تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الوطني': 'المركزي' سيحتاج إلى تخفيض فائدة الخصم للجم التضخم



ROSE
31-12-2007, 07:27 AM
الوطني': 'المركزي' سيحتاج إلى تخفيض فائدة الخصم للجم التضخم


31/12/2007 اشار الكويت الوطني في موجزه الاقتصادي الأخير إلى أن معدل التضخم أو غلاء المعيشة في الكويت، مقاسا بالتغير في المستوى العام لأسعار المستهلك، قد شهد زيادات ملحوظة في الأشهر الأخيرة، حيث ارتفع بما نسبته 5.3% خلال الربع الثالث من العام الحالي، وذلك بالمقارنة مع الفترة نفسها من عام 2006، ليبلغ بذلك 4.9% خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي مقابل 3.1% لعام 2006 بأكمله. ولا بد من الإشارة إلى أن الكويت ليست الدولة الوحيدة التي تواجه تناميا في الضغوط التضخمية، بل عند المقارنة مع بعض الدول الخليجية، يبدو التضخم الذي تشهده الكويت معتدلا نسبيا. فعلى سبيل المثال، بلغ معدل التضخم في قطر 13.7% خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2007، في حين يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل التضخم في دولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2007 بأكمله نحو 8% بعد أن سجل معدل 9.3% في عام 2006.
تكاليف المعيشة
وحتما يشعر المستهلكون بأثر ارتفاع تكاليف المعيشة حتى لو صاحبتها زيادات في الأجور ومصادر الدخل الأخرى. وبشكل عام، يمكن القول إن الكويتيين أقل تأثرا من الوافدين بالتضخم، وذلك في ضوء سياسات الدعم السخية على الخدمات والإسكان التي توفرها الحكومة للمواطنين. وبالمقابل، يلاحظ تأثر الوافدين بشكل أكبر بارتفاع أسعار المواد الغذائية وإيجارات المساكن، حيث احتلت الأخيرة مكانة الأولى كمصدر التضخم الرئيسي في الآونة الأخيرة. فالزيادة الحادة في أعداد السكان من الوافدين، والناجمة عن تزايد الطلب على العمالة، قد أدت إلى ارتفاع الطلب على المساكن، وإلى زيادة معدل إيجاراتها بشكل قياسي.
واضاف الوطني: مع استمرار التصاعد في حدة الضغوط التضخمية، تواجه الدولة تحديا في كيفية تهدئة هذه الضغوط من دون المساس بزخم النمو الاقتصادي الناجم عن تنامي الإيرادات النفطية والمصروفات الحكومية وأنشطة القطاع الخاص واستثماراته. فمنذ بدأت مسيرة الارتفاع الأخيرة في أسعار النفط في عام 2003، لجأت حكومات الدول الخليجية إلى توظيف جزء كبير من إيراداتها الضخمة في مشاريع البنية التحتية والمشاريع التنموية الأخرى. وهذا الوضع الإيجابي، الذي تزامن مع موجة من الانفتاح وعمليات الخصخصة والإصلاح الاقتصادي، قد عزز من درجة الثقة لدى المستثمرين والنشاط الاستثماري بشكل عام، مما أسهم في رفد حيويةونشاط القطاع الخاص ليلعب دورا أكثر فاعلية في مجمل النشاط الاقتصادي. الا ان النمو الحاصل في الطلب المحلي قد تجاوز القدرة الاستيعابية للاقتصادات الخليجية مما أدى الى ارتفاع أسعار السلع والخدمات في الأسواق المحلية. وهنا لا بد من الاشارة الى ان الضغوط المحلية لم تكن لوحدها المسؤولة عن الارتفاع في معدلات التضخم، بل أسهمت أيضا مجموعة من العوامل الخارجية. فالمواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى قد ارتفعت أسعارها عالميا وبشكل حاد خلال الاعوام الثلاثة الماضية نتيجة المعطيات الايجابية في البيئة الاقتصادية العالمية. كما أسهم أيضا ضعف الدولار في ارتفاع معدل التضخم المستورد في ضوء ارتباط جميع العملات الخليجية بالدولار الاميركي.
السياسة النقدية
ومحليا، أصبح موضوع مكافحة التضخم في صميم أهداف السياسة النقدية. فقرار فك الارتباط الحصري لسعر صرف الدينار بالدولار الاميركي الذي تم في شهر مايو والعودة الى ربطه بسلة عملات رئيسية -الذي يحظى بها الدولار الاميركي بنصيب الأسد- قد جاء بالدرجة الأولى استجابة الى الاعتقاد السائد بان تراجع سعر صرف الدينار مقابل العملات الرئيسية الأخرى يسهم في تغذية الضغوط التضخمية في الكويت. ومع ان تعديل سياسة سعر الصرف قد أتاح للبنك المركزي رفع سعر صرف الدينار مقابل الدولار بنحو 5.5% منذ شهر مايو، لكن المحاذير المتعلقة بالتضخم لم تتلاش، لاسيما ان تأثير عملية الرفع في سعر الصرف لم تظهر آثارها بعد في ضوء الوقت الذي تستغرقه تغيرات أسعار الصرف لتنعكس على الأسعار المحلية. كما عمد البنك المركزي الى تثبيت سعر فائدة الخصم خلال العام والنصف الماضيين بهدف ضبط النمو في القروض وذلك رغم التخفيضات الأخيرة في أسعار الفائدة الاميركية، مكتفيا بخفض سعر فائدة الريبو الذي ترتبط به أسعار الفائدة على ودائع العملاء وودائع ما بين البنوك.
وقد أدى خفض سعر فائدة الريبو منذ شهر مارس من عام 2007 وبما جملته 1.375 نقطة مئوية الى تراجعه دون سعر فائدة الخصم بنحو 1.75%، والذي يمثل أعلى فرق ما بين السعرين منذ التحرير. وفي الواقع، فان هذا الفارق كان لمصلحة الريبو حتى عام 2004، ولكنه انعكس بعد ذلك. ونظريا، فان اتساع الفارق يعني ان هامش أسعار الفائدة لدى البنوك سيتسع أيضا، ولكن ذلك لم يحدث. فالهامش لدى البنوك أخذ يضيق في ضوء الضوابط الكمية التي اتخذها البنك المركزي للحد من نمو القروض التي دفعت بالبنوك للتنافس بشدة فيما بينها لاستقطاب ودائع القطاع الخاص. ويعتقد الوطني ان هنالك حدا للاستمرار في توظيف هذه السياسة دون خلق حالة من عدم التوازن في أسواق المال. وتجدر الاشارة الى ان نظام ربط سعر الصرف بسلة من العملات يحرم البنك المركزي من التمتع بالاستقلالية التامة في سياسته النقدية، وبالتالي سيجد نفسه في نهاية المطاف مضطرا الى عكس التغيرات في أسعار الفائدة الاميركية في هيكل أسعار الفائدة المحلية.
لا تناقض
ومن هنا، يرى الوطني ان البنك المركزي سيحتاج قريبا الى تخفيض سعر فائدة الخصم لاعادة التوازن الى أسعار الفائدة المحلية لا سيما مع الاحتمال الكبير لاجراء المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الاميركية. ومع ان هنالك وجهة نظر سائدة ترى في مثل هذا الاجراء تناقضا مع ما قد تمليه البيئة التضخمية في الكويت، فان الوطني لا يشارك هذا الرأي، بل انه يجازف بالاشارة الى ان تخفيض سعر فائدة الخصم قد يؤدي في الواقع الى تقليص الضغوط التضخمية، أو على الأقل الى عدم تفاقمها. اذ يعتقد الوطني ان باستطاعة البنك المركزي ان يكون أكثر فاعلية في الحد من النمو في القروض الذي يغذي الانفاق الاستهلاكي وذلك بالاستمرار باستخدام اجراءات كمية مثل فرضه سقفا لنسبة القروض الى الودائع لدى البنوك المحلية، وشروطا جديدة على القروض الاستهلاكية، ناهيك عن ممارسة أسلوب الاقناع الأدبي مع البنوك للحد من تنامي القروض. وفي الوقت ذاته، فان سعر خصم أدنى قد يشجع القطاع الخاص على القيام باستثمارات اضافية لا سيما في قطاع الاسكان الذي يعتبر حاليا أكبر مصدر للضغوط التضخمية، الى جانب خفض كلفة التمويل في قطاع التجارة ومن ثم الحد من ارتفاع أسعار السلع المستوردة.
ومن جانب آخر، فان خفض سعر فائدة الخصم سيساعد على تقليص عبء مديونية المستهلكين مما قد يخفف من وطأة ارتفاع تكاليف المعيشة. والأهم من ذلك، فان توافر سياسة نقدية مساندة يعتبر أمرا ضروريا لدعم برنامج التنمية الحكومي وخطط تنويع مصادر الدخل، الى جانب ضمان عدم تهميش دور القطاع الخاص في الوقت الذي نشهد فيه تناميا في حجم المصروفات الحكومية.
صندوق النقد
وفي أحدث تقرير لصندوق النقد الدولي حول التطلعات المستقبلية لمنطقة الشرق الأوسط، أشار الصندوق الى ان أفضل الوسائل للحد من التضخم في دول الخليج يتمثل في تعزيز مرونة ودرجة انفتاح أسواق السلع والعمل، الى جانب توسيع القدرة الاستيعابية للاقتصادات المحلية من خلال تدعيم الاستثمار وبرامج تنويع مصادر الدخل بتحقيق تقدم في الاصلاحات الهيكلية الشاملة بغية تحسين بيئة الأعمال ورفد الانتاجية في القطاع غير النفطي واضفاء الحيوية على نشاط القطاع الخاص.
وبمعنى آخر، يمكن القول ان التضخم يعتبر الثمن الذي تدفعه الكويت لنمو القطاع غير النفطي. وفعليا، فان التضخم كان نتيجة لا يمكن تفاديها لاستخدام الفوائض الضخمة التي ولدتها أسعار النفط المرتفعة لتمويل الاستثمارات الهادفة الى الارتقاء بالبنية التحتية للكويت والمشاريع الانتاجية الأخرى، وفي الوقت ذاته رفع القطاع الحكومي للأجور والمزايا الأخرى الممنوحة للمواطنين. ويكمن التحدي أمام السلطات المعنية في ضمان بقاء التضخم ضمن نطاق السيطرة. فعند مستوى 5% أو حتى لو ارتفع التضخم بأكثر من ذلك، فان مخاطر التضخم ما زال بالامكان التعامل معها. وفي حال أصبحت الضغوط التضخمية أكثر ديمومة وحضورا، نرى ان التشدد في السياسة المالية، وتحديدا تخفيض الزيادة في المصروفات الجارية سيكون الخيار الأفضل للحد من التضخم. ومع اننا لا نشجع هنا على التساهل في معالجة التضخم من جانب البنك المركزي في هذا الوقت، غير اننا لا نعتقد ان السياسات الانكماشية ينصح بها. وعلى العكس من ذلك، نرى ان على الكويت ان تركز على البرامج التي تستهدف النمو والاصلاح الاقتصادي، مع تعزيز درجة التنافسية في السوق المحلي. فالبرامج الحكومية التي تولي المشاريع التنموية أولوية أكبر من المصروفات الجارية ستكون على الأرجح العلاج لذلك الجزء من التضخم الناجم عن أسباب هيكلية.
وأخيرا، يشير الوطني الى ان الغاية من وراء هذا التقرير تمثلت في الرغبة في البدء بحوار جاد حول مشكلة التضخم في الكويت وانجع الوسائل للتعامل معها. ولتعزيز أسس مثل هذا الحوار، سيتبع الوطني هذا التقرير بآخر أكثر تفصيلا عن مسببات التضخم في الكويت لما لذلك من أهمية في تحديد أفضل السياسات المتاحة للتغلب عليه.

تجاهل العلاقة بين النمو والتضخم يضلل الخيارات
لسوء الحظ، فان معظم المحللين ووسائل الاعلام قد تجاهلوا أهمية هذه العلاقة بين التضخم والنمو الاقتصادي. ففي حالة الكويت، فمن الأهمية بمكان وضع البرنامج الاقتصادي الذي تبنته الحكومة حيز التنفيذ وذلك لتفادي أي تراجع اضافي في درجة مواكبة الكويت لمنافسيها في المنطقة. كما يبدو أيضا ان وسائل الاعلام لم تتوخ الدقة المطلوبة في التعاطي مع موضوع أصبح له أهمية سياسية لتجنب تضليل الرأي العام عن حجم المشكلة الواقعي، حيث ورد مؤخرا تقرير مفاده ان معدل التضخم في شهر سبتمبر قد وصل الى 7.3% وهو رقم مبالغ فيه بسبب استخدام طرق غير مألوفة في احتساب الزيادة في الأسعار. وعلى أرض الواقع، فاذا ما استخدمنا مقياس التضخم السائد الذي يقارن مؤشر الأسعار في شهر ما بمثيله قبل عام لبلغ معدل ارتفاع أسعار المستهلك في شهر سبتمبر 6.2% على أساس سنوي مقابل 4.8% لشهر أغسطس. وبامعان النظر بمكونات الرقم القياسي لأسعار المعيشة، يظهر جليا ان الزيادة في معدل التضخم في شهر سبتمبر قد نجمت تقريبا بالكامل عن ارتفاع تكلفة خدمات المساكن. ويعزى حجم الزيادة في تكاليف السكن الى ان التغيرات التي تطرأ على أرقام هذا البند لا تتم على فترات منتظمة، الى جانب قرار البلدية في عام 2006 والقاضي بالغاء السقف المفروض على معدل الزيادة في الايجارات. ومع ان هنالك احتمالا كبيرا بان الزيادات الأخيرة في معدل الايجارات قد لا تتكرر، فاننا لا نستثني احتمالية ان تتفاقم الضغوط التضخمية بشكل أكبر قبل ان تبدأ مسيرة تراجعها.