Darco
05-01-2008, 05:03 PM
بسم رب العباد أبدا ولا أبدا غير بسم الله أهو البادي **** الحليم العليم اللي يرى ويشوف مافي قلوب عباده
يالله الــيوم وفقني وعطني مطلبي يالولي ومرادي **** وحل بالحــال عقده من لساني يا إلهي وحل قياده
http://farm3.static.flickr.com/2308/1620866612_5e370bfee8.jpg?v=0
أخوكم سبستيان سوريا يسلّم عليكم فرداً فرداً ويرسل لكم تحياته العذبه هو وأخوانه فابيو وأميرال وأميرسون, وباقي الأخوان الكرام .. تحيات قطرية عنابية مع إقتراب موسم الفشل السنوي, مع إقتراب تصفيات كأس العالم. يقولون أنهم قد عزّزوا سبستيان بثلاثة علهم يفيدونه هناك أمام باب المجد مرمى الخصم, ومع قولهم هذا نفضت الغبار من وريقات كانت مرمية في رف جانبي, لأضع بعضاً من نكهات اليوم عليها وأقدمها لكم .. :
.. أبتسم الأستاذ (أسعد شاهين) ابتسامة عريضة لم يسعها وجهه الموقر, ابتسامة أظهرت بياضاً يذهب الأبصار من أسنان تشع بياضاً كما تشع قنابل بنو الأصفر في سماء تلعفر في ليلة ظلماء, ابتسامة أصغرت عيناه حتى اختفى أثرها كلياً كما يختفي الحياء كلياً في الصفحة الأخيرة من جريدة الراية.
صخب وضوضاء تهدر في ذاك الملعب الأولمبي في العاصمة الألمانيّة برلين, وأضواء الفلاشات تنطلق من كل زاوية نحو ذاك البطل المتوج الذي أرجع لنا مجداً كنا قد أضعناه ولكننا وجدناه بين تلال الثلوج في قارة ذوي الدماء الزرقاء, أو هكذا ظن خائبو الظن. وقف أسعد تماماً فوق الرقم واحد وقد لف معصمه و (عصاقيله) بعلم قطر العنابي المسنن بينما كان يطلق تلك الابتسامات لمن هب ودب لا فرحاً بقطعة المعدن التي أعطيها ولا بالمجد التليد الذي وجِدَ بفضله, بل بـ(شيك) ينتظره في ظرفٍ قد أعد له. في تلك الأثناء , كأني بأعضاء إتحاد القوى ومالم غصنهم يطيرون بأجنحة حقيقية داخل غرفة الاجتماعات, محاولين تفادي الـ(مروحة) في هلوستهم الطيرانية في تلك الغرفة التي لم تفد ولن تفد بأي حال من الأحوال وفي أي زمن من الأزمان.
أنا هنا فقط لأحلل وأعلل سبب طيرانهم في تلك الغرفة, وسبب ابتسامة الأستاذ الفهامة (أسعد), والسبب الذي يجعل منه فوق تلك المنصة باسمنا كدولة وكشعب, والسبب الذي يجعل من ركضه أمراً بهذا القدر من الأهميَّة.
قبل أن أدير رحاي على الجميع وبالجميع هاهنا, أود التنبيه أني لا أمثل فئة الذين يكرهون الرياضة و (يتحندون) في المجالس عنها ويشتمون طلّة الدوري الإسباني على الجزيرة الرياضيَّة إذا ما وضعها مشاهد يحب الكرة.. أنا أحب الرياضة كمتابع وكممارس, مع العلم أن حبي لها لا يصل إلى درجة الولع ويقل يوماً وراء الآخر بفضل منتخبات الجاليات التي سأتكلم عنها, وبسبب انشغالي عنها بما هو أهم.
أما وقد نبّهت وبيّنت مكان زاوية تصويري لما سيتبع, فلتدر الرحى .. وسأبدأ مع الأخ الكريم والإنسان المثابر والـ(سريع) أسعد شاهين, ولنبدأ من حيث بدأ كطفلٍ يتيم يهرول بين قرية وأخرى في جنوب تنزانيا طلباً لحاجيات كانت قد أرسلته والدته الموقرة لها؛ مرتكزاً في حياته على الفراغ الذي جعله فارغاً متفرّغاً لدرجة أنه يركض طوال اليوم. لم يكن ليعبأ لمطر أو عاصفة, ولم يكن يفكر بشيء سوى الفراغ والطعام في الظهيرة وما بينهما من ركض وركض والمزيد من الركض. مرت حياته وهو يركض إلى أن وجد نفسه فجأة -وبمقدمات طويلة يطول ذكرها وذكر "المجرمين" المساهمين فيها- في كورنيش الدوحة باسم آخر غير اسمه الذي سمته أمه به وهو جاد في الركض مع الراكضين من المرضى والسمينين, ثم وجد نفسه بعد فترة وجيزة أيضاً يلبس الفانيلة العنابية ويركض تحت تأثير مناخ قارس في برلين, ووجد نفسه بعد دقائق في منصة الفائزين وحول كتفيه –بعد سباق الـ5000 متر- علماً لدولة ما يعرف أنه يعيش فيها قبل شهرين فقط ولا يعرف عنها وعن لغتها وشعبها شيئاً!.
س: علم من هذا؟ ج: علمنا. س: دولة من هذه التي رُفِع علمها؟ ج: دولتنا. س: ومن هو (بيب بيب) المتسمر في نشرة أخبار الرياضة في تلفزيون قطر وفي "أطنان الصفحات الرياضية" في صحافتنا الوديعة كممثل للرياضة القطرية؟ ج: شخص آخر بينه وبين ذاك العلم بحار وجبال....
"بيب بيب" نموذج كربوني لنماذج منتشرة في بلدنا, هو الآن لا يمثل حالة شاذة في الوسط الرياضي بل صار الأس وغيره الشاذ في الرياضة بكل تفرعاتها, وصارت الصورة النمطية للشعب القطري ممثلاً في رياضيه في المحافل الدولية بذاك الشاب الأسمر الأفريقي الملامح. تراهم في كل زاوية من زوايا الملاعب في الدوحة المملوءة بالملاعب, في كل وادٍ يهيمون وفي كل رياضة يغزون.. منهم من زاول كرة القدم وشكل مع زملائه منتخب الجاليات الأجنبية في دولة قطر –وسآتي لهذا المنتخب بالذات في الحديث لاحقاً- أو منتخبات الجاليات في الرياضات الأخرى كالـسلة وحمل الأثقال –هذا الإتحاد (حب ينوّع) بثيران من البوسنة والهرسك أو إحدى جاراتها, والخطأ مني في اسم الدولة , ومنهم في ذاك الإتحاد بهذا الاختيار الـ(فشيلة)-.
ثم لنتكلم عن منتخب الجاليات الأجنبية في دولة قطر والفائز بكأس الخليج 2004 والميدالية الذهبية في أسياد 2006, والـ(مضروب على راسه) في بطولة كأس الخليج 2007 وآسياد 2007 بإحتلاله المركز الأخير في هاتين المسابقتين. الفوزان والخسارتان الذان لم يثرا الفرحة أو الحرن فيني لأنه فرحة وحزن للجاليات الأوغندية والسنغالية والصومالية والسودانية والجاليات العربية والجاليات الآسيوية من إيرانيين وباكستانيين (ومؤخراً برازيليين, مع سبستيان "وطخته") وليست للقطريين الغرباء في وطنهم؛ ونرى أن الفرق شاسع بين المنتخبات السابقة –التي تتكون غالباً من قطريين أو شبه قطريين- الذين يلعبون بإخلاص وجدية رغم قلة الـ"شيكات" المصروفة لهم, وبين منتخبنا الخائب (موديل 2008)؛ أما هؤلاء, فلا يخرجون عن سياسة الـ(شيك) والـ(بي أم) ولهذه السياسة يركضون, ولولاها لرأيتموهم مستلقين في أرياف دولهم التي أتوا منها. كلامي بعاليه لا يشمل كل لاعبي المنتخب, ففيهم الغث وفيهم السمين حتى في المقيمين, فلا أشك بحب بعضهم للدولة التي تربوا فيها وإن كنت أرى أن حبهم هذا سبب غير كافٍ لتمثيلهم لها.
وعلى صعيد النوادي الكروية, أتجاوز المهازل الإدارية والـ"ترزز" في الصحف والتلفاز كل يوم منهم لأن توضيح الواضحات من أصعب المعضلات, فأتركهم يترززون ويلعبون كما يشاؤون لأنتقل للروابط الكروية أو المسرحيات الكوميدية الحية التي توفرها إدارات النوادي للمتفرجين.. فكل نادٍ يرسل موظف إلى المنطقة الصناعية, ويجمع له مجموعة من العمال من كافة الجنسيات, ويلبسهم لباساً على لون النادي و (يصفهم) في المعلب على الكراسي, فيبدأ العرض الكوميدي منهم وتبدأ دروس الرقص الفاشلة ومشاعر الفرح المصطنعة في مشهد يوحي بمدى تفتق عقلية الذي أتى بفكرة جلب عمال كمشجعين,. ولم أضحك كضحكي على ذاك العامل الذي وقف فرحاً بعد تسجيل الفريق الخصم في مرمى الفريق (اللي بيعطيه عشرة ريال بعد المباراة) لأنه ببساطة لا يعرف من يشجع ولمَ يشجع ولا يعرف إلا تلك الورقة الحمراء التي سيستلمها بعد المباراة ليرسلها مع المرتب إلى (الحاجة نسرين) أمه الموقرة المقيمة في الصعيد المصري.
أما عن المشجعين الذين لاتحركهم الـ(عشرة ريال), فقد عزفواعن التشجيع بسبب رداءة الحال في الدوري, وكثرة المسرحيات السمجة المتكررة, مما ييجعل من (حرقة الأعصاب) أمراً أغلى بكثير جداً من حرقها على هكذا دوري. وهنا أحب التنوية إلى الدور الجميل الذي يلعبه حمود سلطان و (شلة المجلس) في تنفير الناس من الإهتمام بالدوري, الله يعطيهم العافية هم وبرنامجهم الذي لايتابعه أحد سواهم.
ولنرجع إلى التجنيس والمجنسين: هناك أسبابٌ كثيرة تجعلني أنتقد وأمتعض وأندد لتجنيس هؤلاء الغرباء, منها أنهم لا يعرفون لغتنا, ولا عاداتنا ولا تقاليدنا, ولا نمط عيشنا .. ويعيشون بيننا وهم في نمطهم الأجنبي السابق. ولسنا ببعيدٍ عن الصخرة الصمّاء عبدالله كوني الذي عبّر عن فرحته بهدفه المهم في سنة مضت بـ(تنزيل) شورته الرياضي و (كشف المستور) أمام الملأ وأمام الكاميرات, فدخلت (مؤخرته) كل بيت وأمام كل طفل وطفلة في مشهد مشين وغريب ويدل على سذاجة عبدالله كوني وانعدام أخلاقه, ويدل أيضا على سذاجة المسؤولين في نادي السد حين برر أحد الخائبين أنه احتفل بطريقته الخاصة التي لا تجرَّم في ثقافته التي أتى منها ! ؛ كذلك رأينا وسمعنا إجابات السادة الأفارقة في التلفاز على أسئلة المراسلين –خاصة الخبثاء من المراسلين-, بالإجابة البليغة المضحكة المبكية: I don't know Arabic" (!)" .. كيف لمثلهم أن يمثلونا وهو لا يعرف ما نقول ولا يقول كما نقول, بل "يرطن" بلغته ولغة بني الأصفر؟!.
ثم ما الذي يجعل من مهنتهم التي امتهنوها بهذا القدر من الأهميَّة بحيث أنه جلب من دولته وأعطي جواز السفر والمال والمسكن وكل ما يخطر بباله؟! وما الذي يجعل الملاعب في كل مكان في الدوحة؟! , وما الذي يجعل الملحق الرياضي في الصحف بهذا الحجم؟!. الرياضة عبارة عن ألعاب جسدية في المقام الأول أقيمت لها مسابقات وجوائز, ولا يسعها أن تتحمل كل هذا الزخم والتفخيم والاهتمام بها وبممتهنيها. الأموال الطائلة تصرف على الملاعب والبطولات الرياضية وعلى النوادي الرياضية تدعونا للسؤال بأسئلتي بعاليه, والإجابة بالتأكيد لا تعبّر عن الواقع المضخم للرياضة في دولتنا. مثلاً: أكاديمية التفوق الرياضية, منشأة انفق عليها مئات الملايين وسينفق عليها مئاتٌ أخرى لكي تخرج لنا ناشئين يعرفون كيف يلعبون أفضل من غيرهم! المسألة بالطبع ليست لربح مادي, وأختلف أشد الاختلاف معها كربح معنوي لأنني –كغيري من شريحة واسعة جداً من الشعب- لا نؤمن بأهميتها وأهميته ما سيقومون به ولا نراهم أكثر من كونهم 11 لاعباً يركضون وراء كرة جلدية, وليت تلك الأموال تصرف في غير ما تصرف عليه احتراماً لها كمالٍ قيّم وكثروة أنعم بها الخالق علينا. (نقطة خارج السطر وضربة تحت الحزام: الموهبة الكروية سبب بروز اللاعبين, ولم يتعلم اللاعبين العالميين في أكاديميات كروية, و "هذا ويهي" إذا نفعت الأكاديمية.).
هناك مشهد لا زال عالقاً في ذهني وسيظل فيه إلى الأبد, يوم أن رأيت في عصر يومٍ أسود ذاك البلدوزر وهو يدك مدرسة ابن تيمية الثانوية التي خرّجت أجيالاً يبنون بلدنا بعلمهم وعملهم, هدمها لبناء ملعب (تدريب) لنادي السد الرياضي! .. هل يعقل ان يستغنى عن صرح تربوي من أجل ملعب تدريب؟!, وأترككم تفكرون وتجاوبون على السؤال فقد أتعبني الـ"قهر", ثم أنتقل للسؤال التالي: هل يعقل أن يتم تغيير مواعيد بداية وانتهاء الفصول الدراسية لتفادي حلول الفصل الدراسي مع فترة أولمبياد آسيا 2006؟! وإعطاء الطلاب درجات لمشاركتهم في المسابقة تصل إلى درجة 40% كما سمعنا حينها؟! وأتركهم مجدداً هم وناجحوهم وناجحاتهم ينشؤون معايير النجاح في عالمهم!
ختاماً أقول: دولتنا دولة صغيرة, عدد سكانها القطريين لا يزيدون كثيراً عن الـ200 ألف نسمة, رغم ذلك حققت الرياضة في السابق الكثير, وهي إن حققت شيئاً من ممثليها حالياً, فهذه الإنجازات لا تمثل القيمة التي كانت عليها تلك الإنجازات في السابق, نظراً لكونها في السابق من أفراد من أصل 200 ألف نسمة .. أما إنجازات اليوم , فهي من أفرادٍ من أصل 6 مليارات نسمة هم سكان كوكبنا المزدحم .. وليتبسم أسعد شاهين –وهو بالمناسبة شخصية وهمية تمثل غالب لاعبي ألعاب القوى- أمام الناس كما يشاء, وليتكلم (عبود كوني) بالانجليزية أمام مذيعي قناة الأي آر تي, فلا يمثلون إلا نفسيهما. ولتبنى الملاعب ولتهدم المدارس .. فتلك الدائرة الجلدية أسمى أهدافنا في الحياة!
... أسعد الله ليلكم ونهاركم أيها السادة.
يالله الــيوم وفقني وعطني مطلبي يالولي ومرادي **** وحل بالحــال عقده من لساني يا إلهي وحل قياده
http://farm3.static.flickr.com/2308/1620866612_5e370bfee8.jpg?v=0
أخوكم سبستيان سوريا يسلّم عليكم فرداً فرداً ويرسل لكم تحياته العذبه هو وأخوانه فابيو وأميرال وأميرسون, وباقي الأخوان الكرام .. تحيات قطرية عنابية مع إقتراب موسم الفشل السنوي, مع إقتراب تصفيات كأس العالم. يقولون أنهم قد عزّزوا سبستيان بثلاثة علهم يفيدونه هناك أمام باب المجد مرمى الخصم, ومع قولهم هذا نفضت الغبار من وريقات كانت مرمية في رف جانبي, لأضع بعضاً من نكهات اليوم عليها وأقدمها لكم .. :
.. أبتسم الأستاذ (أسعد شاهين) ابتسامة عريضة لم يسعها وجهه الموقر, ابتسامة أظهرت بياضاً يذهب الأبصار من أسنان تشع بياضاً كما تشع قنابل بنو الأصفر في سماء تلعفر في ليلة ظلماء, ابتسامة أصغرت عيناه حتى اختفى أثرها كلياً كما يختفي الحياء كلياً في الصفحة الأخيرة من جريدة الراية.
صخب وضوضاء تهدر في ذاك الملعب الأولمبي في العاصمة الألمانيّة برلين, وأضواء الفلاشات تنطلق من كل زاوية نحو ذاك البطل المتوج الذي أرجع لنا مجداً كنا قد أضعناه ولكننا وجدناه بين تلال الثلوج في قارة ذوي الدماء الزرقاء, أو هكذا ظن خائبو الظن. وقف أسعد تماماً فوق الرقم واحد وقد لف معصمه و (عصاقيله) بعلم قطر العنابي المسنن بينما كان يطلق تلك الابتسامات لمن هب ودب لا فرحاً بقطعة المعدن التي أعطيها ولا بالمجد التليد الذي وجِدَ بفضله, بل بـ(شيك) ينتظره في ظرفٍ قد أعد له. في تلك الأثناء , كأني بأعضاء إتحاد القوى ومالم غصنهم يطيرون بأجنحة حقيقية داخل غرفة الاجتماعات, محاولين تفادي الـ(مروحة) في هلوستهم الطيرانية في تلك الغرفة التي لم تفد ولن تفد بأي حال من الأحوال وفي أي زمن من الأزمان.
أنا هنا فقط لأحلل وأعلل سبب طيرانهم في تلك الغرفة, وسبب ابتسامة الأستاذ الفهامة (أسعد), والسبب الذي يجعل منه فوق تلك المنصة باسمنا كدولة وكشعب, والسبب الذي يجعل من ركضه أمراً بهذا القدر من الأهميَّة.
قبل أن أدير رحاي على الجميع وبالجميع هاهنا, أود التنبيه أني لا أمثل فئة الذين يكرهون الرياضة و (يتحندون) في المجالس عنها ويشتمون طلّة الدوري الإسباني على الجزيرة الرياضيَّة إذا ما وضعها مشاهد يحب الكرة.. أنا أحب الرياضة كمتابع وكممارس, مع العلم أن حبي لها لا يصل إلى درجة الولع ويقل يوماً وراء الآخر بفضل منتخبات الجاليات التي سأتكلم عنها, وبسبب انشغالي عنها بما هو أهم.
أما وقد نبّهت وبيّنت مكان زاوية تصويري لما سيتبع, فلتدر الرحى .. وسأبدأ مع الأخ الكريم والإنسان المثابر والـ(سريع) أسعد شاهين, ولنبدأ من حيث بدأ كطفلٍ يتيم يهرول بين قرية وأخرى في جنوب تنزانيا طلباً لحاجيات كانت قد أرسلته والدته الموقرة لها؛ مرتكزاً في حياته على الفراغ الذي جعله فارغاً متفرّغاً لدرجة أنه يركض طوال اليوم. لم يكن ليعبأ لمطر أو عاصفة, ولم يكن يفكر بشيء سوى الفراغ والطعام في الظهيرة وما بينهما من ركض وركض والمزيد من الركض. مرت حياته وهو يركض إلى أن وجد نفسه فجأة -وبمقدمات طويلة يطول ذكرها وذكر "المجرمين" المساهمين فيها- في كورنيش الدوحة باسم آخر غير اسمه الذي سمته أمه به وهو جاد في الركض مع الراكضين من المرضى والسمينين, ثم وجد نفسه بعد فترة وجيزة أيضاً يلبس الفانيلة العنابية ويركض تحت تأثير مناخ قارس في برلين, ووجد نفسه بعد دقائق في منصة الفائزين وحول كتفيه –بعد سباق الـ5000 متر- علماً لدولة ما يعرف أنه يعيش فيها قبل شهرين فقط ولا يعرف عنها وعن لغتها وشعبها شيئاً!.
س: علم من هذا؟ ج: علمنا. س: دولة من هذه التي رُفِع علمها؟ ج: دولتنا. س: ومن هو (بيب بيب) المتسمر في نشرة أخبار الرياضة في تلفزيون قطر وفي "أطنان الصفحات الرياضية" في صحافتنا الوديعة كممثل للرياضة القطرية؟ ج: شخص آخر بينه وبين ذاك العلم بحار وجبال....
"بيب بيب" نموذج كربوني لنماذج منتشرة في بلدنا, هو الآن لا يمثل حالة شاذة في الوسط الرياضي بل صار الأس وغيره الشاذ في الرياضة بكل تفرعاتها, وصارت الصورة النمطية للشعب القطري ممثلاً في رياضيه في المحافل الدولية بذاك الشاب الأسمر الأفريقي الملامح. تراهم في كل زاوية من زوايا الملاعب في الدوحة المملوءة بالملاعب, في كل وادٍ يهيمون وفي كل رياضة يغزون.. منهم من زاول كرة القدم وشكل مع زملائه منتخب الجاليات الأجنبية في دولة قطر –وسآتي لهذا المنتخب بالذات في الحديث لاحقاً- أو منتخبات الجاليات في الرياضات الأخرى كالـسلة وحمل الأثقال –هذا الإتحاد (حب ينوّع) بثيران من البوسنة والهرسك أو إحدى جاراتها, والخطأ مني في اسم الدولة , ومنهم في ذاك الإتحاد بهذا الاختيار الـ(فشيلة)-.
ثم لنتكلم عن منتخب الجاليات الأجنبية في دولة قطر والفائز بكأس الخليج 2004 والميدالية الذهبية في أسياد 2006, والـ(مضروب على راسه) في بطولة كأس الخليج 2007 وآسياد 2007 بإحتلاله المركز الأخير في هاتين المسابقتين. الفوزان والخسارتان الذان لم يثرا الفرحة أو الحرن فيني لأنه فرحة وحزن للجاليات الأوغندية والسنغالية والصومالية والسودانية والجاليات العربية والجاليات الآسيوية من إيرانيين وباكستانيين (ومؤخراً برازيليين, مع سبستيان "وطخته") وليست للقطريين الغرباء في وطنهم؛ ونرى أن الفرق شاسع بين المنتخبات السابقة –التي تتكون غالباً من قطريين أو شبه قطريين- الذين يلعبون بإخلاص وجدية رغم قلة الـ"شيكات" المصروفة لهم, وبين منتخبنا الخائب (موديل 2008)؛ أما هؤلاء, فلا يخرجون عن سياسة الـ(شيك) والـ(بي أم) ولهذه السياسة يركضون, ولولاها لرأيتموهم مستلقين في أرياف دولهم التي أتوا منها. كلامي بعاليه لا يشمل كل لاعبي المنتخب, ففيهم الغث وفيهم السمين حتى في المقيمين, فلا أشك بحب بعضهم للدولة التي تربوا فيها وإن كنت أرى أن حبهم هذا سبب غير كافٍ لتمثيلهم لها.
وعلى صعيد النوادي الكروية, أتجاوز المهازل الإدارية والـ"ترزز" في الصحف والتلفاز كل يوم منهم لأن توضيح الواضحات من أصعب المعضلات, فأتركهم يترززون ويلعبون كما يشاؤون لأنتقل للروابط الكروية أو المسرحيات الكوميدية الحية التي توفرها إدارات النوادي للمتفرجين.. فكل نادٍ يرسل موظف إلى المنطقة الصناعية, ويجمع له مجموعة من العمال من كافة الجنسيات, ويلبسهم لباساً على لون النادي و (يصفهم) في المعلب على الكراسي, فيبدأ العرض الكوميدي منهم وتبدأ دروس الرقص الفاشلة ومشاعر الفرح المصطنعة في مشهد يوحي بمدى تفتق عقلية الذي أتى بفكرة جلب عمال كمشجعين,. ولم أضحك كضحكي على ذاك العامل الذي وقف فرحاً بعد تسجيل الفريق الخصم في مرمى الفريق (اللي بيعطيه عشرة ريال بعد المباراة) لأنه ببساطة لا يعرف من يشجع ولمَ يشجع ولا يعرف إلا تلك الورقة الحمراء التي سيستلمها بعد المباراة ليرسلها مع المرتب إلى (الحاجة نسرين) أمه الموقرة المقيمة في الصعيد المصري.
أما عن المشجعين الذين لاتحركهم الـ(عشرة ريال), فقد عزفواعن التشجيع بسبب رداءة الحال في الدوري, وكثرة المسرحيات السمجة المتكررة, مما ييجعل من (حرقة الأعصاب) أمراً أغلى بكثير جداً من حرقها على هكذا دوري. وهنا أحب التنوية إلى الدور الجميل الذي يلعبه حمود سلطان و (شلة المجلس) في تنفير الناس من الإهتمام بالدوري, الله يعطيهم العافية هم وبرنامجهم الذي لايتابعه أحد سواهم.
ولنرجع إلى التجنيس والمجنسين: هناك أسبابٌ كثيرة تجعلني أنتقد وأمتعض وأندد لتجنيس هؤلاء الغرباء, منها أنهم لا يعرفون لغتنا, ولا عاداتنا ولا تقاليدنا, ولا نمط عيشنا .. ويعيشون بيننا وهم في نمطهم الأجنبي السابق. ولسنا ببعيدٍ عن الصخرة الصمّاء عبدالله كوني الذي عبّر عن فرحته بهدفه المهم في سنة مضت بـ(تنزيل) شورته الرياضي و (كشف المستور) أمام الملأ وأمام الكاميرات, فدخلت (مؤخرته) كل بيت وأمام كل طفل وطفلة في مشهد مشين وغريب ويدل على سذاجة عبدالله كوني وانعدام أخلاقه, ويدل أيضا على سذاجة المسؤولين في نادي السد حين برر أحد الخائبين أنه احتفل بطريقته الخاصة التي لا تجرَّم في ثقافته التي أتى منها ! ؛ كذلك رأينا وسمعنا إجابات السادة الأفارقة في التلفاز على أسئلة المراسلين –خاصة الخبثاء من المراسلين-, بالإجابة البليغة المضحكة المبكية: I don't know Arabic" (!)" .. كيف لمثلهم أن يمثلونا وهو لا يعرف ما نقول ولا يقول كما نقول, بل "يرطن" بلغته ولغة بني الأصفر؟!.
ثم ما الذي يجعل من مهنتهم التي امتهنوها بهذا القدر من الأهميَّة بحيث أنه جلب من دولته وأعطي جواز السفر والمال والمسكن وكل ما يخطر بباله؟! وما الذي يجعل الملاعب في كل مكان في الدوحة؟! , وما الذي يجعل الملحق الرياضي في الصحف بهذا الحجم؟!. الرياضة عبارة عن ألعاب جسدية في المقام الأول أقيمت لها مسابقات وجوائز, ولا يسعها أن تتحمل كل هذا الزخم والتفخيم والاهتمام بها وبممتهنيها. الأموال الطائلة تصرف على الملاعب والبطولات الرياضية وعلى النوادي الرياضية تدعونا للسؤال بأسئلتي بعاليه, والإجابة بالتأكيد لا تعبّر عن الواقع المضخم للرياضة في دولتنا. مثلاً: أكاديمية التفوق الرياضية, منشأة انفق عليها مئات الملايين وسينفق عليها مئاتٌ أخرى لكي تخرج لنا ناشئين يعرفون كيف يلعبون أفضل من غيرهم! المسألة بالطبع ليست لربح مادي, وأختلف أشد الاختلاف معها كربح معنوي لأنني –كغيري من شريحة واسعة جداً من الشعب- لا نؤمن بأهميتها وأهميته ما سيقومون به ولا نراهم أكثر من كونهم 11 لاعباً يركضون وراء كرة جلدية, وليت تلك الأموال تصرف في غير ما تصرف عليه احتراماً لها كمالٍ قيّم وكثروة أنعم بها الخالق علينا. (نقطة خارج السطر وضربة تحت الحزام: الموهبة الكروية سبب بروز اللاعبين, ولم يتعلم اللاعبين العالميين في أكاديميات كروية, و "هذا ويهي" إذا نفعت الأكاديمية.).
هناك مشهد لا زال عالقاً في ذهني وسيظل فيه إلى الأبد, يوم أن رأيت في عصر يومٍ أسود ذاك البلدوزر وهو يدك مدرسة ابن تيمية الثانوية التي خرّجت أجيالاً يبنون بلدنا بعلمهم وعملهم, هدمها لبناء ملعب (تدريب) لنادي السد الرياضي! .. هل يعقل ان يستغنى عن صرح تربوي من أجل ملعب تدريب؟!, وأترككم تفكرون وتجاوبون على السؤال فقد أتعبني الـ"قهر", ثم أنتقل للسؤال التالي: هل يعقل أن يتم تغيير مواعيد بداية وانتهاء الفصول الدراسية لتفادي حلول الفصل الدراسي مع فترة أولمبياد آسيا 2006؟! وإعطاء الطلاب درجات لمشاركتهم في المسابقة تصل إلى درجة 40% كما سمعنا حينها؟! وأتركهم مجدداً هم وناجحوهم وناجحاتهم ينشؤون معايير النجاح في عالمهم!
ختاماً أقول: دولتنا دولة صغيرة, عدد سكانها القطريين لا يزيدون كثيراً عن الـ200 ألف نسمة, رغم ذلك حققت الرياضة في السابق الكثير, وهي إن حققت شيئاً من ممثليها حالياً, فهذه الإنجازات لا تمثل القيمة التي كانت عليها تلك الإنجازات في السابق, نظراً لكونها في السابق من أفراد من أصل 200 ألف نسمة .. أما إنجازات اليوم , فهي من أفرادٍ من أصل 6 مليارات نسمة هم سكان كوكبنا المزدحم .. وليتبسم أسعد شاهين –وهو بالمناسبة شخصية وهمية تمثل غالب لاعبي ألعاب القوى- أمام الناس كما يشاء, وليتكلم (عبود كوني) بالانجليزية أمام مذيعي قناة الأي آر تي, فلا يمثلون إلا نفسيهما. ولتبنى الملاعب ولتهدم المدارس .. فتلك الدائرة الجلدية أسمى أهدافنا في الحياة!
... أسعد الله ليلكم ونهاركم أيها السادة.