المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صـــــناعة الـــخدمات الــمالية الإســـــــــــلامية



سيف قطر
30-03-2008, 05:57 AM
صـــــناعة الـــخدمات الــمالية الإســـــــــــلامية
| تاريخ النشر:يوم الأحد ,30 مارس 2008 1:11 أ.م.



بتاريخ 19 مارس (آذار) ألقينا محاضرة حول آفاق ومستقبل صناعة الخدمات المالية الإسلامية في معهد اليابان للشؤون الدولية في العاصمة (طوكيو). وكان لافتا دعوة الجانب الياباني لنا لإلقاء محاضرة حول الصيرفة الإسلامية دون غيرها من المواضيع. لكن كما يقال إذا عرف السب بطل العجب. أما العجب فهو عدم استفادة المؤسسات اليابانية بشكل نوعي حتى الآن من آفاق صناعة الخدمات المالية الإسلامية. بالمقابل، يلاحظ اهتمام دول أخرى بهذه الصناعة بدليل تأسيس البنك الإسلامي البريطاني في لندن.
وجاءت زيارتنا لليابان بناء على دعوة من الحكومة اليابانية لغرض منحنا فرصة الاضطلاع على تجربة اليابان في التنمية الاقتصادية وتطبيق مبادئ الإدارة الحديثة. بالمقابل، عمدت الجهة المدعوة إلى إعداد برنامج متنوع يشمل زيارة بعض المؤسسات الرسمية والمعاهد المتخصصة والمهتمة بتطورات الأوضاع في دول مجلس التعاون الخليجي بهدف مناقشة الفرص الاستثمارية الواعدة في اقتصادات دول المنطقة في ضوء ارتفاع وبقاء أسعار النفط مرتفعة.
يناقش المقال الذي بين يديك آخر الإحصاءات المتوافرة حول صناعة الخدمات المالية الإسلامية. وكنا قد أجرينا بحثا حول هذا الموضوع وذلك في إطار الاستعداد للمحاضرة.
مليارات الدولارات
يبلغ عدد المؤسسات العاملة في مجال الخدمات المالية الإسلامية نحو 300 مؤسسة تقدم خدماتها في 75 بلدا في العالم. تدير هذه المؤسسات المالية فيما بينها نحو 500 مليار دولار. يعد هذا الرقم المذكور كبير جدا حيث يساوي نحو ثلاثة أرباع قيمة الناتج المحلي الإجمالي للدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. والأهم من ذلك، فإن المبلغ مرشح للصعود إلى نحو تريليون دولار في السنوات القليلة المقبلة بسبب تسجيل نسبة نمو تتراوح ما بين 15 و 20 في المائة سنويا.
كما أكدنا من خلال المحاضرة إلى قدرة المصارف المالية الإسلامية في تحقيق أرباح متميزة. فقد حقق بيت التمويل الخليجي ربحا صافيا قدره 340 مليون دولار في العام 2007 ما يعني تسجيل نسبة نمو قدرها 61 في المائة في غضون سنة واحدة. كما تمكن بنك البركة من تحقيق أرباحا صافية قدرها 144 مليون دولار في العام 2007 مسجلا نسبة نمو قدرها 79 في المائة. وقبل أيام فقط، كشف بنك البركة عن نيته في تأسيس بنك جديد برأسمال مدفوع قدره 3 مليارات دولار في بادئ الأمر.
منتجات متنوعة
كما بينا للحضور عن بعض المنتجات المصرفية الإسلامية من قبيل المرابحة والمضاربة والمشاركة والإيجار والسلام والصكوك. إضافة إلى ذلك، أشرنا إلى رغبة وقدرة المؤسسات المالية الإسلامية في طرح منتجات متميزة تهدف في نهاية المطاف إلى إعمار الأرض وبالتالي كسب رضا الخالق سبحانه.
على سبيل المثال وليس الحصر، أشرنا إلى مشروع مرفأ البحرين المالي في وسط المنامة بقيادة بيت التمويل الخليجي (ومقره البحرين). يتم تشييد المشروع بقيمة مليار ونصل المليار دولار على ثلاث مراحل. وقد حالف المؤسسات الإسلامية المستثمرة الصواب في تسمية المشروع والإيحاء بأنه تابع للقطاع العام في البحرين. وأكدنا من خلال ورقتنا إلى ابتعاد المصارف الإسلامية عن بعض الممارسات الخاطئة مثل المضاربات لما لذلك من تأثيرات سلبية على الأوضاع الاقتصادية (لاحظ تداعيات أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة).
تحديات مختلفة
من جهة أخرى، أشرنا في كلمتنا إلى بعض المشكلات التي تواجه صناعة الصرفية الإسلامية من قبيل النقص في عدد علماء الشريعة الإسلامية لمجالس الإدارات المختصين في فقه المعاملات. تكمن وظيفة أصحاب الفضيلة في التأكد من أن المنتجات المزمع طرحها تتناسب ومبادئ الشريعة السمحاء.
إضافة إلى ذلك، بينا تحدي آخر مصدره قلة الأدوات الإسلامية المطروحة. بمعنى آخر، هناك سيولة ضخمة متوافرة بحاجة إلى توظيف وسوق ثانوية للتداول. ويشكل نقص الأدوات فراغا يؤدي في نهاية المطاف لخروج جزء من الأموال إلى بعض الأسواق الأخرى وخصوصا الولايات المتحدة وبريطانيا.
وهناك تحدي آخر مصدره ضمان توافر الثروة البشرية المؤهلة للعمل في قطاع الخدمات المالية الإسلامية. المشهور بأن هناك نقصا في توفير العدد المطلوب من المؤهلين للعمل في نطاق الخدمات المالية الإسلامية. أخيرا وليس آخرا، يوجد تحدي آخر مرده عدم توحيد القوانين والأطر التي تحكم المؤسسات المالية الإسلامية. صحيح تقوم بعض المؤسسات المتخصصة في المالية الإسلامية بتقديم مقترحات بخصوص طرق رصد واحتساب بعض البيانات المالية، لكنها تبقى توصيات في نهاية المطاف.
مجالات رحبة
وقد بذلنا جهدا خلال المحاضرة في إقناع الحضور بأهمية مشاركة المؤسسات اليابانية في مجال الخدمات المالية الإسلامية نظرا للنمو المنقطع النظير الذي تشهده هذه الصناعة الواعدة. وأكدنا بأن مصلحة اليابان تقتضي المشاركة في الاستفادة والمساهمة في تطوير هذا القطاع الحيوي. وبينا بأن اليابان هي الخاسر الأكبر من عدم فتح أبوابها أمام الصيرفة الإسلامية في الوقت الذي تتسارع خطى بعض الدول والمؤسسات المالية الغربية في الاستفادة في الحصول على جانب من كعكة هذه الصناعة.
من جملة الأمور، ذكرنا لهم دخول بريطانيا على الخط عبر تأسيس البنك الإسلامي البريطاني في العام 2004. وتبين لنا من خلال عملية البحث بأن أول زبون للبنك الإسلامي البريطاني لم يكن مسلما. كما تفكر السلطات البريطانية في استصدار سندات أو صكوك إسلامية لتمويل بعض المشروعات الحيوية. بدورها، تعمل فرنسا عل استقطاب أنشطة متعلقة بالصيرفة الإسلامية مستفيدة في ذلك من تواجد جالية إسلامية في البلاد. كما أكدنا بأن إنشاء بعض المؤسسات المالية الدولية مثل (سيتي بنك) وحدات خاصة للخدمات المالية الإسلامية يعد دليلا ملموسا على تنامي الفرص الواعدة في مجال الصيرفة الإسلامية.
وبدا لنا من المناقشات والمداولات التي جرت بعد الانتهاء من المحاضرة بأن الجانب الياباني متعطش لمعرفة الكثير حول الصيرفة الإسلامية. حقيقة القول، لا يمكن لوم الجانب الياباني أو غيره في محاولات الاستفادة من هذه الصناعة الواعدة.


د.جاسم حسين
محلل اقتصادي وعضو اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس النواب في البحرين
jasim.husain@gmail.com