المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال اعجبني: الكساد الكبير



بويوسف
23-02-2008, 12:30 PM
ظافر والكساد الكبير
ربما كثير منكم لاحظ الانخفاض الكبير في أسعار البورصات العالمية والتي عاشت الأسبوع الماضي اثنين اسود أعاد للأذهان شيء من ذلك الاثنين الأسود سنة 1929 مسيحية الذي عاشته الولايات المتحدة ، خصوصاً وانني قبل قليل لفت انتباهي تحليل احد الاقتصاديين الأوربيين حول احتمال انهيار السوق العالمي قريباً وان ما شاهدناه الأسبوع الماضي ليس سوى البداية !

احتمال انهيار السوق إذا ما حصل بالفعل فان ذلك سيتبعه بلا شك فترة كساد اقتصادي عالمي سيكون له آثار اقتصادية واجتماعية كبيرة . والكساد الاقتصادي في العموم يبدأ من توقف عجلة الإنتاج في المصانع بسبب قلة الطلب على المواد التي تنتجها بسبب انخفاض مستوى السيولة لحد كبير بين الأفراد واحجامهم عن شراء تلك المواد والبضائع وبالتالي تضطر هذه المصانع لإغلاق أبوابها وتسريح عمالها وموظفيها وينتج عن ذلك زيادة في مستوى البطالة لدى شرائح عديدة من أفراد المجتمع ويشيع الفقر والحاجة ويزيد عدد المشردين في الشوارع بلا مأوى .

آخر الأخبار تقول إن الولايات المتحدة سوف تمر بفترة ركود اقتصادي وليس كساد وهناك فروق بين الاثنين لعل ابرز هذه الفروق هو أن فترة الركود تعد بالأشهر عموماً بعكس الكساد الذي يستمر لسنوات وآثاره أشد قسوة .

الحقيقة مخيف ما يحدث في الاقتصاد العالمي هذه الأيام ، والأكثر إخافة أننا أصبحنا مرتبطين به أكثر من أي وقت مضى ، ولعلكم لاحظتم انهيار السوق السعودي يوم الاثنين الماضي تبعاً لانهيار البورصات في العالم قبل أن يستعيد نشاطه بخجل يوم الأربعاء ، هذا الارتباط ربما يكون له تأثير كبير على اقتصادياتنا بحكم اعتمادنا الكامل على الاقتصاد الأمريكي وربما يكون مفيداً لو أننا تحررنا من هذه التبعية وأصبحنا نملك الفرصة البديلة للمستثمرين الهاربين من من نير تلك الاقتصاديات التي قد تعاني مرحلة الركود .. أو الكساد على أسوأ الأحوال .

لعله من المفيد هنا أن نستعيد قصة الكساد ، ففي عام 1929م حصلت اكبر كارثة اقتصادية على مستوى العالم ، يومها كانت بطلة هذه القصة هي بورصة وول ستريت هذه البورصة في مدينة نيويورك والتي أخذت تزدهر بشكل كبير في بداية العشرينات حتى أصبحت محج للكثيرين ممن يرغبون بزيادة ثرواتهم وتعظيم مستوى السيولة لديهم حتى صار من النادر أن لا تجد أمريكي أو أمريكية في تلك الفترة لم يستثمروا ولو مبالغ زهيد في هذه البورصة والتي كانت تعطي أرباح هائلة وساعدهم في ذلك أن البنوك كانت أيضاً تعطي تسهيلات مصرفية كبيرة تشمل قروض لمن يود الدخول للسوق فالربح شبه مضمون وبالتالي دخل الأمريكيون بأغلبيتهم في هذا السوق حتى أن بعض القصص تقول إن خادمة لدى عائلة أمريكية كانت حريصة على استثمار رواتبها في وول ستريت كذلك !

يقولون إذا وجدت سائق التاكسي يضارب في سوق الأسهم فالانهيار في ذلك السوق آت لا محالة … حكمة اقتصادية ، وكانت هذه الحكمة متجسدة في نيويورك تماماً صبيحة يوم الاثنين من عام 1929 حيث شهدت هذه السوق وبقدرة قادر انهيار كبيراً لم يكن كثيرون يتوقعونه حتي قيل يومها إن أكثر من ستة ملايين سهم تم بيعها مما خلق حالة ذعر كبيرة لتشهد الأيام التالية موجة عرض وبيع كبيرة للأسهم تحت ضغط مطالبة البنوك بتسديد قروضها من قبل المستثمرين في الأسهم مما هوى كثيراً بأسعارها وخلق جو من الهلع والخوف في قلوب المستثمرين وهم يتابعون أموالهم وهي تهوي بقوة اندفاع جنونية ليخسر بعد ذلك قطاع كبير من البشر مدخراتهم وأموالهم ويصبح الكثيرون على شفا الفقر أو يكادون وأصبحت السلع في الأسواق والبضائع لا تجد من يقوم بشرائها وبارت ، وأصبح من العبث زيادة الإنتاج في المصانع لتكدس البضائع لتضطر بعض تلك المصانع لإغلاق أبوابها وتسريح عمالها واشتدت الأزمة وزادت وتيرة إغلاق المصانع وكثرت البطالة وعم الفقر . وعاشت أمريكا عام صعباً عرف فيما بعد ب ( الكساد الكبير ) لم تتأثر منه الولايات المتحدة وحدها بل أوروبا كذلك بسبب ألارتباط الاقتصادي بينهم وقتها ، إستمر هذا الكساد من عام 1929 حتى عام 1941. .

أنا لا استعرض هذه القصة للتدليل على أن مثل هذه الأوضاع ستعود بنفس مشاهدها من جديد … أبدا فالأوضاع الاقتصادية تغيرت والأدوات كذلك اختلفت والتطور الاقتصادي أصبح أكثر عمقاً وأكثر تعقيداً مما كان عليه في ذلك العام ، ولكن ما يخيفني بالفعل أن هذا التعقيد في الاقتصاد والحجم الكبير له سيكون انهياره لو حصل بنفس مستوى التعقيد والكبر ، كما أن ارتباطنا بمثل تلك النظم الاقتصادية له ضريبته التي ليس من السهل دفعها مما سيجعلنا في مرمى النيران !

فإن استغنى جون في نيوجيرسي عن سيارته تحت ثقل البطالة التي يعاني منها بسبب تسريحه من المصنع الذي يعمل فيه لإغلاقه نتيجة الكساد الاقتصادي الذي تعاني منه بلده ولرغبته في توفير المال الذي كان يذهب لوقود سيارته ليذهب هذه المرة لتسديد أجار بيته فإن ظافر في المجاردة ( محافظة تابعة لمنطقة عسير ) سيجبر على استقطاع جزء من راتبه الذي وفره لشراء جهاز لابتوب جديد بسبب اضطراره لدفع ذلك الجزء للرسوم الإضافية التي قررتها الحكومة السعودية على الكهرباء لتغطية العجز في إيرادات تصدير البترول للولايات المتحدة ! .


منقول من مدونة الكاتب:
عبدالله محمد الشهري

عبدالله العذبة
25-02-2008, 12:13 AM
أبو يوسف مقالة رائعة...

شكرا لك على النقل ... نتمنى أن تكون الدولة مستعدة لأسوأ الإحتمالات ..