المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشركات العائلية وشروط الإدراج ..الإيجابيات والسلبيات



مغروور قطر
18-03-2008, 09:02 AM
الشركات العائلية وشروط الإدراج ..الإيجابيات والسلبيات
سعت السياسة الاقتصادية فيما يتعلق بسوق الدوحة للأوراق المالية إلى تشجيع القطاع الخاص وتهيئة المناخ الاستثماري لنمو الشركات الخاصة والعائلية لتؤدي دورا أكثر فاعلية في مساهمتها إلى الناتج المحلي الاجمالي. وجاء القرار الذي اتخذته لجنة سوق الدوحة للأوراق المالية بتعديل اللائحة الداخلية لشروط الادراج في سوق الاسهم فرصة مهمة لنقل الشركات الخاصة الى نطاق أوسع من النمو والأداء وإلى مستوى أعلى من المؤسسية والشفافية والمسؤولية تجاه حملة الأسهم والاقتصاد بشكل عام.

وكان قرار السوق بالتحديد ينص على تعديل الفقرة (1) من المادة (38) من اللائحة الداخلية للسوق بخفض شرط الإدراج المتعلق بعدد المساهمين من 100 مساهم إلى 30 مساهما كحد أدنى، بينما نص القرار الثاني على تعديل المادة (37) من اللائحة الداخلية للسوق بحيث يشترط ألا يقل رأس المال المكتتب به لشركة المساهمة الراغبة بقيد أسهمها في السوق عن 40 مليون ريال.

ومن إيجابيات هذا التعديل في شروط الادراج انه يشجع دخول الشركات العائلية والخاصة في سوق الاسهم، وهذا من شأنه أن يسهم في تطعيم سوق الاسهم بالعمق عن طريق زيادة عدد الاسهم المتاحة للتداول بما ينعكس على وضع سيولة الأسهم ونشاط السوق، وكذلك زيادة الاهمية النسبية لسوق الدوحة وذلك بالنظر الى حجم السوق رسملة وعددا حتى يأخذ مكانة وترتيبا مهما على مستوى منطقة الخليج والشرق الأوسط بما يدعم جاذبية السوق في المنطقة. أما للمستثمر فإن الفائدة قد تتحقق له في إتاحة الفرصة لتوسيع المحفظة الاستثمارية وتنويعها.

ولعلي أركز في هذا المقال على تداعيات خفض عدد المساهمين الى 30 مساهما واثره على التداول بالنسبة للشركات العائلية التى تم ادراجها مؤخرا بسوق الدوحة للأوراق المالية، حيث ظهرت نتائج هذا القرار - وعلى المدى القصير منذ قرار التعديل- باعثا للإحباط لدى كثير من المستثمرين الراغبين في تملك اسهم تلك الشركات الناجحة، وكذلك بالنسبة للاهداف المرجو تحقيقها في السوق وخاصة العمق ونشاط التداول والسيولة.

والمشكلة التى نلمسها الآن هي ان أسعار أسهم تلك الشركات لا تعكس أداءها، بل تعكس ضيق نطاق الملكية بها، بما يؤثر على عرض أسهم تلك الشركات في السوق، وبالتالي فإن هذا القرار افرز ثغرة استفادت منها الشركات المدرجة حديثا لدفع سعر أسهمها الى الأعلى.

ومن هذا المنطلق يجب ان ننتبه إلى أن قرار تعديل شروط الادراج يمكن ان يستغل -وعلى ضوء ما نراه في الواقع- كوسيلة لتكوين ومضاعفة الثروة بأقل فترة وأقصر الطرق. فعلى سبيل المثال، لو ان شركة ما تم تقييم اصولها بقيمة 100 مليون ريال، ثم سمح لها بدخول سوق الاسهم على اساس سعر تداول ابتداء من 10 ريالات أي بمجموع 10 ملايين اسهم، وبسبب ان العرض للـ 10 ملايين سهم سيكون في أيدي ثلاثين مالكا من حملة الأسهم - حسب شرط الادراج- فإن تحجيم العرض والتنسيق بين ملاك الاسهم المحدودين لبيع عدد قليل من أسهم الشركة عند الحد الأعلى سيدفع سعر السهم الى اضعاف مضاعفة من قيمة السهم وليكن مثلا 100 ريال، وبالتالي ستكون رسملة الشركة قد تضاعفت لتصل في فترة وجيزة جدا من 100 مليون ريال الى مليار ريال.

فضلا عن ذلك فان تثمين تلك الشركات العائلية جاء في وقت يعاني فيه الاقتصاد من تضخم كبير في أسعار الأصول والسلع والخدمات، أي أن القيمة العادلة التى قومت بها شركات التثمين جاءت في فترة التضخم في الاسعار، وإذا لم يكن قد تم التحوط من التضخم وذلك بترجمته إلى مخصصات هبوط الأسعار بما يساهم بدقة في تحديد القيمة العادلة لسهم الشركة قبل الإدراج فإن عدد الاسهم المقررة تأسيسا على تلك القيمة قد جانب الصواب في تحديد القيمة العادلة للسهم. وبالتالي فإن قيمة الشركة دون أخذ عنصر التضخم بدقة في الاعتبار، ثم ادراج أسهم تلك الشركة في السوق بمجرد استيفائها لشرط الحصول على 30 شخصا من ملاك أسهم الشركة، فمن شأن ذلك ان يؤدي إلى تضخيم غير عادي لسعر سهم الشركة في السوق خاصة وأن العرض أصبح (وبغطاء مقنن) محصورا في أيدي ذلك العدد القليل من الشركاء.

على اية حال، فإن الشركات العائلية المدرجة حديثا ستستفيد من هذا الوضع بتحقيق رسملة عالية بما يؤهلها في الحصول على ائتمانات تمويلية في مقابل ضمانات قوة رسملة الشركة. كما أن العدد القليل لملاك الأسهم سيساعد على تماسك سعر السهم لمدى اطول عند المستويات المستهدفة طالما استمر التنسيق بين العدد القليل من الملاك بهدف المحافظة على تركيبة ملاك الشركة وذلك لاستمرار القوة التنسيقية التي تخدم سعر سهم الشركة في السوق. وبما أن واقع السوق الحالي قد لا يشجع بيع الملاك الحاليين لكميات استراتيجية من اسهمهم، فإن الاستمرار في المحافظة على تماسك السعر عند المستويات العالية قد يحين ويتزامن معه حدوث فورة في السوق بما يشجع الطلب عند المستويات التى يستهدفها ملاك السهم الحاليون ومن ثم البدء في عرض كميات استراتيجية تحقق مكاسب كبيرة تجنى حالا بدلا من انتظار تحقيق نفس هذه المكاسب لفترات بعيدة جدا.

أما السلبيات التى قد تتعرض لها الشركات المدرجة حديثا بالنسبة للمستويات العالية التي ستصل او وصلت اليها اسعار اسهمها والناتجة بسبب قلة عرض الملاك القليلين لاسهمهم فمنها ان إدارة الشركة المدرجة سيصعب عليها مواءمة توزيعات الأرباح مع السعر المضاعف لأسهمها في السوق، إلا ان ذلك قد لا يهم الشركاء او حملة الاسهم الحاليين بسبب غياب الضغوط على الشركة فيما لو كانت الحالة هي وجود قطاع عريض من الملاك يدفع آلية السوق نحو تحقيق سعر اكثر منطقية وعدالة في سوق الأسهم، بل واقرب استجابة لأداء الشركة وما تعكسها من مقومات. وبالرغم من ذلك ستواجه الشركات الخاصة المدرجة حديثا صعوبة في الحصول على تمويل باصدار اسهم اضافية لو استمرت محدودية قاعدة المساهمين وتركزها على حالها، وبالتالي فإن صعوبة التمويل باصدار أسهم على عدد قليل من حملة الأسهم سيقيد وسيحصر تعلق نمو واتساع نشاط الشركات العائلية المدرجة على مصادر تمويل ضيقة كاعادة حقن راس المال من الارباح او مصادر تمويل مكـلـفة كالحصول على قروض وتمويل من مصادر خارجية واخرى.

وفي الختام فإنني ادعو سوق الدوحة ووزارة الاقتصاد إلى إعادة النظر في شروط ادراج الشركات الخاصة في السوق، بل ووضع آلية افضل تحقق بمقتضاها توازنا بين جذب الشركات الخاصة لادراجها في السوق وتعظيم فائدة ادراجها على السوق وعلى المستثمرين أيضا. وكان من الأجدى ان تتبنى سوق الدوحة آلية إدراج أفضل من تلك التى تحصر أسهم الشركات محل الإدراج في عدد محدود جدا من المساهمين، حيث كان من المفترض ان تشترط تخصيص جزء من أسهم الشركة التى ترغب ان تدرج في السوق ليتم طرح ذلك الجزء كاكتتاب عام وعلى قاعد اكبر من المستثمرين، مع السماح بإضافة عمولة اصدار تضمن أيضا القيم غير المباشرة للشركة كالشهرة وغيرها بهدف انصاف الملاك المؤسسين للشركة والوصول الى القيمة العادلة والمنطقية للسهم عند الادراج في السوق.

د. خالد شمس محمد عبدالقادر

رئيس قسم المالية والاقتصاد

جامعة قطر

صوت قطر
18-03-2008, 06:08 PM
كلام منطقي