المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سقوط معايير الشركات المختلطة



المهند
01-03-2008, 08:49 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الرسل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ,,, وبعد
فتوى جواز المساهمة بشركة الخليج الدولية للخدمات دلت دلالة واضحة وأكيدة على أن جميع المعايير التي اشترطها من قال بجواز المساهمة في الشركات التي تتعامل بالحرام لا وزن لها , وكأن هذه المعايير ما وضعت إلا لفترة محدودة وأنها كانت بوابة إلى جعل الناس تتقبل مبدأ المشاركة في هذه الشركات ومن ثم يضربوا بهذه المعايير – التي وضعوها هم – بوجه الحائط من غير اعتبار لها وأن لا قيمة لها , وهي كذلك بالفعل.
كنا وما زلنا ننادي أن هذه المعايير لا أساس شرعي لها ولا دليل , وما كان كذلك فلن يكون لها صفة الاستمرارية لأنها قابلة للتغيير بالرأي وحسب الأهواء الشخصية والأوضاع و المؤثرات " العليا " .
أوضحنا سابقاً سقوط انطباق المعايير على هذه الشركة سقوطاً مدوياً , ومخالفتها لها في كلها , ومع هذا أُجيزت ؟! وإذا أُجيزت هذه الشركة , فلا أظن أن ستكون هنا شركات أخرى ستحرم .
أسلفت بمشاركة سابقة ببيان موجز للمعايير التي وضعها المجيزون , وبينت بعض تناقضاتها , فإني هنا أُبين تناقضات أُخر ,
يدعون محاربة الربا ولكنهم يجيزون للشركات الكبرى ذات الأصول التي تقدر بالمليارات أن تتعامل مع البنوك الربوية بنسبة 30% , وهذا قدر كاف جداً للبنوك إذا وجدت شركات عدة تتعامل معها بهذه النسبة وهي – أي البنوك – تحلم بهذا وتصبوا إليه وتنفق الملايين للإعلانات التي تروج لهذا , فجائتهم هذه الفتوى بالمجان . وهذا من تناقضات المعايير .
يدعون محاربة الربا وهم يجيزون للشركات أن تأخذ الفوائد الربوية من البنوك بنسبة 5 % وبعضهم وضع نسبة 10% من إجمالي الإيرادات , أي مئات الملايين من الربا الصريح , وهم يعلمون علم اليقين بأن البنوك تستفيد أضعاف هذا المبلغ . وهذا تناقض آخر .
يدعون محاربة الشركات المحرمة كشركات التأمين التجارية ويبينون حرمتها من كل الجوانب وأن بها غرراً وجهالة ورباً – وهي كذلك – ومع هذا يجيزون للناس أن يساهموا بها . وهذا تناقض ثالث .
من الأخبار المضحكة المبكية أنهم – أي المجيزون – أسسوا شركة جديدة ذات مبدأ ربحي يقوم نشاطها على الاستشارات الشرعية للشركات والهيئات الاقتصادية التي ترغب بأن تسير بما يرضي الله . فما هي المعايير التي اعتمدوها في تحديد كون الشركة غير شرعية أو أنها شرعية ؟ هي ذات المعايير التي ضربوا بها بوجه الحائط . والأدهى والأمر أن من أراد فعلاً أن يغير نشاط شركته إلى ما يرضي الله ورسوله , وذهب إلى هؤلاء العلماء وفقهاء الشريعة ليدلوه على الخير وفعله , فإنهم لن يخطوا حرفاً ولن ينطقوا بكلمة إلا بشيك , أي أعطني نقوداً ثم سأدلك على ما يرضي الله ورسوله , فاستشاراتهم وفتاويهم ليست بالمجان .

هذه المشاركة والمشاركة السابقة والمشاركات القادمة – بإذن الله تعالى – ما هي إلا بيان للناس أن يحتاطوا في أمر دينهم وأن يفكروا ويعملوا عقولهم بتمييز الحلال من الحرام والحق من الباطل , وأن يجعلوا بينهم وبين المحرمات حاجزاً منيعاً , ويقووا مداركهم الشرعية بحيث تكون لهم القدرة والملكة على تمييز ما يقربهم من حب الله ويبعدهم عن سخطه , لأنه كما قلنا سابقاً بأن المعايير سقطت جميعها – وإن أدعى المجيزون غير ذلك – وأن أي شركة قادمة لن تكون لهم الحجة في تحليلها أو تحريمها تطبيقاً منهم للمعايير .وهذه الفتاوى – وللأسف – أقحمت الناس في الحرام بارتكابه بعلم وقصد والتساهل فيه بحجة " التطهير " وهي بدعة ما أنزل الله بها من سلطان .
أخواني واخواتي القراء , وطنوا أنفسكم واعلموا أن هذه الدنيا زائلة , وابتغوا وتحروا الحلال الطيب وابتعدوا كل البعد عن الحرام ولا يغرنكم كثرة أموال العصاة ومن لا يلقي بالاً للحرام ولا للحلال , فالحلال ما حل في جيبه , ولا تكونوا مثل من قال عنهم عليه الصلاة والسلام : " ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال , أمن حلال أم من حرام " .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

( الفهد )
01-03-2008, 09:16 AM
ما شاء الله .. متابعين معاك .. والله يوفقك .

سوبرقطري
01-03-2008, 11:51 AM
بارك الله فيكم ا

المهند
02-03-2008, 08:28 AM
شاكر لكم متابعتكم وبارك الله فيكم .

الامير
02-03-2008, 07:06 PM
جزاك الله عن المسلمين وعني الف جزاء.........عن نفسي خذيت قرار اني ماكتتب في هذه شركه(الخليج) (من ترك شي الله عوضه الله خير منه) والله يعوضنا خيرا منه نشاالله

المهند
03-03-2008, 10:04 PM
وجزاك الله أخي " الأمير " وعوضك الله خيراً مما تركت في الدنيا والآخرة .

السيليه
04-03-2008, 10:07 AM
جزاك الله خير

المهند
17-03-2008, 01:32 PM
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير البشر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ,,, وبعد
• قبل أن أبدأ في بيان أدلة المجوزين واعتراضهم وبيان عدم صحتها من جهة استدلالاتهم بها على جواز التعامل مع الشركات التي تتعامل في الحرام , يجب أن نوضح ونبين ما هو السهم ومن هو المساهم وما هي علاقته بالشركة , وذلك لأهمية معرفة علاقة المساهم بالشركة التي يملك أسهمها .
• السهم عبارة عن حصة شائعة في رأس مال شركة ما , ومن هذا التعريف يتضح لنا أن المساهم هو من يملك جزءاً من رأس المال , وبالتالي فإن الذي يملك هذا الجزء يعتبر شريكاً , فإذن فالعقد الذي بين المساهم والشركة هي عقد شراكة يوجب للمساهم حقوقاً منها :

 حق التصويت في الجمعيات العمومية , ويكون صوته بقدر ما يملك من أسهم.
حق الرقابة على أعمال الشركة فيما نص عليه في نظامها الأساسي , أي النظر في أي مخالفات ترد على أعمال الإدارة بما يخالف العقد , ومن ثم يكون للمساهم حق رفع دعوى المسؤولية على الإدارة .
حق بيع الأسهم والتنازل عنها للغير .
حق الحصول على نصيبه من الأرباح والاحتياطات , كما يتحمل المساهم نصيبه من الخسائر في حال تحققها , وتحدد مسؤوليته بمقدار حصته من رأس المال .
حق الحصول على نصيبه عند اقتسام الموجودات حال تصفية الشركة .
حق الأولوية في الاكتتاب وزيادة رأس المال .
• مما ذكر أعلاه , يظهر لنا طبيعة وتكييف المساهم , فهو شريك , والشريك يتحمل تبعات أفعال الشركة كما يتحمل أرباحها وخسائرها , وهذا هو مدار المسألة كلها , أن المساهم يصيبه من أفعال الشركة المحرمة ويتحمل إثمها إن كان يعلم أن الشركة تتعامل أو سوف تتعامل في الحرام.
• إن بياننا ومناقشتنا للأدلة , وبيان عدم حجيتها في مخالفة الأصل لا يعتبر فتوى في التحريم فأنا لست مفتياً , بل فتوى التحريم موجودة ومعتمدة من المجامع الفقهية ومن كبار الفقهاء , القدامى والمعاصرين , وسنذكر بعضهم مثالاً لا حصراً :-

1.الفقهاء والأئمة الأقدمون :-
-جميع أئمة المذاهب - رحمهم الله - ( الإمام ابو حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد ) , وجميع أتباعهم , وسوف نفصل أقوالهم في معرض مناقشتنا لأدلة المجوزين .
-الإمام الليث بن سعد – رحمه الله –
-الإمام الحسن البصري – رحمه الله –
-الإمام سفيان الثوري – رحمه الله –
2.العلماء المعصرون :-
-المشايخ الفضلاء / عبدالعزيز بن باز – رحمه الله – / بكر أبو زيد – رحمه الله – / محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله – / محمد بن جبير – رحمه الله – / عبد الرزاق العفيفي – رحمه الله – / عبد الله بن قعود – رحمه الله – / عبدالله بن غديان / صالح بن فوزان الفوزان / عبدالله العبدالرحمن البسام / عبدالرحمن حمزه المرزوقي / محمد بن عبدالله السبيل / محمد الحبيب بن الخوجه / أحمد فهمي أبو سنة / الصديق محمد الأمين الضرير / علي أحمد السالوس / عبد الله بن بيه / علي الشيباني / محمد الشاذلي النيفر / مبروك مسعود العوادي / محمد سالم عدود / صالح المرزوقي / درويش جستنيه / عبدالرحمن بن صالح المحمود / عبدالكريم بن عبدالله الخضير / يوسف الشبيلي / سعد بن عبدالله الحميد / محمد بن سعود العصيمي / صالح بن مقبل العصيمي / عبدالعزيز بن فوزان الفوزان / عبدالله بن موسى العمار / أحمد عبداللطيف العبداللطيف / عجيل النشمي / عبدالله السعيدي / أحمد الخليل / أحمد الحجي .
وغيرهم كثير , ولكني أحببت أن أذكر العلماء والفقهاء والباحثين المعروفين .
3.الهيئات والمجامع :-
-المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي ( الدورة الرابعة عشرة)
-المجمع الفقهي الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ( الدورة السابعة )
-هيئة الفتوى ببيت التمويل الكويتي ( الفتاوى الاقتصادية السؤال 525 صـ505)
-الهيئة العليا للفتوى والرقابة الشرعية للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية 1983م
-الهيئة الشرعية لبنك دبي الإسلامي ( فتوى رقم 49 )
-الهيئة الشرعية للبنك الإسلامي بالسودان ( فتوى رقم 16 )
-الحلقة العلمية الأولى للقضايا المصرفية المعاصرة – دلة البركة 1992م
-اللقاء العلمي المشترك بين المجمع الفقهي الإسلامي والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع لبنك التنمية الإسلامي . ولكنهم أجازوا بشروط : للقادر على تغييرها من المعاملات المحرمة وإلا فعليه الخروج منها إن لم يستطع / أن تكون ذات نشاط حيوي وضروري في تقديم خدمات المرافق العامة / عند عدم توفر البديل الشرعي الخالي من المحرمات .
• ما تم ذكره أعلاه ممن حرم المساهمة في هذه الشركات رداً على من يذكر أسماء المجوزين .
• كنا قد أكدنا مراراً وتكراراً بأن مشاركاتنا هذه لكي يتدبر الناس في الأقوال والآراء التي تطرح على الساحة فيما يخص الشركات التي تتعامل بالحرام , فالمجوزون ردوا أدلة الطرف الأول وناقشوها بأسلوبهم ورأوا أنها لا تصلح في أن يحكم بها على حرمة هذه الشركات , فإذا قمنا بمناقشة آرائهم واستدلالاتهم أفنكون قد جاوزنا حدودنا وخالفنا نصوصاً قطعية الثبوت والدلالة , أو أسأنا لقائليها أو الحط من قدرهم أو الطعن فيهم ؟ لا والله , بل أرى أن هذا واجب من كانت له القدرة على تحليل الأقوال وردها إلى مظانها ويتحقق من مراد قائليها وثبوت ذلك نصاً و مرجعاً , فهم الذين خالفوا الأصل وأوجدوا الخلاف , وخاصة إذا كانت المسألة تتعلق بالربا , حيث شدد فيها جميع الفقهاء ولم يتساهلوا فيها بخلاف بعض العقود الأخرى التي بها اليسير من الغرر , فيتسامح فيها للحاجة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمة الله - : "مفسدة الغرر أقل من الربا , فلذلك رُخص فيه ما تدعو إليه الحاجة , فإن تحريمه أشد ضرراً من ضرر كونه غرراً ... فظهر أنه يجوز من الغرر اليسير ضمناً وتبعاً ما لا يجوز من غيره " مجموع الفتاوى 29/240 .
• من أراد التفاعل مع ما نطرحه وتصويب ما يراه يستحق التصويب فأهلاً ومرحباً به كوننا بشراً نخطئ ونصيب ولا عصمة لأحد إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم , فمن أراد ذلك فأرجو احترام الأشخاص وانتقاء العبارات غير الجارحة . أو الألفاظ التي لا تمت إلى الموضوع بصلة .

السعدي999
17-03-2008, 05:10 PM
جزاك الله خيرا ووفقك الله لما يحب ويرضى

المهند
17-03-2008, 09:24 PM
جزاك الله خيرا ووفقك الله لما يحب ويرضى

بارك الله فيك أخوي السعدي

المهند
25-03-2008, 08:32 PM
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير البشر نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ,,, وبعد
•أكدنا في مشاركتنا السابقة مبدأ يعتبر هو الأصل في المسألة وعليه يدور القول بالحرمة أو الجواز , ألا وهو مبدأ " المشاركة " وأن المساهم يعتبر شريكاً في الشركة وليس متعاملاً خارجياً عنها بحيث تفصل ذمته عنها ولا يلحقه شيئ من أعمالها , سلباً أو إيجاباً .
•وجميع الأقوال والقواعد التي استدل بها المجوزون ترجع إلى خلطهم بين المتعامل بالبيع والشراء وغيرها من التعاملات مع من في ماله حرام , وبين مشاركته في أعماله التي تتعارض مع الشريعة . وكنا قد أكدنا أنه لا يحرم إنشاء شراكة مع جهات أو أفراد نعلم أن في أموالهم بعضاً من الحرام في خاصة أنفسهم ولكن ليس في هذه الشركة بحيث نضع لها القواعد والشروط المطابقة لأحكام الشريعة أو التأكد على عدم مخالفة أحكام الشريعة في تعاملاتها بحيث تكون للشركة شخصية اعتبارية مطابقة للشرع . وعلى جميع من يرغب بالمساهمة في أي شركة تحري هذه النقطة والتأكيد عليها وحث مؤسسيها على التزام الشرع والضغط على مجالس الإدارات لتحقيق هذا الغرض وهذا هو الواجب , فإذا لم يلتزموا فلا يجوز المشاركة في تأسيس هذه الشركة , وهذا هو رأي جميع الأئمة والفقهاء السابقين والمعاصرين إلا من شذ وخالف من بعض المعاصرين .
•استند المجوزون لرأيهم ببعض النقولات عن الأئمة والفقهاء التي لا دخل لها في مسألتنا هذه ولا تنص عليها لا من قريب ولا من بعيد وهي إباحة التعامل بالحرام للمسلم من غير ضرورة أو ضرر يلحقه , فيخيل للقارئ والسامع بأن هذا هو رأي الأئمة وهم منهم براء .
•لبيان وتجلية هذه النقطة , سوف أسرد الأقوال الصحيحة للأئمة وتابعيهم فيما يخص هذه المسألة حيث إن جميعهم يرون حرمة تعامل الشركاء بالحرام وكراهة ذلك ابتداء وشرطهم لجواز ذلك , وإن كان في السرد إطالة ولكن ما ذلك إلا من الأهمية بمكان :
•قال االكاساني – رحمه الله – في " البدائع " في تأكيد مبدأ العموم في شركة المفاوضة – وهي نوع من أنواع الشركات التي يرى الأحناف – رحمهم الله – جوازها , بحيث لا يختص أحد الشريكين بتجارة دون شريكه لما في الاختصاص من إبطال معنى المفاوضة وهو المساواة , فيقول : " وعلى هذا يخرج قول أبي حنيفة ومحمد – رحمهما الله - : أنه لا تجوز المفاوضة بين المسلم وبين الذمي , لأن الذمي يختص بتجارة لا يجوز ذلك للمسلم ... ثم قال : ويكره للمسلم أن يشارك الذمي لأنه يباشر عقوداً لا تجوز في الإسلام فيحصل كسبه من محظور فيكره " ( 5/181 ) , والكراهة هنا كراهة تحريم وليس كراهة تنزيه لأن الوقوع في الفعل يقتضي ارتكاب المحرم . فتأمل ولاحظ أن سبب المنع لا لكون الشريك غير مسلم في حد ذاته , بل لأنه يباشر عقوداً وأفعالاً لا يجوز لمسلم أن يباشرها .
•وأما ما قاله الحطاب الرعيني – رحمه الله – وهو من فقهاء ومحققي المذهب المالكي في كتابه " مواهب الجليل " , فيه البيان الواضح والرد القاطع على من قال بجواز الشركات التي تتعامل بالحرام , فقال : " قال في المدونة : ولا يصح لمسلم أن يشارك ذمياً إلا أن لا يغيب الذمي على بيع ولا شراء ولا قضاء إلا بحضرة المسلم , فإن وقع استحب صدقته بربحه إن شك في عمله بالربا وبجميع ماله إن شك في عمله في خمر , وإلا لم يكن عليه شيئ . وقوله " وإلا لم يكن عليه شيئ " أي وإن علم سلامته من عمل الربا والخمر ..., والظاهر أن حكم مشاركة المسلم الذي لا يحافظ على دينه في التصدق بالربح كذلك ... قال ابن حبيب : لا ينبغي للحافظ على دينه أن يشارك إلا أهل الدين والأمانة والتوقي للخيانة والربا والتخليط في التجارة , ولا يشارك يهودياً ولا نصرانياً ولا مسلماً فاجراً إلا أن يكون هو الذي يتولى البيع والشراء وإنما للآخر فيه البطش والعمل " ( 7/66 ). فلاحظ العبارات " لا يصح لمسلم " و " لا ينبغي للمحافظ على دينه " التي تدل على الحرمة وعدم الجواز , وأما قوله : " إلا أن لا يغيب الذمي أو المسلم الفاجر بالبيع والشراء وأن يكون المسلم هو الذي يتولى البيع والشراء " قيد وشرط لصحة الشركة وإلا فلا تصح , وعندئذ إن وقعت فلا تصح هذه الشراكة وعلى المسلم التقي أن يتصدق ببعض ماله أو كله إن هو شك مجرد الشك دون العلم اليقين في عمل الذمي أو المسلم الفاجر بالحرام . وقد قال ابن وهب في المدونة أن هذا هو قول عطاء ابن أبي رباح والليث بن سعد – رحمهما الله – وقد نقل الإمام مالك – رحمه الله - عن ابن عباس – رضي الله عنهما – : (( أيشارك المسلم اليهودي والنصراني فقال : لا يفعل لأنهم يربون وأن الربا لا يحل لك )) . ( المدونة 3/617 ) وهذا نقل صريح عن صحابي جليل ولا مخالف له . وعلق ابن رشد – رحمه الله – في مقدماته على المدونة : " فمعاملة الذمي على كل حال أخف من معاملة المربي , لأن المربي إذا تاب لم يحل له ما أربى فيه ووجب عليه رده إلى صاحبه إن عرفه والصدقة به عنه إن لم يعرفه " .( المدونة 5 / 470 ) , فانظروا – رعاكم الله – كيف أن الإمام ابن رشد – رحمه الله – رأى أن معاملة المسلم للذمي أفضل من معاملة المسلم الذي يتعامل بالربا , وهذا في حق المرابي الفرد , فما بالكم إذا كان التعامل مع مصارف وبنوك قامت أساساً على الربا أخذاً وعطاءً بجعله نشاطها وتجارتها , فمن باب أولى عدم التعامل معها لما في هذا من التعاون على الإثم وتكثير أموالهم وأرباحهم المحرمة .
•وأما ابن قدامة – رحمه الله – فقد نقل في كتابه ( المغني 5/109) عن الإمام أحمد – رحمه الله – ما يفيد هذا المعنى فقال :" يشارك المسلم اليهودي والنصراني ولكن لا يخلو أحدهما بالمال دونه ويكون هو الذي يليه لأنه – أي غير المسلم – يعمل بالربا " . ثم روى حديثاً باسناده عن عطاء قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مشاركة اليهودي والنصراني إلا أن يكون الشراء والبيع بيد المسلم " ولأن العلة في كراهة ما خلوا به معاملتهم بالربا وبيع الخمر والخنزير , وهذا منتف فيما حضره المسلم . وقد نقل ابن قدامة – رحمه الله – هذا القول عن الإمامين الجليلين الحسن البصري وسفيان الثوري – رحمهما الله . وأما الإمام الشافعي – رحمه الله - ومن تبعه فقد رأوا الكراهة مطلقاً سواء ولي المسلم المال أم لا استناداً لقول ابن عباس رضي الله عنهما .
•هذه هي أقوال الأئمة وتابيعهم – رحمهم الله جميعاً – فإنهم جميعاً كرهوا أن يشارك المسلم التقي غيره ممن لا يتورع عن ارتكاب الربا ابتداءً , سواءً كان مسلماً أو غير مسلم , أي من الخشية من ارتكابه , فكيف إذا تُيقن عمله بالحرام , والكراهة إذا أطلقت عند السلف فيقصد بها التحريم وأطلقوا لفظ الكراهة لأن الحرام يكرهه الله ورسوله , فهل يظن ظان بعد هذا بأنهم أجازوا للمسلم نفسه أن يتعامل بالحرام ؟! لا والله , وهذا هو الذي يليق بجلالتهم وإمامتهم ومنصبهم الذي أجلًهم الله به من الدين .
•وعلى هذا الطريق سار من رأى حرمة هذه الشركات من العلماء والفقهاء الربانيين الورعين المقتدين بالسلف , ذوي البصيرة والفهم لمقاصد الشريعة وأحكامها العامة . أم هم ليسوا فقهاء لأنهم لم يقولوا بالجواز وأوجدوا الرخصة كما يردد ويدندن بذلك المجوزون بقولهم " الرخصة من فقيه والتشدد يحسنه كل أحد " والرخصة كما عرفها الأصولويون أنها الحكم الثابت بدليل على خلاف دليل آخر بعذر , فالرخصة يجب لها الدليل وإلا لا يجوز الإقدام عليها , ودليل الحرمة ثبت نصاً من الكتاب والسنة فأين دليل الرخصة ؟ فهذه رخصة فاسدة لا تصح .
•الملاحظ من طريقة استدلالات المجوزين في معرض توضيح وجهة نظرهم أنهم وحتى يعطوا لرأيهم القوة , ينقلون أقوالاً للأئمة لا لكونهم يلتزمون بآرائهم في هذه المسألة , مع علمهم علم اليقين بأنهم يرون خلافه , ولكن بل لمجرد أن ذكر أسمائهم يعطي لرأيهم القبول عند العامة كاسم الإمام مالك أو الإمام أحمد أو شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمهم الله جميعاً .
•عند دراسة ابحاث المجوزين والتي قدمت للمجامع حتى يستخلصوا منها فتوى الجواز – وفشلهم في ذلك - دراسة متأنية فاحصة , مع مقارنة الأقوال المذكورة فيها بالمراجع الأصلية ترى الضعف والهوان والأقوال المبتورة , وكذلك ترى التناقضات الصريحة في شروطهم التي اشترطوها في أبحاثهم وبين الواقع الفعلي وآرائهم الحالية التي ينشرونها بين الناس .
ولنا في هذه مشاركة قادمة – بإذن الله تعالى – لنجلي هذه المسألة ليرى كل واحد منا ضعف هذا الرأي وفساده وأن لا أساس له يحفظه من التغييرات الدائمة لأسباب وأهواء وضغوطات خارجية عليا .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

سيف قطر
26-03-2008, 06:31 AM
بارك الله في جهدك اخوي



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير البشر نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ,,, وبعد
•أكدنا في مشاركتنا السابقة مبدأ يعتبر هو الأصل في المسألة وعليه يدور القول بالحرمة أو الجواز , ألا وهو مبدأ " المشاركة " وأن المساهم يعتبر شريكاً في الشركة وليس متعاملاً خارجياً عنها بحيث تفصل ذمته عنها ولا يلحقه شيئ من أعمالها , سلباً أو إيجاباً .
•وجميع الأقوال والقواعد التي استدل بها المجوزون ترجع إلى خلطهم بين المتعامل بالبيع والشراء وغيرها من التعاملات مع من في ماله حرام , وبين مشاركته في أعماله التي تتعارض مع الشريعة . وكنا قد أكدنا أنه لا يحرم إنشاء شراكة مع جهات أو أفراد نعلم أن في أموالهم بعضاً من الحرام في خاصة أنفسهم ولكن ليس في هذه الشركة بحيث نضع لها القواعد والشروط المطابقة لأحكام الشريعة أو التأكد على عدم مخالفة أحكام الشريعة في تعاملاتها بحيث تكون للشركة شخصية اعتبارية مطابقة للشرع . وعلى جميع من يرغب بالمساهمة في أي شركة تحري هذه النقطة والتأكيد عليها وحث مؤسسيها على التزام الشرع والضغط على مجالس الإدارات لتحقيق هذا الغرض وهذا هو الواجب , فإذا لم يلتزموا فلا يجوز المشاركة في تأسيس هذه الشركة , وهذا هو رأي جميع الأئمة والفقهاء السابقين والمعاصرين إلا من شذ وخالف من بعض المعاصرين .
•استند المجوزون لرأيهم ببعض النقولات عن الأئمة والفقهاء التي لا دخل لها في مسألتنا هذه ولا تنص عليها لا من قريب ولا من بعيد وهي إباحة التعامل بالحرام للمسلم من غير ضرورة أو ضرر يلحقه , فيخيل للقارئ والسامع بأن هذا هو رأي الأئمة وهم منهم براء .
•لبيان وتجلية هذه النقطة , سوف أسرد الأقوال الصحيحة للأئمة وتابعيهم فيما يخص هذه المسألة حيث إن جميعهم يرون حرمة تعامل الشركاء بالحرام وكراهة ذلك ابتداء وشرطهم لجواز ذلك , وإن كان في السرد إطالة ولكن ما ذلك إلا من الأهمية بمكان :
•قال االكاساني – رحمه الله – في " البدائع " في تأكيد مبدأ العموم في شركة المفاوضة – وهي نوع من أنواع الشركات التي يرى الأحناف – رحمهم الله – جوازها , بحيث لا يختص أحد الشريكين بتجارة دون شريكه لما في الاختصاص من إبطال معنى المفاوضة وهو المساواة , فيقول : " وعلى هذا يخرج قول أبي حنيفة ومحمد – رحمهما الله - : أنه لا تجوز المفاوضة بين المسلم وبين الذمي , لأن الذمي يختص بتجارة لا يجوز ذلك للمسلم ... ثم قال : ويكره للمسلم أن يشارك الذمي لأنه يباشر عقوداً لا تجوز في الإسلام فيحصل كسبه من محظور فيكره " ( 5/181 ) , والكراهة هنا كراهة تحريم وليس كراهة تنزيه لأن الوقوع في الفعل يقتضي ارتكاب المحرم . فتأمل ولاحظ أن سبب المنع لا لكون الشريك غير مسلم في حد ذاته , بل لأنه يباشر عقوداً وأفعالاً لا يجوز لمسلم أن يباشرها .
•وأما ما قاله الحطاب الرعيني – رحمه الله – وهو من فقهاء ومحققي المذهب المالكي في كتابه " مواهب الجليل " , فيه البيان الواضح والرد القاطع على من قال بجواز الشركات التي تتعامل بالحرام , فقال : " قال في المدونة : ولا يصح لمسلم أن يشارك ذمياً إلا أن لا يغيب الذمي على بيع ولا شراء ولا قضاء إلا بحضرة المسلم , فإن وقع استحب صدقته بربحه إن شك في عمله بالربا وبجميع ماله إن شك في عمله في خمر , وإلا لم يكن عليه شيئ . وقوله " وإلا لم يكن عليه شيئ " أي وإن علم سلامته من عمل الربا والخمر ..., والظاهر أن حكم مشاركة المسلم الذي لا يحافظ على دينه في التصدق بالربح كذلك ... قال ابن حبيب : لا ينبغي للحافظ على دينه أن يشارك إلا أهل الدين والأمانة والتوقي للخيانة والربا والتخليط في التجارة , ولا يشارك يهودياً ولا نصرانياً ولا مسلماً فاجراً إلا أن يكون هو الذي يتولى البيع والشراء وإنما للآخر فيه البطش والعمل " ( 7/66 ). فلاحظ العبارات " لا يصح لمسلم " و " لا ينبغي للمحافظ على دينه " التي تدل على الحرمة وعدم الجواز , وأما قوله : " إلا أن لا يغيب الذمي أو المسلم الفاجر بالبيع والشراء وأن يكون المسلم هو الذي يتولى البيع والشراء " قيد وشرط لصحة الشركة وإلا فلا تصح , وعندئذ إن وقعت فلا تصح هذه الشراكة وعلى المسلم التقي أن يتصدق ببعض ماله أو كله إن هو شك مجرد الشك دون العلم اليقين في عمل الذمي أو المسلم الفاجر بالحرام . وقد قال ابن وهب في المدونة أن هذا هو قول عطاء ابن أبي رباح والليث بن سعد – رحمهما الله – وقد نقل الإمام مالك – رحمه الله - عن ابن عباس – رضي الله عنهما – : (( أيشارك المسلم اليهودي والنصراني فقال : لا يفعل لأنهم يربون وأن الربا لا يحل لك )) . ( المدونة 3/617 ) وهذا نقل صريح عن صحابي جليل ولا مخالف له . وعلق ابن رشد – رحمه الله – في مقدماته على المدونة : " فمعاملة الذمي على كل حال أخف من معاملة المربي , لأن المربي إذا تاب لم يحل له ما أربى فيه ووجب عليه رده إلى صاحبه إن عرفه والصدقة به عنه إن لم يعرفه " .( المدونة 5 / 470 ) , فانظروا – رعاكم الله – كيف أن الإمام ابن رشد – رحمه الله – رأى أن معاملة المسلم للذمي أفضل من معاملة المسلم الذي يتعامل بالربا , وهذا في حق المرابي الفرد , فما بالكم إذا كان التعامل مع مصارف وبنوك قامت أساساً على الربا أخذاً وعطاءً بجعله نشاطها وتجارتها , فمن باب أولى عدم التعامل معها لما في هذا من التعاون على الإثم وتكثير أموالهم وأرباحهم المحرمة .
•وأما ابن قدامة – رحمه الله – فقد نقل في كتابه ( المغني 5/109) عن الإمام أحمد – رحمه الله – ما يفيد هذا المعنى فقال :" يشارك المسلم اليهودي والنصراني ولكن لا يخلو أحدهما بالمال دونه ويكون هو الذي يليه لأنه – أي غير المسلم – يعمل بالربا " . ثم روى حديثاً باسناده عن عطاء قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مشاركة اليهودي والنصراني إلا أن يكون الشراء والبيع بيد المسلم " ولأن العلة في كراهة ما خلوا به معاملتهم بالربا وبيع الخمر والخنزير , وهذا منتف فيما حضره المسلم . وقد نقل ابن قدامة – رحمه الله – هذا القول عن الإمامين الجليلين الحسن البصري وسفيان الثوري – رحمهما الله . وأما الإمام الشافعي – رحمه الله - ومن تبعه فقد رأوا الكراهة مطلقاً سواء ولي المسلم المال أم لا استناداً لقول ابن عباس رضي الله عنهما .
•هذه هي أقوال الأئمة وتابيعهم – رحمهم الله جميعاً – فإنهم جميعاً كرهوا أن يشارك المسلم التقي غيره ممن لا يتورع عن ارتكاب الربا ابتداءً , سواءً كان مسلماً أو غير مسلم , أي من الخشية من ارتكابه , فكيف إذا تُيقن عمله بالحرام , والكراهة إذا أطلقت عند السلف فيقصد بها التحريم وأطلقوا لفظ الكراهة لأن الحرام يكرهه الله ورسوله , فهل يظن ظان بعد هذا بأنهم أجازوا للمسلم نفسه أن يتعامل بالحرام ؟! لا والله , وهذا هو الذي يليق بجلالتهم وإمامتهم ومنصبهم الذي أجلًهم الله به من الدين .
•وعلى هذا الطريق سار من رأى حرمة هذه الشركات من العلماء والفقهاء الربانيين الورعين المقتدين بالسلف , ذوي البصيرة والفهم لمقاصد الشريعة وأحكامها العامة . أم هم ليسوا فقهاء لأنهم لم يقولوا بالجواز وأوجدوا الرخصة كما يردد ويدندن بذلك المجوزون بقولهم " الرخصة من فقيه والتشدد يحسنه كل أحد " والرخصة كما عرفها الأصولويون أنها الحكم الثابت بدليل على خلاف دليل آخر بعذر , فالرخصة يجب لها الدليل وإلا لا يجوز الإقدام عليها , ودليل الحرمة ثبت نصاً من الكتاب والسنة فأين دليل الرخصة ؟ فهذه رخصة فاسدة لا تصح .
•الملاحظ من طريقة استدلالات المجوزين في معرض توضيح وجهة نظرهم أنهم وحتى يعطوا لرأيهم القوة , ينقلون أقوالاً للأئمة لا لكونهم يلتزمون بآرائهم في هذه المسألة , مع علمهم علم اليقين بأنهم يرون خلافه , ولكن بل لمجرد أن ذكر أسمائهم يعطي لرأيهم القبول عند العامة كاسم الإمام مالك أو الإمام أحمد أو شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمهم الله جميعاً .
•عند دراسة ابحاث المجوزين والتي قدمت للمجامع حتى يستخلصوا منها فتوى الجواز – وفشلهم في ذلك - دراسة متأنية فاحصة , مع مقارنة الأقوال المذكورة فيها بالمراجع الأصلية ترى الضعف والهوان والأقوال المبتورة , وكذلك ترى التناقضات الصريحة في شروطهم التي اشترطوها في أبحاثهم وبين الواقع الفعلي وآرائهم الحالية التي ينشرونها بين الناس .
ولنا في هذه مشاركة قادمة – بإذن الله تعالى – لنجلي هذه المسألة ليرى كل واحد منا ضعف هذا الرأي وفساده وأن لا أساس له يحفظه من التغييرات الدائمة لأسباب وأهواء وضغوطات خارجية عليا .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .