 282 من ذات القانون على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس عشرة سنة كل من واقع أنثى بغير إكراه أو تهديد أو حيلة وكانت قد أتمت السادسة عشرة من عمرها متى كانت محرمة عليه على سبيل التأقيت أو التأبيد مع علمه بذلك، وتعاقب بذات العقوبة الأنثى التي قبلت أن يواقعها محرم عليها مع علمها بذلك ويكون من زنا بها شريكاً لها».

ü في حالة أن الزنا واقع من متزوج وامرأة غير متزوجة فإنه يعتبر في القانون زانياً بشرط أن يرتكب الجريمة في منزل الزوجية وتكون من زنا بها شريكة له.

ü في حالة أن الزنا واقع من متزوج مع امرأة متزوجة فإنه يعتبر زانياً بشرط أن يقع الفعل بمنزل الزوجية ولكن متى وقع الفعل في غير منزل الزوجية كانت المرأة زانية وكان الرجل مجرد شريك لها.

لقد حرص القانون على سن هذه الأحكام السالف ذكرها ليحافظ على المجتمع فيبقى طاهراً لا تشوبه شائبة.. وعليه فقد عمل قانون الأسرة رقم 22 لسنة 2006 على حماية الحياة الزوجية.. فجاء بالمادة 56 من القانون في الحقوق المشتركة بين الزوجين:

1- حل استمتاع كل منهما بالآخر على الوجه الشرعي.

2- إحصان كل منهما للآخر.

3- المساكنة الشرعية.

4- حسن المعاشرة وتبادل الاحترام والرحمة والمودة والمحافظة على خير الأسرة.


رأي الدين

قصص كثيرة تنبعث منها زفرات الألم.. لتشهد بوجود (الخيانة الزوجية) الواقعة على أرض الواقع.. وعليه فقد وجب استئصالها من المجتمع.. وذلك لن يكون إلا بتطبيق الحلول التي طرحها لنا الدين الإسلامي..حين تناول كل التفاصيل الدقيقة التي تقوم عليها حياة المسلم.. فناقشها بكثير من الاهتمام.. فكان أن كان لملف (الخيانة الزوجية) نصيب كبير منه لما له من خطر قد يغزو حياتنا إن تم إغفاله.. لذا فقد التقينا بالشيخ محمد معصوم المراغي الذي أوضح خطر هذه الحالة فقال: قبل التطرق إلى موضوع (الخيانة الزوجية) فلابد لنا من توضيح وتصحيح المفهوم الخاطئ والذي تفشى بين الناس بأنه ذاك المقصور على ارتكاب فاحشة (الزنا) بين الزوج أو الزوجة ورجل أجنبي أو امرأة أجنبية.. في حين أن المفهوم الصحيح شرعاً يشمل كل علاقة غير شرعية تنشأ بين الزوج وامرأة غير زوجته أو العكس، وهي علاقة محرمة سواء بلغت حد فاحشة (الزنا) أم لم تبلغ كالمواعدات واللقاءات والخلوة وأحاديث الهاتف وغرف الدردشة التي فيها نوع من الاستمتاع وتضييع الوقت وكل ما يجري على سبيل العشق والغرام.. ولحرص الإسلام على عدم بلوغ المسلم أياً مما سبق فقد حرم ارتكاب فاحشة (الزنا) والطرق التي تؤدي إليه حتى وإن صغُرت.. والتي تبدأ بنظرةٍ غير مشروعة لتصل إلى ما هو أكبر من ذلك.. قال تعالى: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون» لذا فقد وجب على المسلم تحصين نفسه وأهله من الوقوع في الخيانة وذلك عن طريق الوقاية التي جسدتها جملة الاقتراحات التالية:

ü توقير حدود الله وذلك من خلال تقوية الوازع الديني بإقامة البيت على أساس طاعة الله وإتباع شرعه.

üالاهتمام بتنمية الجانب الإيماني من خلال المحافظة على العبادات وعدم التساهل بها.

ü توفير برامج دينية، ثقافية، إرشادية وعلاجية للتوعية.

ü إعطاء الزوجة حقها من الرعاية والحب والحنان والتقدير لمشاعرها، وإشباعها عاطفياً والاهتمام بها بحيث تشعر بأن زوجها لها وحدها والعكس صحيح.

ü توفير فرص عمل مناسبة للمرأة حتى لا تحتاج لملء وقت فراغها بما هو فارغ.

ü عدم انشغال الزوج عن رعاية أسرته تحت أي دعاوى كتوفير حياة مادية أفضل لهم.

إن لتلك الاقتراحات التي وردت سابقاً دورا في وقاية المسلم من شر الوقوع في هاوية (الخيانة الزوجية) ولكن متى فشلت في مهمتها فهذا يعني بأن الطريق قد بلغ منتهاه.. ولم يتبق من الحلول سوى حل واحد فقط ألا وهو (الطلاق).. والذي لا يفرضه إلا سوء المعاشرة الزوجية أو الحرمان العاطفي.. فلا يُقدم عليه إلا للحفاظ على ما تبقى من النفوس قبل أن تندثر تحت أنقاض البيت الذي هُدم منذ البداية بسبب الخيانة الزوجية.


الحل الصعب

إن القبول بحل الطلاق وهو (أبغض الحلال) لهو أمر صعب جداً وشاق على النفس أيضا.. ولكن وجوب وقوعه بعد بلوغ المرحلة النهائية ضروري لنحر الضرر الواقع على الضحايا قبل أن يفتك بهم.. حيث إن بقاءهم على حالتهم دون محاولة اتخاذ أي قرار حاسم يحسم موقفهم من الحياة لن يترك لهم خياراً ليواصلوا به سوى الألم.. لذا فإنه من الأجدر بهم أن يفروا بما تبقى لهم لحياة جديدة قد تُشعرهم بأنهم مازالوا على قيد الحياة.. فالشريك الشرعي الذي يكتشف خيانة شريكه لن يستطيع أن يغفر له تلك الجريمة إن أصر على ارتكابها مراراً وتكراراً دون أن يردعه ضميره ودون أن تمنعه أخلاقه ودون أن تستوقفه كل لحظات العمر المشتركة.. فكما هو إنسان يدعي بأنه يود أن يحظى بكل الحب الذي لا يستطيع الحصول عليه في محيط بيته.. فالآخر أيضاً إنسان يود ويرغب بأن يحظى بكل ضروب الحب ولكن في محيط بيته.. وهي حاجة لا يمكن تجاهلها ولكن متى حدث ذلك فإنه سيكون السبب الرئيسي الذي سيحدث شرخاً في العلاقة القائمة بينهما حتى لتتصدع فتنهار.. فنعود من جديد لنتواجه وذات الحل الصعب (الطلاق) والذي وجب الإقدام عليه منذ البداية لبدء حياة جديدة مع شريك جديد قد يفهم ويتفهم ما سبق له ولم يُفهم.


لا يمكن أن يندمل بسهولة..

هناك الكثير ممن لا يستطيعون مواصلة الحياة حتى وإن أدعوا عكس ذلك.. فالجرح الذي تخلفه جريمة كجريمة (الخيانة الزوجية) لا يمكن أن يندمل بسهولة لأن ألمه لا يؤلم موضعه فحسب بل أنه يمتد ليخترق القلب بكل ما فيه من مشاعر وأحاسيس بُعثرت كرامتها فُمرغت في الأرض التي قد يتمنى لو أنها تنشق فتبلعه لتواريه عن ذنب لم يرتكبه..


جريمة لا يرتكبها طرف واحد.. ولكن

قد يقول البعض بأن (الخيانة الزوجية) جريمة لا يرتكبها طرف واحد فحسب بل أن هناك طرفا آخر ساهم بدفع الأول لارتكابها.. ونقول نعم قد تكون الضحية طرف زج بالجاني لارتكابها جريمةً.. ولكن وإن حدث ذلك فإنه لا يعني بأن الضحية هي السبب الأول والأخير.. إذ كان من الأجدر بالجاني أن يحاول جاهداً كي لا يفسد ما بينهما.. حتى وإن حاول وهوت محاولاته بالفشل.. فليحاول مراراً وتكراراً وليبحث عن كل الحلول التي يمكنها أن توقف تلك الجريمة قبل اندلاعها.. فلا يُعقل بأن يسلم المرء بحل اسمه الخيانة فقط لأن حظه قد خانه مع شريكه الشرعي.. إذ لابد له وأن يأخذ بالعشرة التي كانت تربطهما معاً.. فيلتمس العذر لأي تقصير قد تقذفه الظروف.. فلا ضير من ذلك في سبيل الحفاظ على صرح الزواج الذي شيداه معاً..بدلاً من ارتكاب تلك الجريمة التي ستلقي بالجميع حيث لا يودون بعد أن تمزق شملهم.. فيغدو كلٌ في اتجاه.

سيف قطر
24-11-2007, 06:32 AM
هدر لكرامته الإنسانية

هناك من تُرعبه فكرة الفراق لأنه اعتاد الاعتماد على وجود الآخر في حياته.. فتجده لا يستطيع الابتعاد عنه.. فيقبل ويتقبل أي شيء إلا أن يفترقا.. حتى وإن كان ذاك الشيء هو هدر لكرامته الإنسانية.. فتجده صامتاً طوال الوقت لا يقوى على الإقدام بأي خطوةٍ كانت لصالحه.. ظناً منه بأن ما يفعله هو الصواب.. والخير كل الخير حين يظل وفياً باختياره الصمت رفيقاً.. نعم الوفاء جميل ولكن الغباء عليل.. وسيصيبك بعلة فقدان البصر والبصيرة.. حتى إنك لتتجاوز عن كل صغيرة يرتكبها شريكك ظناً منك بأنها مجرد زلات لابد لها وأن تتلاشى.. ولكنك تناسيت بأن كل صغير يكبر.. فاحذر..فالنظرة التي حسبتها خاطفة سابقاً.. ستخطف سعادتك لاحقاً حيث لا تدري.. لأنها سبب الكثير من المصائب وكما قيل:

كل الحوادث مبداها من النظر

ومعظم النار من مستصغر الشرر

كـم نظرة فتكت في قلب صاحبها

فتك السهام بلا قوس ولا وتر

والعبد مـا دام ذا عين يقلبها

في أعين الغيد موقوف على الخطر

يسر ناظره ما ضر خــاطره

لا مرحباً بسرور عاد بالضرر

حقاً وكما قيل لا مرحباً بسرور عاد بالضرر.. والضرر كل الضرر سينصب عليك أكثر من غيرك فلم؟؟؟


فلم ترضاها لنفسك؟

إن وقعت ضحية، فذلك لا يعني بأن يستهويك هذا الدور فتلازمه مدى الحياة.. لأنه لن يخلف لك إلا الذل والمهانة.. لذا وجب عليك النهوض بنفسك فمتى علمت وأيقنت بأنك ضحية (للخيانة الزوجية) فعلاً.. فلا تصمت وتتنحى جانباً لتذرف الدموع فتفسح المجال لأصحاب الرذيلة ليلهثوا خلف شهواتهم فيدهسوك وأنت صاحب الفضيلة.. الفضيلة التي صاحبتها حين قررت بأن تصون ولا تخون.. ويا لها من فضيلة استمسكت بها.. ولكن حسبك أن تنكسها حين تختار الصمت.. فالصمت في سبيل التخطيط للإصلاح شيء.. والصمت خوفاً وتهاوناً هو شيء آخر تماماً.. لذا وجب عليك بأن تطالب بكامل حقوقك ولعل أهمها معرفة الأسباب الحقيقية لا الواهية التي سمحت لشريكك بخرقك واختراق وجودك، فتعملان معاً على وضع الحلول المناسبة التي تتوافق ووضعكما.. فإن أُقرت تلك الأسباب فكانت مقنعة.. وقُررت تلك الحلول فكانت مُفحِمة.. وجب عليك العمل بها ولكن شريطة أن تعاهد نفسك بأن تستفيد من كل الأخطاء السابقة، حتى لا تكررها فتقع في ذات المصيبة.. إما مع ذات الشريك أو مع آخر وليوفقك الله.


وماذا عنك؟

ماذا عنك أنت..نعم أنت أيها الخائن.. يا من خنت شريكك وأهلك وبيتك وقبل كل شيء نفسك حين سمحت لها بأن تتبع صغائر الأمور التي قادتك نحو الضلال.. فهلكت وهلك من معك.. وبدلاً من الاعتراف بذنبك سارعت بإلقاء اللوم على غيرك حتى تتجنب الشعور بألم الخزي والعار الذي تسببت به منذ البداية، حين هرعت خلف نزواتك تلبية لشهواتك التي ما حسبت بأن رائحتها ستفوح فيعلم الجميع بما أقدمت عليه.. رغم اعتقادك عكس ذلك.. وعلى فرض أنهم بالفعل لم يعلموا بأمرك فذلك لا يعني بأنك حر طليق تستطيع فعل كل ما يحلو لك.. فأنت وإن كنت قادراً على إخفاء حقيقتك عن أقرب الناس إليك لتعبث بهم وبمشاعرهم، إلا أنك لن تستطيع العيش إلا في حالة قلق دائم لأنك لن تتمكن من التمتع بأي لحظة دون أن يخامرك فيه الخوف من أن تُكشف.. فأنت تعلم وفي قرارة نفسك بأن ما تفعله حرام.


فإلى متى؟

حين تنقشع كل اللحظات الزائفة وتتواجه والحقيقة الوحيدة وهي أنك خائن فعلاً.. فماذا ستفعل؟ هل ستظل مغموراً في ملذاتك؟؟ وإن كان فإلى متى؟ إلى أن تقع في شر أعمالك فتدق عنق شرفك فتعيش دونه؟ أم إلى أن تنقطع أنفاسك فتنقطع عن الحياة!!


القرار لك وحدك

ها قد كُشفت الحقائق.. وصافحت النهاية آخر الدقائق وأصبحت نفسك لنفسك فإليك:

إن اخترقت هذه الكلمات عينك فدخلت قلبك لتجد لها مستقراً فتقبع فيه.. فلابد لك من أن تقف وقفة صادقة فتعود إلى الله ليرضى عنك فيُعيد لقلبك النور الذي أطفأه ارتكابك للذنوب والمعاصي.. قال تعالى: «ومَنَ يَتقِ اللهَ يَجعَل لهُ مَخرَجاً».

وإن اخترقت هذه الكلمات عينك فقط ولم تحظ بفرصة الدخول لقلبك لتقبع فيه.. واعتلتك ابتسامة الخبث، وقلت: سأفعل كل ما أريد ولن يوقفني أحد تماماً كما لم يوقفني أحد.. فنقول لك إن الله يمهل ولا يهمل فلتتق الله.