ahmed jasim
12-02-2008, 08:23 PM
لقد أُشبع مشروع قانون الإيجارات المزمع تطبيقه خلال الأيام القليلة القادمة نقاشاً وتداولاً من الناحية القانونية، من قبل وسائل الإعلام المختلفة، فيما يخص مدى دستوريته ومشروعيته، وحيث إن الفكرة لإصدار قانون ينظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر نشأت من أجل السيطرة والتحكم في أسعار الإيجارات، والتي لعبت الدور الرئيسي في وجود التضخم، وهذا يعني أن الهدف اقتصادي بحت، وبالتالي فإن بحث المسألة في مدى دستورية وشرعية القانون أمر يمكن معالجته، مادام هناك هدف محدد نود أن نصل إليه، وأن جميع القوانين وضعية وليست كلاماً منزلاً من السماء.
وكوني شخصاً غير متخصص في القانون فسأترك هذا الشق للقانونيين وسأناقش في هذا المقام الموضوع من الناحية الاقتصادية بحكم الاختصاص.
بما أن الفكرة جاءت من خلال البحث عن طرق لمعالجة التضخم، وهي الطرق التي سبق وأن أشرت لها في مقالي السابق بأنها تعتمد على مبدأ تجربة الصواب والخطأ في إدارة الأزمة، فإن ما حدد لهذا القانون من هدف يرغب القائمون عليه الوصول من خلاله إلى السيطرة على التضخم وارتفاع الأسعار لهو دليل واضح على صحة هذا القول من حيث إن العمل عندهم ما زال بطريقة «خلنا نجرب».
أسئلة كثيرة تدور في خاطري أود أن أوجهها إلى لجنة دراسة ظاهرة التضخم، بصفتها الجهة التي تقترح الحلول لمكافحة هذه الآفة الاقتصادية الخطيرة:
- ما هو الهدف من وضع رسوم سنوية - أكرر سنوية - بنسبة واحد بالمائة من قيمة العقد لصالح اللجنة المناط بها إدارة شؤون هذه العقود وفك الارتباط الذي قد يحصل منها؟
- هل تشكلت هذه اللجنة من الأهالي وتحاول أن تجد لنفسها مصادر تمويلية لمجابهة المصروفات المتوقعة؟
- أليس منتسبو هذه اللجنة موظفين بالدولة وتصرف لهم الرواتب المعادلة لوظائفهم؟
- ما هي الخدمة التي سيحصل عليها المؤجر من قبل اللجنة مقابل دفع هذه الرسوم؟
- مَنْ سيدفع هذه النسبة وغرامات التأخير التصاعدية المفروضة على مَنْ يتقاعس عن تسجيل عقده أو عقوده باللجنة؟
إذا كان من سيدفع هو المؤجر فإن ذلك يعني أنه المواطن، وأقول إنه المواطن حيث إن القانون لا يسمح للأجنبي بتملك العقار إلا في حالات خاصة جداً.
وإذا كان المؤجر هو الذي سيقوم بدفعها فإنه سيدفعها من جيبه الخاص، وبالتالي تحميله مصروفات إضافية فوق ما يدفعه الآن في مواجهة الغلاء وارتفاع الأسعار.
قد تكون النسبة بسيطة إذا ما قورنت بالمبلغ الذي سيحصل عليه المؤجر، ولكن ماذا لو كان هذا المؤجر رجلا كبيرا في السن أو امرأة مسنة أو صاحب أسرة كبيرة، وما قد يمثله هذا المبلغ البسيط لهم من أهمية في ظل ارتفاع أسعار السلع والخدمات؟
وبما أن خزينة وزارة المالية ليست في حاجة إلى أموال هذه النسبة المئوية من قيمة العقود التأجيرية في الوقت الحاضر، وكما أنه لا توجد لديّ إجابات مقنعة للتساؤلات التي طرحتها في الفقرة السابقة، إذن ما الحكمة من فرضها؟
إن تخصيص نسبة واحد بالمائة من قيمة العقد المبرم بين المؤجر والمستأجر تدفع لصالح اللجنة لهو دون أدنى شك «ضريبة دخل مستترة» على المواطن، وليس لها أي تفسير آخر في الوقت الحاضر.
كما أن تحويل القانون إلى مجلس الشورى لإبداء الرأي وتحديد ذلك بوقت زمني بسيط جداً لا يتناسب مع درجة أهميته في حياة المواطن، يجعلنا نؤكد الارتجال في اتخاذ القرارات لمعالجة هذه المشكلة.
نعلم أن قرب انتهاء فترة القانون المؤقت والذي صدر في فبراير من عام 2006 لمعالجة المشكلة في ارتفاع الإيجارات جعل الاستعجال بصدور هذا القانون الجديد أمرا مهما حتى لا يكون هناك فراغ قانوني يعالج هذه المسألة، ولكن القانون الحالي والذي صدر منذ سنتين لم نستفد منه بالمرة لأنه كان قد عالج النتيجة وترك السبب، والدليل على عدم الاستفادة أننا الآن نبحث عن صيغة قانونية أخرى غير الصيغة الحالية لمعالجة المشكلة، فالإيجارات المرتفعة إنما هي نتيجة للتضخم، وكنت قد ذكرت ذلك في أحد مقالاتي منذ سنتين، وها أنا أعيد نشره في الصفحة المقابلة، لعل من يقترح هكذا حلول لمعالجة التضخم يقرأ ليفهم ما نقوله.
إننا هنا نكرر نفس الخطأ الذي وقعنا فيه منذ سنتين بمعالجتنا النتائج المتمخضة عن التضخم ونترك أسباب حدوثه.
إن ارتفاع الأسعار يحدث في أي مجتمع نتيجة لأسباب عدة، ومنها على سبيل المثال نقص العرض أمام الطلب أو ارتفاع تكلفة الإنتاج للسلعة أو الخدمة.
وارتفاع أسعار إيجار العقارات والمساكن لدينا جاء نتيجة لزيادة الطلب ونقص العرض، ولارتفاع تكلفة البناء نتيجة الزيادة المطردة في عدد السكان بسبب ازدياد مشاريع التنمية في البلاد، وهذا الأمر قاد إلى ارتفاع في كل الاتجاهات، وبالتالي هذا ما سبب التضخم.
إذن ارتفاع أسعار الإيجارات هو نتيجة للتضخم، وليس سبباً له كما قلت سابقاً.
وإذا أردنا أن نعالج المشكلة فعلينا بتخفيض تكلفة البناء وزيادة المعروض منه، وليس وضع رسوم وضريبة دخل، معتقدين أننا سنتحكم في السعر وبالتالي السيطرة على التضخم.
لو كانت آلية البحث عن أسباب المشكلة وليس نتائجها هي التي استخدمت في المعالجة منذ سنتين لكانت هناك بوادر لانفراج الأزمة الآن بدلاً من إصدار قانون ليست له علاقة بمعالجة التضخم، وحين نكتشف أن هذا القانون ستنتهي فترته دون أن نلمس منه أي ردة فعل إيجابية، يزداد نشاطنا لإصدار قانون جديد في شكله، ولكن مضمونه لا يساعد على حل المشكلة، بل يزيدها تعقيداً، وهذا الإجراء لمكافحة التضخم يذكرني بالمثل الشعبي القائل «يبغي يكحلها عماها».
ألا يعلم من يحاول إصدار هذا القانون أن هذه «الضرائب المستترة» على جزء من دخل المواطن ستخرج في نهاية الأمر من جيب المستأجر وبالتالي يحدث ارتفاع آخر في أسعار الإيجارات السكنية والتجارية والصناعية (يعني تضخم جديد).
والسؤال المطروح هنا هو: مَنْ سيذهب إلى مقر اللجنة لتسجيل العقود ومتابعة أمورها الإدارية؟ أليست هذه الرسوم وهذا الإجراء الذي لا يمت للهدف (مكافحة التضخم) بصلة لا من قريب أو بعيد، يعتبران زيادة في الأعباء الإدارية والمالية على المواطن المسكين والثري على حد سواء؟ حيث إن من يملك سيضطر إلى زيادة عدد موظفيه، وبالتالي زيادة مصروفاته، لأنه لم يبن مجمعاته وأبراجه لأعمال خيرية، وإنما للاستثمار والمتاجرة لضمان مستقبله ومستقبل أسرته، وهذا يؤدي إلى تحميل المستأجر هذه الزيادة في المصروفات، وبالتالي تحدث مرة أخرى زيادة وارتفاع في أسعار السلع والخدمات.
إذا كان هذا القانون شراً لابد منه وسيفرض علينا، إذن فلنقم بإجراء عمليات حسابية بسيطة لنرى الأرقام المخيفة التي ستنتج من جراء تطبيق قانون بسيط يتركز على مجرد دفع رسوم سنوية بسيطة أو ضرائب دخل مستترة، إن صح التعبير، قيمتها واحد بالمائة في محاولة لتقديم حل للحد من التضخم.
لقد صرح الدكتور إبراهيم الإبراهيم رئيس اللجنة بأن عدد السكان وصل إلى مليون ونصف المليون نسمة، ولو اعتبرنا أن المواطنين وخدم المنازل يصل عددهم إلى حوالي نصف المليون، فإن هناك مليون نسمة ما بين عمالة ماهرة وعمالة غير ماهرة موجودة في السوق، ولو اعتبرنا أن متوسط عدد الأسرة هو أربعة أفراد، فإن لدينا الآن حوالي مائتين وخمسين ألف أسرة تحتاج إلى مائتين وخمسين ألف وحدة سكنية.
هذا يعني أننا نحتاج إلى تسجيل مائتين وخمسين ألف عقد إيجار سكني فقط.
لو كان عدد العقود التي يستطيع أن يسجلها المندوب الذي سيقوم بمراجعة الإدارة حوالي مائة وخمسين عقدا فإننا سنحتاج ألفا وستمائة وخمسين مندوبا وألفا وستمائة وخمسين محاسبا، يتم توظيفهم من الملاك لمراجعة العقود وتدقيقها وتسجيلها حتى لا يدفعوا غرامات التأخير التصاعدية.
أي أن هناك ثلاثة آلاف وثلاثمائة موظف جديد سيدخلون إلى سوق العمل لدينا، وهذا يعني أن هناك ثلاثة آلاف وثلاثمائة سيارة جديدة ستضاف إلى شوارعنا المغلقة من كل اتجاه.
ليس كل هذا فقط، بل إن الحسبة البسيطة التي ستقوم بها اللجنة من أجل توفير عدد موظفي التسجيل والتدقيق والخدمات المساندة هي كالتالي:
عدد أيام العمل في السنة الميلادية مخصوماً منها الإجازات الأسبوعية والأعياد والعيد الوطني يصل إلى مائتين وخمسين يوم عمل رسمي، ولو قسمنا عدد العقود الإيجارية السكنية، والمراد تسجيلها فإن معدل التسجيل اليومي يصل إلى ألف عقد في اليوم (مائتان وخمسون ألف عقد مقسومة على مائتين وخمسين يوم عمل)، فكم موظفاً نحتاج للتسجيل والتدقيق والاعتماد والمراقبة؟ وهل سيكون التسجيل في مكتب واحد فقط أم ستكون هناك فروع للمكتب تسهيلاً على الدولة في تحصيل ضرائبها المستترة؟
وكوني شخصاً غير متخصص في القانون فسأترك هذا الشق للقانونيين وسأناقش في هذا المقام الموضوع من الناحية الاقتصادية بحكم الاختصاص.
بما أن الفكرة جاءت من خلال البحث عن طرق لمعالجة التضخم، وهي الطرق التي سبق وأن أشرت لها في مقالي السابق بأنها تعتمد على مبدأ تجربة الصواب والخطأ في إدارة الأزمة، فإن ما حدد لهذا القانون من هدف يرغب القائمون عليه الوصول من خلاله إلى السيطرة على التضخم وارتفاع الأسعار لهو دليل واضح على صحة هذا القول من حيث إن العمل عندهم ما زال بطريقة «خلنا نجرب».
أسئلة كثيرة تدور في خاطري أود أن أوجهها إلى لجنة دراسة ظاهرة التضخم، بصفتها الجهة التي تقترح الحلول لمكافحة هذه الآفة الاقتصادية الخطيرة:
- ما هو الهدف من وضع رسوم سنوية - أكرر سنوية - بنسبة واحد بالمائة من قيمة العقد لصالح اللجنة المناط بها إدارة شؤون هذه العقود وفك الارتباط الذي قد يحصل منها؟
- هل تشكلت هذه اللجنة من الأهالي وتحاول أن تجد لنفسها مصادر تمويلية لمجابهة المصروفات المتوقعة؟
- أليس منتسبو هذه اللجنة موظفين بالدولة وتصرف لهم الرواتب المعادلة لوظائفهم؟
- ما هي الخدمة التي سيحصل عليها المؤجر من قبل اللجنة مقابل دفع هذه الرسوم؟
- مَنْ سيدفع هذه النسبة وغرامات التأخير التصاعدية المفروضة على مَنْ يتقاعس عن تسجيل عقده أو عقوده باللجنة؟
إذا كان من سيدفع هو المؤجر فإن ذلك يعني أنه المواطن، وأقول إنه المواطن حيث إن القانون لا يسمح للأجنبي بتملك العقار إلا في حالات خاصة جداً.
وإذا كان المؤجر هو الذي سيقوم بدفعها فإنه سيدفعها من جيبه الخاص، وبالتالي تحميله مصروفات إضافية فوق ما يدفعه الآن في مواجهة الغلاء وارتفاع الأسعار.
قد تكون النسبة بسيطة إذا ما قورنت بالمبلغ الذي سيحصل عليه المؤجر، ولكن ماذا لو كان هذا المؤجر رجلا كبيرا في السن أو امرأة مسنة أو صاحب أسرة كبيرة، وما قد يمثله هذا المبلغ البسيط لهم من أهمية في ظل ارتفاع أسعار السلع والخدمات؟
وبما أن خزينة وزارة المالية ليست في حاجة إلى أموال هذه النسبة المئوية من قيمة العقود التأجيرية في الوقت الحاضر، وكما أنه لا توجد لديّ إجابات مقنعة للتساؤلات التي طرحتها في الفقرة السابقة، إذن ما الحكمة من فرضها؟
إن تخصيص نسبة واحد بالمائة من قيمة العقد المبرم بين المؤجر والمستأجر تدفع لصالح اللجنة لهو دون أدنى شك «ضريبة دخل مستترة» على المواطن، وليس لها أي تفسير آخر في الوقت الحاضر.
كما أن تحويل القانون إلى مجلس الشورى لإبداء الرأي وتحديد ذلك بوقت زمني بسيط جداً لا يتناسب مع درجة أهميته في حياة المواطن، يجعلنا نؤكد الارتجال في اتخاذ القرارات لمعالجة هذه المشكلة.
نعلم أن قرب انتهاء فترة القانون المؤقت والذي صدر في فبراير من عام 2006 لمعالجة المشكلة في ارتفاع الإيجارات جعل الاستعجال بصدور هذا القانون الجديد أمرا مهما حتى لا يكون هناك فراغ قانوني يعالج هذه المسألة، ولكن القانون الحالي والذي صدر منذ سنتين لم نستفد منه بالمرة لأنه كان قد عالج النتيجة وترك السبب، والدليل على عدم الاستفادة أننا الآن نبحث عن صيغة قانونية أخرى غير الصيغة الحالية لمعالجة المشكلة، فالإيجارات المرتفعة إنما هي نتيجة للتضخم، وكنت قد ذكرت ذلك في أحد مقالاتي منذ سنتين، وها أنا أعيد نشره في الصفحة المقابلة، لعل من يقترح هكذا حلول لمعالجة التضخم يقرأ ليفهم ما نقوله.
إننا هنا نكرر نفس الخطأ الذي وقعنا فيه منذ سنتين بمعالجتنا النتائج المتمخضة عن التضخم ونترك أسباب حدوثه.
إن ارتفاع الأسعار يحدث في أي مجتمع نتيجة لأسباب عدة، ومنها على سبيل المثال نقص العرض أمام الطلب أو ارتفاع تكلفة الإنتاج للسلعة أو الخدمة.
وارتفاع أسعار إيجار العقارات والمساكن لدينا جاء نتيجة لزيادة الطلب ونقص العرض، ولارتفاع تكلفة البناء نتيجة الزيادة المطردة في عدد السكان بسبب ازدياد مشاريع التنمية في البلاد، وهذا الأمر قاد إلى ارتفاع في كل الاتجاهات، وبالتالي هذا ما سبب التضخم.
إذن ارتفاع أسعار الإيجارات هو نتيجة للتضخم، وليس سبباً له كما قلت سابقاً.
وإذا أردنا أن نعالج المشكلة فعلينا بتخفيض تكلفة البناء وزيادة المعروض منه، وليس وضع رسوم وضريبة دخل، معتقدين أننا سنتحكم في السعر وبالتالي السيطرة على التضخم.
لو كانت آلية البحث عن أسباب المشكلة وليس نتائجها هي التي استخدمت في المعالجة منذ سنتين لكانت هناك بوادر لانفراج الأزمة الآن بدلاً من إصدار قانون ليست له علاقة بمعالجة التضخم، وحين نكتشف أن هذا القانون ستنتهي فترته دون أن نلمس منه أي ردة فعل إيجابية، يزداد نشاطنا لإصدار قانون جديد في شكله، ولكن مضمونه لا يساعد على حل المشكلة، بل يزيدها تعقيداً، وهذا الإجراء لمكافحة التضخم يذكرني بالمثل الشعبي القائل «يبغي يكحلها عماها».
ألا يعلم من يحاول إصدار هذا القانون أن هذه «الضرائب المستترة» على جزء من دخل المواطن ستخرج في نهاية الأمر من جيب المستأجر وبالتالي يحدث ارتفاع آخر في أسعار الإيجارات السكنية والتجارية والصناعية (يعني تضخم جديد).
والسؤال المطروح هنا هو: مَنْ سيذهب إلى مقر اللجنة لتسجيل العقود ومتابعة أمورها الإدارية؟ أليست هذه الرسوم وهذا الإجراء الذي لا يمت للهدف (مكافحة التضخم) بصلة لا من قريب أو بعيد، يعتبران زيادة في الأعباء الإدارية والمالية على المواطن المسكين والثري على حد سواء؟ حيث إن من يملك سيضطر إلى زيادة عدد موظفيه، وبالتالي زيادة مصروفاته، لأنه لم يبن مجمعاته وأبراجه لأعمال خيرية، وإنما للاستثمار والمتاجرة لضمان مستقبله ومستقبل أسرته، وهذا يؤدي إلى تحميل المستأجر هذه الزيادة في المصروفات، وبالتالي تحدث مرة أخرى زيادة وارتفاع في أسعار السلع والخدمات.
إذا كان هذا القانون شراً لابد منه وسيفرض علينا، إذن فلنقم بإجراء عمليات حسابية بسيطة لنرى الأرقام المخيفة التي ستنتج من جراء تطبيق قانون بسيط يتركز على مجرد دفع رسوم سنوية بسيطة أو ضرائب دخل مستترة، إن صح التعبير، قيمتها واحد بالمائة في محاولة لتقديم حل للحد من التضخم.
لقد صرح الدكتور إبراهيم الإبراهيم رئيس اللجنة بأن عدد السكان وصل إلى مليون ونصف المليون نسمة، ولو اعتبرنا أن المواطنين وخدم المنازل يصل عددهم إلى حوالي نصف المليون، فإن هناك مليون نسمة ما بين عمالة ماهرة وعمالة غير ماهرة موجودة في السوق، ولو اعتبرنا أن متوسط عدد الأسرة هو أربعة أفراد، فإن لدينا الآن حوالي مائتين وخمسين ألف أسرة تحتاج إلى مائتين وخمسين ألف وحدة سكنية.
هذا يعني أننا نحتاج إلى تسجيل مائتين وخمسين ألف عقد إيجار سكني فقط.
لو كان عدد العقود التي يستطيع أن يسجلها المندوب الذي سيقوم بمراجعة الإدارة حوالي مائة وخمسين عقدا فإننا سنحتاج ألفا وستمائة وخمسين مندوبا وألفا وستمائة وخمسين محاسبا، يتم توظيفهم من الملاك لمراجعة العقود وتدقيقها وتسجيلها حتى لا يدفعوا غرامات التأخير التصاعدية.
أي أن هناك ثلاثة آلاف وثلاثمائة موظف جديد سيدخلون إلى سوق العمل لدينا، وهذا يعني أن هناك ثلاثة آلاف وثلاثمائة سيارة جديدة ستضاف إلى شوارعنا المغلقة من كل اتجاه.
ليس كل هذا فقط، بل إن الحسبة البسيطة التي ستقوم بها اللجنة من أجل توفير عدد موظفي التسجيل والتدقيق والخدمات المساندة هي كالتالي:
عدد أيام العمل في السنة الميلادية مخصوماً منها الإجازات الأسبوعية والأعياد والعيد الوطني يصل إلى مائتين وخمسين يوم عمل رسمي، ولو قسمنا عدد العقود الإيجارية السكنية، والمراد تسجيلها فإن معدل التسجيل اليومي يصل إلى ألف عقد في اليوم (مائتان وخمسون ألف عقد مقسومة على مائتين وخمسين يوم عمل)، فكم موظفاً نحتاج للتسجيل والتدقيق والاعتماد والمراقبة؟ وهل سيكون التسجيل في مكتب واحد فقط أم ستكون هناك فروع للمكتب تسهيلاً على الدولة في تحصيل ضرائبها المستترة؟