عبدالله العذبة
27-02-2008, 10:46 AM
بقلم : الكاتبة ـ مريم آل سعد
برفض مجلس الشوري بالإجماع المصادقة علي مرسوم إصدار قانون المرور، وإعادة رفعه إلي مجلس الوزراء الموقر، تضاف رؤية شعبية أكثر عمقا يمثلها مجلس الشوري، وهو ممثل لقطاعات كبيرة من الجمهور، لتجربة تطبيق قانون المرور الجديد في شهره الرابع.
لا شك في حسن نية وزارة الداخلية وإدارة المرور بتطبيقها هذا القانون، وهو الحرص علي انضباط الشارع وتقليل الإصابات وحوادث الموت، وهم الذين يعاصرون الحوادث ويشهدون مدي ترويعها وحصدها للأرواح البريئة، يشاركهم هذا الرأي أهالي الضحايا والمصابين الذين فقدوا في هذه الحوادث أجزاء حيوية من أجسادهم ولازمتهم العاهات مدي الحياة.
لقد توفي العام الماضي فقط 108 شباب قطريين تتراوح اعمارهم بين 18 و 25 عاما، من بين 270 حالة وفاة بسبب حوادث الطرق. إن شبابنا يموت ونحن في أمس الحاجة إليهم في هذه المرحلة التنموية الهامة من عمر الوطن، وأهلهم يفقدون أعزاء لا يمكن تعويضهم وقد كافحوا لتنشئتهم ورؤيتهم يصلون لمرحلة الاستقلال والبلوغ.
ولكن المغالاة بوضع القوانين، والانجراف الحاد نحو الدرجة القصوي من العقوبات دون المساعدة علي وضع الأرضية المناسبة لمسايرة القانون وتقبله، ساعدت علي عدم القدرة علي تطبيقه.
ان المساحة المطلوبة لترسيخ القانون وتشربه واستيعابه ليست فحسب بتعريفه وشرحه ونشره من خلال الكتيبات والندوات والمحاضرات التي اجتهدت إدارة المرور مشكورة بتعميمها وخصوصا في المدارس والجامعات ليعرف الحاضر الغائب بمضمونها وينتبه إليها، ولكن بكسر الحواجز التي تمنع تطبيق القانون وأهمها، دراسة حدود السرعة بما يتناسب مع واقع الناس، وبهذه المناسبة شكرا لإدارة المرور لتغييرها حدود السرعة في شارع سلوي للصناعية ( من ثمانين إلي المائة ) ، وكانت في السابق من الأمور التي تبعث علي قهر الناس وتشعرهم بالظلم، لعدم تلاؤم السرعة المحددة مع الشارع، فكيف يطبقون أمرا لا تفسير له، وإلا سيغرمون..؟؟
هذا الشارع نموذج لغيره من شوارع الدوحة الرئيسية الممتدة، والتي لا تقبل أبدا أقل من المائة كحد سرعة لها، بينما شوارع أخري كالتي بين الصناعية ودوار أبو هامور الصحراوي تحتاج إلي المائة والعشرين لوجودها خارج العاصمة وتتساوي مع طريق الوكرة.
بالإضافة إلي دراسة محددات السرعة، أيضا من الظلم أن يتساوي بالغرامة والنقاط من يسير المائة والعشرين في شارع حدود سرعته الثمانين مع الذي يتخطاها بخمسة فقط، لعدم القدرة علي ضبط السرعة لبطئها في شارع طويل لا يتناسب معها، فالتدرج مطلوب ويميز بين السائق الساهي والآخر المندفع والمستهتر.
ثم من يقول بأن توزيع الشوارع وتخطيطها من مهمة (أشغال) و(البلديات) كما جاء في رد إدارة العلاقات العامة بوزارة الداخلية علي مقال سابق، ودون قدرة وزارة الداخلية وإدارة المرور من التدخل وطلب التعديلات وإجرائها، أليس تخطيط الشوارع وقدرتها علي انسياب المركبات من صميم مسئولية إدارة المرور..؟؟ لقد عودتنا وزارة الداخلية بأن تكون سباقة في تطوير مهماتها وواجباتها، فالنقلة النوعية في إجراءاتها الأمنية، وتحديثها للجوازات والبطاقات الشخصية والذكية ومطراش وغيرها من الجوانب التحديثية التي نلمسها في أنشطتها وبرامجها وخدماتها، بالإضافة إلي أنشطتها التوعوية ومشاركاتها للمنظمات المدنية قبل الرسمية، يجعلنا نؤمن بقدرتها إذا أرادت بتغيير مسار الشوارع، وإعادة تنظيمها لتكسر بذلك الدائرة الجامدة التي وسمت بها شوارعنا طويلا وما زالت، وظلت صلبة علي التغيير والتحديث والمرونة.
فبدلا من وضع الأعمدة الحجرية والمتاريس الطابوقية وزرع الأشجار بوسط الطرق، عليهم توسيع الشوارع وفتح المسارات التي تعبر السيارات منها للشوارع الموازية حينها يجوز جدا تخفيض معدلات السرعة للثلث، وذلك لإمكانية استعداد السيارات للتخفيف لاتخاذ وضعية الوقوف في المساحة الوسطي بالشارع للعبور للجانب الأيسر من الشارع الموازي.
شوارعنا في الوقت الحاضر تعاني من أزمة حادة من التقلصات والضيق والمحدودية، وذلك لإغلاق أهم الشوارع الحيوية فيها ومنها شارع الأمير والطريق الدائري الرابع، لكونهما العصب الفعلي للبلاد مما أدي إلي تكدس هائل زاد من تفاعله النمو السكاني المبارك في البلاد، والذي يشي بنمو القطاعات الاقتصادية والتنموية بها وقدرتها علي جذب رؤوس الأموال والمستثمرين والأيدي العاملة لتسيير المشاريع وتفعيل المؤسسات والأجهزة التابعة لها والقائمة عليها.
هذا التعطيل لهذين الشارعين وغيرهما من الشوارع الرئيسية المهمة الرابطة بين مسارات مناطق مختلفة، بالإضافة لأعمال البنية التحتية التي تقوم بها أشغال والبلديات من خلال الشركات المؤجرة، والتي قلبت كيان الأحياء وقطعت أوصالها لمدد تتراوح كل فترة منها بالشهور أو لأكثر من العامين، تجعل من تدخل المرور ضروريا إن أرادوا منح قانونهم الشرعية المناسبة، فلنأخذ مثلا سكان (المعمورة) المحاصرين داخل منطقتهم ولا منفذ لهم إلا من شارع مجمع المعمورة أو القادم من دوار السوق المركزي ليحولهم فقط علي شارع سلوي أو الذاهب إلي المنتزه ، يشاركهم في ذلك القادمون من المنطقة الصناعية والعزيزية والمناطق الواقعة هناك بينما تحتوي المعمورة وحدها علي عدة مدارس حكومية وخاصة ورياض أطفال، ويصبح الخروج منها مشكلة لساكينها من دون مزاحمة السيارات ،والانتظار في الطابور الطويل لقطع إشارتين قبل الوصول للدوار الذي يطلقهم لخارجها.
كما أنه يوجد بعض الأحيان مسارب تتيح المرور للسيارات المتجهة لليمين دون الانتظار في الطابور، لكن متي..؟ للأسف انه قبل قطع الإشارة أو الدوار بسيارتين أو ثلاث.
فلماذا لا تخطط ممرات للسيارات المتجهة لليمين بدون انتظار وسط الطوابير تضيع وقتها وتزاحم الناس..؟؟ كذلك فتحات للعبور للشوارع الموازية والخلفية دون انصباب الجميع السائرين في جميع الاتجاهات من خلال شارع واحد..!! إن الشوارع ضيقة، والبلد يكبر، والسيارات تزيد، أم أن النية بكل سنة سيتم التعديل والكسر والتعطيل بحسب ما يستجد..؟؟
إن تدخل المرور بوضعية الشوارع وتهيئتها ورسمها وتوسيعها وفتح قنواتها أهم من وضعها لمحددات السرعة، لتكون واقعية وتتفهم متطلبات الناس وعقلياتهم وتضمن سلامتهم.
إن قيام مدينة الدوحة بكاملها واعتمادها علي شوارع رئيسية محدودة ساهم في تفاقم الأزمة وتكدس السيارات، والزحام والانتظار في الطوابير وطول المسافات، كما أن إغلاق الطرق وكثرة التحويلات لإعادة الرصف والإنشاء، جعل الأمر كبيرا علي السائقين، وأضاع وقتهم ودفعهم للرغبة في كسب الوقت، ويبرر لهم القفز علي الأرصفة أو السير في الخطوط البيضاء، والوقوف في نصف الشارع المخصص للسيارات المتجهة للأمام عند الإشارة بغية تجاوز الطابور الطويل والدخول وسط المنعطفين لليسار، وذلك لأن قانون الشارع الآن يطرح قوانينه حسب احتياجات الناس، ويعكس مدي قصوره عن استيفائها، لذلك فتح شوارع جديدة مطلب عاجل وضروري ولو أدي ذلك إلي هدم ما يقف في طريقها من مبان، للمساعدة علي فرض قانون يقدم البدائل والحلول، ويخاطب عقول الناس ويستحق احترامهم، ويفرض تطبيقه ويستحق من يخالفه بذلك العقوبات، لأن لا حجة له حينئذ إلا السهو والعجلة والاستخفاف وعدم المبالاة.
إن البعض يرفع شعار أن من لا يخالف فان القانون لا يطاله، ولكن السؤال، كيف الاستطاعة بعدم المخالفة، والمعترضون نوعان، من يريد أن يفعل علي كيفه وهذا خطأ، ومن يريد بالفعل الانضباط واحترام القانون ولكن الذي يتوافق مع الفطرة والمنطق، فإذا كان القانون عدم المشي والجلوس فقط، فهل نستطيع أن نقول للذي يتجرأ علي المشي انك خالفت القانون، يجب أن يكون القانون متماشيا مع الواقع البشري، لتصبح مخالفته بالفعل انتهاكا ويستحق صاحبها العقوبة الرادعة.
هل لا يوجد مشاغبون ومتهورون بالشارع ونزاعون للفوضي ومتسببون بالخطر علي أنفسهم والآخرين، يحتاجون لقانون صارم ليكسر جماحهم وترويضهم ونزع شوكتهم..؟؟
هناك الكثير من الفوضويين الذين إذا وجدوا بدون قانون قوي وصلب يحاصرهم، فإنهم سيعيثون في الشارع دمارا وإفلاتا، وجلهم من المراهقين والشباب، ولكن الشارع أيضا يتضمن مختلف الفئات والسيارات والظروف هم الغالبية والذين يشكلون معاناة الناس وتعبهم وقلقهم من تشدد القانون.
وهؤلاء الشباب المتهورون بارعون بكسر القانون مهما حاول أن يتمادي بحدته بقدرتهم علي التحايل، ومعرفتهم للأساليب لتجنب العقوبات والوقوع بالمخالفات، وقدرتهم علي الابتكار وترويع الناس، وعندما يخطئون يدفعون الثمن غاليا من حياتهم، وأرواح من يتصادف حولهم.
لا بد من القوانين الرادعة لا شك في ذلك، وهناك أهمية للثقافة المرورية وفرضها كسلوك يتربي النشء علي احترامه والتقيد به، وعدم طعنه وتقليل قيمته، ولكن علي إدارة المرور عدم قتل القط في ليلة الزفاف لترويع العروس وتخويفها منذ البداية لئلا تفكر بإغضاب الزوج الجبار الذي لا يعرف الرحمة والملاينة، بل عليها مواكبة العصر حيث يتفاهم الزوجان ويتشاركان المسؤوليات والأخطاء ويتعلمان من بعضهما البعض، ويتعاملان كشريكان لمركب الزوجية، لا أن يخاف احدهما من الآخر بوجوده ويفعل ما يعتقد انه الصواب في غيابه، يجاريه رهبة ويخالفه ايمانا بخطئه وجبروته.
إن جهود إدارة المرور ملموسة ومثمنة، ووجود رجالها الجنود البواسل علي رأس الدوارات في أحلك ظروف البلاد الجوية من برودة أو أمطار أو عواصف رملية، أو الشمس اللاهبة صيفا التي لا ترحم البشر أو الحديد مقدر ومحمود، ولكن مراجعة حدود السرعة ودراسة أوضاع الشوارع و إيجاد المواقف من صميم واجباتها، وبذلك تستطيع فرض القاعدة الصحية التي يستطيع قانون صارم كقانونها العيش والتنفس فيه بدون معارضة ورفض وتحايل وشعور بالغبن.
المصدر الراية (http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=327242&version=1&template_id=24&parent_id=23)
_______
كل الشكر للأخت مريم آل سعد لتطرقها لهذا الموضوع المهم :victory:
برفض مجلس الشوري بالإجماع المصادقة علي مرسوم إصدار قانون المرور، وإعادة رفعه إلي مجلس الوزراء الموقر، تضاف رؤية شعبية أكثر عمقا يمثلها مجلس الشوري، وهو ممثل لقطاعات كبيرة من الجمهور، لتجربة تطبيق قانون المرور الجديد في شهره الرابع.
لا شك في حسن نية وزارة الداخلية وإدارة المرور بتطبيقها هذا القانون، وهو الحرص علي انضباط الشارع وتقليل الإصابات وحوادث الموت، وهم الذين يعاصرون الحوادث ويشهدون مدي ترويعها وحصدها للأرواح البريئة، يشاركهم هذا الرأي أهالي الضحايا والمصابين الذين فقدوا في هذه الحوادث أجزاء حيوية من أجسادهم ولازمتهم العاهات مدي الحياة.
لقد توفي العام الماضي فقط 108 شباب قطريين تتراوح اعمارهم بين 18 و 25 عاما، من بين 270 حالة وفاة بسبب حوادث الطرق. إن شبابنا يموت ونحن في أمس الحاجة إليهم في هذه المرحلة التنموية الهامة من عمر الوطن، وأهلهم يفقدون أعزاء لا يمكن تعويضهم وقد كافحوا لتنشئتهم ورؤيتهم يصلون لمرحلة الاستقلال والبلوغ.
ولكن المغالاة بوضع القوانين، والانجراف الحاد نحو الدرجة القصوي من العقوبات دون المساعدة علي وضع الأرضية المناسبة لمسايرة القانون وتقبله، ساعدت علي عدم القدرة علي تطبيقه.
ان المساحة المطلوبة لترسيخ القانون وتشربه واستيعابه ليست فحسب بتعريفه وشرحه ونشره من خلال الكتيبات والندوات والمحاضرات التي اجتهدت إدارة المرور مشكورة بتعميمها وخصوصا في المدارس والجامعات ليعرف الحاضر الغائب بمضمونها وينتبه إليها، ولكن بكسر الحواجز التي تمنع تطبيق القانون وأهمها، دراسة حدود السرعة بما يتناسب مع واقع الناس، وبهذه المناسبة شكرا لإدارة المرور لتغييرها حدود السرعة في شارع سلوي للصناعية ( من ثمانين إلي المائة ) ، وكانت في السابق من الأمور التي تبعث علي قهر الناس وتشعرهم بالظلم، لعدم تلاؤم السرعة المحددة مع الشارع، فكيف يطبقون أمرا لا تفسير له، وإلا سيغرمون..؟؟
هذا الشارع نموذج لغيره من شوارع الدوحة الرئيسية الممتدة، والتي لا تقبل أبدا أقل من المائة كحد سرعة لها، بينما شوارع أخري كالتي بين الصناعية ودوار أبو هامور الصحراوي تحتاج إلي المائة والعشرين لوجودها خارج العاصمة وتتساوي مع طريق الوكرة.
بالإضافة إلي دراسة محددات السرعة، أيضا من الظلم أن يتساوي بالغرامة والنقاط من يسير المائة والعشرين في شارع حدود سرعته الثمانين مع الذي يتخطاها بخمسة فقط، لعدم القدرة علي ضبط السرعة لبطئها في شارع طويل لا يتناسب معها، فالتدرج مطلوب ويميز بين السائق الساهي والآخر المندفع والمستهتر.
ثم من يقول بأن توزيع الشوارع وتخطيطها من مهمة (أشغال) و(البلديات) كما جاء في رد إدارة العلاقات العامة بوزارة الداخلية علي مقال سابق، ودون قدرة وزارة الداخلية وإدارة المرور من التدخل وطلب التعديلات وإجرائها، أليس تخطيط الشوارع وقدرتها علي انسياب المركبات من صميم مسئولية إدارة المرور..؟؟ لقد عودتنا وزارة الداخلية بأن تكون سباقة في تطوير مهماتها وواجباتها، فالنقلة النوعية في إجراءاتها الأمنية، وتحديثها للجوازات والبطاقات الشخصية والذكية ومطراش وغيرها من الجوانب التحديثية التي نلمسها في أنشطتها وبرامجها وخدماتها، بالإضافة إلي أنشطتها التوعوية ومشاركاتها للمنظمات المدنية قبل الرسمية، يجعلنا نؤمن بقدرتها إذا أرادت بتغيير مسار الشوارع، وإعادة تنظيمها لتكسر بذلك الدائرة الجامدة التي وسمت بها شوارعنا طويلا وما زالت، وظلت صلبة علي التغيير والتحديث والمرونة.
فبدلا من وضع الأعمدة الحجرية والمتاريس الطابوقية وزرع الأشجار بوسط الطرق، عليهم توسيع الشوارع وفتح المسارات التي تعبر السيارات منها للشوارع الموازية حينها يجوز جدا تخفيض معدلات السرعة للثلث، وذلك لإمكانية استعداد السيارات للتخفيف لاتخاذ وضعية الوقوف في المساحة الوسطي بالشارع للعبور للجانب الأيسر من الشارع الموازي.
شوارعنا في الوقت الحاضر تعاني من أزمة حادة من التقلصات والضيق والمحدودية، وذلك لإغلاق أهم الشوارع الحيوية فيها ومنها شارع الأمير والطريق الدائري الرابع، لكونهما العصب الفعلي للبلاد مما أدي إلي تكدس هائل زاد من تفاعله النمو السكاني المبارك في البلاد، والذي يشي بنمو القطاعات الاقتصادية والتنموية بها وقدرتها علي جذب رؤوس الأموال والمستثمرين والأيدي العاملة لتسيير المشاريع وتفعيل المؤسسات والأجهزة التابعة لها والقائمة عليها.
هذا التعطيل لهذين الشارعين وغيرهما من الشوارع الرئيسية المهمة الرابطة بين مسارات مناطق مختلفة، بالإضافة لأعمال البنية التحتية التي تقوم بها أشغال والبلديات من خلال الشركات المؤجرة، والتي قلبت كيان الأحياء وقطعت أوصالها لمدد تتراوح كل فترة منها بالشهور أو لأكثر من العامين، تجعل من تدخل المرور ضروريا إن أرادوا منح قانونهم الشرعية المناسبة، فلنأخذ مثلا سكان (المعمورة) المحاصرين داخل منطقتهم ولا منفذ لهم إلا من شارع مجمع المعمورة أو القادم من دوار السوق المركزي ليحولهم فقط علي شارع سلوي أو الذاهب إلي المنتزه ، يشاركهم في ذلك القادمون من المنطقة الصناعية والعزيزية والمناطق الواقعة هناك بينما تحتوي المعمورة وحدها علي عدة مدارس حكومية وخاصة ورياض أطفال، ويصبح الخروج منها مشكلة لساكينها من دون مزاحمة السيارات ،والانتظار في الطابور الطويل لقطع إشارتين قبل الوصول للدوار الذي يطلقهم لخارجها.
كما أنه يوجد بعض الأحيان مسارب تتيح المرور للسيارات المتجهة لليمين دون الانتظار في الطابور، لكن متي..؟ للأسف انه قبل قطع الإشارة أو الدوار بسيارتين أو ثلاث.
فلماذا لا تخطط ممرات للسيارات المتجهة لليمين بدون انتظار وسط الطوابير تضيع وقتها وتزاحم الناس..؟؟ كذلك فتحات للعبور للشوارع الموازية والخلفية دون انصباب الجميع السائرين في جميع الاتجاهات من خلال شارع واحد..!! إن الشوارع ضيقة، والبلد يكبر، والسيارات تزيد، أم أن النية بكل سنة سيتم التعديل والكسر والتعطيل بحسب ما يستجد..؟؟
إن تدخل المرور بوضعية الشوارع وتهيئتها ورسمها وتوسيعها وفتح قنواتها أهم من وضعها لمحددات السرعة، لتكون واقعية وتتفهم متطلبات الناس وعقلياتهم وتضمن سلامتهم.
إن قيام مدينة الدوحة بكاملها واعتمادها علي شوارع رئيسية محدودة ساهم في تفاقم الأزمة وتكدس السيارات، والزحام والانتظار في الطوابير وطول المسافات، كما أن إغلاق الطرق وكثرة التحويلات لإعادة الرصف والإنشاء، جعل الأمر كبيرا علي السائقين، وأضاع وقتهم ودفعهم للرغبة في كسب الوقت، ويبرر لهم القفز علي الأرصفة أو السير في الخطوط البيضاء، والوقوف في نصف الشارع المخصص للسيارات المتجهة للأمام عند الإشارة بغية تجاوز الطابور الطويل والدخول وسط المنعطفين لليسار، وذلك لأن قانون الشارع الآن يطرح قوانينه حسب احتياجات الناس، ويعكس مدي قصوره عن استيفائها، لذلك فتح شوارع جديدة مطلب عاجل وضروري ولو أدي ذلك إلي هدم ما يقف في طريقها من مبان، للمساعدة علي فرض قانون يقدم البدائل والحلول، ويخاطب عقول الناس ويستحق احترامهم، ويفرض تطبيقه ويستحق من يخالفه بذلك العقوبات، لأن لا حجة له حينئذ إلا السهو والعجلة والاستخفاف وعدم المبالاة.
إن البعض يرفع شعار أن من لا يخالف فان القانون لا يطاله، ولكن السؤال، كيف الاستطاعة بعدم المخالفة، والمعترضون نوعان، من يريد أن يفعل علي كيفه وهذا خطأ، ومن يريد بالفعل الانضباط واحترام القانون ولكن الذي يتوافق مع الفطرة والمنطق، فإذا كان القانون عدم المشي والجلوس فقط، فهل نستطيع أن نقول للذي يتجرأ علي المشي انك خالفت القانون، يجب أن يكون القانون متماشيا مع الواقع البشري، لتصبح مخالفته بالفعل انتهاكا ويستحق صاحبها العقوبة الرادعة.
هل لا يوجد مشاغبون ومتهورون بالشارع ونزاعون للفوضي ومتسببون بالخطر علي أنفسهم والآخرين، يحتاجون لقانون صارم ليكسر جماحهم وترويضهم ونزع شوكتهم..؟؟
هناك الكثير من الفوضويين الذين إذا وجدوا بدون قانون قوي وصلب يحاصرهم، فإنهم سيعيثون في الشارع دمارا وإفلاتا، وجلهم من المراهقين والشباب، ولكن الشارع أيضا يتضمن مختلف الفئات والسيارات والظروف هم الغالبية والذين يشكلون معاناة الناس وتعبهم وقلقهم من تشدد القانون.
وهؤلاء الشباب المتهورون بارعون بكسر القانون مهما حاول أن يتمادي بحدته بقدرتهم علي التحايل، ومعرفتهم للأساليب لتجنب العقوبات والوقوع بالمخالفات، وقدرتهم علي الابتكار وترويع الناس، وعندما يخطئون يدفعون الثمن غاليا من حياتهم، وأرواح من يتصادف حولهم.
لا بد من القوانين الرادعة لا شك في ذلك، وهناك أهمية للثقافة المرورية وفرضها كسلوك يتربي النشء علي احترامه والتقيد به، وعدم طعنه وتقليل قيمته، ولكن علي إدارة المرور عدم قتل القط في ليلة الزفاف لترويع العروس وتخويفها منذ البداية لئلا تفكر بإغضاب الزوج الجبار الذي لا يعرف الرحمة والملاينة، بل عليها مواكبة العصر حيث يتفاهم الزوجان ويتشاركان المسؤوليات والأخطاء ويتعلمان من بعضهما البعض، ويتعاملان كشريكان لمركب الزوجية، لا أن يخاف احدهما من الآخر بوجوده ويفعل ما يعتقد انه الصواب في غيابه، يجاريه رهبة ويخالفه ايمانا بخطئه وجبروته.
إن جهود إدارة المرور ملموسة ومثمنة، ووجود رجالها الجنود البواسل علي رأس الدوارات في أحلك ظروف البلاد الجوية من برودة أو أمطار أو عواصف رملية، أو الشمس اللاهبة صيفا التي لا ترحم البشر أو الحديد مقدر ومحمود، ولكن مراجعة حدود السرعة ودراسة أوضاع الشوارع و إيجاد المواقف من صميم واجباتها، وبذلك تستطيع فرض القاعدة الصحية التي يستطيع قانون صارم كقانونها العيش والتنفس فيه بدون معارضة ورفض وتحايل وشعور بالغبن.
المصدر الراية (http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=327242&version=1&template_id=24&parent_id=23)
_______
كل الشكر للأخت مريم آل سعد لتطرقها لهذا الموضوع المهم :victory: