تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : "أنعام".. وجدار الصمت



إنتعاش
25-11-2007, 07:07 AM
بادي البدراني

يعجز المرء أحيانا عن تفسير حالة الصمت التي تحيط بأكثر الملفات الاقتصادية الشائكة وخاصة تلك التي تتعلق بمصالح المواطنين وهمومهم، حيث أصبحت الحقيقة تختبئ خلف الكواليس وداخل أدراج مغلقة لأسباب لا أحد يستطيع تفسيرها إلا أولئك الذين يملكون مفاتيح الجواب.

هذه هي الحالة التي يعاني منها 93ألف مساهم في شركة أنعام الدولية القابضة، حيث يصعب على أي مساهم أو مراقب أن يستطيع كسر جدار الصمت الذي رسمته هيئة السوق المالية.. حالة من التذمر والاستياء يدور رحاها بين آلاف المتورطين من تأخر هيئة سوق المال البت في وضع شركتهم الموقوفة عن التداول منذ مطلع العام الجاري على الرغم من مرور نحو شهرين على تسلم الهيئة لخطة الإنقاذ المرفوعة لها من قبل مجلس إدارة الشركة.

هيئة سوق المال حتى الآن لم تفصح ما إذا كانت قد وافقت على الخطة أم رفضتها أو إن كانت قد طلبت إجراء أي تعديلات عليها، وذلك كي يكون المساهمين على بينة ويتجنبوا الإشاعات التي تروج بين الحين والآخر عبر المنتديات حول هذا الأمر مستهدفة الترجيف بهم تارة لتبقى صورة خيبة الأمل مرسومة أمامهم.

لقد تجاوبت "أنعام القابضة" مع ما طلبته هيئة السوق وعقدت جمعيتها غير العادية وتجاوزت من خلالها خطر الإفلاس بعد أن وافقت الجمعية العامة غير العادية للشركة بنسبة 98في المائة من مالكي السهم الذين حضروا الجمعية على خفض رأسمال الشركة بنسبة 90.8في المائة من 1.2مليار ريال إلى 109ملايين ريال وبالتالي تخفيض عدد الأسهم من 120مليون سهم إلى 10.9ملايين سهم بنسبة تخفيض تساوي سهما واحدا لكل 11سهما.

الكثير من المساهمين ناشدوا رئيس هيئة السوق المالية في أكثر من مناسبة بأن يجد حلا لوضع الشركة التي تضم أكثر من 93ألف مساهم، لكن الهيئة لم تستجب لمناشدة المساهمين ولم تمنحهم الحد الأدنى من حقوقهم كمساهمين وتطلعهم على الخطوات التي اتخذت في هذا الشأن من باب تطبيق جزء من تلك الشفافية والوضوح التي تتحدث عنها الهيئة بين الحين والآخر خلال تصريحاتها الإعلامية.

الكل يتساءل عن أسباب عدم اتخاذ أي اجراء من قبل الهيئة حيال إطلاق سراح أسهم "أنعام" وتحرير أموال صغار المساهمين الخاسرين، لعلهم يستطيعون استثمارها في السوق الذي يشهد حاليا ارتفاعات ملحوظة، لأن تأخر هيئة سوق المال بالبت في وضع الشركة قد ينطوي على مخالفة للنظام الذي يقضي بوجوب البت في مثل هذه الأمور خلال 45يوما كحد أقص. وإذا سلمنا بأن الهيئة استلمت خطة الإنقاذ منذ أن أعلنت الشركة ذلك بعد انعقاد الجمعية العامة غير العادية ب 10أيام فهذا يعني أن الفترة المقررة قد انتهت.

أما فيما يتعلق بالشركة فانها ودون أدنى شك تعيش حاليا حالة من عدم الثقة خاصة فيما يخص تعاملاتها ومطالباتها المالية مع الغير، بسبب وقف أسهمها عن التداول، ونتيجة حتمية لذلك سيكون هناك مردود سلبي على مبيعات الشركة ونشاطها، ومن ذلك يتبين أن المتضرر الأول والأخير هم صغار المساهمين، على اعتبار أن كبار المستثمرين في الشركة (مالكي السهم) وأعضاء مجلس إدارة الشركة لا يهمهم كثيرا متى سيعود السهم للتداول بقدر ما هم ضمنوا أن الشركة لن تعلن إفلاسها بعد انعقاد جمعيتها العامة غير العادية في 19أيلول (سبتمبر) الماضي وأطفأت.

كما أن كبار المساهمين في الشركة هدفهم أكبر من أن يبيعوا أسهمهم في الوقت الحالي وقادرون على انتظار تعافي السوق مستقبلا، كما أنهم يملكون سيولة إضافية ويستطيعون أن يتعاملو في سوق الأسهم في وضعه الحالي كما يشاءون على عكس صغار المساهمين الذين حجزت أموالهم بإيقاف السهم، لذا فأن قرار وقف سهم شركة أنعام لأطول مدة ممكنه يصب في مصلحة المساهمين الكبار ويضر بالصغار.

وإذا كانت هيئة سوق المال ترى أن تحقيق الشركة للأرباح هو الشرط لإعادة السهم للتداول فهذا يعني أنها تريد جر الشركة إلى مزيد من الخسائر لأن الحل السليم لتحقيق الأرباح هو عودة الثقة للشركة في السوق التجارية كي تمارس عملها بشكل سليم وهذا مرهون بعودة سهمها للتداول لتعود معه الثقة من الناحية المالية والإدارية والتشغيلية وتستطيع الشركة بعد ذلك في التفاعل والتقاط الفرص التجارية المناسبة وبالتالي دفع الشركة لتحقق نموا وتطورا وتحقق أرباحا مجزية لمساهميها.

وهذا هو التصرف السليم الذي يجب أن تفكر فيه هيئة سوق المال لأن عودة الثقة للشركة من قبل المؤسسات المالية والموردين والعملاء لن تأتي قبل عودة سهمها للتداول.. فهل نرى تحركات جدية من الهيئة في الأيام المقبلة لكسر جدار الصمت... هذا ما نتمناه!!

* نقلا عن جريدة "الرياض" السعودية