إنتعاش
25-11-2007, 07:09 AM
نبيل بن عبد الله المبارك
إدارة الشركات فن وعلم معاً. فن في كيفية التعاطي مع التحديات، وعلمٌ بكيفية قيادة دفة تلك الشركات للوصول إلى أهداف يفترض أنها حُددت مسبقاً مع الجهات ذات العلاقة كلها بمن فيها المساهمون Stakeholders. أيضا الإدارة يجب أن تكون فنا صادقا لأن هناك فنونا رخيصة ورخيصة جدا بكل أسف! والإدارة تتطلب توظيف ضوابط حوكمة الشركات الداخلية والخارجية التي يفترض أنها لا تترك شاردة ولا واردة إلا ويتم ضبطها بضوابط لا تمنع الإبداع والتقدم وممارسة فن الإدارة، وفي الوقت نفسه تحد من الفساد والانحراف.
بهذه المقدمة نتحدث عن قرار الشركة السعودية للتنمية الصناعية "صدق" الذي نُشر في "تداول" وفي وسائل الإعلام المختلفة. ولكن قبل الدخول في الموضوع محل النظر، إليكم نقلاً حرفياً لتصريح رئيس مجلس الإدارة المهندس بندر بن عبد الله الحميضي نقلاً عن "تداول"، مع الاعتذار للإطالة ولكنها مهمة في إيصال الفكرة، حيث قال "إن الشركة وقعت مساء يوم الأربعاء 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007م اتفاقية الاستحواذ على كامل أصول وممتلكات شركة إيتاب الدولية مقابل إصدار38.430 مليون سهم جديد من أسهم شركة صدق لصالح الشركاء المالكين لشركة إيتاب الدولية بقيمة قدرها 11.25 ريال للسهم عن طريق زيادة رأسمال الشركة من 400 مليون إلى 784.300 مليون ريال (وبذلك يكون إجمالي عدد أسهم صدق بعد إتمام هذه الاتفاق 78.430مليون سهم)، على أن يسجل الفرق بين القيمة الاسمية والقيمة المتفق عليها كعلاوة إصدار لصالح حقوق المساهمين.
وأفاد أن الدراسات المالية والقانونية التي أجرتها مكاتب المراجعة والتدقيق أظهرت نتائج جيدة في ضوئها أوصي مجلس إدارة شركة صدق بالاستحواذ على كامل أصول وممتلكات شركة إيتاب الدولية. وستقوم الشركة برفع الملف للحصول على موافقة هيئة السوق المالية ووزارة التجارة والصناعة، تمهيدا للحصول على موافقة الجمعية العامة غير العادية للشركة. علما بأن شركة إيتاب الدولية تملك استثمارات مميزة في القطاع المالي والعقاري والمصرفي وقطاع التأمين والطاقة التي تشهد نموا قويا في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية، وهو ما يتواءم مع الخطة الاستراتيجية لمجلس الإدارة الحالي نحو التوجه التي تكوين كيان متخصص في الاستثمارات الخاصة private Equity لتوسيع قاعدة استثماراتها بالاستثمار في الفرص الواعدة. الجدير بالذكر أن كلتا الشركتين قامت بالاستعانة بخبرات عالمية ومحلية من بيوت الخبرة في الاستشارة والتقييم والاستثمارات مثل: دار التمويل والاستثمارDARFIN CAPITAL، "اَرثر دي ليتل" ADL ، "كي بي إم جي"KPMG ، "بي دي أو"BDO ، "الفاتيم" ALPHA TEAM. انتهى كامل نص المهندس بندر وليسمح لنا بالحديث حول كل هذا الكلام الجميل! هذا نموذج مثالي.
بداية وباختصار شديد ودون الدخول في تفاصيل التحليل المالي للشركة الذي يحتاج إلى صفحات وليس مقال، نكتفي فقط بقراءة لبيانات الربع الثالث من العام الحالي. فسوف نجد أن الشركة وحسب تقرير المراجع الخارجي فإن خسائرها المتراكمة حتى تاريخه (نهاية الربع الثالث) بلغت 54 في المائة من رأس مالها. كما وصلت نسبة الموجودات المتداولة إلى المطلوبات المتداولة للشركة من 1 إلى 1.6 وهي نسبة خطيرة وبالذات أن المطلوبات قصيرة الأجل وليست طويلة الأجل!! هذا أولا وبيت القصيد، فالشركة عملياً "مفلسة"، حيث لم يبق من رأس مالها البالغ 400 مليون ريال سوى 184 مليون ريال، وبالتالي فقد يكون لدينا قصة أو رواية جديدة على نمط "بيشة" و"المواشي"، عفوا أقصد "أنعام القابضة"!
ثانياً الشركة تتحدث عن جواب استراتيجية هي أصلا غير موجودة لحل مشكلتها الأساسية وهي الإفلاس! حتى أن آخر جمعية عامة عادية وهي الرابعة عشرة التي عقدت في 15/4/2007م، عقدت بحضور ما نسبته 13.5 في المائة فقط من إجمالي أسهم الشركة البالغ عددها 40 مليون سهم، وهو الأمر الذي يدل على تفرد في توجهات الشركة، رغم أنها وفي تصريحها بعد انعقاد الجمعية ذكرت أن الحضور "جيد"! وعودة إلى التصريح الأخير أعلاه الذي صدر عن المسؤول الأول في الشركة وهو يتحدث عن عملية استحواذ لشركة كاملة بعلاوة إصدار بلغت 1.25 ريال مستخدماً الكلمات التالية: "أظهرت نتائج جيدة" "تملك استثمارات مميزة" "تشهد نموا قويا" "يتواءم مع الخطة الاستراتيجية" "فرص واعدة" .. طيب أين الأرقام؟ هل نحن في سوق مال تحكمه ضوابط؟
ألا توجد أرقام من خلال الإدارة المالية للشركة يستطيع مسؤول الشركة الأول التحدث عنها بدلا من عبارات فضفاضة من هذا القبيل (جيد، مميز، قوي، واعد)؟ السؤال الثاني: على أي أساس تم تقييم علاوة الإصدار بريال وربع لشركة "إيتاب"؟ هل ثلاث كلمات مثل "جيد" "قوي" "واعد" تعني بلغة الأرقام 1.25 ريال؟ من هم ملاك الشركة؟ بناء على أي استراتيجية تم اتخاذ قرار الاستحواذ؟ هل يملك الملاك الحاليون لشركة "صدق" أسهما في شركة إيتاب الدولية؟ لأي من المساهمين سوف تسجل علاوة الإصدار: مساهمو إيتاب أم مساهمو صدق؟ هل زيادة رأس المال من خلال عملية الاستحواذ تلك هي بهدف تخفيض نسبة الخسائر المتراكمة إلى رأس المال؟
أنا واثق أن هيئة السوق المالية تتابع وتراقب ولن تمنح الموافقة إلا من خلال إيضاح المزيد من الأمور بالأرقام المحاسبية والمستندات الكاملة للدراسات والاستراتيجيات وليس بكلمات على غرار "جيدة" "مميزة" "تشهد نموا" "يتواءم مع الخطة" "فرص واعدة"، لأن "صدق" شركة مساهمة عامة وبحاجة إلى إعادة نظر في كل ما يتعلق بالشركة حماية للمساهمين وللاقتصاد السعودي!!
وأخيرا إلى متى يتميز سوق الأسهم لدينا بهذه الضبابية في التصريحات التي تنشر على "تداول" ووسائل الإعلام من قبل الشركات المساهمة؟ يجب أن يكون لدينا معايير تحدد بشكل عام حدود التصريحات وواجبات المسؤولين في تلك الشركات عن كل تصريح. أين لغة الأرقام وهي لغة يفهمها الجميع؟
* نقلا عن جريدة "الإقتصادية" السعودية
إدارة الشركات فن وعلم معاً. فن في كيفية التعاطي مع التحديات، وعلمٌ بكيفية قيادة دفة تلك الشركات للوصول إلى أهداف يفترض أنها حُددت مسبقاً مع الجهات ذات العلاقة كلها بمن فيها المساهمون Stakeholders. أيضا الإدارة يجب أن تكون فنا صادقا لأن هناك فنونا رخيصة ورخيصة جدا بكل أسف! والإدارة تتطلب توظيف ضوابط حوكمة الشركات الداخلية والخارجية التي يفترض أنها لا تترك شاردة ولا واردة إلا ويتم ضبطها بضوابط لا تمنع الإبداع والتقدم وممارسة فن الإدارة، وفي الوقت نفسه تحد من الفساد والانحراف.
بهذه المقدمة نتحدث عن قرار الشركة السعودية للتنمية الصناعية "صدق" الذي نُشر في "تداول" وفي وسائل الإعلام المختلفة. ولكن قبل الدخول في الموضوع محل النظر، إليكم نقلاً حرفياً لتصريح رئيس مجلس الإدارة المهندس بندر بن عبد الله الحميضي نقلاً عن "تداول"، مع الاعتذار للإطالة ولكنها مهمة في إيصال الفكرة، حيث قال "إن الشركة وقعت مساء يوم الأربعاء 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007م اتفاقية الاستحواذ على كامل أصول وممتلكات شركة إيتاب الدولية مقابل إصدار38.430 مليون سهم جديد من أسهم شركة صدق لصالح الشركاء المالكين لشركة إيتاب الدولية بقيمة قدرها 11.25 ريال للسهم عن طريق زيادة رأسمال الشركة من 400 مليون إلى 784.300 مليون ريال (وبذلك يكون إجمالي عدد أسهم صدق بعد إتمام هذه الاتفاق 78.430مليون سهم)، على أن يسجل الفرق بين القيمة الاسمية والقيمة المتفق عليها كعلاوة إصدار لصالح حقوق المساهمين.
وأفاد أن الدراسات المالية والقانونية التي أجرتها مكاتب المراجعة والتدقيق أظهرت نتائج جيدة في ضوئها أوصي مجلس إدارة شركة صدق بالاستحواذ على كامل أصول وممتلكات شركة إيتاب الدولية. وستقوم الشركة برفع الملف للحصول على موافقة هيئة السوق المالية ووزارة التجارة والصناعة، تمهيدا للحصول على موافقة الجمعية العامة غير العادية للشركة. علما بأن شركة إيتاب الدولية تملك استثمارات مميزة في القطاع المالي والعقاري والمصرفي وقطاع التأمين والطاقة التي تشهد نموا قويا في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية، وهو ما يتواءم مع الخطة الاستراتيجية لمجلس الإدارة الحالي نحو التوجه التي تكوين كيان متخصص في الاستثمارات الخاصة private Equity لتوسيع قاعدة استثماراتها بالاستثمار في الفرص الواعدة. الجدير بالذكر أن كلتا الشركتين قامت بالاستعانة بخبرات عالمية ومحلية من بيوت الخبرة في الاستشارة والتقييم والاستثمارات مثل: دار التمويل والاستثمارDARFIN CAPITAL، "اَرثر دي ليتل" ADL ، "كي بي إم جي"KPMG ، "بي دي أو"BDO ، "الفاتيم" ALPHA TEAM. انتهى كامل نص المهندس بندر وليسمح لنا بالحديث حول كل هذا الكلام الجميل! هذا نموذج مثالي.
بداية وباختصار شديد ودون الدخول في تفاصيل التحليل المالي للشركة الذي يحتاج إلى صفحات وليس مقال، نكتفي فقط بقراءة لبيانات الربع الثالث من العام الحالي. فسوف نجد أن الشركة وحسب تقرير المراجع الخارجي فإن خسائرها المتراكمة حتى تاريخه (نهاية الربع الثالث) بلغت 54 في المائة من رأس مالها. كما وصلت نسبة الموجودات المتداولة إلى المطلوبات المتداولة للشركة من 1 إلى 1.6 وهي نسبة خطيرة وبالذات أن المطلوبات قصيرة الأجل وليست طويلة الأجل!! هذا أولا وبيت القصيد، فالشركة عملياً "مفلسة"، حيث لم يبق من رأس مالها البالغ 400 مليون ريال سوى 184 مليون ريال، وبالتالي فقد يكون لدينا قصة أو رواية جديدة على نمط "بيشة" و"المواشي"، عفوا أقصد "أنعام القابضة"!
ثانياً الشركة تتحدث عن جواب استراتيجية هي أصلا غير موجودة لحل مشكلتها الأساسية وهي الإفلاس! حتى أن آخر جمعية عامة عادية وهي الرابعة عشرة التي عقدت في 15/4/2007م، عقدت بحضور ما نسبته 13.5 في المائة فقط من إجمالي أسهم الشركة البالغ عددها 40 مليون سهم، وهو الأمر الذي يدل على تفرد في توجهات الشركة، رغم أنها وفي تصريحها بعد انعقاد الجمعية ذكرت أن الحضور "جيد"! وعودة إلى التصريح الأخير أعلاه الذي صدر عن المسؤول الأول في الشركة وهو يتحدث عن عملية استحواذ لشركة كاملة بعلاوة إصدار بلغت 1.25 ريال مستخدماً الكلمات التالية: "أظهرت نتائج جيدة" "تملك استثمارات مميزة" "تشهد نموا قويا" "يتواءم مع الخطة الاستراتيجية" "فرص واعدة" .. طيب أين الأرقام؟ هل نحن في سوق مال تحكمه ضوابط؟
ألا توجد أرقام من خلال الإدارة المالية للشركة يستطيع مسؤول الشركة الأول التحدث عنها بدلا من عبارات فضفاضة من هذا القبيل (جيد، مميز، قوي، واعد)؟ السؤال الثاني: على أي أساس تم تقييم علاوة الإصدار بريال وربع لشركة "إيتاب"؟ هل ثلاث كلمات مثل "جيد" "قوي" "واعد" تعني بلغة الأرقام 1.25 ريال؟ من هم ملاك الشركة؟ بناء على أي استراتيجية تم اتخاذ قرار الاستحواذ؟ هل يملك الملاك الحاليون لشركة "صدق" أسهما في شركة إيتاب الدولية؟ لأي من المساهمين سوف تسجل علاوة الإصدار: مساهمو إيتاب أم مساهمو صدق؟ هل زيادة رأس المال من خلال عملية الاستحواذ تلك هي بهدف تخفيض نسبة الخسائر المتراكمة إلى رأس المال؟
أنا واثق أن هيئة السوق المالية تتابع وتراقب ولن تمنح الموافقة إلا من خلال إيضاح المزيد من الأمور بالأرقام المحاسبية والمستندات الكاملة للدراسات والاستراتيجيات وليس بكلمات على غرار "جيدة" "مميزة" "تشهد نموا" "يتواءم مع الخطة" "فرص واعدة"، لأن "صدق" شركة مساهمة عامة وبحاجة إلى إعادة نظر في كل ما يتعلق بالشركة حماية للمساهمين وللاقتصاد السعودي!!
وأخيرا إلى متى يتميز سوق الأسهم لدينا بهذه الضبابية في التصريحات التي تنشر على "تداول" ووسائل الإعلام من قبل الشركات المساهمة؟ يجب أن يكون لدينا معايير تحدد بشكل عام حدود التصريحات وواجبات المسؤولين في تلك الشركات عن كل تصريح. أين لغة الأرقام وهي لغة يفهمها الجميع؟
* نقلا عن جريدة "الإقتصادية" السعودية