المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا تطبقوا الشريعة ..



محمد لشيب
11-02-2008, 06:50 PM
بقلم: عبد العزيز آل محمود
رئيس تحرير جريدة العرب (http://www.alarab.com.qa)

دعوة أسقف كانتربري روان وليامز إلى تطبيق بعض جوانب الشريعة الإسلامية في بريطانيا ليست أمراً يحتاج إلى ترحيب كبير، أو اعتباره نصراً للإسلام والمسلمين. فقد كانت ردود الأفعال على تصريحه أكبر بكثير من المكاسب المتوهمة أو المتوقعة للمسلمين في بريطانيا. فليست مشكلة المسلمين في بريطانيا هي كيف يتزوجون ويطلقون، ولا تشكل التعاليم الإسلامية عقبة في هذا المجال، لأن الزواج والطلاق هي شراكة وعقود واتفاقات لا تحتاج إلى أكثر من إيجاب وقبول، وتسويات بين الشركاء والفرقاء، وليس فيها طقوس ولا تعاليم إسلامية محددة مختلفة عن غيرها من الأديان والقوانين والتشريعات، ولا تحتاج إلى مؤسسة إسلامية متخصصة. وحتى الصلاة والعبادات في الإسلام لا تحتاج إلى مؤسسات ومرجعيات متخصصة.
فمشكلة المسلمين في الغرب ليست في السماح لهم أو منعهم من تطبيق الأحوال الشخصية، لكنها في المواطنة. نعم، كيف يكونون مواطنين بريطانيين في بلادهم. وما يحتاج إليه المسلمون فقط هو أن يعلموا أنهم مواطنون بريطانيون، لهم حقوق وعليهم واجبات تجاه بلدهم الذي استوطنوه، ويجب أن يلاحظوا أنهم بريطانيون، وليسوا هنوداً أو بنغالاً أو عرباً. وإذا كانوا يعتقدون أنهم يجب أن يكونوا كذلك، فالأولى أن لا يهاجروا إلى بريطانيا، وأن يعودوا إلى بلادهم الأصلية.
فالجرائم والمشكلات الاجتماعية والأخلاقية، والمشاركة في التطرف والإرهاب وجرائم قتل الشرف والبطالة والتهميش التي يعاني منها المسلمون في بريطانيا مردها ليس إلى تطبيق أو عدم تطبيق الشريعة الإسلامية، ولكنها أزمة متعلقة بالمواطنة ومتواليتها المفترضة من الحقوق والواجبات والانتماء والمشاركة.
وحين يتحول المسلمون في بريطانيا إلى مواطنين حقيقيين ويندمجون في مجتمعهم، فسوف تنخفض الجرائم والأزمات. وأما تطبيق الشريعة عليهم بدون هذا الدمج، فسوف يزيد من عزلتهم وتهميشهم، وسيجعل الأجيال القادمة منهم خطراً على أنفسهم ومجتمعاتهم.
ومفهوم تطبيق الشريعة نفسه يصاحبه الكثير من الأوهام والخيالات الكبرى، فيبدو وكأنه من العقوبات القاسية رغم أنها أحكام وتطبيقات تحتمل كثيراً من التأويلات والقراءات المتعددة. وليست التطبيقات الشائعة والصارخة في بعض الدول هي الإسلام نفسه، فهذا الخلط بين الإسلام وفهمه، وبين النص والمعنى، وتعدد المعاني والمدارس حسب المكان والتقدم العلمي والاجتماعي والاقتصادي، جعل مفهوم تطبيق الشريعة مختلفاً عن حقيقته وعن سياقه التاريخي والبيئة المحيطة به اختلافاً كبيراً، سبّب إساءة فهم واستدراجاً إلى التطرف الإسلامي والتطرف المضاد.
ولكن القضية ليست كذلك أبداً. فلم تكن مطالب تطبيق الشريعة في بعض جوانبها التي تأخذ حيزاً واسعاً لدى بعض دعاة الإسلام ولدى الغرب أيضاً تمثل مشكلة أو قضية لدى المسلمين في مجتمعاتهم وفي تجاربهم الممتدة عبر الزمن، وإنما كانت تجري بقدر كبير من المرونة، وتكاد تكون الحالات الصارخة التي يستدل عليها معدودة وربما لم تقع أبداً.
لا نريد أن نقع في مماحكات تطبيق الشريعة الذي لا يمكن أن يكون انتصاراً بأي حال من الأحوال، ولن يعود بفائدة على الإسلام والمسلمين، فلا الإسلام ولا القوانين البريطانية الحالية تمنعهم من ممارسة حياتهم وتطبيق الإسلام في معاملاتهم وأحوالهم الشخصية، فلماذا هذا التصريح الذي أطلقه الأسقف، والذي جعل أبواب الجحيم تفتح عليه دون سبب حقيقي ولا قضية أو مشكلة حدثت؟

جريدة العرب ليوم 11 فبراير 2008 (http://alarab.com.qa/details.php?docId=3177&issueNo=39&secId=15)

سوق واقف
11-02-2008, 06:54 PM
رضيت بالله ربا والإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا