رضى
08-04-2008, 07:49 AM
الرأي الآخر .. (زيادة الرواتب أولي متطلبات الموازنة الجديدة.!!)
بقلم :الكاتبة مريم آل سعد
لقد أصبحت المطالبة بزيادة الرواتب في الوقت الراهن، ومع طرح الموازنة الجديدة، مطلبا عادلا لسكان قطر يستحقونه، ليسمح لهم بأن يجاهدوا من أجل تنظيم ميزانياتهم وتحديد أولوياتهم، وقد عرفوا أن الدنيا غدارة والأمور تتعقد والقرش البيض ينفع في اليوم الأسود، وأن الحرص والوعي والتخطيط يعتبرون قوائم الحياة العصرية وركائز البيوت المستقرة.
قد تكون المطالبة بزيادة رواتب موظفي الدولة والقطاعات الخاصة والمختلطة ضربا من الحلول الزائفة للتضخم الجاري، حيث انه لأول مرة وترتفع الأسعار بشكل جنوني وحاد قبل زيادة الرواتب، والله يستر ماذا يحدث إذا زادت هذه المرة ما لم يغير الناس عاداتهم الاستهلاكية، ويؤمنوا بأن قيمة الإنسان تتحدد بتقديره لذاته وبإنسانيته وليس بمركزه الوظيفي أو المالي، مثلما يؤمنون بأن وظيفة الإنسان لا تصنع كينونته ولا تشكل قدراته النفسية بحكم أن معظمهم لم يكملوا تعليمهم العالي ولم يصبحوا مديرين أو وكلاء وزارة أو مسئولين، فكذلك فان امتلاك السيارة الفخمة والبيت العملاق والإكسسوارات الباهظة الثمن وبقية الأبهة، لا تخلق منهم شخصيات محترمة ومبجلة، بينما خلقهم وإنسانيتهم وشهامتهم وحسن معشرهم هم الذين يحكمون بجدارتهم الشخصية.
فأصحاب السلع متربصون لا يوجد قانون يلجمهم ولا أخلاقيات تردعهم، فقط وعي المستهلكين ومقدرتهم علي التخطيط والتدبير، ووضع الميزانيات والتقيد بها وتغيير عاداتهم الاستهلاكية السطحية، والارتقاء بعلاقاتهم الإنسانية وتحريرها من الماديات المرهقة، وجعلها علاقة شفافة تتبادل الهدايا الرمزية التي تعبر عن المحبة وليس أداء الواجب الثقيل الذي يقتل العلاقات الاجتماعية ويؤطرها كعبء ثقيل لا بد منه.
ومع ضرورة زيادة رواتب موظفي الدولة، تلك الميزة التي تعتبر الواجهة التي يحس بها الناس بالانتعاش والازدهار، مع أنها مضللة ولا تعكس الاستقرار المادي الحقيقي، فان أهم متطلبات الموازنة الجديدة دعم الدولة للسلع الأساسية والبني التحتية والتعليم والصحة.
هذا الحديث بمناسبة إقرار مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2008- 2009 والتي تعتبر أكبر ميزانية في تاريخ البلاد، من حيث الإيرادات والنفقات والفائض المتوقع. وبذلك يبقي الاهتمام بإقامة المشروعات التحتية والإنتاجية، والتركيز علي التعليم والصحة ودعم السلع الأساسية وجعلها بمتناول الطبقات الفقيرة، والاستثمار في المشاريع المعتمدة علي النفط والغاز والصناعات المكملة لها، ودعم وتشجيع القطاع الخاص وخصوصا أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، كلها من الأمور التي تسند المواطنين وهي الأرضية الحقيقية لرخائهم والسند لمستقبلهم، والقادرة علي تحريك الواقع الاقتصادي وسد الاحتياجات المحلية، وتوفير البدائل التي تقلل من الاستيراد وتطرح فرص العمل وتعمر البلاد.. فتوفير الخبز والأرز واللحوم والألبان وغيرها من الأساسيات لكل أسرة مواطنة أو وافدة هو زرع سنابل الخير والنعمة، ويبقي ما عداها يعتمد علي حصافة الأسر وحسن تدبيرها وتعاملها مع نعم الله بالتقدير والحرص أو التبذير واللامبالاة.
أما مدي مساهمة الدولة في توفير السكن اللائق لشعبها وتحرير البلاد من الانسدادات والاغلاقات حيث لا تنتهي أعمال الرصف والإعادة ولا تنجح بتقديم صورة نهائية للشارع المأمول حتي تعود لتهدم ما بنته، فيكون ببناء مدينة عصرية خارج مدينة الدوحة وهو الحل وهو الحلم، حيث تحتاج البلاد إلي مدارس جديدة وإلي مستشفيات أكثر وإلي مجمعات سكنية لحل أزمة السكان التي سببت الفوضي والغلاء، وأيضا لتخفيف العبء عن الشوارع المرهقة من التكدس والاختناق وغياب المواقف وكثرة الحفر والتشققات.
ان الموازنة الجديدة مطالبة بخلق مدينة عصرية تخفف الزحام وتوفر الخدمات،و يربطها بمدينة الدوحة طريق ممهد واسع لأربعة مسارات ذهابا ومثلها للعودة، فلا يحس سكانها بأنهم يبعدون عن العاصمة سوي أرباع الساعة للحاق بأعمالهم وقضاء مشاويرهم.
كذلك دعم العلاج وبناء مستشفيات جديدة وتوفير غرف للمرضي وتخفيف الضغط علي مؤسسة حمد هو نوع من مساعدة المواطنين والمقيمين الذين أثقل كاهلهم العلاج الخاص، ومواعيد الأطباء تأخذ بالشهور لأمراض لا تستحمل التأجيل، كالأسنان والجلد والعيون..الخ، بينما تكريس خطة التعليم وهو أساس التوازن لخلق البيئة الواعية المتحفزة لتأسيس مستقبلها يواجه الاحباطات في قلة المدارس لدرجة التفكير في جعل الدراسة مسائية، وذلك غريب جدا علي مجتمعنا وعدد سكانه ما زال تحت المأمول، فكيف الحال إذا ازدادت كثافته وأصبح مساويا لدول المنطقة حوله، حينها لا يمكن السيطرة علي الوضع إذا لم يعالج حاليا بالتركيز في الموازنة علي تأسيس المدارس وتوزيعها بشكل عادل علي المناطق، وجعل التعليم والصحة والإسكان من الأولويات الأساسية لدعم الإنسان في البلاد.
و قد يحس المواطن القطري بالغيرة- ومعه حق بذلك- أن تتجه استثمارات البلاد إلي الخارج مع أنها بمجملها إنسانية وتصب في خانة إسهامات قطر لنجدة ورفع معاناة شعوب مسلمة محتاجة، ولكن ان كان البيت بحاجة إلي النفقات فيحرم التبرع للجامع، ونحن نري البلاد تغرق في شوارع مهترئة يواجهها المواطن والمقيم يوميا في ذهابه وإيابه لدرجة إننا نطالب الدولة بتوفير إطارات لسياراتنا من كثرة ما انفجرت والتعبير ليس مجازيا بل حقيقيا، فالإطارات تتمزق من سوء الطريق وامتلائه بالمسامير ومخلفات شركات تسليك الشوارع والمجاري، وتكاد تعرض ركابها للخطر لولا عناية الله، ومن جهة أخري فان الحفر والمطبات والصخور والمرتفعات والمنحدرات بأشكالها التي تمر بها سيارات الناس أدت إلي خلخلتها والتأثير عليها، لدرجة انه من الأسف شراء سيارات جديدة وفخمة للتعرض لسوء الطرق ووعورتها.
إننا كشعب وكمواطنين ننتظر من دولتنا ان تدعم البلاد بمدينة حقيقية عملاقة بمدارسها ومستشفياتها ومستوصفاتها ومجمعاتها التجارية والإسكانية، لأنها ستبقي الشاهدة علي مر التاريخ علي خلود البلاد وحسن إدارتها وسياستها، بعد أن يذهب النفط وتتبعثر الأموال ويشد الناس الحزام.
إننا ننتظر ان تبني مدينة جديدة بالتخطيطات المنظمة، وبالمواصفات المستوعبة لجميع الظروف والملابسات الهندسية والحياتية، لتبني وتبقي وتعيش، بدلا من ردم الموجود وترقيع المائل والمتهدم (باستثناء ما يمثل تراث البلاد وجزءا من تاريخه المعماري والآثاري).
نريد أن تكون هناك المدينة التي لا نعاني فيها كما نحن الآن من وجود مبان ضخمة وجميلة للهيئات والوزارات، وثم لا نجد موقفا لسيارات العملاء، الذين يدورون بالساعات أو يقفزون علي الأرصفة أو يضطرون للوقوف في الممنوع لتلاحقهم مخالفات المرور بدون رحمة، أو بعد تشييدها يتم اكتشاف عدم توصيل البنية التحتية لها أو عدم تقدير النسب الحقيقية لمواصفات البيئة الموجودة عليها..!!
أجمل ما في بلادنا ذلك التناغم ما بين القيادة السياسية والشعب، ذلك التحاور المذهل في التقاط مشاكل الناس وقضاياهم، والاهتمام بحلها وبحثها وطرحها للنقاش علي أكبر المستويات. الإنسان في قطر ليس غائبا عن فكر قيادته وهذا ما يجعل هذه البلاد وطنا ينمو ويزدهر وينعم بالخير والأمان والتطور.
(حقوق الإنسان وقلة الزاد ونبل القضية..!)
لمخالفتها قانون العمل وارتكابها لمخالفات صريحة وعدم تقيدها بتوفير وسائل الصحة والسلامة المهنية، تم إيقاف معاملات 204 شركات في الأسبوع الماضي، لم يكن أحد من المسئولين ينتبه سابقا لمستوي معيشة وظروف حياة مئات الآلاف من العمال وتعرضهم للمخاطر الصحية وأضرار العمل، ولقد وصانا ديننا الكريم بالحيوانات فكيف البشر، وليس هناك أفضلية لإنسان علي الآخر سوي بما أسبغه الله عليه من نعم، ولقد جعل مشكلة أحدهم في معاناته، وابتلي الآخر في نوعية تصرفه أمام محنة أخيه الإنسان، هل يستغلها ويتسبب فيها أم يهرع ويخفف من وطأتها ويعالجها..؟؟
و هذا التطور في حرص إدارة العمل علي إجراء الجولات التفتيشية، والتأكد من التزام أصحاب الأعمال والمؤسسات والشركات بتنفيذ اشتراطات السلامة والصحة المهنية المنصوص عليها في تعاقداتهم هي بذرة مباركة من جهود اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان.
ربما لا يدرك الكثيرون الدور الذي تضيفه اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان للحياة العامة، وجعل حياة الإنسان سواء أكان مواطنا أو مقيما أفضل، لقد استطاعت هذه المجموعة من العاملين بالمجال الحقوقي الإنساني تقديم خدمات جليلة بحق العمالة الوافدة بالأخص التي تعمل بأراضينا، وتبلغ أعدادها مئات الآلاف وما تواجهه من مشكلات ومآسٍ وانتهاكات لا يمكن تحملها سوي نفوس آمنت بقضيتها وسكن الإيمان والرحمة قلوبها.
من معاناة سجن الإبعاد وحجز الأجانب بدون مسوغ قانوني أو تأخر محاكماتهم، أو لوجود نزاعات قضائية مع كفلائهم، أو تقاعسهم عن استخراج تذاكر سفر لهم بالنسبة للعمالة الهاربة، إلي مشاكل العمالة الأخري التي تشكو من عدم دفع أجورها، أو الاعتداء عليها أو فصلها التعسفي أو عدم توفر آليات الحماية لها.
و في النطاق الخاص بمعاناة بعض المواطنين الذين لجأوا إليها فلقد سجلت اللجنة مواقف بارزة في التوسط مع المسئولين لإيجاد تسويات وحلول لمواطنين ومقيمين تم طردهم في الشارع لعدم قدرتهم علي توفير السكن، أو ارتدادات الزواج من أجانب، عدا قضايا ازدواج الجنسية التي عاني منها خمسة آلاف شخص وذلك بتسوية أوضاعهم إما بإعادة منحهم الجنسية القطرية أو باحتفاظهم بجنسياتهم الأصلية.
يكتفي الكثير منا بالتعبير النظري للتنديد بقضايا ومظاهر حضارية أو إنسانية، بينما استطاعت اللجنة تغيير مصير الآلاف وفك أزماتهم وتقديم المساعدات لهم. دائما عندما يقع أحد ما في معضلة فان مجرد وجود من يسمع مشكلته ويتفهمها ويقدم له النصائح والحلول يعتبر جزءا من الدعم، فكيف إذا اتخذ الخطوات لتذليلها، وخاطب أولي الأمر بشأنها، وحرص علي اتخاذ الخطوات السليمة لمعالجتها..؟؟
حبذا لو تشكلت مجموعة من أبناء وبنات الوطن في جماعة تدعي ( أصدقاء وصديقات حقوق الإنسان)، تضع نفسها تحت إمرة اللجنة وتشارك في ندواتها وحلقاتها التدريبية وتقدم الخدمات التي من شأنها تسهيل عملها، وذلك لان هناك بلا مبالغة قلوبا بين المواطنين والمقيمين مفعمة بالرحمة والإنسانية والرغبة بالعطاء والمشاركة، واستهلاك أوقات فراغهم بما يعود عليهم بالرضا عن أنفسهم وقناعاتهم.
هناك الكثير الذين تملؤهم رغبة بالعمل والتغيير وإحداث الفروق بمجتمعاتهم، وعليهم عدم التوقف عند التنظير والتحسر علي سوء الأوضاع ورداءتها في أي جوانب اجتماعية وحضارية حولهم، بينما العمل أي عمل والقضية أية قضية تحتاج إلي الفعل والمشاركة والاتصالات لإحداث التغيير المنشود لتحريكها وفهم ما يكمن تحتها وما يدور حولها وما هي الظروف المحيطة بها.
إحداث فرق في حياتنا لا يتأتي بالانتقاد وحده لأنه مجرد رؤية الشيء من جانب واحد بينما هناك جوانب أخري محيطة به، علي المحلل العادل رؤيتها ومعادلتها إذا كانت الرغبة فعلا في إيجاد الحلول وليس بالبحث عن النواقص وزج الاتهامات.
يعتقد البعض بأن الأمور ثابتة لا يمكن زحزحتها، ولكن عندما تؤمن مجموعة بهدفها وتركز علي قيمها فإنها تنجح في زحزحة ثوابت لا يعتقد أحد بالقدرة علي التأثير فيها وتغييرها، وبذلك نري اللجنة لا تيأس من محاولاتها المتكررة الصبورة لتحريك القناعات المترسبة رغم ما يحيط بها من توترات ومراكز قوي لا تريد تغيير أنظمتها، وتوجهات لا تعترف بالأفكار المتطورة، وتقاليد رسخت جذورها فبات التحاور معها فحسب يعد جزءا من المخاطرة وسببا للخلاف.
العمل الإنساني رائع وتكمن بهجته بإحداث فروق مذهلة في حياة المحتاجين، برفع معاناة ورسم ابتسامة ونيل دعاء وشعور بارتياح النفس ونقاء الروح.
عندما تكون هناك جهود مخلصة فإننا نلمسها ونحسها وتنتقل إلينا بشفافيتها، وأيضا علينا أن ندعمها ونفخر بها لأنها تفيد الناس وتغير واقعهم، وتجعلنا نشعر بالثقة بمن حولنا، وبأن الدنيا بخير ومفعمة بالرحمة والأمل.
بقلم :الكاتبة مريم آل سعد
لقد أصبحت المطالبة بزيادة الرواتب في الوقت الراهن، ومع طرح الموازنة الجديدة، مطلبا عادلا لسكان قطر يستحقونه، ليسمح لهم بأن يجاهدوا من أجل تنظيم ميزانياتهم وتحديد أولوياتهم، وقد عرفوا أن الدنيا غدارة والأمور تتعقد والقرش البيض ينفع في اليوم الأسود، وأن الحرص والوعي والتخطيط يعتبرون قوائم الحياة العصرية وركائز البيوت المستقرة.
قد تكون المطالبة بزيادة رواتب موظفي الدولة والقطاعات الخاصة والمختلطة ضربا من الحلول الزائفة للتضخم الجاري، حيث انه لأول مرة وترتفع الأسعار بشكل جنوني وحاد قبل زيادة الرواتب، والله يستر ماذا يحدث إذا زادت هذه المرة ما لم يغير الناس عاداتهم الاستهلاكية، ويؤمنوا بأن قيمة الإنسان تتحدد بتقديره لذاته وبإنسانيته وليس بمركزه الوظيفي أو المالي، مثلما يؤمنون بأن وظيفة الإنسان لا تصنع كينونته ولا تشكل قدراته النفسية بحكم أن معظمهم لم يكملوا تعليمهم العالي ولم يصبحوا مديرين أو وكلاء وزارة أو مسئولين، فكذلك فان امتلاك السيارة الفخمة والبيت العملاق والإكسسوارات الباهظة الثمن وبقية الأبهة، لا تخلق منهم شخصيات محترمة ومبجلة، بينما خلقهم وإنسانيتهم وشهامتهم وحسن معشرهم هم الذين يحكمون بجدارتهم الشخصية.
فأصحاب السلع متربصون لا يوجد قانون يلجمهم ولا أخلاقيات تردعهم، فقط وعي المستهلكين ومقدرتهم علي التخطيط والتدبير، ووضع الميزانيات والتقيد بها وتغيير عاداتهم الاستهلاكية السطحية، والارتقاء بعلاقاتهم الإنسانية وتحريرها من الماديات المرهقة، وجعلها علاقة شفافة تتبادل الهدايا الرمزية التي تعبر عن المحبة وليس أداء الواجب الثقيل الذي يقتل العلاقات الاجتماعية ويؤطرها كعبء ثقيل لا بد منه.
ومع ضرورة زيادة رواتب موظفي الدولة، تلك الميزة التي تعتبر الواجهة التي يحس بها الناس بالانتعاش والازدهار، مع أنها مضللة ولا تعكس الاستقرار المادي الحقيقي، فان أهم متطلبات الموازنة الجديدة دعم الدولة للسلع الأساسية والبني التحتية والتعليم والصحة.
هذا الحديث بمناسبة إقرار مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2008- 2009 والتي تعتبر أكبر ميزانية في تاريخ البلاد، من حيث الإيرادات والنفقات والفائض المتوقع. وبذلك يبقي الاهتمام بإقامة المشروعات التحتية والإنتاجية، والتركيز علي التعليم والصحة ودعم السلع الأساسية وجعلها بمتناول الطبقات الفقيرة، والاستثمار في المشاريع المعتمدة علي النفط والغاز والصناعات المكملة لها، ودعم وتشجيع القطاع الخاص وخصوصا أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، كلها من الأمور التي تسند المواطنين وهي الأرضية الحقيقية لرخائهم والسند لمستقبلهم، والقادرة علي تحريك الواقع الاقتصادي وسد الاحتياجات المحلية، وتوفير البدائل التي تقلل من الاستيراد وتطرح فرص العمل وتعمر البلاد.. فتوفير الخبز والأرز واللحوم والألبان وغيرها من الأساسيات لكل أسرة مواطنة أو وافدة هو زرع سنابل الخير والنعمة، ويبقي ما عداها يعتمد علي حصافة الأسر وحسن تدبيرها وتعاملها مع نعم الله بالتقدير والحرص أو التبذير واللامبالاة.
أما مدي مساهمة الدولة في توفير السكن اللائق لشعبها وتحرير البلاد من الانسدادات والاغلاقات حيث لا تنتهي أعمال الرصف والإعادة ولا تنجح بتقديم صورة نهائية للشارع المأمول حتي تعود لتهدم ما بنته، فيكون ببناء مدينة عصرية خارج مدينة الدوحة وهو الحل وهو الحلم، حيث تحتاج البلاد إلي مدارس جديدة وإلي مستشفيات أكثر وإلي مجمعات سكنية لحل أزمة السكان التي سببت الفوضي والغلاء، وأيضا لتخفيف العبء عن الشوارع المرهقة من التكدس والاختناق وغياب المواقف وكثرة الحفر والتشققات.
ان الموازنة الجديدة مطالبة بخلق مدينة عصرية تخفف الزحام وتوفر الخدمات،و يربطها بمدينة الدوحة طريق ممهد واسع لأربعة مسارات ذهابا ومثلها للعودة، فلا يحس سكانها بأنهم يبعدون عن العاصمة سوي أرباع الساعة للحاق بأعمالهم وقضاء مشاويرهم.
كذلك دعم العلاج وبناء مستشفيات جديدة وتوفير غرف للمرضي وتخفيف الضغط علي مؤسسة حمد هو نوع من مساعدة المواطنين والمقيمين الذين أثقل كاهلهم العلاج الخاص، ومواعيد الأطباء تأخذ بالشهور لأمراض لا تستحمل التأجيل، كالأسنان والجلد والعيون..الخ، بينما تكريس خطة التعليم وهو أساس التوازن لخلق البيئة الواعية المتحفزة لتأسيس مستقبلها يواجه الاحباطات في قلة المدارس لدرجة التفكير في جعل الدراسة مسائية، وذلك غريب جدا علي مجتمعنا وعدد سكانه ما زال تحت المأمول، فكيف الحال إذا ازدادت كثافته وأصبح مساويا لدول المنطقة حوله، حينها لا يمكن السيطرة علي الوضع إذا لم يعالج حاليا بالتركيز في الموازنة علي تأسيس المدارس وتوزيعها بشكل عادل علي المناطق، وجعل التعليم والصحة والإسكان من الأولويات الأساسية لدعم الإنسان في البلاد.
و قد يحس المواطن القطري بالغيرة- ومعه حق بذلك- أن تتجه استثمارات البلاد إلي الخارج مع أنها بمجملها إنسانية وتصب في خانة إسهامات قطر لنجدة ورفع معاناة شعوب مسلمة محتاجة، ولكن ان كان البيت بحاجة إلي النفقات فيحرم التبرع للجامع، ونحن نري البلاد تغرق في شوارع مهترئة يواجهها المواطن والمقيم يوميا في ذهابه وإيابه لدرجة إننا نطالب الدولة بتوفير إطارات لسياراتنا من كثرة ما انفجرت والتعبير ليس مجازيا بل حقيقيا، فالإطارات تتمزق من سوء الطريق وامتلائه بالمسامير ومخلفات شركات تسليك الشوارع والمجاري، وتكاد تعرض ركابها للخطر لولا عناية الله، ومن جهة أخري فان الحفر والمطبات والصخور والمرتفعات والمنحدرات بأشكالها التي تمر بها سيارات الناس أدت إلي خلخلتها والتأثير عليها، لدرجة انه من الأسف شراء سيارات جديدة وفخمة للتعرض لسوء الطرق ووعورتها.
إننا كشعب وكمواطنين ننتظر من دولتنا ان تدعم البلاد بمدينة حقيقية عملاقة بمدارسها ومستشفياتها ومستوصفاتها ومجمعاتها التجارية والإسكانية، لأنها ستبقي الشاهدة علي مر التاريخ علي خلود البلاد وحسن إدارتها وسياستها، بعد أن يذهب النفط وتتبعثر الأموال ويشد الناس الحزام.
إننا ننتظر ان تبني مدينة جديدة بالتخطيطات المنظمة، وبالمواصفات المستوعبة لجميع الظروف والملابسات الهندسية والحياتية، لتبني وتبقي وتعيش، بدلا من ردم الموجود وترقيع المائل والمتهدم (باستثناء ما يمثل تراث البلاد وجزءا من تاريخه المعماري والآثاري).
نريد أن تكون هناك المدينة التي لا نعاني فيها كما نحن الآن من وجود مبان ضخمة وجميلة للهيئات والوزارات، وثم لا نجد موقفا لسيارات العملاء، الذين يدورون بالساعات أو يقفزون علي الأرصفة أو يضطرون للوقوف في الممنوع لتلاحقهم مخالفات المرور بدون رحمة، أو بعد تشييدها يتم اكتشاف عدم توصيل البنية التحتية لها أو عدم تقدير النسب الحقيقية لمواصفات البيئة الموجودة عليها..!!
أجمل ما في بلادنا ذلك التناغم ما بين القيادة السياسية والشعب، ذلك التحاور المذهل في التقاط مشاكل الناس وقضاياهم، والاهتمام بحلها وبحثها وطرحها للنقاش علي أكبر المستويات. الإنسان في قطر ليس غائبا عن فكر قيادته وهذا ما يجعل هذه البلاد وطنا ينمو ويزدهر وينعم بالخير والأمان والتطور.
(حقوق الإنسان وقلة الزاد ونبل القضية..!)
لمخالفتها قانون العمل وارتكابها لمخالفات صريحة وعدم تقيدها بتوفير وسائل الصحة والسلامة المهنية، تم إيقاف معاملات 204 شركات في الأسبوع الماضي، لم يكن أحد من المسئولين ينتبه سابقا لمستوي معيشة وظروف حياة مئات الآلاف من العمال وتعرضهم للمخاطر الصحية وأضرار العمل، ولقد وصانا ديننا الكريم بالحيوانات فكيف البشر، وليس هناك أفضلية لإنسان علي الآخر سوي بما أسبغه الله عليه من نعم، ولقد جعل مشكلة أحدهم في معاناته، وابتلي الآخر في نوعية تصرفه أمام محنة أخيه الإنسان، هل يستغلها ويتسبب فيها أم يهرع ويخفف من وطأتها ويعالجها..؟؟
و هذا التطور في حرص إدارة العمل علي إجراء الجولات التفتيشية، والتأكد من التزام أصحاب الأعمال والمؤسسات والشركات بتنفيذ اشتراطات السلامة والصحة المهنية المنصوص عليها في تعاقداتهم هي بذرة مباركة من جهود اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان.
ربما لا يدرك الكثيرون الدور الذي تضيفه اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان للحياة العامة، وجعل حياة الإنسان سواء أكان مواطنا أو مقيما أفضل، لقد استطاعت هذه المجموعة من العاملين بالمجال الحقوقي الإنساني تقديم خدمات جليلة بحق العمالة الوافدة بالأخص التي تعمل بأراضينا، وتبلغ أعدادها مئات الآلاف وما تواجهه من مشكلات ومآسٍ وانتهاكات لا يمكن تحملها سوي نفوس آمنت بقضيتها وسكن الإيمان والرحمة قلوبها.
من معاناة سجن الإبعاد وحجز الأجانب بدون مسوغ قانوني أو تأخر محاكماتهم، أو لوجود نزاعات قضائية مع كفلائهم، أو تقاعسهم عن استخراج تذاكر سفر لهم بالنسبة للعمالة الهاربة، إلي مشاكل العمالة الأخري التي تشكو من عدم دفع أجورها، أو الاعتداء عليها أو فصلها التعسفي أو عدم توفر آليات الحماية لها.
و في النطاق الخاص بمعاناة بعض المواطنين الذين لجأوا إليها فلقد سجلت اللجنة مواقف بارزة في التوسط مع المسئولين لإيجاد تسويات وحلول لمواطنين ومقيمين تم طردهم في الشارع لعدم قدرتهم علي توفير السكن، أو ارتدادات الزواج من أجانب، عدا قضايا ازدواج الجنسية التي عاني منها خمسة آلاف شخص وذلك بتسوية أوضاعهم إما بإعادة منحهم الجنسية القطرية أو باحتفاظهم بجنسياتهم الأصلية.
يكتفي الكثير منا بالتعبير النظري للتنديد بقضايا ومظاهر حضارية أو إنسانية، بينما استطاعت اللجنة تغيير مصير الآلاف وفك أزماتهم وتقديم المساعدات لهم. دائما عندما يقع أحد ما في معضلة فان مجرد وجود من يسمع مشكلته ويتفهمها ويقدم له النصائح والحلول يعتبر جزءا من الدعم، فكيف إذا اتخذ الخطوات لتذليلها، وخاطب أولي الأمر بشأنها، وحرص علي اتخاذ الخطوات السليمة لمعالجتها..؟؟
حبذا لو تشكلت مجموعة من أبناء وبنات الوطن في جماعة تدعي ( أصدقاء وصديقات حقوق الإنسان)، تضع نفسها تحت إمرة اللجنة وتشارك في ندواتها وحلقاتها التدريبية وتقدم الخدمات التي من شأنها تسهيل عملها، وذلك لان هناك بلا مبالغة قلوبا بين المواطنين والمقيمين مفعمة بالرحمة والإنسانية والرغبة بالعطاء والمشاركة، واستهلاك أوقات فراغهم بما يعود عليهم بالرضا عن أنفسهم وقناعاتهم.
هناك الكثير الذين تملؤهم رغبة بالعمل والتغيير وإحداث الفروق بمجتمعاتهم، وعليهم عدم التوقف عند التنظير والتحسر علي سوء الأوضاع ورداءتها في أي جوانب اجتماعية وحضارية حولهم، بينما العمل أي عمل والقضية أية قضية تحتاج إلي الفعل والمشاركة والاتصالات لإحداث التغيير المنشود لتحريكها وفهم ما يكمن تحتها وما يدور حولها وما هي الظروف المحيطة بها.
إحداث فرق في حياتنا لا يتأتي بالانتقاد وحده لأنه مجرد رؤية الشيء من جانب واحد بينما هناك جوانب أخري محيطة به، علي المحلل العادل رؤيتها ومعادلتها إذا كانت الرغبة فعلا في إيجاد الحلول وليس بالبحث عن النواقص وزج الاتهامات.
يعتقد البعض بأن الأمور ثابتة لا يمكن زحزحتها، ولكن عندما تؤمن مجموعة بهدفها وتركز علي قيمها فإنها تنجح في زحزحة ثوابت لا يعتقد أحد بالقدرة علي التأثير فيها وتغييرها، وبذلك نري اللجنة لا تيأس من محاولاتها المتكررة الصبورة لتحريك القناعات المترسبة رغم ما يحيط بها من توترات ومراكز قوي لا تريد تغيير أنظمتها، وتوجهات لا تعترف بالأفكار المتطورة، وتقاليد رسخت جذورها فبات التحاور معها فحسب يعد جزءا من المخاطرة وسببا للخلاف.
العمل الإنساني رائع وتكمن بهجته بإحداث فروق مذهلة في حياة المحتاجين، برفع معاناة ورسم ابتسامة ونيل دعاء وشعور بارتياح النفس ونقاء الروح.
عندما تكون هناك جهود مخلصة فإننا نلمسها ونحسها وتنتقل إلينا بشفافيتها، وأيضا علينا أن ندعمها ونفخر بها لأنها تفيد الناس وتغير واقعهم، وتجعلنا نشعر بالثقة بمن حولنا، وبأن الدنيا بخير ومفعمة بالرحمة والأمل.