سوبرقطري
11-01-2008, 08:58 PM
ارقد على فراش الموت
لـ حمد عبد الله القميزي
اختار ستيف تشاندلر في كتابه الرائع: (مائة طريقة لتحفيز نفسك - كيف تكون الشخص الذي تريد!) طريقة (ارقد على فراش الموت) لتكون الطريقة الأولى من مائة طريقة لتحفيز النفس إلى التفوق والنجاح.
يقول المؤلف: (منذ سنوات عدة عندما كنت أعمل مع المعالجة النفسية (ديرز براندين) عمدت هذه السيدة إلى إخضاعي لتدريب كانت تقوم به، وهو تدريب (فراش الموت)، وطلبت مني أن أتخيل نفسي بوضوح وأنا نائم على فراش الوفاة، وأن أتقمص تماماً المشاعر المرتبطة بالاحتضار والوداع، ثم طلبت مني بعد ذلك أن أدعو كل شخص يهمني في الحياة كي يزورني وأنا راقد على فراش الموت، على أن يأتي كل على حده، وبينما كنت أتخيل كل صديق وقريب وهو يأتي لزيارتي كان علي أن أتكلم مع الكل بصوت عال، كان علي أن أقول له ما كنت أريده أن يعرف ثم أحتضر.وخلال حديثي مع كل شخص استطعت أن أشعر بصوتي وهو يتغير، ولم يكن بوسعي أن أتفادى البكاء فغرغرت عيناي بالدمع.. وخلال هذا التدريب الصعب عرفت حجم ما افتقدته من حياتي. وبنهاية التدريب تحولت إلى كتلة من العواطف المختلفة، فقلما بكيت بمثل هذه الحرارة من قبل، أما حينما تحررت من هذه العواطف حدث شيء رائع، اتضحت الأمور أمامي، فعرفت ما هي الأشياء المهمة وما هي الأشياء التي تعنيني حقاً.. ومنذ ذلك اليوم عاهدت نفسي ألا أدع شيئاً للصدفة.. وأصبحت لدي الرغبة في أن أعيش كما لو كنت سأموت في أي لحظة). انتهى.
وفي شرحه لحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (أكثروا من ذكر هاذم اللذات) يقول الإمام القرطبي رحمه الله: (وقد أجمع التذكرة وأبلغ في الموعظة - صلى الله عليه وسلم-، فإن من ذكر الموت حقيقة ذكره نغص عليه لذته الحاضرة، ومنعه من تمنيها في المستقبل، وزهده فيما كان يؤمل، ولكن النفوس الراكدة والقلوب الغافلة تحتاج إلى تطويل الوعاظ وتزويق الألفاظ، وإلا ففي قوله عليه الصلاة والسلام: (أكثروا من ذكر هاذم اللذات) مع قوله تعالى: {كل نفس ذائقة الموت} ما يكفي السامع له ويشغل الناظر فيه).
لذا أحببت أن أحفّز نفسي والقارئ الكريم بهذه الطريقة (ارقد على فراش الموت) للوصول بأنفسنا إلى أعلى درجات التفوق والنجاح الدينية والدنيوية، من خلال التأمل في سيرة وأحاديث رسولنا صلى الله عليه وسلم، يقول عليه الصلاة والسلام لابن عمر - رضي الله عنهما - وقد أخذ بمنكبيه: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل).
وكان ابن عمر يقول: (إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك) رواه البخاري. وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهماـ : قال: كنت جالساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من الأنصار فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: أي المؤمنين أفضل؟ قال: أحسنهم خلقاً قال: فأي المسلمين أكيس؟ قال: أكثرهم للموت ذكراً وأحسنهم لما بعده استعداداً أولئك الأكياس. وكان محمد بن واسع إذا أراد أن ينام قال لأهله: أستودعكم الله فلعلها أن تكون منيتي التي لا أقوم منها، وكان هذا دأبه إذا أراد أن ينام.
إن هذه الطريقة - ارقد على فراش الموت - وهي تحفزنا للعمل الأخروي، لم يجعلها الإسلام طريقة لليأس من الحياة والانعزال عن السعي في مناكبها، بل يحفزنا صلى الله عليه وسلم للعمل حتى آخر اللحظات فيقول: إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها.
وتحفزنا أن نخلد لأنفسنا ذكراً حسناً وجميلاً في هذه الدنيا بعد موتنا، فقد:
مات قوم وما ماتت مكارمهم ..... وعاش قوم وهم في الناس أحياء.
فنحن والأجيال من بعدنا سنظل نذكر رسولنا صلى عليه وسلم وصحابته الكرام، وسنذكر من خلد التاريخ ذكرهم الجميل. وهي تحفز الشاب العزب إلى سرعة الزواج رغبة في أن يكون له ولد صالح يدعو له، وتحفز الأب إلى أن يترك لذريته ما يكفيهم بعد موته فإنه إن يترك ذريته أغنياء خير من أن يتركهم عالة يسألون الناس.. كما تحفز الراغب في استمرار عمله بعد موته إلى أن يجعل له صدقة جارية.
باختصار: إنها تحفز الإنسان ليكون شيئاً رائعاً في الدنيا، وتحفز المسلم ليكون شيئاً رائعاً في الدنيا والآخرة.
وتتأكد فاعلية هذه الطريقة - ارقد على فراش الموت - في تحفيزنا إلى معالي الأمور والسعي إلى النجاح الدنيوي والأخروي ما تؤكده الأرقام الإحصائية من زيادة موت الفجأة، الذي يعرفه الأطباء بأنه حدوث وفاة للإنسان خلال أقل من ساعة زمنية منذ بداية شكايته، ومن أهم أسبابه أمراض القلب خصوصاً أمراض الشريان التاجي والتي تبلغ نسبتها (80%) من الحالات، وأمراض ضعف عضلة القلب وحدوث هبوط للقلب والتي تبلغ نسبتها (15%) من الحالات.
أخيراً: لنستفد من توجيهات نبينا عليه الصلاة والسلام، ولنجرّب طريقة ستيف تشاندلر في تحفيز أنفسنا على العمل - الديني والدنيوي - ولو لمرة واحدة، وسنجد أن الحياة بعد هذه التجربة لها طعم آخر.
لـ حمد عبد الله القميزي
اختار ستيف تشاندلر في كتابه الرائع: (مائة طريقة لتحفيز نفسك - كيف تكون الشخص الذي تريد!) طريقة (ارقد على فراش الموت) لتكون الطريقة الأولى من مائة طريقة لتحفيز النفس إلى التفوق والنجاح.
يقول المؤلف: (منذ سنوات عدة عندما كنت أعمل مع المعالجة النفسية (ديرز براندين) عمدت هذه السيدة إلى إخضاعي لتدريب كانت تقوم به، وهو تدريب (فراش الموت)، وطلبت مني أن أتخيل نفسي بوضوح وأنا نائم على فراش الوفاة، وأن أتقمص تماماً المشاعر المرتبطة بالاحتضار والوداع، ثم طلبت مني بعد ذلك أن أدعو كل شخص يهمني في الحياة كي يزورني وأنا راقد على فراش الموت، على أن يأتي كل على حده، وبينما كنت أتخيل كل صديق وقريب وهو يأتي لزيارتي كان علي أن أتكلم مع الكل بصوت عال، كان علي أن أقول له ما كنت أريده أن يعرف ثم أحتضر.وخلال حديثي مع كل شخص استطعت أن أشعر بصوتي وهو يتغير، ولم يكن بوسعي أن أتفادى البكاء فغرغرت عيناي بالدمع.. وخلال هذا التدريب الصعب عرفت حجم ما افتقدته من حياتي. وبنهاية التدريب تحولت إلى كتلة من العواطف المختلفة، فقلما بكيت بمثل هذه الحرارة من قبل، أما حينما تحررت من هذه العواطف حدث شيء رائع، اتضحت الأمور أمامي، فعرفت ما هي الأشياء المهمة وما هي الأشياء التي تعنيني حقاً.. ومنذ ذلك اليوم عاهدت نفسي ألا أدع شيئاً للصدفة.. وأصبحت لدي الرغبة في أن أعيش كما لو كنت سأموت في أي لحظة). انتهى.
وفي شرحه لحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (أكثروا من ذكر هاذم اللذات) يقول الإمام القرطبي رحمه الله: (وقد أجمع التذكرة وأبلغ في الموعظة - صلى الله عليه وسلم-، فإن من ذكر الموت حقيقة ذكره نغص عليه لذته الحاضرة، ومنعه من تمنيها في المستقبل، وزهده فيما كان يؤمل، ولكن النفوس الراكدة والقلوب الغافلة تحتاج إلى تطويل الوعاظ وتزويق الألفاظ، وإلا ففي قوله عليه الصلاة والسلام: (أكثروا من ذكر هاذم اللذات) مع قوله تعالى: {كل نفس ذائقة الموت} ما يكفي السامع له ويشغل الناظر فيه).
لذا أحببت أن أحفّز نفسي والقارئ الكريم بهذه الطريقة (ارقد على فراش الموت) للوصول بأنفسنا إلى أعلى درجات التفوق والنجاح الدينية والدنيوية، من خلال التأمل في سيرة وأحاديث رسولنا صلى الله عليه وسلم، يقول عليه الصلاة والسلام لابن عمر - رضي الله عنهما - وقد أخذ بمنكبيه: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل).
وكان ابن عمر يقول: (إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك) رواه البخاري. وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهماـ : قال: كنت جالساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من الأنصار فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: أي المؤمنين أفضل؟ قال: أحسنهم خلقاً قال: فأي المسلمين أكيس؟ قال: أكثرهم للموت ذكراً وأحسنهم لما بعده استعداداً أولئك الأكياس. وكان محمد بن واسع إذا أراد أن ينام قال لأهله: أستودعكم الله فلعلها أن تكون منيتي التي لا أقوم منها، وكان هذا دأبه إذا أراد أن ينام.
إن هذه الطريقة - ارقد على فراش الموت - وهي تحفزنا للعمل الأخروي، لم يجعلها الإسلام طريقة لليأس من الحياة والانعزال عن السعي في مناكبها، بل يحفزنا صلى الله عليه وسلم للعمل حتى آخر اللحظات فيقول: إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها.
وتحفزنا أن نخلد لأنفسنا ذكراً حسناً وجميلاً في هذه الدنيا بعد موتنا، فقد:
مات قوم وما ماتت مكارمهم ..... وعاش قوم وهم في الناس أحياء.
فنحن والأجيال من بعدنا سنظل نذكر رسولنا صلى عليه وسلم وصحابته الكرام، وسنذكر من خلد التاريخ ذكرهم الجميل. وهي تحفز الشاب العزب إلى سرعة الزواج رغبة في أن يكون له ولد صالح يدعو له، وتحفز الأب إلى أن يترك لذريته ما يكفيهم بعد موته فإنه إن يترك ذريته أغنياء خير من أن يتركهم عالة يسألون الناس.. كما تحفز الراغب في استمرار عمله بعد موته إلى أن يجعل له صدقة جارية.
باختصار: إنها تحفز الإنسان ليكون شيئاً رائعاً في الدنيا، وتحفز المسلم ليكون شيئاً رائعاً في الدنيا والآخرة.
وتتأكد فاعلية هذه الطريقة - ارقد على فراش الموت - في تحفيزنا إلى معالي الأمور والسعي إلى النجاح الدنيوي والأخروي ما تؤكده الأرقام الإحصائية من زيادة موت الفجأة، الذي يعرفه الأطباء بأنه حدوث وفاة للإنسان خلال أقل من ساعة زمنية منذ بداية شكايته، ومن أهم أسبابه أمراض القلب خصوصاً أمراض الشريان التاجي والتي تبلغ نسبتها (80%) من الحالات، وأمراض ضعف عضلة القلب وحدوث هبوط للقلب والتي تبلغ نسبتها (15%) من الحالات.
أخيراً: لنستفد من توجيهات نبينا عليه الصلاة والسلام، ولنجرّب طريقة ستيف تشاندلر في تحفيز أنفسنا على العمل - الديني والدنيوي - ولو لمرة واحدة، وسنجد أن الحياة بعد هذه التجربة لها طعم آخر.