المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ^ مسألة بناء الكنائس في البلاد الإسلامية ^



ليــث قطر
18-03-2008, 01:34 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :-

أيها الاخوة الفضلاء


لا يخفاكم أننا كقطريين مسلمين لنا هويتنا الخاصة بنا ، ولابد أن تعرض لنا بعض النوازل التي تحتم علينا أن نتبنى موقفاً تجاهها ، أو على الأقل أن نعرف ما تمليه علينا ثقافنا حتى وإن لم نتبناه ، لأننا حينئذٍ لن يضرنا من يظهر في وسائل الاعلام متبجحاً بمخالفة الثوابت ، لأن الصورة ستكون واضحة ، وابتعاد هذا المتبجح عن أصول ثقافته سيكون جلياً ساطعاً ، أما أن يلبس الحق بالباطل وينسب الى الدين ماليس منه فهذه والله الطامة .


أحببت أيها الإخوة الافاضل أن أشارك في بيان موقف الاسلام من قضية " إحداث الكنائس في البلاد الاسلامية " ، لأني أرى أنه لابد من بيان الحق فيها خصوصاً بعد أن التبس الحق بالباطل عند الكثير من الاخوة ، ولأن هذه القضية في تراثنا الاسلامي واضحة وضوح الشمس ، وما كنت أتصور أن يخرج من يخرج ويعلن التأييد بل والدعوة الصريحة لبناء الكنائس في البلاد الاسلامية ، حتى ظن البعض للأسف أن هذا الرأي مشهور وأن له حظاً من النظر ، ولكن نظرة والتفاتة منكم أيها الأحبة الى تراثنا الفقهي كفيلة بأن تثبت لكم مدى بعد قول هؤلاء ومخالفته الصريحة ، وليست القضية أن يدعو داعٍ الى رأي ولكن المصيبة ان ينسب هذا الرأي الى الدين .



المهم بالنسبة لنا نحن أن نعود إلى تراثنا ، شأننا في ذلك شأن أي حضارة من الحضارات ، فإن منطلقها يكون من ثقافتها المتمثلة في عقيدتها وتاريخها .

أنتم تعلمون أن هويتنا نابعة من تعاليم ديننا الحنيف المتمثل في القرآن والسنة وفهم علمائنا الكرام من السلف الصالحين إلى الخلف المتبعين ، نستنير بفهم علمائنا لكتاب ربنا وسنة نبينا –صلى الله عليه وسلم- .


ونبدأ بالسنة المطهرة فنذكر منها حديثين مما ورد في تحريم بناء الكنائس :-


1- عن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال : (لا تحدثوا كنيسة في الإسلام ولا تجددوا ما ذهب منها ) ، رواه ابن حبان .


2- عن ابن عباس –رضي الله عنهما – أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال : (لا تكون قبلتان في بلد واحد) ، رواه أبوداود والترمذي ، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- أن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- عندما اشترط في المعاهدة العمرية المشهورة مع أهل "إيلياء" أن لا يجددوا في مدائن الإسلام ولا فيما حولها كنيسة ولا صومعة ولا ديرا ولا قلاية إنما هو امتثال منه لهذا الحديث .



وأما أقوال السلف فسأكتفي بنقل قولين للصحابة وأتبع ذلك بذكر تقريرات المذاهب الفقهية الأربعة وأكتفي بذكر نقل واحد فقط من كل مذهب وذلك خشية الاطالة وإلا فالآثار كثيرة :


1- قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- : ( لا خصاء في الإسلام ولا كنيسة)

2- قال ابن عباس –رضي الله عنهما- : (أما ما مصر المسلمون فلا ترفع فيه كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار ولا صليب ولا ينفخ فيه بوق ولا يضرب فيه ناقوس ولا يدخل فيه خمر ولا خنزير. وما كان من أرض صولحت صلحاً فعلى المسلمين أن يفوا لهم بصلحهم) .




وأما آراء المذاهب فأبدأ بالمذهب الحنفي وبمقولة الامام محمد بن الحسن صاحب الامام أبي حنيفة –رحمهما الله- فقال : ( لا ينبغي أن تترك في أرض العرب كنيسة ولا بيعة ولا يباع فيها خمر وخنزير مصراً كان أو قرية ) .



وأما مذهب نجم السنن الإمام مالك –رحمه الله- فقد قال الإمام أبوبكر محمد بن الوليد الفهري الطرطوشي المالكي –رحمه الله- في كتابه "سراج الملوك" : ( أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن تهدم كل كنيسة لم تكن قبل الإسلام ومنع أن تحدث كنيسة وأمر أن لا تظهر عليه خارجة من كنيسة ولا يظهر صليب خارج من الكنيسة إلا كسر على رأس صاحبه وكان عروة بن محمد يهدمها بصنعاء وهذا مذهب علماء المسلمين أجمعين وشدد في ذلك عمر بن عبد العزيز وأمر أن لا يترك في دار الإسلام بيعة ولا كنيسة بحال قديمة ولا حديثة . وهكذا قال : الحسن البصري قال : من السنة أن تهدم الكنائس التي في الأمصار القديمة والحديثة ويمنع أهل الذمة من بناء ما خرب )



وأما الشافعية فقد جاء في "مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج" : ( ونمنعهم وجوباً احداث كنيسة وبيعة وصومعة للرهبان )


وأما الحنابلة فقد قال الامام ابن قدامة –رحمه الله- في "المغني" عندما تحدث عن الأمصار التي مصرها المسلمون : ( فلا يجوز فيه احداث كنيسة ولا بيعة ولا مجتمع لصلاتهم) .
وبعد هذا العرض أظن أنك أدركت أخي القارئ مدى غرابة قول من يدعو الى بناء الكنائس في بلاد المسلمين ، لأنك ترى أن فقهاء الأمة وعلمائها من الصحابة ومن جاء بعدهم في جانب ، وهؤلاء في جانب آخر غريب ليس له سلف..


فهذه هي ثقافتنا وهذا هو تراثنا الذي لابد أن يكون منطلقنا في تبني المواقف شأننا في ذلك شأن أي أمة تحترم ماضيها ورجالاتها الذين يمثلون هويتها ، لا أن نبحث عن الأفكار المستوردة المجلوبة من الخارج ، لأن عقولنا حينئذٍ ستبدو –كما هو حال عقول كثير من المفتونين !! – عقولاً مستنسخة لا استقلالية لها ولا أرضية إنما هي عقول أهل الحضارات الأخرى تسيرها يمنةً ويسرةً . والله المستعان




كــتــبــه/ لســان الحـــق