المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلام عظيم لابن منبه في الخوارج ، وكأنه يتكلم عن خوارج عصرنا



السعدي999
17-01-2008, 08:11 PM
قال الذهبي – رحمه الله تعالى – في " السير " ج 4 (553-555):
له ع[ حدثنا هشام بن يوسف، أخبرني داود بن قيس، قال: كان لي صديق يقال : له أبو شمر ذو خولان، فخرجت من صنعاء أريد قريته، فلما دنوت منها وجدت كتابا مختوما إلى أبي شمر، فجئته فوجدته مهموما حزينا، فسألته عن ذلك فقال: قدم رسول من صنعاء، فذكر أن أصدقاء لي كتبوا لي كتابا فضيعه الرسول، قلت: فهذا الكتاب، فقال: الحمد لله، ففضه فقرأه، فقلت: أقرئنيه، فقال: إني لأستحدث سنك، قلت: فما فيه ؟ قال: ضرب الرقاب.
قلت: لعله كتبه إليك ناس حرورية في زكاة مالك، قال: من أين تعرفهم ؟ قلت: إني وأصحابا لي نجالس وهب بن منبه ، فيقول لنا: احذروا أيها الأحداث الأغمار هؤلاء الحروراء لا يدخلونكم في رأيهم المخالف، فإنهم عرة (2) لهذه الأمة، فدفع إلي الكتاب فقرأته فإذا فيه: سلام عليك، فإنا نحمد إليك الله، ونوصيك بتقواه، فإن دين الله رشد وهدى، وإن دين الله طاعة الله ومخالفة من خالف سنة نبيه، فإذا جاءك كتابنا، فانظر أن تؤدي - إن شاء الله - ما افترض الله عليك من حقه، تستحق بذلك ولاية الله، وولاية أوليائه والسلام.
قلت له: فإني أنهاك عنهم، قال: فكيف أتبع قولك وأترك قول من هو أقدم منك ؟ قلت: فتحب أن أدخلك على وهب حتى تسمع قوله ؟ قال: نعم.
فنزلنا إلى صنعاء، فأدخلته على وهب - ومسعود بن عوف وال على اليمن من قبل عروة بن محمد - فوجدنا عند وهب نفرا، فقال لي بعض النفر: من هذا الشيخ ؟ قلت: له حاجة، فقام القوم، فقال وهب: ما حاجتك يا ذا خولان ؟ فهرج (3) وجبن، فقال لي وهب: عبر عنه، قلت: إنه من أهل القرآن والصلاح، والله أعلم بسريرته، فأخبرني أنه عرض له نفر من أهل حروراء فقالوا له: زكاتك التي تؤديها إلى الأمراء لا تجزئ عنك، لأنهم لا يضعونها في مواضعها فأدها إلينا، ورأيت يا أبا عبدالله أن كلامك أشفى له من كلامي، فقال: يا ذا خولان، أتريد أن تكون بعد الكبر حروريا تشهد على من هو خير منك بالضلالة ؟ فماذا أنت قائل لله غدا حين يقفك الله ؟ ومن شهدت عليه، فالله يشهد له بالإيمان، وأنت تشهد عليه بالكفر، والله يشهد له بالهدى ، وأنت تشهد عليه بالضلالة، فأين تقع إذا خالف رأيك أمر الله، وشهادتك شهادة الله ؟ أخبرني يا ذا خولان، ماذا يقولون لك ؟
فتكلم عند ذلك وقال لوهب: إنهم يأمرونني أن لا أتصدق إلا على من يرى رأيهم ولا أستغفر إلا له ؛ فقال: صدقت، هذه محنتهم الكاذبة، فأما قولهم في الصدقة، فإنه قد بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر أن امرأة من أهل اليمن دخلت النار في هرة ربطتها (4)، أفإنسان ممن يعبد الله يوحده ولا يشرك به أحب إلى الله أن يطعمه من جوع، أو هرة ؟! والله يقول: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) [ الإنسان: 8 ] الآيات.
وأما قولهم لا يستغفر إلا لمن يرى رأيهم، أهم خير أم الملائكة ؟!، والله يقول: (ويستغفرون لمن في الأرض) [ الشورى: 5 ] فوالله ما فعلت الملائكة ذلك حتى أمروا به: (لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) [ الأنبياء: 27 ] وجاء ميسرا: (ويستغفرون للذين آمنوا) [ غافر: 7 ].
يا ذا خولان إني قد أدركت صدر الإسلام، فوالله ما كانت الخوارج جماعة قط إلا فرقها اللى شر حالاتهم، وما أظهر أحد منهم قوله إلا ضرب الله عنقه، ولو مكن الله لهم من رأيهم لفسدت الأرض، وقطعت السبل والحج، ولعاد أمر الإسلام جاهلية، وإذاً لقام (5) جماعة، كل منهم يدعو إلى نفسه الخلافة، مع كل واحد منهم أكثر من عشرة آلاف، يقاتل بعضهم بعضا ويشهد بعضهم على بعض بالكفر، حتى يصبح المؤمن خائفا على نفسه ودينه ودمه وأهله وماله، لا يدري مع من يكون، قال تعالى: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) [ البقرة: 251 ] وقال: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا) [ غافر: 51 ] فلو كانوا مؤمنين لنصروا، وقال: (وإن جندنا لهم الغالبون) [ الصافات: 173 ] ألا يسعك يا ذا خولان من أهل القبلة ما وسع نوحا من عبدة الأصنام، إذ قال له قومه: (أنؤمن لك واتبعك الأرذلون) [ الشعراء: 111 ] إلى أن قال: فقال ذو خولان: فما تأمرني ؟ قال: انظر زكاتك فأدها إلى من ولاه الله أمر هذه الأمة، وجمعهم عليه، فإن الملك من الله وحده وبيده، يؤتيه من يشاء، فإذا أديتها إلى والي الأمر برئت منها، وإن كان فضل فصل به أرحامك ومواليك وجيرانك والضيف، فقال: اشهد أني نزلت عن رأي الحرورية (6).
كلام عظيم لابن منبه في الخوارج ، وكأنه يتكلم عن خوارج عصرنا – قبحهم الله تعالى – الذين قتلوا أنفسهم ، وقتلوا الناس ، وقطعوا السبل ، وأزهقوا الأرواح البريئة ،الله المستعان
__________
(1) ابن عساكر 17 / 483 آ.
(2) العرة: عذرة الناس، ويقال: فلان عرة أهله، أي شرهم.
(3) هرج في الحديث: خلط فيه.
(4) حديث الهرة أخرجه البخاري 6 / 254 في بدء الخلق باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم، ومسلم (2242) في البر والصلة باب تحريم تعذيب الهرة ونحوها عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض ".
(5) في الاصل: وإذا أقام جماعة.
(6) أورده ابن عساكر مطولا 17 / 478 آ.

الصارم المسلول
18-01-2008, 12:30 AM
جزاك الله خير وو فقك ووزوجك من الحور العين وادخلك جنة النعيم

قول آميييييييييييييييييين