المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يجتمع محافظو البنوك المركزية الخليجية في 3 ديسمبر المقبل في العاصمة القطرية،



ضدالتيار
25-11-2007, 02:12 AM
يجتمع محافظو البنوك المركزية الخليجية في 3 ديسمبر المقبل في العاصمة القطرية، على هامش قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي، لبحث حال عملاتهم في ظل رحلة هبوط الدولار المستمرة، وسط ضغوط انتقلت من حيزها الاقتصادي الى الاجتماعي، بعدما ارتفعت اصوات المواطنين الملدوغين بلهيب التضخم.
وبينما يصر صناع السياسة النقدية الخليجيون على صم اذانهم لتلك الاصوات، اعترف محافظ البنك المركزي الاماراتي سلطان ناصر السويدي اخيرا بعبء المطالبات الاجتماعية في بلاده لفك ربط الدرهم بالدولار. وحده الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح خارج دائرة تلك الضغوط، فبعد القرار التاريخي بفك الربط في 20 مايو الماضي، بات «المركزي» يحدد سعر صرف الدينار على اساس يومي، مستردا اكثر من 5.3 في المئة من قيمة عملته بفعل تراجع الدولار.
قد يرسم المرء علامة استفهام حول التمسك بالربط: لماذا يصر محافظو البنوك المركزية الخليجية، ما عدا الكويتي، على اغراق عملاتهم مع الدولار؟ لكن نظرا الى عنوان القمة المزمع عقدها، قد ينجلي التساؤل قليلا، اذ ان صناع السياسة النقدية في الخليج سيناقشون احتمال ربط عملاتهم بسلة عملات موحدة على المستوى الخليجي، وهو ما ناشدت به الامارات.
دلالات كثيرة لطرح هكذا احتمال، اولها الاعتراف بـ«الاذى» الذي يلحقه هبوط الدولار بالاقتصادات الخليجية، وثانيها عزم القادة الخليجيين على المضي قدما في توحيد عملاتهم.
الدلالة الاولى لا تحتاج إلى براهين كثيرة، فأرقام التضخم المعلنة تشكل دليلا وافيا لا يحتاج الى تعليق، بل تكفي الاشارة الى انها بلغت مستويات قياسية غير مسبوقة تاريخيا، لا سيما في قطر والامارات، الاكثر ترجيحا لفك الربط قريبا، اذ بلغ في الأولى 11.8 في المئة في العام الماضي و9.3 في المئة في الاخيرة. لكن الاهم هنا هو خروج انعكاسات التضخم من اروقتها الاقتصادية الى «الشارع الشعبي»، اذ بات الدولار يثقل كاهل المواطنين الخليجين، واكثر منهم الوافدين الذين يشكلون الجزء الأكبر من القوى العاملة في الخليج، اذ تراجعت القيمة الحقيقية لرواتبهم بعملتهم الوطنية، وهو ما عبرت عنه الاحتجاجات الاخيرة التي شهدتها الامارات، والذي نقله السويدي في تصريح غير مسبوق لمحافظ بنك مركزي، اذ قال لـ«رويترز» الاسبوع الماضي «اتعرض لضغوط اجتماعية واقتصادية متزايدة لفك ربط الدرهم بالدولار». ما زاد بدوره التوقعات بأن يرتفع الدرهم نحو 3.1 في المئة في اقل من عام.
أما الدلالة الثانية، اي المضي قدما في اطلاق العملة الموحدة، فتؤكد جدية القادة الخليجيين بالمشروع، رغم ارجاء موعده فعليا، لان طرح احتمال تحديد سلة عملات موحدة يبشر بالبحث لايجاد الية عملية لتقريب هامش تقلبات اسعار صرف العملات الخليجية، رغم ان هكذا بحث لن يكون يسيرا بدوره، بداية من حيث مكونات تلك السلة، وما اذا سيكون للدولار الحصة الأكبر فيها، وهو الأكثر ترجيحا في حال أبصرت النور، ام ستراعي اسعار الصرف للعملات الرئيسية في الاسواق العالمية وتقلباتها اليومية، ام انها ستوازن على اساس التبادل التجاري، السلعي والمالي، بين الدول الخليجية والعالم، وهذا عامل قد يرجئ اقرار السلة نفسها، اذ ان هذا التبادل يختلف وجهة وقيمة بين دول مجلس التعاون، كما تختلف حصته من الناتج المحلي الاجمالي لكل دولة، ونظرا الى ميزان الحساب الجاري، نلاحظ تباينا كبيرا في القيمة والحجم، فبحسب توقعات صندوق النقد الدولي للعام الحالي، سيبلغ فائض الحساب الجاري في المملكة العربية السعودية، اكبر اقتصاد خليجي، نحو 83.1 مليار دولار اميركي، متراجعا من 95.5 مليار دولار في العام الماضي، بينما سيبلغ في البحرين 2.9 مليار فقط، مرتفعا من 1.9 مليار في العام الماضي. وفي الوقت نفسه، يشكل الفائض السعودي 22.2 في المئة من ناتجها المحلي الاجمالي، بينما يشكل الفائض البحريني 17.2 في المئة، أي رغم الاختلاف في حجم الفائضين، تتقارب حصتهما من الناتج المحلي الاجمالي.
الحديث عن الحساب الجاري يشكل مثالا غير حصري للعديد من الاشكاليات التي قد تواجه خيار سلة العملات الموحدة، وهي اشكاليات تختلف مع هيكلة تلك السلة ومكوناتها، لكنه يعيدنا أيضا الى الاشكاليات التي تواجه خيار توحيد العملة نفسه، اذ مازالت بنية الاقتصادات الخليجية وحجمها ونموها متباينة. بالطبع ليس شرطا ان تكون المؤشرات متقاربة لتحقيق هذه الرغبة، بل ان هذه الاختلافات ستنعكس حتى على سلة العملات.
ليس غريبا على احد ان الضغوط التضخمية تشكل الحافز الاول للبحث في اليات جديدة للمضي قدما في مشروع العملة الخليجية الموحدة، لكن مناشدة الامارات دول مجلس التعاون الى ربط عملاتها بسلة عملات موحدة لا تأتي ضمن هذه الخانة، بل في خانة ضرورة فك الربط مع الدولار المتهاوي.
لكن الاهم هنا، هو محاولة الدول الخليجية لاستعادة اداة نقدية باتت حاجة لاقتصاداتها، وهي تحديد سعر الصرف، بل استعادة المرونة في تحديد اسعار الفائدة، التي تجد الدول الخليجية نفسها في حرج كلما قام مجلس الاحتياط الفيديرالي الاميركي برفعها او خفضها، ما ظهر في تباين الخطوات التي اتخذتها البنوك المركزية الخليجية اثر الخفض الاخير للفائدة الأميركية. يشارك الشيخ سالم الصباح في القمة المرتقبة وفي يده ما يحاول نظراؤه الخليجيون اكتسابه، الا وهو ادوات السياسة النقدية، وذلك بعد نحو 6 اشهر فقط من انتقاده على قرار فك ربط الدينار بالدولار.