المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاقتصادان السعودي والقطري.. المنافسة والمقارنة



index
13-04-2008, 02:06 PM
إذا كانت مراكز البحوث والدراسات غير حفية بكتابة البحوث المقارنة بين دول الخليج, فلا أقل من أن تقوم وســائل الإعلام المتخصصة بهذه المهمة, وما أحوج دول الخليج في هذه المرحلة من الازدهار والرواج الاقتصادي إلى الدراسات المقارنة التي تعينها على التنافس للتقدم إلى الأمام في مشاريع التنمية المستدامة, وبالذات بعد أن انطلقت الســوق الخليجية المشــتركة مع بداية 2008.
في الأسبوع الماضي صدرت تقارير اقتصادية تقول إن الاقتصاد القطري هو الأســـرع نموا في منطقة الخليج, أي أن الاقتصاد القطري ســجل معدلات نمو أعلى من بقية اقتصادات دول الخليج الســت.
وطبعا يعد الاقتصاد السعودي في مقدمة هذه الاقتصادات من حيث الحجم, ولذلك فإن المقارنة بين أداء الاقتصاد السعودي والاقتصاد القطري تعد مشــروعة, بل من حق كل مواطن سعودي أن يتساءل: لماذا الاقتصاد القطري هو الأسرع نموا, ولماذا لم يكن الاقتصاد السعودي هو الأسرع نموا؟ وماذا يعني للمواطن السعودي أن يكون الاقتصاد القطري الأكثر نموا على جميع دول الخليج؟ وهل هناك إجحاف في حق الاقتصاد السعودي إذا ما طالبناه بســرعة تزيد أو تتســاوى مع الاقتصاد القطري؟
إن التقديرات تشــير إلى أن الاقتصاد القطري سيحقق ناتجا محليا حقيقيا عام 2008 يصل إلى 14.3 في المائة.
وإذا صح هذا التقدير فإن الاقتصاد القطري سيحقق ناتجا محليا هو الأكبر على مستوى دول العالم, بينما يتوقع أن يحقق الاقتصاد السعودي ناتجا محليا حقيقيا لا يتجاوز 6.6 في المائة.
نتصور أن كل الدول تســعى إلى أن يســجل اقتصادها نموا أســرع في الناتج الإجمالي الحقيقي, لأن ذلك يعني تحقيق معدلات أعلى في تنفيذ برامج ومشــاريع التنمية وفي مســتوى الرفاهية التي سيكون عليها المجتمع.
ونعرف أن الاقتصاد السعودي ســجل تراجعا في نموه الحقيقي خلال 2007 بلغ 3.5 في المائة مقارنة بمعدل نمو أعلى عام 2006 بلغ 3.8 في المائة.
ومن المتوقع أن يتم تعزيز مكانة قطر في أسواق الغاز العالمية في ضوء زيادة الطلب العالمي على طاقة جديدة أقل ضررا بالبيئة, لذا من المتوقع أن يزيد الطلب على الغاز القطري المســال LNG نظرا لإمكاناته المتوافقة مع الاســتخدامات البيئية, ومن المرجح أن تسهم صادرات الغاز القطري إلى دول الاتحاد الأوروبى في تقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسـي, وسيشهد الاقتصاد القطري طفرة كبيرة بفضل صناعة الغاز الطبيعي المسال ما ينعكس إيجابا على زيادة الصادرات والمشاريع الصناعية المعتمدة على الغاز ولا سيما في مجال البتروكيماويات. وتشير آخر التقارير إلى أن استهلاك العالم من الغاز الطبيعي عام 2007 بلغ نحو 100 تريليون قدم مكعب, ومن المتوقع أن يرتفع الطلب إلى حدود 120 تريليون قدم مكعب في عام 2010 وإلى 150 تريليون قدم مكعب في عام 2020.
وما يجعل قطر في مقدمة دول الخليج كلها في مجال صناعة الغاز الطبيعي المسال، أن قطر تمتلك نحو 14 في المائة من احتياطي الغاز على مستوى العالم ما يجعلها تحتل المرتبة الثالثة عالميا من حيث احتياطي الغاز الطبيعي بعد روسـيا وإيران, وإذا كانت السعودية أكبر مصدر للبترول في العالم, فإن قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم, ويتم تصدير معظمه في شكل غاز طبيعي مسال إلى الصين, الهند, كوريا, واليابان, ومن المتوقع أن تقوم قطر باســتثمار ما يزيد على 90 مليار دولار بحلول عام 2012 في قطاع الغاز, ما ســيؤدي إلى زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال ثلاثة أضعاف, أمَا بالنسبة للسعودية فإنها اعتمدت تنفيذ عدة مشــاريع كبرى لزيادة طاقتها من إنتاج الغاز الطبيعي ومازالت صادراتها من الغاز الطبيعي لا تشــكل رقما لافتا, ولكن من المرجح إنشاء شــبكة للغاز الطبيعي تســتفيد منها جميع دول مجلس التعاون الخليجي وتنطلق من قطر، وســتكون المملكة أحد المســتفيدين الرئيسين من هذا المشروع ويتم حاليا تشغيل خط أنابيب الغاز الطبيعي البحري المعروف باســم الدلفين بحيث يربط بين خطوط الغاز الطبيعي في عمان, الإمارات, وقطر، وستعقب هذه المرحلة مرحلة توسعية لاحقة هدفها زيادة كمية الغاز الذي يتم ضخه عبر الأنابيب إلى الإمارات.
أما بالنسبة للزيادة في معدلات الإنفاق الحكومي فإن قطر اعتمدت الكثير من مشاريع التعليم والصحة والنقل والضمان الاجتماعي, بينما الاقتصاد السعودي اعتمد ميزانيات ضخمة لتنفيذ مشاريع التعليم الفني والتعليم الأساسي والتعليم العالي, كما حشدت مليارات الدولارات لمباشرة تنفيذ مشروع الجســر البري الذي سيربط ـــ لأول مرة ـــ شرق المملكة بغربها وجنوبها بشمالها, إضافة إلى اعتماد بلايين البلايين من الدولارات على المشاريع الصحية والصرف الصحي والكهرباء والمياه المحلاة, ولكن لأن زيادة الإنفاق الحكومي له تبعاته التضخمية, فإنه من المتوقع أن يصل معدل التضخم في قطر إلى 11.5 في المائة عام 2008, بينما يتوقع أن يصل معدل التضخم في السعودية إلى نحو 6.9 في المائة, ويبدو أن الحكومة السعودية أقرت إجراءات متحفظة إزاء زيادة الأجور والرواتب لكبح جماح التضخم, بينما اتخذت الحكومة القطرية إجراءات كريمة وسخية بالنسبة لزيادة الأجور والرواتب ورفع معدلات سقف القروض الشخصية.
وإذا كان السعوديون قد أكدوا على لسان المسؤولين في مؤسسة النقد العربي السعودي ووزارة المالية أن سياسة الاستمرار في ربط الريال السعودي بالدولار ستظل قائمة في الأمد المنظور, فإن القطريين أيضا يتجهون إلى استمرار ربط الريال القطري بالدولار الأمريكي خلال الفترة التي تســبق الوحدة النقدية لدول مجلس التعاون الخليجي والتي لن تزيد على عامين قادمين, أما بالنسبة لمعدل صرف الريالين السعودي والقطري فإننا لا نتوقع حدوث أي تغيير خلال عام 2008 على الرغم من أن سعر الصرف الآجل يشـير إلى عكس ذلك.
وإذا كان عدد الســكان في قطر سيصل إلى نحو مليون ونصف المليون بحلول عام 2024, فإنه ســيصل إلى 30 مليون نسمة في السعودية بحلول العام ذاته, ولكن معدل الدخل الفردي في قطر سيصل إلى نحو 42 ألف دولار في السنة, بينما معدل الدخل الفردي في السعودية سيبلغ نحو 26.6 ألف دولار سنويا.
والخلاصة أننا لم نلحظ مدى تأثير تنفيذ اتفاقيات السوق الخليجية المشتركة في الاقتصادين السعودي والقطري، ويبدو أنه من المبكر جدا توقع تأثير سريان هذه الاتفاقيات في مؤشرات الاقتصادات الخليجية بعامة والاقتصادين السعودي والقطري بخاصة, ولكن تظل الدراسات المقارنة التي يجب أن نهتم بها هي البوصلة التي نرى من خلالها مدى تقدم أو تأخر معدلات الأداء في اقتصادات دول الخليج الســت.


د. أمين ساعاتي - كاتب أقتصادي 07/04/1429هـ
dr_saaty@yahoo.com
جريدة الاقتصاديه السعوديه
http://www.aleqt.com/admpic/31.jpg