المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قال الشيخ احمد البوعينين امام وخطيب جامع صهيب الرومي بالوكرة خلال خطبة الجمعة



سيف قطر
02-02-2008, 10:30 AM
آخر تحديث: السبت2/2/2008 م، الساعة 03:57 صباحاً بالتوقيت المحلي لمدينة الدوحة
البوعينين: ظلم الناس يشيع مشاعر الإحباط واليأس

قال الشيخ احمد البوعينين امام وخطيب جامع صهيب الرومي بالوكرة خلال خطبة الجمعة أن الدين ليس قضية توحيد فقط بل أسلوب حياة الناس ومنهج حركة للبشرية جمعاء .

وقال ان نبي الله شعيب عليه السلام دعا قومه بالدعوة التي يدعوها كل نبي وهي أساس العقيدة ومن يغير هذه الأسس يستحيل عليه أن ينهض أو يقيم بناء.

وتابع إن قوم شعيب طرحوا أمامه قضية الإيمان وأنكروا أن تكون لها علاقة بسلوك الناس وتعاملهم واقتصادهم وهي محاولة للتفريق بين الحياة الاقتصادية والإسلام وهذه المجادلة مستمرة منذ شعيب الي الآن.

وقال البوعينين: أرسل شعيب الي قوم مدين وكانوا يعبدون الأيكة وكانوا ينقصون المكيال والميزان ولا يعطون الناس حقهم فدعاهم الي عبادة الله وأن يتعاملوا بالعدل ولكنهم أبوا واستكبروا واستمروا في عنادهم وتوعدوه بالرجم والطرد وطالبوه بأن ينزل عليهم كسفاً من السماء فجاءت الصيحة وقضت عليهم جميعاً.

وبين انه برز في قصة شعيب أن الدين ليس قضية توحيد وألوهية فقط، بل إنه كذلك أسلوب لحياة الناس.. أرسل الله تعالي شعيباً الي أهل مدين. فقال شعيب يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره نفس الدعوة التي يدعوها كل نبي.. لا تختلف من نبي الي آخر.. لا تتبدل ولا تتردد. هي أساس العقيدة.. وبغير هذا الأساس يستحيل أن ينهض بناء.

بعد تبيين هذا الأساس.. بدأ شعيب في توضيح الأمور الأخري التي جاءت بها دعوته ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط بعد قضية التوحيد مباشرة.. ينتقل النبي الي قضية المعاملات اليومية.. قضية الأمانة والعدالة.. كان أهل مدين ينقصون المكيال والميزان: ولا يعطون الناس حقهم.. وهي رذيلة تمس نظافة القلب واليد.. كما تمس كمال المروءة والشرف، وكان أهل مدين يعتبرون بخس الناس أشياءهم.. نوعاً من أنواع المهارة في البيع والشراء.. ودهاء في الأخذ والعطاء.. ثم جاء نبيهم وأفهمهم أن هذه دناءة وسرقة.. أفهمهم أنه يخاف عليهم بسببها من عذاب يوم محيط.. أنظر الي تدخل الإسلام الذي بعث به شعيب في حياة الناس، الي الحد الذي يرقب فيه عملية البيع والشراء. قال: ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين لم يزل شعيب ماضياً في دعوته.. ها هو ذا يكرر نصحه لهم بصورة إيجابية بعد صورة النهي السلبية.. إنه يوصيهم أن يوفوا المكيال والميزان بالقسط.. بالعدل والحق.. وهو يحذرهم أن يبخسوا الناس أشياءهم.

وأشار: لنتدبر معاً في التعبير القرآني القائل: ولا تبخسوا الناس أشياءهم كلمة الشيء تطلق علي الأشياء المادية والمعنوية.. أي أنها ليست مقصورة علي البيع والشراء فقط، بل تدخل فيها الأعمال، أو التصرفات الشخصية- ويعني النص تحريم الظلم، سواء كان ظلماً في وزن الفاكهة أو الخضراوات، أو ظلماً في تقييم مجهود الناس وأعمالهم.. ذلك أن ظلم الناس يشيع في جو الحياة مشاعر من الألم واليأس واللامبالاة، وتكون النتيجة أن ينهزم الناس من الداخل، وتنهار علاقات العمل، وتلحقها القيم.. ويشيع الاضطراب في الحياة.. ولذلك يستكمل النص تحذيره من الإفساد في الأرض: ولا تعثوا في الأرض مفسدين العثو هو تعمد الإفساد والقصد اليه فلا تفسدوا في الأرض متعمدين قاصدين بقية الله خير لكم. ما عند الله خير لكم إن كنتم مؤمنين.

بعدها يخلي بينهم وبين الله الذي دعاهم اليه.. ينحي نفسه ويفهمهم أنه لا يملك لهم شيئاً.. ليس موكلاً عليهم ولا حفيظاً عليهم ولا حارساً لهم.. إنما هو رسول بلغهم رسالات ربه: وما أنا عليكم بحفيظ بهذا الأسلوب يشعر شعيب قومه بأن الأمر جد، وخطير، وثقيل.. إذ بين لهم عاقبة إفسادهم وتركهم أمام العاقبة وحدهم.

وبين أن قومه حينما كانوا يستمعون.. توقف هو عن الكلام وتحدث قومه: قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء كان أهل مدين كفاراً يقطعون السبيل، ويخيفون المارة، ويعبدون الأيكة.. وهي شجرة من الأيك حولها غيضة ملتفة بها.. وكانوا من أسوأ الناس معاملة، يبخسون المكيال والميزان ويطففون فيهما، ويأخذون بالزائد ويدفعون بالناقص.. انظر بعد هذا كله الي حوارهم مع شعيب: قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا.؟

وأوضح أنه بهذا التهكم الخفيف والسخرية المندهشة.. واستهوال الأمر.. لقد تجرأت صلاة شعيب وجنت وأمرته أن يأمرهم أن يتركوا ما كان يعبد آباؤهم.. ولقد كان آباؤهم يعبدون الأشجار والنباتات.. وصلاة شعيب تأمرهم أن يعبدوا الله وحده.. أي جرأة من شعيب..؟ أو فلنقل أي جرأة من صلاة شعيب..؟ بهذا المنطق الساخر الهازيء وجه قوم شعيب خطابهم الي نبيهم.. ثم عادوا يتساءلون بدهشة ساخرة: أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء تخيل يا شعيب أن صلاتك تتدخل في إرادتنا، وطريقة تصرفنا في أموالنا.. ما هي علاقة الإيمان والصلاة بالمعاملات المادية؟

وقال بهذا التساؤل الذي ظنه قوم شعيب قمة في الذكاء.. طرحوا أمامه قضية الإيمان، وأنكروا أن تكون لها علاقة بسلوك الناس وتعاملهم واقتصادهم. هذه المحاولة للتفريق بين الحياة الاقتصادية والإسلام، وقد بعث به كل الأنبياء، وإن اختلفت أسماؤه.. هذه المحاولة قديمة من عمر قوم شعيب. لقد أنكروا أن يتدخل الدين في حياتهم اليومية، وسلوكهم واقتصادهم وطريقة إنفاقهم لأموالهم بحرية.. إن حرية إنفاق المال أو إهلاكه أو التصرف فيه شيء لا علاقة له بالدين.. هذه حرية الإنسان الشخصية.. وهذا ما له الخاص، ما الذي أقحم الدين في هذا وذاك؟.. هذا هو فهم قوم شعيب للإسلام الذي جاء به شعيب، وهو لا يختلف كثيراً أو قليلاً عن فهم عديد من الأقوام في زماننا الذي نعيش فيه. ما للإسلام وسلوك الإنسان الشخصي وحياتهم الاقتصادية وأسلوب الإنتاج وطرق التوزيع وتصرف الناس في أموالهم كما يشاؤون..؟ ماللإسلام وحياتنا اليومية..؟

ثم يعودون الي السخرية والاستهزاء بدعوته إنك أنت الحليم الرشيد أي لو كنت حليماً رشيداً لما قلت ما تقول.

أدرك شعيب أن قومه يسخرون منه لاستبعادهم تدخل الدين في الحياة اليومية.. ولذلك تلطف معهم تلطف صاحب الدعوة الواثق من الحق الذي معه، وتجاوز سخريتهم لا يباليها، ولا يتوقف عندها، ولا يناقشها.. تجاوز السخرية الي الجد.. أفهمهم

أنه علي بينة من ربه.. إنه نبي يعلم وهو لا يريد أن يخالفهم الي ما ينهاهم عنه، إنه لا ينهاهم عن شيء ليحقق لنفسه نفعا منه، إنه لا ينصحهم بالأمانة ليخلوا له السوق فيستفيد من التلاعب... إنه لا يفعل شيئا من ذلك.. إنما هو نبي.. وها هو ذا يلخص لهم كل دعوات الأنبياء هذا التلخيص المعجز: إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت، إن ما يريده هو الاصلاح.. هذه هي دعوات الأنبياء في مضمونها الحقيقي وعمقها البعيد.. إنهم مصلحون اساسا، مصلحون للعقول، والقلوب، والحياة العامة والحياة الخاصة.

واشار الي أنه بعد أن بين شعيب عليه السلام لقومه أساس دعوته، وما يجب عليهم الالتزام به، ورأي منهم الاستكبار حاول ايقاظ مشاعرهم بتذكيرهم بمصير من قبلهم من الامم وكيف دمرهم الله بأمر منه. فذكرهم قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم لوط. وأراهم أن سبيل النجاة هو العودة لله تائبين مستغفرين، فالمولي غفور رحيم.

لكن قوم شعيب اعرضوا عنه قائلين: قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا، إله ضعيف بمقياسهم ضعيف لان الفقراء والمساكين فقط اتبعوه اما علية القوم فاستكبروا واصروا علي طغيانهم، انه مقياس بشري خاطئ، فالقوة بيد الله والله مع أنبيائه ويستمر الكفرة في تهديدهم قائلين: ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز لولا أهلك وقومك ومن يتبعك لحفرنا لك حفرة وقتلناك ضربا بالحجارة.

نري انه عندما أقام شعيب عليه السلام الحجة علي قومه غيروا اسلوبهم فتحولوا من السخرية الي التهديد واظهروا حقيقة كرههم له لكن شعيباً تلطف معهم وتجاوز عن اساءتهم اليه وسألهم سؤالا كان هدفه ايقاظ عقولهم: قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله يا لسذاجة هؤلاء انهم يسيئون تقدير حقيقة القوي التي تتحكم في الوجود.. ان الله هو وحده العزيز.. والمفروض ان يدركوا ذلك.. المفروض ألا يقيم الانسان وزنا في الوجود لغير الله.. ولا يخشي في الوجود غير الله.. ولا يعمل حسابا في الوجود لقوة غير الله.. ان الله هو القاهر فوق عباده.

ويبدو ان قوم شعيب ضاقوا ذرعا بشعيب.. فاجتمع رؤساء قومه ودخلوا مرحلة جديدة من التهديد.. هددوه اولا بالقتل وها هم اولاء يهددونه بالطرد من قريتهم.. خيروه بين التشريد والعودة الي ديانتهم وملتهم التي تعد الاشجار والجمادات وافهمهم شعيب ان مسألة عودته في ملتهم مسألة لا يمكن حق التفكير بها فكيف بهم يسألونه تنفيذها لقد نجاه الله من ملتهم فكيف يدعونه الي الشرك والكفر؟ ثم أين تكافؤ الفرص؟ انه يدعوهم برفق ولين وحب وهم يهددونه بالقوة.

واستمر الصراع بين قوم شعيب ونبيهم.. حمل الدعوة ضده الرؤساء والكبراء والحكام.. وبدا واضحا أن لا أمل فيهم لقد اعرضوا عن الله.. أداروا ظهورهم لله. فنفض شعيب يديه منهم لقد هجروا الله وكذبوا نبيه واتهموه بأنه مسحور وكاذب فليعمل كل واحد ولينتظروا جميعا أمر الله.

غزلان
03-02-2008, 09:11 PM
جزاك الله خير