المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "الوظيفة عبودية القرن العشرين"



@الشبح@
13-03-2008, 07:56 AM
"الوظيفة عبودية القرن العشرين"
مقال أكثر من رائع !!!!!

يسكن دبي منذ أكثر من عام إلا أن شقته الجميلة التي تطل على البحر لا تحوي غير سرير صغير (مؤقت) فقط في الغرفة التي ينام فيها ، وهي الغرفة الوحيدة التي يعرفها ، أما
باقي البيت فلم يجد الوقت الكافي لاستكشافه بعد .
عندما سألته عن سبب ذلك قال لي إنه لم يستطع أن يتفق مع شركة الأثاث - الذي دفع قيمته قبل أكثر من عام - على وقت مناسب ليوصلوا له الأثاث إلى البيت ، فعمله يفرض عليه أن يكون متواجداً في المكتب طوال النهار... وطوال الليل أحياناً .
أمثاله كثر ممن يظنون أن العمل الشاق والمنهك هو وسام يعلقه الموظف على صدره ، أو ميدالية ذهبية يفوز بها الموظف الذي لا يعلم أنه يعيش تماماً مثلما كان العبيد يعيشون أيام الفراعنة ..
فعلى الرغم من
أن كل من شارك في بناء الأهرامات كان يجب عليه أن يشعر بالعز والفخر لأنه كان يبني أعظم بناء في تاريخ البشرية إلا أنه في كل الحالات كان يعلم أنه عبد ليس إلا .
كلما عدت من العمل متأخراً - لأنني أحد هؤلاء العبيد أيضاً - يقول لي ابني سعيد : "بابا لا تذهب إلى المكتب مرة أخرى"
وكلما أتذكر كلماته وأنا في عملي أوقن أنني أغتال أجمل أيام عمري وعمره معاً
يقضي الموظف منا معظم حياته في الوظيفة إلا أن ذلك قلّما يؤثر إيجاباً على حياته ..
فما هي حقيقة العمل ؟
والأهم من ذلك ما هي حقيقة الحياة ؟
معظم الذين يعيشون الوظيفة يشربون قهوة سوداء (دون سكر) كل صباح ، ليس لأنهم مرضى بالسكري بل لأنهم يعلمون أنهم سيصابون به حتماً في يوم ما .
يشربونها سوداء لينعشوا ذاكرتهم التي خانتهم عندما حاولوا أن يتذكروا من هم أو بالأحرى ما هم ..
يفتخرون بأنهم يتحدثون الإنجليزية .. والإنجليزية فقط ، وإذا استرقت النظر إلى ملاحظاتهم التي يدوّنونها خلال الاجتماعات الطويلة تجدها بالإنجليزية أيضاً ، حالهم في ذلك حال الغراب الذي حاول أن يقلد مشية العصفور فلم يفلح ، وعندما أراد أن يعود غراباً لم يفلح أيضاً ..

عندما دخلت التكنولوجيا حياة الإنسان تفاءل الجميع بها وراهن الخبراء أنها ستكون الأداة التي تنقل الإنسان من الشقاء إلى السعادة ، وأن كل شيء سيكون ممكناً (بضغطة زر ) ..
إلا أن أحداً لم يتوقع أن تسيطر هذه الأزرار على حياتنا وعلى موتنا أيضاً ..
أصبح الموظف الناجح محكوماً عليه بحمل أجهزة الاتصال المباشر بالبريد الإلكتروني ( Black Berry )..
وإذا ما سافر فإنه مجبر (اختيارياً) على التأكد من أن غرفته بها خط للاتصال بالإنترنت ، بل إن البعض لا يسافر على طائرة إلا إذا كان بها اتصال بالإنترنت ..
ومن ملامح هؤلاء أنهم يجلسون في مكاتبهم حتى بعد انتهاء الوقت الرسمي للعمل لا لشيء إلا لأنهم يشعرون أنه ليس هناك مكان آخر يذهبون إليه ، ولو استطاعوا لاستأجروا غرفاً مجاورة تماماً لمكاتبهم حتى لا يفارقوها يوماً..
عانيت قبل فترة من اختلال في ضغط الدم ، فكان يهبط فجأة ومن ثم يعود للصعود المفاجئ تماماً كسوق الأسهم إلا أنني كنت أخسر في كلتا الحالتين ..
فعند الهبوط كنت أشعر بأن روحي تخرج من جسدي وعند الارتفاع كان جسدي يرتعش وكأن أحداً قد أوصله بتيار الكهرباء..
ركبت الريح على الفور وتوجهت إلى سنغافورة للعلاج - تأكدت قبل الحجز أن غرفة الفندق بها خط إنترنت - وبعد الفحوصات قال لي الطبيب إن جسمي سليم وليس به شيء ومشكلتي هي في عملي وقال أيضاً :

"إذا كنت تعمل لكي تعيش فاعلم أنك تعمل لتموت "

ونصحني بقراءة بعض الكتب المتعلقة بإدارة ضغوطات العمل ..

لكل منا أسبابه الخاصة التي تدفعه إلى الاستماتة في العمل ، و في دراسة قام بها مركز دراسات "موازنة الحياة مع العمل" الأمريكي تبين أن هناك خمسة أسباب لذلك :

أولها : أن يكون لدى الإنسان تحدٍ في عمله يريد أن يتغلب عليه .
وثانيها : أن يكون عمله مصدر إلهامه وحماسه في الحياة .
وثالثها : أن تكون العوائد المادية من عمله عالية جداً أو مرضية ..
ورابعها : أن يحب الموظف زملاءه حباً جماً لدرجة أنه لا يستطيع أن يفارقهم ساعة .
وآخرها : هو تحقيق الموظف لذاته من خلال إنجازه لمسؤوليات العمل ..

وأياً كانت هذه الأسباب فإنها تؤدي إلى (اشتراكية الوظيفة) أي إشراك الحياة في الوظيفة وسيطرة الأخيرة على جميع جوانب الإنسان .

إن الهدف الحقيقي من الحياة - في رأيي - هو السعادة ..

فحتى عبادتنا لله سبحانه وتعالى تنبع من شعورنا بالرضى النفسي تجاه أنفسنا عندما نقوم بذلك ، فنحن نعبده لندخل الجنة وبالتالي لتحقيق السعادة ، ونؤدي فرائضه لنشعر بالطمأنينة والراحة النفسية ولنعقد سلاماً داخلياً مع نفوسنا.. أي لنحقق السعادة .
وإذا كان كل شيء نقوم به في حياتنا هدفه تحقيق السعادة فلماذا إذن نستميت في أعمالنا التي (يخيّل) لنا أنها ستسعدنا في يوم ما وهي تزيدنا شقاءً يوماً بعد يوم؟

كلما أتذكر هذه الحقيقة أقول في نفسي :
"سأجلس مع أبنائي وأتفرغ لهم أكثر عندما أحصل على ترقية" وها أنا حصلت على مجموعة من الترقيات ولم يزدني هذا إلا بعداً عن أسرتي وعائلتي... وعن نفسي أيضاً فبت لا أعرف من أنا ولا ما أريد أن أحققه في حياتي القصيرة .

قبل عدة سنوات قامت شركة IBM بتخصيص مبلغ 50 مليون دولار لطرح برامج توازن بين حياة الموظف وبين وظيفته، وكان أحد هذه البرامج هو العمل بالإنجاز أو مؤشرات الأداء وليس بالحضور إلى مكاتب المؤسسة ، فلا يهم المؤسسة إن كان الموظف على مكتبه في الوقت المحدد أم لا وكل ما يهمها هو أن ينجز عمله في الوقت المحدد حتى أصبح أكثر من 40% من موظفي IBM يعملون اليوم خارج مكاتب الشركة ، سواءً من منازلهم أو من مقاهي الإنترنت أو أي مكان في الدنيا .
أما شركة American Century Investments فلقد خصصت ميزانية لشراء أدوات للرياضة المنزلية لكل موظف - دون استثناء - ليستطيع الموظف أن يحافظ على لياقته البدنية وبالتالي يعيش بصحة جيدة ، وكلتا هاتين الشركتين تقولان إن إنتاجيتهما ارتفعت بعد تطبيق هذه البرامج التي تسعى لطرح توازن بين حياة الموظف وبين وظيفته .

إذا كنت ممن يطيلون الجلوس في مكاتبهم بعد العمل فأنت عبد جديد ..
وإذا كنت حين تضع رأسك على وسادتك تفكر بأحداث يومك في العمل فأنت عبد جديد ..
وإذا كان أعز أصدقائك هو أحد زملائك في العمل فأنت لا شك عبد جديد..

الفرق بين العبيد الجدد والعبيد القدماء

أن القدماء كانوا مرغمين على طاعة أسيادهم وتنفيذ أوامرهم ..
أما العبيد الجدد فإنهم يظنون أنهم مرغمون على تنفيذ أوامر أسيادهم (مديريهم) إلا أنهم في الواقع ليسوا إلا عبيداً لهذه الفكرة فقط، ..
وهم أيضاً عبيد لأوهامهم التي تقول لهم إنهم سيكونون يوماً ما عبيداً أفضل !!!
نصيحتي الشخصية لك أن تضع لك هدفا لتتوقف برغبتك عن العمل
"تقاعد مبكر"
بدلا من أن يوقفك العمل برغبته هو أو يباغتك ماهو أشد :nice:

:telephone:

السامـي
13-03-2008, 09:16 AM
ثم ماذا بعد؟.

كل ما أفنى حياته في سبيله وأقصد هنا جمع المال،

يتحول بقدرة قادر الى أداة لعلاج أمراضه باقي حياته.

كم ينشل التفكير عندما يتعلق الأمر بالذات!!!.

موضوع جميل أخي/@الشبح@

شكراً لك.

تحياتي،،،.

الدوحي7
13-03-2008, 09:34 AM
الله موضوعك جميل جدا جدا،،( فلماذا إذن نستميت في أعمالنا التي (يخيّل) لنا أنها ستسعدنا في يوم ما وهي تزيدنا شقاءً يوماً بعد يوم؟) طبعا لي رجعه حق الموضوع، بس لاتخاف لست ذاهب الى العمل ولست الان في العمل،،،

@الشبح@
13-03-2008, 09:05 PM
الله موضوعك جميل جدا جدا،،( فلماذا إذن نستميت في أعمالنا التي (يخيّل) لنا أنها ستسعدنا في يوم ما وهي تزيدنا شقاءً يوماً بعد يوم؟) طبعا لي رجعه حق الموضوع، بس لاتخاف لست ذاهب الى العمل ولست الان في العمل،،،

لا والقهر .. يروح يتعالج .. بسسب افراطه بالعمل .. وياخذ معاه اللاب توب .. ويشترط وجود الانترنت ي المستشفى .. حتى يكون على تواصل مع العمل ..

صدق المثل اللي يقول " العمر يخلص .. والعمل ما يخلص" .. كتهم يقصدون اشغال :nice:

:telephone:

OTOsan
13-03-2008, 09:31 PM
اعتقد ان اثبات الذات في العمل يتطلب الكثير من الجهد والوقت ، واذا اخذنا بعين الاعتبار بان العمل هو مصدر الرزق فلايسعنا الا ان نقول اننا فعلا عبيد جدد فنحن مضطرون للعمل .. والله يكون في العون !

يعطيك العافيه اخوي على موضوعك الشيق ،،

hamoor4ever
13-03-2008, 10:45 PM
مش عيب ان الشخص يخلص في عمله ،، لكن المشكله اذا صار العمل ع حساب راحته وراحه بيته واسرته .

بويوسف
13-03-2008, 10:50 PM
عندما تكون نيتنا ابتغاء وجه الله في العمل ..

وعندما تكون نيتنا هي خدمة الاخرين واسعادهم ..

وعندما تكون نيتنا ان نعمل لنحصل على رزقنا ورزق ابنائنا ومن نعيلهم ..

فتلك ليست بعبودية .. فالعمل عبادة..

الملاحظة الجيدة هنا في اننا قد نكون عبيدا لاي شي وليس العمل فقط عندما ننسى جميع الامور في حياتنا وننغمس في هذا الشي سواء كان عملا او لهوا او امرأة نحبها او حتى شات. وعندما نهمل امورا على حساب امورا اخرى عندئذ نكون عبيدا.

Darco
13-03-2008, 11:17 PM
يبدو أن كاتب الموضوع يقصد هاهنا الوظيفة بشكلها الحديث .. والذي يستهلك في أحيان كثيرة الموظف ويرميه عالةً على الدولة بعد أن استهلكه, وخاصة في الدول الفقيرة التي لايجد الموظف فيها أي خيار أمامه سوى من الكد طوال اليوم ليكوّن ثروة لأحدهم, ثم يرمى في سلة المهملات!. هذه ظاهرة منتشرة, والحاصل أن الكثير من شركات العالم هذه الأيام تحاول جاهدة أن تزيل هذه الصورة من ذهن الناس.

أما عن العمل بشكل عام, فهو بالتأكيد عبادة طالما أن هناك توازن بين حياة المرء في العمل وخارج العمل. وأحياناً تكون المشكلة من الموظف نفسه حين يطمع في المزيد وبعد أن يحصل عليه يطمع فيما هو بعده حتى يجد نفسه مرميّاً وسط أمراض الدنيا كلها.

قبل أيام قرأت ترجمة لبعض النصوص التي تهاجم هذا النمط المعيشي من موقع الساحات, تشبه كثيراً مايريد كاتب المقال قوله:




صحيح أنه ليس لدي طموح .. لكن بصراحة يجب أن يكون هناك مكان مخصص لنا .. نحن .. الناس "اللاطموحين" .. بحق الله, كيف يمكن للمرء أن يستمتع بعيش وهو يستيقظ الساعة السادسة والنصف تحت رنين المنبه .. يقفز من سريره .. يرتدي ملابسه .. يتناول إفطارا لا يشتهيه رغما عنه .. يذهب للحمام ويتبول ويتغوط .. يفرش أسنانه .. يمشط شعره .. ثم يصارع الزحام في الشوارع والضجيج .. ليذهب إلى مكان الهدف منه صنع ثروة كبيرة لأشخاص آخرين .. ثم يطالبونك بأن تكون ممتنا وشاكرا للفرصة التي منحوها لك لتصنع لهم الثروة؟؟؟

[COLOR="Red"]—Charles Bukowski, Factotum, Black Sparrow Press, 1975



--------------------------------------------------------------------------------


من أشد الحقائق المؤلمة في الحياة .. أن الوظيفة هي الشيء الوحيد الذي يمكن للمرء مزوالته لمدة ثمان ساعات متواصلة يوميا .. المرء لا يستطيع أن يأكل لمدة ثمان ساعات يوميا .. ولا يشرب لثمان ساعات .. ولا يمارس الجنس لثمان ساعات .. الشيء الوحيد الذي يفعله في ثمان ساعات هو الوظيفة .. لهذا السبب يقلب المرء حياته وحياة الآخرين إلى بؤس ..

—William Faulkner, interview in Writers at Work, 1958




--------------------------------------------------------------------------------


تم استدعائي لتنظيف دورات المياه في المقبرة .. دخلت الحمام .. ووجدت أن أحدهم لم يتغوط في التواليت .. بل تغوط فوق التواليت .. وعلى الجدران .. وعلى الأرض .. وكان علي أنا أن أنظف كل ذلك .. ياصاح أقول لك .. لمدة عشر أو خمسة عشر ثانية .. وقفت أتأمل المنظر واجتاحني شعور فلسفي عميق .. إذ كنت أفكر: عمري الآن ثلاثون عاما .. وها أنا ذا أنظف براز أحدهم ..


—American Movie, 1999 من فيلم



--------------------------------------------------------------------------------



الموظف: جهاز ميكانيكي واع ذو مخرجات غير نظامية .. ملحوم بإطار معدني يدور بسرعة ثابتة .. وبعد هذا نتساءل لم زماننا هذا هو العصر الذهبي للأمراض النفسية والثورات الدموية ..

—Aldous Huxley, Time Must Have a Stop, 1944



--------------------------------------------------------------------------------



أرى كل هذه المواهب المشحونة .. ثم أشاهدها تهدر! .. يا الله .. جيل كامل يعبيء البنزين .. ينظف الطاولات .. وعبيد جدد بياقات وربطات عنق في المكاتب والمحلات ... . الإعلانات التجارية جعلتنا نطارد السيارات الفارهة والملابس الأنيقة .. نشتغل في وظائف نكرهها حتى يمكننا شراء توافه لا نحتاجها .. نحن الأطفال المنبوذون للتاريخ يا أصحاب .. بدون هدف .. بدون مكانة وبلا احترام .. التاريخ لا يحترمنا .. ليس لدينا حرب نخوضها .. ولا أزمة اقتصادية وطنية نصارعها .. حربنا هي حرب روحانية نفسانية! .. أزمتنا الإقتصادية هي سبل معيشتنا ومانشتريه ومالا نستطيع شراءه! .. جميعنا تربينا في كنف التلفاز نؤمن بأنه في يوم ما كلنا سنكون أثرياء ونجوم سينما ومطربين .. لكننا لن نكون ذلك .. شيئا فشيئا نحن نستيقظ على هذه الحقيقة .. ونحن جدا جدا غاضبون!

—Fight Club, 1999 من فيلم



--------------------------------------------------------------------------------




الوظيفة هي ملجأ الذي ليس لديه شيء أفضل يفعله!

—Oscar Wilde




--------------------------------------------------------------------------------


أن يتوظف الرجل فهي غلطة عمره! .. فالخصال الطيبة للمرء ومواهبه .. إنما هي تُرمى في التراب وتُحرث لتسميد وتخصيب أرض صاحب العمل .. مواهبهم صارت سماد! .. ويظنونه قدرا محتوما! أو ضرورة أن يتوظفوا! .. لكنهم مثلما قال عنهم الكتاب القديم: "أولئك الذين يخبئون الكنوز في الأرض .. ليأكلها العث والدود ويسرقها اللصوص" .. إنها حياة حمقى .. لكنهم لن يكتشفوا ذلك إلا إن بلغوا نهاية تلك الحياة .. وليس قبل ذلك ..


—Henry David Thoreau, Walden, 1854




--------------------------------------------------------------------------------




لن نحيا طويلا على الأرض .. ولم نُخلق حتى نعيشها بهذه الطريقة .. الناس لم يُخلقوا حتى يجلسوا في مكاتب ضيقة يبحلقون في شاشات الكمبيوتر طوال اليوم .. يعبئون استمارات وأوراق لافائدة منها ويستمعون لأوامر ثمان مدراء يثرثرون مرارا وتكرارا عن أهداف الشركة ورؤاها وغير ذلك من الهراء ..




Office Space, 1999 من فيلم