سيف قطر
30-03-2008, 05:55 AM
مبررات ارتفاع اسعار النفط
| تاريخ النشر:يوم الأحد ,30 مارس 2008 1:11 أ.م.
تشكل مسألة ارتفاع اسعار النفط حيرة كبيرة للمراقبين، بدليل تضارب التحليلات وتفاوتها بصورة كبيرة، فمنظمة الاقطار المصدرة للنفط " اوبك " لا ترى مبررا لتجاوز برميل النفط 110 دولارات للبرميل، في حين تضغط الولايات المتحدة على البلدان المنتجة لزيادة الانتاج، في الوقت الذي يسود الأسواق التوازن .. بين العرض والطلب، كما اشار الى ذلك بصورة صحيحة واكثر من مرة وزير الطاقة القطري عبدالله بن حمد العطية.
أمور عديدة تشكل طلاسم غير محددة المعالم للمراقبين والخبراء في عالم الصناعة النفطية، حيث جاءت آخر هذه التعليقات من صندوق النقد الدولي الذي عزا ارتفاع الأسعار إلى المضاربات المحمومة في الاسواق العالمية. هذه هي الطفرة النفط الثالثة خلال اربعة عقود، ففي الطفرة الاولى في منتصف السبعينيات ارتفع سعر برميل النفط من دولارين تقريبا الى اكثر من خمسة دولارات ومن ثم الى احد عشر دولارا، كان السبب الرئيسي في ذلك هو قطع امدادات النفط من قبل البلدان العربية في الخليج والناجم عن تداعيات الحرب العربية الاسرائيلية في اكتوبر عام 1973 حيث اوجد ذلك نقصا كبيرا في امدادات النفط ادت ال اشتعال الاسعار.
اما الطفرة الثانية، فقد كانت اسبابها معروفة ومنطقية ايضا، اذ نجمت عن الثورة الايرانية في عام 1979 وبدء الحرب العراقية الايرانية في اواخر عام 1980 والتي هددت امدادات النفط بالتوقف من منطقة الخليج لترتفع الاسعار الى 34 دولارا للبرميل دفعة واحدة. الارتفاعات الحالية المتوالية والتي اوصلت سعر البرميل الى اعلى معدل له منذ بدء انتاجه قبل اكثر من قرن من الزمن فسرت من قبل المحللين والمتابعين كل حسب نظرته العامة للامور وخلفيته النظرية والسياسية.
فأولا هناك أصحاب المؤامرة والذين ارجعوا ارتفاع الاسعار الى نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني والذي يرأس كبريات شركات النفط الامريكية التي استفادت اكثر من غيرها من ارتفاع اسعار النفط، الا ان مسألة التحكم في الاسعار الى هذه الدرجة من الدقة من قبل جهة معينة امر مشكوك فيه.
ثانيا يعزوا البعض هذا الارتفاع الى المضاربات، وهذه مسألة اقرب الى الواقع في بعض جوانبها، بدليل التفاوت الكبير في الاسعار خلال فترات زمنية قصيرة، الا ان ذلك لا يعكس كامل الصورة لما يجري في اسواق النفط العالمية
ثالثا هناك من يشير الى ارتفاع الطلب في آسيا، وبالاخص في الصين والهند واللتان تحققان معدلات نمو غير مسبوقة، مما يؤدي الى ارتفاع الطلب على النفط. تملك وجهة النظر هذه جانبا منطقيا، الا ان ذلك وحده لا يبرر وصول سعر البرميل الى 110 دولارات، خصوصا وان العرض يتوازن مع الطلب، اي انه لا يوجد نقص في الامدادات في الاسواق العالمية.
رابعا وهذه نقطة مهمة للغاية، هناك من يرى بان التكالب على شراء النفط له علاقة بحجم الاحتياطات النفطية في البلدان المنتجة، وبالتالي بالعمر الافتراضي للنفط، فالتقديرات بريطانية تشير الى ان احتياطيات النفط المعلنة هي اقل من ذلك بكثير، وان العمر الافتراضي للنفط مقدرا وفق معدل الاستهلاك العالمي نسبة للاحتياطيات العالمية هو اقل من 40 عاما وفق الاحتياطيات الرسمية.
من هنا تسعى البلدان المتطورة الى ملء خزانتها باكبر كمية ممكنة، فاختلال النسبة بين العرض والطلب في السنوات القليل القادمة يمكن ان يدفع ببرميل النفط ليصل الى 200 دولار للبرميل، مما يعني امكانية تحقيق ارباح خيالية.
المهم في هذه النقطة هو ليس الارباح الخيالية التي ستحققها الشركات والمضاربون في حالة ثبت صحة هذه التقديرات المتدنية للاحتياطيات، وانما مدى جاهزية البلدان المنتجة لانحسار عصر النفط، فبعضها حقق تقدما مهما نحو تنويع مصادر الدخل، في حين لا زال البعض الآخر يحاول تحقيق هذا التنوع.
معظم تقديرات الاحتياطيات تاتي من مصادر شركات النفط العالمية، علما بان معرفة حجم الاحتياطيات اصبحت مسألة استراتيجية مهمة للبلدان المنتجة للنفط، فالسنوات المتاحة لايجاد مصادر دخل بديلة ستحدد مستقبلا موقع البلدان المنتجة في التقسيم الدولي الجديد للعمل في عصر العولمة.
الشركات الوطنية في البلدان المنتجة والتي اكتسبت خبرات كبيرة في العقدين الماضيين وحدها القادرة على الاجابة على حجم الاحتياطيات النفطية في بلدانها.
د.محمد العسومي.خبير اقتصادى – الامارات
| تاريخ النشر:يوم الأحد ,30 مارس 2008 1:11 أ.م.
تشكل مسألة ارتفاع اسعار النفط حيرة كبيرة للمراقبين، بدليل تضارب التحليلات وتفاوتها بصورة كبيرة، فمنظمة الاقطار المصدرة للنفط " اوبك " لا ترى مبررا لتجاوز برميل النفط 110 دولارات للبرميل، في حين تضغط الولايات المتحدة على البلدان المنتجة لزيادة الانتاج، في الوقت الذي يسود الأسواق التوازن .. بين العرض والطلب، كما اشار الى ذلك بصورة صحيحة واكثر من مرة وزير الطاقة القطري عبدالله بن حمد العطية.
أمور عديدة تشكل طلاسم غير محددة المعالم للمراقبين والخبراء في عالم الصناعة النفطية، حيث جاءت آخر هذه التعليقات من صندوق النقد الدولي الذي عزا ارتفاع الأسعار إلى المضاربات المحمومة في الاسواق العالمية. هذه هي الطفرة النفط الثالثة خلال اربعة عقود، ففي الطفرة الاولى في منتصف السبعينيات ارتفع سعر برميل النفط من دولارين تقريبا الى اكثر من خمسة دولارات ومن ثم الى احد عشر دولارا، كان السبب الرئيسي في ذلك هو قطع امدادات النفط من قبل البلدان العربية في الخليج والناجم عن تداعيات الحرب العربية الاسرائيلية في اكتوبر عام 1973 حيث اوجد ذلك نقصا كبيرا في امدادات النفط ادت ال اشتعال الاسعار.
اما الطفرة الثانية، فقد كانت اسبابها معروفة ومنطقية ايضا، اذ نجمت عن الثورة الايرانية في عام 1979 وبدء الحرب العراقية الايرانية في اواخر عام 1980 والتي هددت امدادات النفط بالتوقف من منطقة الخليج لترتفع الاسعار الى 34 دولارا للبرميل دفعة واحدة. الارتفاعات الحالية المتوالية والتي اوصلت سعر البرميل الى اعلى معدل له منذ بدء انتاجه قبل اكثر من قرن من الزمن فسرت من قبل المحللين والمتابعين كل حسب نظرته العامة للامور وخلفيته النظرية والسياسية.
فأولا هناك أصحاب المؤامرة والذين ارجعوا ارتفاع الاسعار الى نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني والذي يرأس كبريات شركات النفط الامريكية التي استفادت اكثر من غيرها من ارتفاع اسعار النفط، الا ان مسألة التحكم في الاسعار الى هذه الدرجة من الدقة من قبل جهة معينة امر مشكوك فيه.
ثانيا يعزوا البعض هذا الارتفاع الى المضاربات، وهذه مسألة اقرب الى الواقع في بعض جوانبها، بدليل التفاوت الكبير في الاسعار خلال فترات زمنية قصيرة، الا ان ذلك لا يعكس كامل الصورة لما يجري في اسواق النفط العالمية
ثالثا هناك من يشير الى ارتفاع الطلب في آسيا، وبالاخص في الصين والهند واللتان تحققان معدلات نمو غير مسبوقة، مما يؤدي الى ارتفاع الطلب على النفط. تملك وجهة النظر هذه جانبا منطقيا، الا ان ذلك وحده لا يبرر وصول سعر البرميل الى 110 دولارات، خصوصا وان العرض يتوازن مع الطلب، اي انه لا يوجد نقص في الامدادات في الاسواق العالمية.
رابعا وهذه نقطة مهمة للغاية، هناك من يرى بان التكالب على شراء النفط له علاقة بحجم الاحتياطات النفطية في البلدان المنتجة، وبالتالي بالعمر الافتراضي للنفط، فالتقديرات بريطانية تشير الى ان احتياطيات النفط المعلنة هي اقل من ذلك بكثير، وان العمر الافتراضي للنفط مقدرا وفق معدل الاستهلاك العالمي نسبة للاحتياطيات العالمية هو اقل من 40 عاما وفق الاحتياطيات الرسمية.
من هنا تسعى البلدان المتطورة الى ملء خزانتها باكبر كمية ممكنة، فاختلال النسبة بين العرض والطلب في السنوات القليل القادمة يمكن ان يدفع ببرميل النفط ليصل الى 200 دولار للبرميل، مما يعني امكانية تحقيق ارباح خيالية.
المهم في هذه النقطة هو ليس الارباح الخيالية التي ستحققها الشركات والمضاربون في حالة ثبت صحة هذه التقديرات المتدنية للاحتياطيات، وانما مدى جاهزية البلدان المنتجة لانحسار عصر النفط، فبعضها حقق تقدما مهما نحو تنويع مصادر الدخل، في حين لا زال البعض الآخر يحاول تحقيق هذا التنوع.
معظم تقديرات الاحتياطيات تاتي من مصادر شركات النفط العالمية، علما بان معرفة حجم الاحتياطيات اصبحت مسألة استراتيجية مهمة للبلدان المنتجة للنفط، فالسنوات المتاحة لايجاد مصادر دخل بديلة ستحدد مستقبلا موقع البلدان المنتجة في التقسيم الدولي الجديد للعمل في عصر العولمة.
الشركات الوطنية في البلدان المنتجة والتي اكتسبت خبرات كبيرة في العقدين الماضيين وحدها القادرة على الاجابة على حجم الاحتياطيات النفطية في بلدانها.
د.محمد العسومي.خبير اقتصادى – الامارات