المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صنع في قطر



LEDOOOO
26-04-2008, 09:57 PM
يعاني قطاع الصناعة القطري من عزوف رجال الأعمال عن الاستثمار في الصناعات الصغيرة والمتوسطة وهو الأمر الذي يحتاج دعماً من الدولة لتوجيه وحفظ الاستثمار في هذا القطاع، ويزخر قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة في قطر بنحو 600 فرصة استثمارية متاحة أمام القطاع الخاص وهذه الفرص تعد بمثابة قفزةنوعية وكمية في سبيل تنشيط قطاع الصناعات.

تعد منظمة الخليج للاستشارات الصناعية «جويك» ومقرها قطر حلقة الوصل لتقديم الاستشارات الصناعية ليس في قطر فحسب ولكن في كل دول الخليج وفي ما يلي يتحدث الأمين العام للمنظمة الدكتور أحمد خليل المطوع حول واقع ومشكلات ومستقبل الصناعات الصغيرة والمتوسطة في قطر والخليج.

في البداية يؤكد المطوع أن الصناعات الصغيرة والمتوسطة تعد الركيزة الأساسية لدعم الاقتصاد وهي الوعاء الاستثماري المتاح أمام المدخرات الخليجية والفوائض المالية الضخمة مؤكداً على أهمية تهيئة المناخ المناسب حتى تؤدي هذه الصناعات دورها في الاقتصاد بالإضافة إلى دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة في تحسين كفاءتها وزيادة إنتاجيتها من خلال تقديم الخدمات الاستشارية لها والمساعدة في تمويل احتياجاتها من المعدات والأجهزة وغيرها من الخدمات التي تحتاجها في المرحلة القادمة.
وحول تقييمه لوضع القطاع الصناعي داخل قطر يقول المطوع أن أهم الإيجابيات بالنسبة للصناعة في قطر هو توافر المواد الخام وتشجيع الدولة للتنمية الصناعية بصفة عامة، وهذا الأمر ينسحب على باقي دول الخليج، إذ إن هناك استراتيجية صناعية موحدة للدول الخليجية اعتمدت من قبل مجلس التعاون الخليجي تتضمن آليات لقياس التنمية الصناعية بهذه الدول وهناك خطة استراتيجية موحدة للمنطقة ككل، وخطط استراتيجية منفصلة خاصة بكل بلد على حدة ضمنها قطر، مضيفاً أن منظمة الخليج للاستشارات الصناعية تقوم بإعداد التقارير لكل دولة على حدة في مجال التنمية الصناعية وقياس مدى تحقيق الأهداف التي وضعتها الاستراتيجية الصناعية.

يوضح المطوع أن هناك عدة عوامل تتوفر لدى قطر وتدعم مسار التنمية الصناعية بها منها قيام الدولة بإنشاء المناطق الاقتصادية المتخصصة، وهذه تعتبر من أهم الخطوات المستقبلية التي ستوفر البنية التحتية للصناعة القطرية لافتاً في نفس الوقت إلى وجود فجوة في الصناعة القطرية يقصد بها الصناعات غير الموجودة بقطر وهي الصناعات التكميلية، وعليه ستقوم الجهات المعنية بالمناطق الاقتصادية المتخصصة بإعداد دراسة لتحديد الصناعات التي تحتاجها دولة قطر، ومن ثم توجيه المستثمرين للاستثمار في هذه الصناعات، بهدف تغطية الاحتياجات المحلية، التي لا تعتبر كبيرة جداً بالنظر إلى حجم الدولة نفسها.

لكن الأهم من ذلك هو التركيز على التوجه نحو التصدير للدول المجاورة أو الأسواق الخارجية الأخرى. ولم يكن بإمكان دولة قطر إقامة صناعة قوية دون أن تنشئ مناطق صناعية متخصصة مجهزة تدعمها بثورة عمرانية موازية لضمان المساكن، ومن ثم إقامة بنية تحتية متكاملة وبدأت الدولة في هذه الخطوة المهمة لاحتواء هذه المشاريع وتعتبر المرحلة الحالية هي مرحلة بناء هذه المناطق الصناعية المتخصصة فقامت الدولة بإنشاء منطقة الصناعات الصغيرة والمتوسطة في عام 2001 على مساحة قدرها (10.48) مليون متر مربع، حيث تقع على بعد (10) كيلومترات غرب مدينة الدوحة وتم وضع خطة تطوير المنطقة بحيث تشمل تزويدها بجميع المرافق والخدمات اللازمة للصناعة وليتم تطويرها على مراحل.

وقد روعي في تخطيط المنطقة تقسيمها لاستيعاب المشاريع حسب القطاعات الصناعية والخدمات اللازمة لها كما تم إعداد اللوائح الخاصة ونظم العمل لتطوير المشاريع وكانت هناك عدة أسباب أخذت بعين الاعتبار من أجل اختيار موقع المنطقة الصناعية منها سهولة تمويل الأرض الصناعية بالطاقة عن طريق خط الغاز الطبيعي المار في حدودها الشمالية وسهولة تمويلها بالكهرباء عن طريق خطوط الضغط العالي المارة في حدودها الجنوبية وكذلك بالمواد البتر وكيماوية عن طريق قطر و دول منطقة الخليج المجاورة وسهولة تزويد المشاريع الصناعية بالمرافق الحيوية (الاتصالات، الكهرباء، الغاز، المياه، الصرف الصحي) وسهولة الوصول للمنطقة الصناعية عن طريق شبكة الطرق الرئيسية وقابليتها للتوسع.

لم تكتفِ قطر بذلك بل تقوم حالياً بتشييد منطقة الصناعات الصغيرة والمتوسطة علي طريق سلوى والتي تتسع لحوالي 750 مشروعاً صناعياً من مختلف الأحجام وبمساحة تزيد علي 6 ملايين متر مربع وقد باشرت إدارة المناطق الصناعية بتوزيع الأراضي الصناعية علي المستثمرين وبلغ عدد المستفيدين حتى الآن نحو 145 مستثمراً كما بلغت المساحات المخصصة لهم أكثر من 2.2 مليون متر مربع من الأراضي المزودة بكافة الخدمات من ماء وكهرباء ومجاري وطرقات وغيرها وبلغ حجم الاستثمار الكلي لهذه المشروعات نحو 2.5 مليار ريال قطري ومع هذا لا يزال هذا القطاع الحيوي بحاجة ماسة إلى الدعم المستمر سواء من الحكومة أو البنوك التجارية التي تقدم له التمويل اللازم بهدف دعم شعار «صنع في قطر».

يلفت المطوع إلى أن عدد المصانع الصغيرة والمتوسطة في قطر يبلغ 379 مصنع، بحجم عمالة تقدر بـ 11680، وبإجمالي استثمارات 548 مليون ريال قطري، ويعتبر حالياً إسهاماً ضعيفاً. وبالاعتماد على عاملين أساسيين وهما حجم العمالة ورأس المال المستثمر يصل عدد المصانع الصغيرة والمتوسطة إلى 109 مصنع، توظف 8500 عامل، وباستثمار إجمالي يقدر بمليار ريال.

تضع المنظمة علي عاتقها وضع استراتيجيات معمقة للصناعات الصغيرة والمتوسطة فقامت بوضع استراتيجية للصناعات التحويلية الصغيرة والمتوسطة في قطر وهي الخطوة التي تبنتها وزارة الطاقة والصناعة بقطر ويشير المطوع إلى أن هذه الاستراتيجية تعد بمثابة خارطة طريق لرفع مساهمة الصناعات التحويلية الصغيرة والمتوسطية في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بدولة قطر إلى ما يتراوح بين 40 إلى 50 % كل خمس سنوات مقارنة مع سنة الأساس، وبمعدل نمو سنوي في الإسهام في الناتج في حدود 10 إلى 15 % بعد مرحلة البناء والتأسيس.

يوضح المطوع أن قطر ركزت في المرحلة السابقة والحالية على إنشاء الصناعات الأساسية مثل البتروكيماويات والنفط أما الآن فهناك اهتمام بتعزيز مكانة الصناعات التحويلية لقدرتها علي استيعاب عمالة كبيرة كما أن حجم الاستثمار بها ليس كبيراً مما يسهل عملية الدخول والخروج منها بشكل سلس على العكس من المشاريع الكبيرة مشيراً إلى أن الاستراتيجية التي تقوم بها جويك بالتعاون مع وزارة الطاقة والصناعة بقطر تعمل علي تعزيز القدرة التنافسية للصناعات الصغيرة والمتوسطة في الأسواق الدولية.

وحول واقع الصناعات الصغيرة والمتوسطة في منطقة الخليج يقول المطوع أن الاهتمام بهذه الصناعات بمثابة موجة ففي التسعينيات كان هناك اهتمام في عدد من دول الخليج ولكن هذا الاهتمام زال بعد الدخول في الاستثمارات العقارية والمالية ثم تجدد مؤخراً مع توافر السيولة وعدم وجود أوعية استثمارية كافية ومن هنا بات من الضروري التأكيد على أن الصناعة هي البديل الأمثل في الوقت الراهن حيث أنها ما زالت غير مستغلة في منطقة الخليج، كما أن دول الخليج تعاني الآن من البطالة خاصة في التخصصات العلمية مثل الهندسة والفيزياء والكيمياء وهي تخصصات مطلوبة في المشاريع الصناعية وبالتالي فان التوجه إلى الصناعة يعتبر خياراً استراتيجياً.
يشير المطوع إلى أن الصناعات الصغيرة والمتوسطة في منطقة الخليج واجهت عدة تحديات يأتي في مقدمتها عملية التمويل إذ لا يحظى هذا القطاع باهتمام الممولين. وقد يكون أحد الأسباب في ذلك هو ضعف الاهتمام بدراسات الجدوى لهذه المشاريع، حيث تشير الدراسات في هذا المجال إلى أن حوالي 60 % من المشاريع الصناعية الصغيرة تبدأ دون دراسة جدوى، بينما يفتقر 80 % منها إلى التخطيط الكافي لمشروع ناجح، ويأتي التسويق في المرتبة الثانية وهو تحد له علاقة أيضا مع دراسة الجدوى، حيث تعالج دراسات الجدوى مبكراً قضية تسويق المنتجات، وهي من الفصول المهمة في أي دراسة جدوى، فيما هناك الأسباب الإدارية مثل عدم توفر العمالة المتخصصة في مجال التسويق ومن بين التحديات أيضاً قضية الجودة، فالصناعات الصغيرة لا تمتلك الإمكانات التي تجعل من منتجاتها منافسة لمنتجات المصانع الكبيرة كتوفر معامل ومختبرات لتطوير المنتج وضمان جودته، أو بتوفير تقنيات حديثة تكون في الغالب مكلفة.

لمساعدة قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة في الخليج على تجاوز هذه التحديات يشير المطوع إلى أن المنظمة وضعت مجموعة من البرامج من بينها برنامج المعونة الفنية، الذي تقوم المنظمة من خلاله بإجراء عمليات تقييم معمقة للمؤسسات الصناعية بغرض تقليل التكلفة عبر تحسين كفاءة الطاقة، والارتقاء بالإنتاجية، وتقليص النفايات، ومنع التلوث حيث تغطي عملية التقييم موقع المؤسسة والخدمات والعمليات الصناعية موضحاً أن الدراسات على مستوى العالم أثبتت أهمية التقييم الصناعي.

وحول نتائج التقييم الصناعي لخمس منشآت صناعية من الحجم الصغير والمتوسط بدولة قطر لفت المطوع إلى أن هناك إمكانية لتوفير حوالي 30 % من الطاقة وما بين 35 و40 % من استهلاك المياه المستخدمة كما أنها في حال تطبيق التوصيات ستوفر حوالي 20 % من الفاقد من التصنيع وتساهم في زيادة تدوير المخلفات بنسبة 20 % كما سترفع بحوالي 25 % مؤكداً على أهمية توعية القطاع الصناعي بأهمية التقييم الصناعي ودوره في التنمية الصناعية وفي تحقيق توصيات الاتفاقيات البيئية على المستوى العالمي مثل برتوكول كيوتو الذي وقعت عليه دولة قطر عام 2005، حيث يحث هذا البروتوكول على الحد من انبعاث الغازات الصناعية السامة لتجنب الاحتباس الحراري ومخاطره البيئية وأوضح أن التقييم الصناعي الذي تتبناه المنظمة يشمل أربعة محاور هي تقييم استهلاك الطاقة وتقييم استهلاك المياه والتقليل من المواد التالفة إضافة إلى تحسين الإنتاجية.
كان لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية دور أيضاً في مواجهة هذه التحديات فعلى صعيد التمويل أعدت المنظمة دراسة حول دور بنوك التنمية الصناعية تشمل العوائق التي تعترض سبيل الحصول على تمويل صناعي، وسعت المنظمة كذلك للتنسيق بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبنوك التنمية الصناعية وشجعت على زيادة نسبة الإقراض الموجه لهذا القطاع وإعطائه مزايا تشجيعية بهدف تنميته.


منقول من Arabianbusiness