إنتعاش
28-11-2007, 11:43 PM
ناصر الزيادات
خلال السنوات الخمس الماضية شكل إجمالي استثمارات البنوك الإسلامية التجارية الخليجية في قطاع العقارات ما متوسطه 3% من إجمالي أصول تلك البنوك، التي تفوق 75 مليار دولار في أيامنا هذه، أي أن استثمارات البنوك الإسلامية التجارية الخليجية في العقارات تفوق الـ2.5 مليار دولار، وذلك بالاستناد إلى مؤشرات أداء البنوك الإسلامية التجارية الخليجية الصادرة عن المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، وإذا ما تم الأخذ بالاعتبار البنود من خارج الميزانيات العمومية لتلك البنوك فإن حجم تلك الاستثمارات سيتضاعف مرات ومرات.
ومما لا شك فيه أن قطاع العقارات شهد تطورات كبيرة خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهو أمر أدى إلى تحقيق العديد من العوائد التشغيلية والمكاسب الرأسمالية للمستثمرين في هذا القطاع. ولسنا هنا بصدد التطرق إلى طرق إدارة تلك الاستثمارات من الناحية الفنية، لأن هذا الأمر بالضرورة يقوم به خبراء استثمار على مستوى عال من المهنية. ولكن بقليل من التأمل في المقاصد الشرعية (حفظ المال والنفس والموارد على سبيل المثال) التي يمكن إسقاطها على الاستثمار العقاري يدرك ذوو الألباب أن هناك العديد من الفرص الضائعة التي من الممكن أن تزيد من الأرباح وتقلل من المخاطر في هذا المجال.
وبما أن الصناعة المالية الإسلامية محكومة بقانون إلهي، فلا بد أن تكون أهداف تطبيق هذا القانون أهدافاً تعود بالمنفعة المادية والمعنوية على المطبقين، سواء على المدى الطويل أو القصير. واستناداً إلى هذه القاعدة الذهبية يمكن للمؤسسات المالية الإسلامية أن تتبنى استراتيجيات "الاستثمار العقاري المسؤول" (Responsible Property Investing) التي يتم تطبيقها من قبل المستثمرين العقاريين في العديد من دول العالم.
فوفقاً لإحدى منظمات الأمم المتحدة، يعرف الاستثمار العقاري المسؤول بأنه الذهاب إلى ما بعد الالتزام بالقوانين والتشريعات لتطبيق استراتيجيات استثمارية مسؤولة بيئياً واجتماعياً، بالإضافة إلى الاستراتيجيات المتعلقة بالحوكمة. ولربط هذا المفهوم بالتطبيق العملي يمكن إسقاطه ضمن استراتيجيتين تتبناهما المؤسسات المالية الإسلامية، أولاهما عديمة التكلفة يمكن تمثيلها بالاستثمار العقاري في المناطق غير المأهولة، وهنا تكون المؤسسة المستثمرة قد أسهمت في التقليل من آثار الاحتباس الحراري في المناطق المأهولة على سبيل المثال، مع تقليل الطلب على الطاقة، من خلال توزيعه جغرافياً. لعل الأمر يبدو خيالياً لدى البعض، ولكن دعنا نتصور فقط المخاطر المرافقة للانقطاع المتكرر في التيار الكهربائي في إحدى المناطق المأهولة نتيجة للطلب المرتفع عليها في أوقات الذروة، هل ستكون هناك رغبة دائمة لدى المستأجرين (لأغراض سكنية أو تجارية) أو المالكين في البقاء في تلك المنطقة؟ وكيف ستتأثر عوائد الاستثمار العقاري حينئذٍ؟ وكيف ستكون القيمة السوقية لتلك العقارات؟
أما الاستراتيجية الثانية فهي ذات قيمة مضافة تتمثل في إنفاق مبالغ إضافية على الاستثمار العقاري على أن تحقق تلك المبالغ الإضافية عوائد إضافية (زيادة قيمة الإيجار على سبيل المثال) أو أن تقلل من علاوة المخاطر (المخاطر البيئية أو مخاطر تسويق العقارات) ويمكن تمثيل تلك الاستراتيجية من خلال الاستثمار الإضافي في التصميم الهندسي للمبنى الذي يقلل من استخدام الطاقة. وفي هذه الحالة سيكون المستأجر للعقار أو المالك المحتمل له مستعداً لدفع مبالغ إضافية مقابل الاستئجار أو التملك. والنتيجة النهائية لكلتا الاستراتيجيتين هي الإسهام في الحفاظ على البيئة ومواردها وضمان استدامتها للأجيال القادمة.. بالإضافة إلى أن المؤسسة المتبنية لهذا المفهوم ستبني علامة تجارية تتسم بالمسؤولية البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
فهل تأملت معي عزيزي القارئ القيمة المضافة التي يحدثها الفكر المقاصدي لو تم إسقاطه بمفهوم استراتيجي شمولي على أعمال المؤسسات المالية الإسلامية؟
* نقلا عن جريدة "اللندنية" اللندنية
** باحث في المصرفية الإسلامية جامعة درم ـ المملكة المتحدة
خلال السنوات الخمس الماضية شكل إجمالي استثمارات البنوك الإسلامية التجارية الخليجية في قطاع العقارات ما متوسطه 3% من إجمالي أصول تلك البنوك، التي تفوق 75 مليار دولار في أيامنا هذه، أي أن استثمارات البنوك الإسلامية التجارية الخليجية في العقارات تفوق الـ2.5 مليار دولار، وذلك بالاستناد إلى مؤشرات أداء البنوك الإسلامية التجارية الخليجية الصادرة عن المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، وإذا ما تم الأخذ بالاعتبار البنود من خارج الميزانيات العمومية لتلك البنوك فإن حجم تلك الاستثمارات سيتضاعف مرات ومرات.
ومما لا شك فيه أن قطاع العقارات شهد تطورات كبيرة خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهو أمر أدى إلى تحقيق العديد من العوائد التشغيلية والمكاسب الرأسمالية للمستثمرين في هذا القطاع. ولسنا هنا بصدد التطرق إلى طرق إدارة تلك الاستثمارات من الناحية الفنية، لأن هذا الأمر بالضرورة يقوم به خبراء استثمار على مستوى عال من المهنية. ولكن بقليل من التأمل في المقاصد الشرعية (حفظ المال والنفس والموارد على سبيل المثال) التي يمكن إسقاطها على الاستثمار العقاري يدرك ذوو الألباب أن هناك العديد من الفرص الضائعة التي من الممكن أن تزيد من الأرباح وتقلل من المخاطر في هذا المجال.
وبما أن الصناعة المالية الإسلامية محكومة بقانون إلهي، فلا بد أن تكون أهداف تطبيق هذا القانون أهدافاً تعود بالمنفعة المادية والمعنوية على المطبقين، سواء على المدى الطويل أو القصير. واستناداً إلى هذه القاعدة الذهبية يمكن للمؤسسات المالية الإسلامية أن تتبنى استراتيجيات "الاستثمار العقاري المسؤول" (Responsible Property Investing) التي يتم تطبيقها من قبل المستثمرين العقاريين في العديد من دول العالم.
فوفقاً لإحدى منظمات الأمم المتحدة، يعرف الاستثمار العقاري المسؤول بأنه الذهاب إلى ما بعد الالتزام بالقوانين والتشريعات لتطبيق استراتيجيات استثمارية مسؤولة بيئياً واجتماعياً، بالإضافة إلى الاستراتيجيات المتعلقة بالحوكمة. ولربط هذا المفهوم بالتطبيق العملي يمكن إسقاطه ضمن استراتيجيتين تتبناهما المؤسسات المالية الإسلامية، أولاهما عديمة التكلفة يمكن تمثيلها بالاستثمار العقاري في المناطق غير المأهولة، وهنا تكون المؤسسة المستثمرة قد أسهمت في التقليل من آثار الاحتباس الحراري في المناطق المأهولة على سبيل المثال، مع تقليل الطلب على الطاقة، من خلال توزيعه جغرافياً. لعل الأمر يبدو خيالياً لدى البعض، ولكن دعنا نتصور فقط المخاطر المرافقة للانقطاع المتكرر في التيار الكهربائي في إحدى المناطق المأهولة نتيجة للطلب المرتفع عليها في أوقات الذروة، هل ستكون هناك رغبة دائمة لدى المستأجرين (لأغراض سكنية أو تجارية) أو المالكين في البقاء في تلك المنطقة؟ وكيف ستتأثر عوائد الاستثمار العقاري حينئذٍ؟ وكيف ستكون القيمة السوقية لتلك العقارات؟
أما الاستراتيجية الثانية فهي ذات قيمة مضافة تتمثل في إنفاق مبالغ إضافية على الاستثمار العقاري على أن تحقق تلك المبالغ الإضافية عوائد إضافية (زيادة قيمة الإيجار على سبيل المثال) أو أن تقلل من علاوة المخاطر (المخاطر البيئية أو مخاطر تسويق العقارات) ويمكن تمثيل تلك الاستراتيجية من خلال الاستثمار الإضافي في التصميم الهندسي للمبنى الذي يقلل من استخدام الطاقة. وفي هذه الحالة سيكون المستأجر للعقار أو المالك المحتمل له مستعداً لدفع مبالغ إضافية مقابل الاستئجار أو التملك. والنتيجة النهائية لكلتا الاستراتيجيتين هي الإسهام في الحفاظ على البيئة ومواردها وضمان استدامتها للأجيال القادمة.. بالإضافة إلى أن المؤسسة المتبنية لهذا المفهوم ستبني علامة تجارية تتسم بالمسؤولية البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
فهل تأملت معي عزيزي القارئ القيمة المضافة التي يحدثها الفكر المقاصدي لو تم إسقاطه بمفهوم استراتيجي شمولي على أعمال المؤسسات المالية الإسلامية؟
* نقلا عن جريدة "اللندنية" اللندنية
** باحث في المصرفية الإسلامية جامعة درم ـ المملكة المتحدة