المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سياسات خفض سعر الفائدة ودورها في تنشيط الاقتصاد



سيف قطر
20-02-2008, 05:59 AM
سياسات خفض سعر الفائدة ودورها في تنشيط الاقتصاد
| تاريخ النشر:يوم الثلاثاء ,19 فبراير 2008 11:27 ب.م .




يعد سعر الفائدة من الأدوات المالية التي لها تأثير قوي على الأسواق المالية والاقتصاد بوجه عام وتستطيع الحكومات من خلالها التحكم في السياسات النقدية التي تنتهجها لتنشيط الأسواق أو لدفع للاقتصاد..ولكن التغير في سعر الفائدة من قبل البنك المركزي الأمريكي لايمكن الدول الأخرى المرتبطة عملتها بالدولار من الاستفادة من هذه الخاصية في توجيه السياسات الاقتصادية الخاصة بها خاصة في ظل الركود أو تباطؤ النمو الاقتصادي، حيث إن اللجوء إلى خفض الأسعار يرمي في جوهره إلى تشجيع أصحاب الإيداعات على سحب إيداعاتهم أو جزء منها وتوظيفها في مشروعات استثمارية توفير المزيد من فرص العمل التي تحقق أرباحا أفضل من العائد المصرفي وكذلك الإسهام في عمليات التنمية من خلال تلك المشروعات، وهذا يعتبره البعض إخفاقا للبنوك في وضع خطط تحقق التوظيف الأمثل للأموال المودعة لديها وهي ودائع ذات حجم كبير كان يمكن الاستفادة منها في تمويل مجالات الاستثمار المختلفة واعتبرت هذه الأموال فائضا يفوق الطلب على الاقتراض، ولذلك قد تفكر البنوك المركزية في اللجوء إلى خفض أسعار الفائدة ولو بنسب طفيفة على الإيداعات من حين إلى آخر لتشجيع أصحابها الذين لم يستجيبوا لسحب أموالهم، وذلك على الرغم من خفض أسعار الفائدة إلى حدود لم تكن متوقعة من قبل، خاصة أن الاستجابة إلى قرارات البنك المركزي تخفف من الآثار السلبية لتباطؤ النمو الاقتصادي، حيث تقوم البنوك المركزية بخفض أسعار الفائدة لمواجهة النقص المستمر للنمو الاقتصادي وأسعار المستهلك لتخفيف الأعباء عن الشركات.
ومثل هذه الإجراءات تسهم في ارتفاع أسعار السلع، خاصة مع هبوط سعر الدولار، فقد أدى هبوط سعر الدولار وانخفاض أسعار الفائدة إلى حدوث ارتفاع في معظم فئات وأنواع السلع، وقد ظهر ذلك على أسعار النفط في أعقاب أول تخفيض في أسعار الفائدة الذي أجراه البنك الفيدرالي الأمريكي في سبتمبر 2007.
وتلجأ البنوك المركزية إلى هذه الوسيلة في أعقاب النقص المستمر للنمو الاقتصادى وأسعار المستهلك بهدف المساعدة في خفض إنفاق الشركات على أسعار الفائدة ومن ثم تقليل ما تتحمله من تكاليف لتحفيز الاقتصاد.
فعندما تأثر الاقتصاد الأمريكي سلبا من تفاقم أزمة قروض الرهن العقاري ذات التصنيف الائتماني المنخفض التي ألحقت خسائر بكثير من البنوك، حيث تم شطب ديون مستحقة لها تقدر قيمتها بنحو 120 مليار دولار أمريكي ولا شك أن البنك المركزي قد تدخل بتخفيض سعر الفائدة للمساعد في خفض تكلفة الدين وتقليل إنفاق الشركات على أسعار الفائدة ولخفض ما تتحمله من تكاليف إجمالية في محاولة لتحفيز الاقتصاد الأمريكي.
باعتبار أن اللجوء إلى خفض أسعار الفائدة هو وسيلة لتوجيه الأموال نحو الاستثمارات والمشاريع والاكتتابات الجديدة التي تساعد على بث النشاط في الحركة الاقتصادية وخفض أسعار الفائدة يؤدي إلى توفير المزيد من السيولة التي تنعكس إيجابيا على نشاط البورصات وأسواق الأوراق المالية.
ولكن قد لا يكون هناك استجابة أو تأثيرات واضحة في حركة رؤوس الأموال تجاه الاستثمارات بعيدا عن البنوك نظرا إلى أن الغالبية من المودعين قد لا يكونون من التجار أو رجال الأعمال أو أصحاب الفعاليات الاقتصادية في القطاع الخاص، بل من أصحاب المدخرات الأسرية التي لم تشجعها إجراءات الخفض على سحب أموالها برغم أسعار الفائدة المنخفضة نظرا لافتقادهم لروح المخاطرة أو لأن هذه المدخرات قد تساعد أصحابها ولو بشكل محدود أو نسبي في توفير مستلزمات ومتطلبات الحياة اليومية من خلال الفوائد الشهرية أو السنوية.. ولذلك فالإقدام على الدخول في مشروع استثماري جديد يعد مغامرة قد تفقدهم مصدراً أساسياً من مصادر الدخل الدورية المضمونة.. مما يدعو البنوك إلى اتخاذ المزيد من إجراءات الخفض الإضافية قد تكون في بعض الفترات غير متوقعة وأكثر إغراء، حيث إن خفض أسعار الفائدة وسيلة تهدف أيضا إلى تشجيع أصحاب الأموال على سحب إيداعاتهم أو جزء منها وتوظيفها في مشروعات استثمارية تعمل على تحقيق نسبة أرباح تفوق ما تعود به أرباح المصارف، كما أن ذلك يساعد على توفير المزيد من فرص العمل من خلال تلك المشروعات المفترضة.
وقد تلجأ البنوك والمؤسسات المالية إلى هذه الوسيلة عندما تفشل في تحقيق التوظيف الأمثل للأموال المودعة لديها نتيجة إلى زيادة حجم الودائع بما يفوق الآليات والأدوات الاستثمارية المتاحة أو بسبب وجود نقص في الطلب على عمليات الاقتراض وعدم وجود قاعدة بيانات كافية حول الطلب المستقبلي في السوق تستطيع من خلالها توجيه الأموال نحو الاستثمارات والمشاريع الجديدة التي تساعد على بث النشاط و الحركة في الاقتصاد.
ولكن هناك إشكالية في تطبيق ذلك والاستفادة من سياسة خفض أسعار الفائدة في حالة البنوك المركزية في الدول التي ترتبط عملتها بالدولار، كما هو في دول الخليج التي تتبع سياسة سعر صرف ثابتة للعملات المحلية مقابل الدولار بما يتطلب إبقاء أسعار الفائدة على العملات المحلية مرتبطة بأسعار الفائدة على الدولار، حتى لو كانت الدورة الاقتصادية في دول المنطقة لا تتماشى مع تلك التي في الولايات المتحدة.
ولا شك أن ذلك سوف يقلص من قدرة البنوك المركزية لدول المنطقة على اتباع السياسات النقدية المناسبة لتنشيط الاقتصاد وحفز الأسواق لتحقيق التوازن مع الزيادة الكبيرة في النفقات الحكومية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط من خلال اتباع سياسة تخفيض أسعار الفائدة، خاصة أنها قامت على إثر خفض الفائدة الأمريكية برفع مستوى الاحتياطي الإلزامي للبنوك حتى لاتؤدي تكلفة الاقتراض المنخفضة إلى تفاقم معدلات التضخم.

محمد محمود عثمان

mohmeedosman@yahoo.com