Abu Omar
22-04-2008, 09:21 AM
المختصر/
شبكة أخبار العراق / في أوج انهماك الاميركيين بالانتخابات الرئاسية التي تكاد تنسيهم اي موضوع آخر، بدأوا يسمعون أخباراً عن حربهم في العراق هي في احسن الاحوال مصدر قلق أو اضطراب كي لا نقول صدمة. فمع اقتراب الذكرى الخامسة لهذه الحرب بعد ايام، في 19 آذار الجاري، جاء جوزف ستيغليتز، الحائز جائزة نوبل للاقتصاد عام 2001 والمسؤول السابق في البنك الدولي والاستاذ حاليا في جامعة كولومبيا بنيويورك، ليقول لهم عمليا في كتاب وضعه مع زميلته في جامعة هارفرد ليندا بيلمز : انتم تعرفون انكم بالضرائب التي تدفعون تساهمون في تمويل الحرب، لكنكم قد لا تعرفون كلفتها والى متى ستواصلون الدفع، واذا كنتم تظنون ان الامر ينتهي بإنسحاب الجنود الاميركيين من العراق فانتم مخطئون. الانعكاسات ستستمر على الاقتصاد سنوات واولادكم لا بل احفادكم سيتحملّون الكثير من الاعباء المادية والمعنوية. انسوا ما سمعتموه من ادارة الرئيس جورج بوش عشية الحرب من ان الكلفة ستبلغ ما بين 50 ملياراً و60 مليار دولار، وانسوا حتى التقدير الذي وضعه لاري ليندسي المستشار الاقتصادي لبوش والذي بلغ 200 مليار دولار وبسببه خسر وظيفته، بل انسوا مئات المليارات التي اضافتها الادارة مذذاك علنا أو خفية، واسمعوا: الكلفة الحقيقية للحرب على الاميركيين لن تكون أقل من ثلاثة تريليون دولار والكلفة على العالم قد تكون ضعفي هذا المبلغ. وهذه التقديرات بحسب المؤلفين"متحفظّة". ومن يجد صعوبة في الحساب فليتذكر ان التيرليون يساوي مليوناً مضروباً بمليون.
هذا الرقم اختاره ستيغليتز وبيلمز عنواناً للكتاب الذي صدر في نيويورك قبل أيام، "حرب الثلاثة تريليون دولار: الكلفة الحقيقية لنزاع العراق". وهو حصيلة جهد استمر ثلاث سنوات لشخصين من أشد المعارضين للحرب منذ بدايتها ارادا احتساب كلفة الحرب واثبات خطأ القرار بالارقام وقد حاولا ذلك بجمع كم هائل منها ومن المعلومات المتاحة وغير المتاحة في الدفاتر الحكومية عن كل مجالات الانفاق على الحرب، معلنة كانت أم مكتومة، مباشرة أم مواربة، جارية أم مستقبلية، من كلفة العمليات العسكرية وانتشار الجنود الى انعكاساتها على الموازنة والاقتصاد، ومن كلفة معالجة الجرحى والرعاية الصحية الدائمة لهم الى تعويض الاعاقة واهالي الجنود القتلى، ومن الديون التي تتراكم الى الفوائد المتوقعة لهذه الديون. وقد يشكك كثيرون في المنهجية التي اتبعها المؤلفان، لكن ما يصعب التشكيك فيه هو الارقام والنفقات التي استندا اليها اذ كلها مستقاة من ارقام الحكومة والوزارات او الدوائر المعنية ومن الكونغرس والمؤسسات التي تعنى بشؤون الحرب ونتائجها.
ولعل هذا ما أثار غضب ادارة بوش فشنت هجوماً شرساً على ستيغليتز حتى قبل ان يدلي بشهادته أمام اللجنة الاقتصادية المشتركة في الكونغرس عشية اطلاق الكتاب، وقال البيت الابيض إن "أشخاصا مثل ستيغليتز تنقصهم الشجاعة لإجراء حساب كلفة عدم اتخاذ أي اجراء وكلفة الفشل. فالمرء لا يستطيع بعد أن يحصي كلفة اعتداءات 11 ايلول على البلاد".
"لم يقرأوا" قال لي ستيغليتز، لأن الكتاب "يتضمن حساب كلفة الفرصة الضائعة على صعيد الامن" وملخصها انه "في حين كنا (اميركا) نركّز على العراق صارت أفغانستان فشلاً جديداً. وفي حين كنا نركّز على العراق، حيث لم تكن هناك اسلحة دمار شامل، انضمت دولة جديدة هي كوريا الشمالية الى النادي النووي. لذا فان على كل من يفكّر في هذه الحرب ان يقول إنها جعلتنا أقلّ أمنا". لكنهم "يكررون ما فعلوه دائما أي محاولة تحويل الانظار عن فشلهم في العراق بالحديث عن 11 ايلول، ولا علاقة للعراق بـ11 ايلول". أما "قولهم إنني افتقدت الشجاعة لحساب ثمن الفشل، فارد عليه بالقول إنهم يفتقدون الشجاعة في معتقداتهم لانهم يؤمنون بالديموقراطية، والديموقراطية تعني ابقاء مواطنيك مطلعين على كل ما تفعل. هذا ليس إجراء دورياً. والمواطنون المطلّعون يجب ان يعرفوا ما هي كلفة قراراتك بما فيها قرار الحرب".
تشكيك ادارة بوش في أرقام ستيغليتز ليس مستغربا لان حساسيتها مفرطة حيال أية أرقام تناقض أرقامها وموقفها هذا صار نمطا. ففي تشرين الاول الماضي استخفت بدراسة لمكتب الموازنة في الكونغرس قدرت كلفة الحرب في العقد المقبل، أي حتى 2017 ، بنحو 2 تريليون دولار "كتقدير متحفظّ" ايضا، وتجاهل حتى الان طلبا من اللجنة لتقديم ارقامه بغية مناقشة الفوارق وجلاء أي التباس اذا كان هناك من التباس.
والسبب في رأي ستيغليتز "واضح جدا" وهو "ان الادارة لا تريد نقاشاً. لا تريد للاميركيين ان يفكروا في التكاليف التي نتحدث عنها".
والواقع ان التكاليف التي يتحدث عنها الكتاب مخيفة. ولكن قبل البدء بالجمع، قد يفيد بعض المقارنات الواقعية لاظهار اطار كلفة حرب العراق وحجمها:
- حرب العراق بسنواتها الخمس حتى الان هي أطول الحروب الاميركية بعد فيتنام. أطول من الحرب الاهلية بين الاميركيين التي استمرت أربع سنوات ومن مشاركة أميركا في الحرب العالمية الاولى والتي استمرت سنتين وشهرين ومشاركة أميركا في الحرب العالمية الثانية والتي استمرت ثلاث سنوات وثمانية أشهر وأطول من حربها على كوريا والتي استمرت ثلاث سنوات وشهراً.
- الكلفة المباشرة للعمليات العسكرية الاميركية في العراق من دون حساب التكاليف البعيدة المدى مثل الرعاية الصحية الدائمة للجنود المصابين تفوق حتى الان كلفة حرب فيتنام التي استمرت 12 عاما وتبلغ اكثر من ضعفي كلفة حرب كوريا. اما الحرب الوحيدة في تاريخ اميركا الاكثر كلفة، فهي الحرب العالمية الثانية اذ اشترك في القتال 3٫16 ملايين جندي وكلفت (بحسب قيمة دولار 2007) نحو خمسة تريليون دولار
شبكة أخبار العراق / في أوج انهماك الاميركيين بالانتخابات الرئاسية التي تكاد تنسيهم اي موضوع آخر، بدأوا يسمعون أخباراً عن حربهم في العراق هي في احسن الاحوال مصدر قلق أو اضطراب كي لا نقول صدمة. فمع اقتراب الذكرى الخامسة لهذه الحرب بعد ايام، في 19 آذار الجاري، جاء جوزف ستيغليتز، الحائز جائزة نوبل للاقتصاد عام 2001 والمسؤول السابق في البنك الدولي والاستاذ حاليا في جامعة كولومبيا بنيويورك، ليقول لهم عمليا في كتاب وضعه مع زميلته في جامعة هارفرد ليندا بيلمز : انتم تعرفون انكم بالضرائب التي تدفعون تساهمون في تمويل الحرب، لكنكم قد لا تعرفون كلفتها والى متى ستواصلون الدفع، واذا كنتم تظنون ان الامر ينتهي بإنسحاب الجنود الاميركيين من العراق فانتم مخطئون. الانعكاسات ستستمر على الاقتصاد سنوات واولادكم لا بل احفادكم سيتحملّون الكثير من الاعباء المادية والمعنوية. انسوا ما سمعتموه من ادارة الرئيس جورج بوش عشية الحرب من ان الكلفة ستبلغ ما بين 50 ملياراً و60 مليار دولار، وانسوا حتى التقدير الذي وضعه لاري ليندسي المستشار الاقتصادي لبوش والذي بلغ 200 مليار دولار وبسببه خسر وظيفته، بل انسوا مئات المليارات التي اضافتها الادارة مذذاك علنا أو خفية، واسمعوا: الكلفة الحقيقية للحرب على الاميركيين لن تكون أقل من ثلاثة تريليون دولار والكلفة على العالم قد تكون ضعفي هذا المبلغ. وهذه التقديرات بحسب المؤلفين"متحفظّة". ومن يجد صعوبة في الحساب فليتذكر ان التيرليون يساوي مليوناً مضروباً بمليون.
هذا الرقم اختاره ستيغليتز وبيلمز عنواناً للكتاب الذي صدر في نيويورك قبل أيام، "حرب الثلاثة تريليون دولار: الكلفة الحقيقية لنزاع العراق". وهو حصيلة جهد استمر ثلاث سنوات لشخصين من أشد المعارضين للحرب منذ بدايتها ارادا احتساب كلفة الحرب واثبات خطأ القرار بالارقام وقد حاولا ذلك بجمع كم هائل منها ومن المعلومات المتاحة وغير المتاحة في الدفاتر الحكومية عن كل مجالات الانفاق على الحرب، معلنة كانت أم مكتومة، مباشرة أم مواربة، جارية أم مستقبلية، من كلفة العمليات العسكرية وانتشار الجنود الى انعكاساتها على الموازنة والاقتصاد، ومن كلفة معالجة الجرحى والرعاية الصحية الدائمة لهم الى تعويض الاعاقة واهالي الجنود القتلى، ومن الديون التي تتراكم الى الفوائد المتوقعة لهذه الديون. وقد يشكك كثيرون في المنهجية التي اتبعها المؤلفان، لكن ما يصعب التشكيك فيه هو الارقام والنفقات التي استندا اليها اذ كلها مستقاة من ارقام الحكومة والوزارات او الدوائر المعنية ومن الكونغرس والمؤسسات التي تعنى بشؤون الحرب ونتائجها.
ولعل هذا ما أثار غضب ادارة بوش فشنت هجوماً شرساً على ستيغليتز حتى قبل ان يدلي بشهادته أمام اللجنة الاقتصادية المشتركة في الكونغرس عشية اطلاق الكتاب، وقال البيت الابيض إن "أشخاصا مثل ستيغليتز تنقصهم الشجاعة لإجراء حساب كلفة عدم اتخاذ أي اجراء وكلفة الفشل. فالمرء لا يستطيع بعد أن يحصي كلفة اعتداءات 11 ايلول على البلاد".
"لم يقرأوا" قال لي ستيغليتز، لأن الكتاب "يتضمن حساب كلفة الفرصة الضائعة على صعيد الامن" وملخصها انه "في حين كنا (اميركا) نركّز على العراق صارت أفغانستان فشلاً جديداً. وفي حين كنا نركّز على العراق، حيث لم تكن هناك اسلحة دمار شامل، انضمت دولة جديدة هي كوريا الشمالية الى النادي النووي. لذا فان على كل من يفكّر في هذه الحرب ان يقول إنها جعلتنا أقلّ أمنا". لكنهم "يكررون ما فعلوه دائما أي محاولة تحويل الانظار عن فشلهم في العراق بالحديث عن 11 ايلول، ولا علاقة للعراق بـ11 ايلول". أما "قولهم إنني افتقدت الشجاعة لحساب ثمن الفشل، فارد عليه بالقول إنهم يفتقدون الشجاعة في معتقداتهم لانهم يؤمنون بالديموقراطية، والديموقراطية تعني ابقاء مواطنيك مطلعين على كل ما تفعل. هذا ليس إجراء دورياً. والمواطنون المطلّعون يجب ان يعرفوا ما هي كلفة قراراتك بما فيها قرار الحرب".
تشكيك ادارة بوش في أرقام ستيغليتز ليس مستغربا لان حساسيتها مفرطة حيال أية أرقام تناقض أرقامها وموقفها هذا صار نمطا. ففي تشرين الاول الماضي استخفت بدراسة لمكتب الموازنة في الكونغرس قدرت كلفة الحرب في العقد المقبل، أي حتى 2017 ، بنحو 2 تريليون دولار "كتقدير متحفظّ" ايضا، وتجاهل حتى الان طلبا من اللجنة لتقديم ارقامه بغية مناقشة الفوارق وجلاء أي التباس اذا كان هناك من التباس.
والسبب في رأي ستيغليتز "واضح جدا" وهو "ان الادارة لا تريد نقاشاً. لا تريد للاميركيين ان يفكروا في التكاليف التي نتحدث عنها".
والواقع ان التكاليف التي يتحدث عنها الكتاب مخيفة. ولكن قبل البدء بالجمع، قد يفيد بعض المقارنات الواقعية لاظهار اطار كلفة حرب العراق وحجمها:
- حرب العراق بسنواتها الخمس حتى الان هي أطول الحروب الاميركية بعد فيتنام. أطول من الحرب الاهلية بين الاميركيين التي استمرت أربع سنوات ومن مشاركة أميركا في الحرب العالمية الاولى والتي استمرت سنتين وشهرين ومشاركة أميركا في الحرب العالمية الثانية والتي استمرت ثلاث سنوات وثمانية أشهر وأطول من حربها على كوريا والتي استمرت ثلاث سنوات وشهراً.
- الكلفة المباشرة للعمليات العسكرية الاميركية في العراق من دون حساب التكاليف البعيدة المدى مثل الرعاية الصحية الدائمة للجنود المصابين تفوق حتى الان كلفة حرب فيتنام التي استمرت 12 عاما وتبلغ اكثر من ضعفي كلفة حرب كوريا. اما الحرب الوحيدة في تاريخ اميركا الاكثر كلفة، فهي الحرب العالمية الثانية اذ اشترك في القتال 3٫16 ملايين جندي وكلفت (بحسب قيمة دولار 2007) نحو خمسة تريليون دولار