المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــند ما ينطق الاقتصاد



سيف قطر
30-03-2008, 05:59 AM
عـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــند ما ينطق الاقتصاد
| تاريخ النشر:يوم الأحد ,30 مارس 2008 1:11 أ.م.



بينما كنت أصغي لكلمات عمرو موسى, الأمين العام لجامعة الدول العربية, في مؤتمره الصحفي, إلى جانب وزير الاقتصاد السوري, وهو يتحدث عن القرارات الاقتصادية والتوصيات التي رفعت للقادة العرب بهدف إقرارها كتمهيد لقمة الكويت الاقتصادية المقبلة في بداية العام القادم. كنت أرى في حماسته وابتهاجه, الواضح على قسمات وجهه, بزوغ ملامح مشروع عربي جديد, ربما أنضجته الظروف العالمية المتسارعة, من الإحباط السياسي والاقتصادي, الذي بدأ يرخي بظلاله على معظم دول العالم, والمنطقة العربية بشكل خاص. وكأن يقظة جديدة نبهت الأذهان العربية, فتكلم ممثلوها, لأول مرة, بلسان كل واحد منا. بما يعنينا حاضرا, من مشكلات تلامس حياتنا المعيشية اليومية المباشرة, وما يتصل بها من أزمات مزمنة, كالسكن والتعليم والصحة والنقل وتدهور القدرة الشرائية. يشترك فيها, بنسب متفاوتة, مواطنو البلدان العربية, الغنية والفقيرة, على حد سواء.
هكذا نهض المشروع الأوروبي عام 1951 بتوقيع أول اتفاقية لست دول, أنهكتها النزاعات والحروب الطاحنة, فأنشأت نواة وحدتها الاقتصادية الأولى, تحت اسم " المجموعة الأوروبية للفحم والفولاذ", متجاوزة خلافاتها السياسة الحادة, إلى أن توصلت في 25 آذار- مارس- عام 1956 من إنضاج أهم مشروع حضاري في تاريخها الحديث, ولادة " المجموعة الأوروبية المشتركة CEE" التي اعتبرت في حينها أهم تجمع اقتصادي على مستوى العالم.
يروي موريس فور, الشاهد الوحيد الحي في وقتنا الراهن, والذي كان يشغل منصب وزير دولة في الخارجية الفرنسية, ومهندس بنود اتفاقية روما, وقائع ذلك اليوم لصحيفة لوفيغارو الفرنسية منذ عامين, بمناسبة الذكرى الخمسين لولادة نواة الاتحاد الأوروبي, بالقول: " كان المطر ينهمر غزيرا, بمباركة من السماء, فوق روما صباح ذلك اليوم. وكانت اليافطات تزين شوارعها الرئيسية, بكلمات( ستة شعوب في أسرة واحدة, كي يعم الخير على الجميع), عندما خرج الناطق الرسمي باسم القمة الأوروبية, ليعلن أمام المئات من الصحفيين المحتشدين, ولادة المجموعة الأوروبية المشتركة CEE , ولتقرع, على الفور, أجراس الكاتدرائيات الكبرى في العواصم الست, ترحيبا ومباركة, وإيذانا, ببزوغ عصر أوروبي جديد, ترك فيه القادة السياسيون خلافاتهم التاريخية جانبا, وأفسحوا المجال واسعا أمام الاقتصاد, والبحث العلمي, وحرية حركة البضائع, ترسم معالم مستقبل الأجيال الأوروبية القادمة.
وهكذا سوف يبدأ العصر العربي المشترك الجديد, لأن القادة العرب, ربما اتفقوا, للمرة الأولى, على إتاحة الفرصة أمام الاقتصاد والبحث العلمي, ومشكلات التنمية والبطالة, ترسم معالم مستقبل الأجيال العربية القادمة.
لقد نجح الاقتصاد في لم شمل العرب خلال يومين من النقاشات في دمشق, وخرجوا بتوصيات لمشروع قمة عربية اقتصادية, دعت إليها الكويت, مطلع العام المقبل, تأمل أن تنجز فيها مرحلة الانتقال السلس من "منطقة التجارة العربية الحرة" إلى الاتحاد العربي الجمركي" وصولا إلى أهم مشروع حضاري يمكن أن ينجزه العرب في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين, " السوق العربية المشتركة" على غرار السوق الأوروبية المشتركة.
كان السيد عمرو موسى يرسم معالم ذلك اليوم, المفصلي في التاريخ الحديث للأمة العربية, قبل أن ينعقد في العاصمة الكويتية, متفائلا بنجاحه, لأنه سيخرج من دائرة الجدل السياسي العربي, ويتسم للمرة الأولى بمشاركة رجال الأعمال العرب, والشركات الخاصة الكبرى, وهيئات المجتمع المدني الفاعلة في مجالات التنمية والمجتمع. لقد حقن الاقتصاد, فيما عجزت السياسة, تاريخا طويلا من الصراع بين العديد من الدول الأوروبية, ووحدها في مصير مشترك. فهل سينجز الاقتصاد العربي ما عجزت عنه السياسة عبر نصف قرن من الزمن.
سعيد هلال الشريفي

عميد السوق
30-03-2008, 08:05 AM
رائع أخوي سيف ...جزاك الله خير على الفائدة