الامل القديم
08-04-2008, 03:27 PM
خالد بن سعود البليهد
عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته). رواه مسلم.
هذا الحديث من الأحاديث الجامعة لقواعد الإسلام وهو شامل لسائر أبواب الدين وفروعه. وفيه مسائل:
الأولى: قوله صلى الله عليه وسلم: (كتب الإحسان). لفظ الكتابة تقتضي الوجوب عند أكثر الأصوليين. قال تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قيام رمضان: (إني خشيت أن يكتب عليكم). رواه البخاري. والكتابة الواردة في الشرع ضربان:
1- كتابة كونية قدرية وهي ما يقع قدرا لا محالة. قال تعالى: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ). وقال تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ).
2- كتابة شرعية دينية وهي ما أمر الله به وشرعه لعباده. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). وقال تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ).
الثانية: الإحسان لغة بذل المنفعة والخير. واصطلاحا في عرف الشارع يطلق على أمرين:
(1) إيصال النفع إلى الآخرين.
(2) إتمام العبادة وإتقانها. فهو يشمل الإحسان في حق الله والإحسان في حق الخلق. فالمحسن هو من أحسن في عمله وأحسن إلى غيره.
الثالثة: أمر الله تعالى بالإحسان فقال: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى). وقال تعالى: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). ويختلف حكم الإحسان في الشرع:
1- فتارة يكون واجبا كالإحسان إلى الوالدين والأرحام بقدر ما يحصل به أقل البر والصلة والإحسان إلى الضعيف بقدر ما يحصل به دفع خلته.
2- وتارة يكون مستحبا كصدقة التطوع وسقاية الماء وإكرام الضيف والإحسان إلى الجار ودلالة الضال والسعي على الأرملة والمسكين وغير ذلك من وجوه البر.
الرابعة: الحديث دليل على مشروعية الإحسان في كل شيء وعمومه في سائر الأعمال ولكن إحسان كل شيء بحسبه وهو على أصناف:
1- فالإحسان في باب الواجبات الظاهرة والباطنة يكون بالإتيان بها على وجه كمال واجباتها فهذا القدر من الإحسان فيها واجب. أما الإحسان فيها بإكمال مستحباتها فمستحب ليس بواجب.
2- والإحسان في باب المحرمات يكون بالانتهاء عنها وترك ظاهرها وباطنها كما قال الله تعالى: (وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ).
3- والإحسان في باب المقدورات يكون بالصبر عليها من غير تسخط ولا جزع.
4- والإحسان في باب معاملة الخلق يكون بالقيام بما أوجب الله لهم من الحقوق.
الخامسة: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان في القتل مثالا يندرج تحت قاعدة الإحسان. والإحسان في قتل ما يجوز قتله من الناس والدواب يكون بإزهاق نفسه على أسرع الوجوه وأسهلها من غير زيادة في التعذيب لأنه إيلام بلا حاجة ولا مصلحة راجحة. وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة). دليل على إحسان هيئة الذبح وهيئة القتل سواء كان ذلك في اختيار الآلة الحادة التي تمضي وتريح المقتول أو في صفة القتل وطريقته. وأسهل وجوه قتل الآدمي ضربه بالسيف على العنق كما قال تعالى في قتال الكفار: (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ). وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية تغزو في سبيل الله قال لهم: (لا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا). رواه مسلم. وفي صحيح البخاري: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المثلة). وقد ورد وعيد شديد لمن مثل فقد أخرج أحمد في مسنده عن رجل من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من مثل بذي روح ثم لم يتب مثل الله به يوم القيامة). وأهل الإيمان من أعف الناس في هذا الباب لا يعذبون ولا يمثلون في القتل فهم أرحم الناس بخلق الله. أما الكفار والخوارج وأهل البدع إذا تمكنوا من عدوهم ليس عندهم ورع قساة وظلمة في القتل. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعف الناس قتلة أهل الإيمان). رواه أبوداود.
.
عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته). رواه مسلم.
هذا الحديث من الأحاديث الجامعة لقواعد الإسلام وهو شامل لسائر أبواب الدين وفروعه. وفيه مسائل:
الأولى: قوله صلى الله عليه وسلم: (كتب الإحسان). لفظ الكتابة تقتضي الوجوب عند أكثر الأصوليين. قال تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قيام رمضان: (إني خشيت أن يكتب عليكم). رواه البخاري. والكتابة الواردة في الشرع ضربان:
1- كتابة كونية قدرية وهي ما يقع قدرا لا محالة. قال تعالى: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ). وقال تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ).
2- كتابة شرعية دينية وهي ما أمر الله به وشرعه لعباده. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). وقال تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ).
الثانية: الإحسان لغة بذل المنفعة والخير. واصطلاحا في عرف الشارع يطلق على أمرين:
(1) إيصال النفع إلى الآخرين.
(2) إتمام العبادة وإتقانها. فهو يشمل الإحسان في حق الله والإحسان في حق الخلق. فالمحسن هو من أحسن في عمله وأحسن إلى غيره.
الثالثة: أمر الله تعالى بالإحسان فقال: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى). وقال تعالى: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). ويختلف حكم الإحسان في الشرع:
1- فتارة يكون واجبا كالإحسان إلى الوالدين والأرحام بقدر ما يحصل به أقل البر والصلة والإحسان إلى الضعيف بقدر ما يحصل به دفع خلته.
2- وتارة يكون مستحبا كصدقة التطوع وسقاية الماء وإكرام الضيف والإحسان إلى الجار ودلالة الضال والسعي على الأرملة والمسكين وغير ذلك من وجوه البر.
الرابعة: الحديث دليل على مشروعية الإحسان في كل شيء وعمومه في سائر الأعمال ولكن إحسان كل شيء بحسبه وهو على أصناف:
1- فالإحسان في باب الواجبات الظاهرة والباطنة يكون بالإتيان بها على وجه كمال واجباتها فهذا القدر من الإحسان فيها واجب. أما الإحسان فيها بإكمال مستحباتها فمستحب ليس بواجب.
2- والإحسان في باب المحرمات يكون بالانتهاء عنها وترك ظاهرها وباطنها كما قال الله تعالى: (وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ).
3- والإحسان في باب المقدورات يكون بالصبر عليها من غير تسخط ولا جزع.
4- والإحسان في باب معاملة الخلق يكون بالقيام بما أوجب الله لهم من الحقوق.
الخامسة: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان في القتل مثالا يندرج تحت قاعدة الإحسان. والإحسان في قتل ما يجوز قتله من الناس والدواب يكون بإزهاق نفسه على أسرع الوجوه وأسهلها من غير زيادة في التعذيب لأنه إيلام بلا حاجة ولا مصلحة راجحة. وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة). دليل على إحسان هيئة الذبح وهيئة القتل سواء كان ذلك في اختيار الآلة الحادة التي تمضي وتريح المقتول أو في صفة القتل وطريقته. وأسهل وجوه قتل الآدمي ضربه بالسيف على العنق كما قال تعالى في قتال الكفار: (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ). وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية تغزو في سبيل الله قال لهم: (لا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا). رواه مسلم. وفي صحيح البخاري: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المثلة). وقد ورد وعيد شديد لمن مثل فقد أخرج أحمد في مسنده عن رجل من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من مثل بذي روح ثم لم يتب مثل الله به يوم القيامة). وأهل الإيمان من أعف الناس في هذا الباب لا يعذبون ولا يمثلون في القتل فهم أرحم الناس بخلق الله. أما الكفار والخوارج وأهل البدع إذا تمكنوا من عدوهم ليس عندهم ورع قساة وظلمة في القتل. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعف الناس قتلة أهل الإيمان). رواه أبوداود.
.