عبدالله العذبة
28-04-2008, 09:57 AM
مداد القلم: التفنيش للتقطير، تضحية كمية أم نوعية؟
كنت قد تناولت الأسبوع الماضي الظلم الواقع علي القطريين جراء قراصنة التوظيف سواء من القطريين وغيرهم في تبادل لمصالح ذاتية او مشتركة أو عائلية، ولم أكن أتوقع هذا السيل من رسائل التوجع من شباب قطر، التي حملت في طياتها مضمونا واحداً مفاده (كأنك تكتبين حالتي؟)
وهذا ما يجعلها ربما ظاهرة تستحق من الجهة المعنية الدراسة والمتابعة وحسن الرقابة علي تطبيق التوجهات والقرارات السامية والنظم واللوائح التي رسمت بلا شك لمصلحة الوطن.
وإذا تجاوزنا قضية القطريين المتضررين من القرصنة الوظيفية، فإنه كان لزاما علينا أيضا ومن ناحية موضوعية أن نطرح اليوم كما وعدتكم الأسبوع الماضي في المقال ذاته الرأي في خطة التقطير التي أنهت خدمات الكثير من إخواننا العرب قبل الأجانب.
لا شك بأن قرار مجلس الوزراء الموقر المتعلق بعمل خطة مرحلية تدريجية للتقطير كان قراراً سامياً وضرورة تفرضها مشكلات الأمن الوظيفي التي باتت تفتك بالقطريين وتحيلهم إلي البطالة والبند المركزي.
و لكن القرار السامي استثني غير القطريين ممن هم تحت مسمي (الخبراء) وهذا لا غبار عليه، فدولة قطر مثلما هي في حاجة للموظف غير القطري في كثير من الوظائف التخصصية الذين وقفوا مع القطريين يداً بيد والذين لا ينكر صنيعهم وأثرهم علي نتاج العمل في قطر والذين نكن لهم ولعقلياتهم المنتجة كل التقدير والامتنان، هي أيضاً في أمس الحاجة للموظفين النوعيين الذين يثرون المؤسسات بمهاراتهم العريقة في مجالهم.
ولكننا نلاحظ أن في سرعة تطبيق خطة التقطير في المؤسسات، وإحالة مدير المؤسسة للمساءلة حال عدم التنفيذ العاجل مخاطرة لسببين:
الأول: إن سرعة اتخاذ القرارات بشأن الاستغناءات الأولية عن غير القطريين قد يدفع المؤسسة قسرا إلي التضحية بمن هم في وظائف نوعية مهمة لسوق العمل القطرية، وذلك بهدف أن يحقق المسؤولون رقما يذكر أمام لجنة المتابعة أو المراقبة رغم وضوح قرار مجلس الوزراء وعدم شموليته الوظائف التخصصية، ورغم استثنائه لمن جاوزوا الستين من خبراء إلا إن تلك الخاصية للستينيين - وللأسف - لم تنسحب علي الوظائف ذات الطبيعة الفنية والتخصصية الأقل من مسمي "خبير" من ذات عقد العمر نفسه فيضحي بهذه الكفاءة غير القطرية بينما يبقي بعض منهم ممن يحملون مسمي خبيراً.
و رغم أهمية كثير منهم لخبرته الفذة ونبوغه، إلا أن هناك البعض أطلق عليهم المسمي مجازا ليحتلوا مكانا ما في زمن ما في مؤسسة ما لإيجاد مكان (لزيد وعبيد) في قائمة لم الشمل، والذين لحسن طالعهم لم يشملهم قرار التفنيش الجديد حتي لو لم تثبت جدوي خبرتهم لمؤسساتهم.
و للأسف يبقي هؤلاء وفي مفارقة محزنة تنهي خدمات نوعيين من غير القطريين لم يسجلوا تحت بند خبراء رغم خبرتهم، ولم تنتهز المؤسسات الفرصة في خطة انتقالية ليتدرب القطري علي أيديهم قبل تفنيشهم فضلا عن إنه قد لا تجد المؤسسة ممن يحملون مهارتهم أو خبرتهم او تخصصهم من القطريين لشغل الشاغر الذي قد سيظل شاغرا إلي إشعار آخر، خصوصاً وإن القائمين علي المؤسسات أنفسهم لا يستطيعون تحويل مسمي هؤلاء المتخصصين نوعيا إلي "خبراء" بعد صدور قرار مجلس الوزراء حتي لا يعد ذلك تحايلا علي القانون بعده، فترصد بتلك التفنيشات أرقاما تذكر في تلبيتها لهذا القرار (لتبيض وجها) وتبري ذمتها ليس أمام اللَّه ومصلحة المؤسسات والعمل وقطر، بل أمام مجلس الوزراء الموقر، وتطبيق هذا بهذه الصورة يذكرني بما تندرت به حلقة "سعودة" الوظائف في (طاش ما طاش) عام 2002.
ثانيا: هناك بعض المؤسسات التي وظفت غير قطريين في وظائف إدارية أدخلتهم البلد تحت مسميات وظائف فنية لا يمكن ان يكتشفهم أحد إلا إذا وجدت لجان مخلصة ودقيقة للمتابعة والتدقيق بعد صدور هذا القرار، وهذا جدير بالبحث والتحري من قبل الجهات المعنية، لأنه مخالف لقوانين الدولة، ويعتبر تحديا جديدا أمام لجان التفنيشات الرقمية.
إن مجلس الوزراء الموقر بالتأكيد ، لم يرد من هذا القرار لتطبيق التقطير إلحاق الضرر بالمؤسسات في الوظائف النوعية، ولعل خطة التقطير هذه تحتاج إلي حسن تطبيق وإشراف مباشر من لجان متابعة دقيقة تحت مظلة المجلس لتبين ما إذا كان تفنيش البعض من غير القطريين فيها لمصلحة المؤسسة والدولة من عدمه.
فبالتأكيد مجرد تحقيق رقم يذكر غير مجد أمام النوع، ولا بد من هذه اللجان أن ترصد القوائم (المنهية خدماتها) علها تجد فيها من يخدم قطر نوعيا سواء أعادت اللجنة النظر في إنهاء خدماتهم وأعادتهم لمؤسساتهم الأم أو حولت مساراتهم وانتفعت بهم في مؤسسات أخري علي سبيل التدوير نظرا لأهمية بعض تخصصاتهم وندرتها ، خصوصا وإن تلك المعالجة ستوفر علي الدولة اقتصاديا تكاليف استقدامات جديدة تكلفها أولاً نفقات الإعلان في الصحافة محلياً وعربياً بل وربما دوليا ومن ثم نفقات لاستقدام وتوظيف وتسكين وتأمين غير قطري بل "وعائلته" في تخصص نوعي كان يشغله أيضا غير قطري أصبح مكانه شاغرا بسب وضع وظيفته النوعية المتقدمة تحت مجهر التقطير دون دراسة جدوي لسوق التخصصات النوعية حتي عربيا وعالميا ودون إدراك لافتقار سوق قطر المهني لهذه الخبرات التراكمية في التخصص ومداها.
خطة التقطير تحتاج إلي آليات وضوابط أيضا وإلي إشراف مباشر ليس علي سرعة تطبيق القرار بل علي نوعيته ومداه لأننا باختصار لا نريد دوران التقطير في حلقة مفرغة، كالذي فسر الماء بعد الجهد.. بالماء.
مريم الخاطر
كاتبة وإعلامية قطرية
المصدر (http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=343404&version=1&template_id=24&parent_id=23) الراية 27-4-2008
___
المقال السابق تم طرحه هنا http://www.qatarshares.com/vb/showthread.php?t=171451 لمن أراد أن يطلع عليه و يتفاعل معه
همسة للأخت و الأستاذة المتميزة مريم الخاطر أرجو أن لا تستخدمي مصطلح تفنيش فهو ليس بإنجليزي و ليس بالعربي و ماذا يضير لو أنك قلت ِ إنهاء خدمات؟ شكرا لك
كنت قد تناولت الأسبوع الماضي الظلم الواقع علي القطريين جراء قراصنة التوظيف سواء من القطريين وغيرهم في تبادل لمصالح ذاتية او مشتركة أو عائلية، ولم أكن أتوقع هذا السيل من رسائل التوجع من شباب قطر، التي حملت في طياتها مضمونا واحداً مفاده (كأنك تكتبين حالتي؟)
وهذا ما يجعلها ربما ظاهرة تستحق من الجهة المعنية الدراسة والمتابعة وحسن الرقابة علي تطبيق التوجهات والقرارات السامية والنظم واللوائح التي رسمت بلا شك لمصلحة الوطن.
وإذا تجاوزنا قضية القطريين المتضررين من القرصنة الوظيفية، فإنه كان لزاما علينا أيضا ومن ناحية موضوعية أن نطرح اليوم كما وعدتكم الأسبوع الماضي في المقال ذاته الرأي في خطة التقطير التي أنهت خدمات الكثير من إخواننا العرب قبل الأجانب.
لا شك بأن قرار مجلس الوزراء الموقر المتعلق بعمل خطة مرحلية تدريجية للتقطير كان قراراً سامياً وضرورة تفرضها مشكلات الأمن الوظيفي التي باتت تفتك بالقطريين وتحيلهم إلي البطالة والبند المركزي.
و لكن القرار السامي استثني غير القطريين ممن هم تحت مسمي (الخبراء) وهذا لا غبار عليه، فدولة قطر مثلما هي في حاجة للموظف غير القطري في كثير من الوظائف التخصصية الذين وقفوا مع القطريين يداً بيد والذين لا ينكر صنيعهم وأثرهم علي نتاج العمل في قطر والذين نكن لهم ولعقلياتهم المنتجة كل التقدير والامتنان، هي أيضاً في أمس الحاجة للموظفين النوعيين الذين يثرون المؤسسات بمهاراتهم العريقة في مجالهم.
ولكننا نلاحظ أن في سرعة تطبيق خطة التقطير في المؤسسات، وإحالة مدير المؤسسة للمساءلة حال عدم التنفيذ العاجل مخاطرة لسببين:
الأول: إن سرعة اتخاذ القرارات بشأن الاستغناءات الأولية عن غير القطريين قد يدفع المؤسسة قسرا إلي التضحية بمن هم في وظائف نوعية مهمة لسوق العمل القطرية، وذلك بهدف أن يحقق المسؤولون رقما يذكر أمام لجنة المتابعة أو المراقبة رغم وضوح قرار مجلس الوزراء وعدم شموليته الوظائف التخصصية، ورغم استثنائه لمن جاوزوا الستين من خبراء إلا إن تلك الخاصية للستينيين - وللأسف - لم تنسحب علي الوظائف ذات الطبيعة الفنية والتخصصية الأقل من مسمي "خبير" من ذات عقد العمر نفسه فيضحي بهذه الكفاءة غير القطرية بينما يبقي بعض منهم ممن يحملون مسمي خبيراً.
و رغم أهمية كثير منهم لخبرته الفذة ونبوغه، إلا أن هناك البعض أطلق عليهم المسمي مجازا ليحتلوا مكانا ما في زمن ما في مؤسسة ما لإيجاد مكان (لزيد وعبيد) في قائمة لم الشمل، والذين لحسن طالعهم لم يشملهم قرار التفنيش الجديد حتي لو لم تثبت جدوي خبرتهم لمؤسساتهم.
و للأسف يبقي هؤلاء وفي مفارقة محزنة تنهي خدمات نوعيين من غير القطريين لم يسجلوا تحت بند خبراء رغم خبرتهم، ولم تنتهز المؤسسات الفرصة في خطة انتقالية ليتدرب القطري علي أيديهم قبل تفنيشهم فضلا عن إنه قد لا تجد المؤسسة ممن يحملون مهارتهم أو خبرتهم او تخصصهم من القطريين لشغل الشاغر الذي قد سيظل شاغرا إلي إشعار آخر، خصوصاً وإن القائمين علي المؤسسات أنفسهم لا يستطيعون تحويل مسمي هؤلاء المتخصصين نوعيا إلي "خبراء" بعد صدور قرار مجلس الوزراء حتي لا يعد ذلك تحايلا علي القانون بعده، فترصد بتلك التفنيشات أرقاما تذكر في تلبيتها لهذا القرار (لتبيض وجها) وتبري ذمتها ليس أمام اللَّه ومصلحة المؤسسات والعمل وقطر، بل أمام مجلس الوزراء الموقر، وتطبيق هذا بهذه الصورة يذكرني بما تندرت به حلقة "سعودة" الوظائف في (طاش ما طاش) عام 2002.
ثانيا: هناك بعض المؤسسات التي وظفت غير قطريين في وظائف إدارية أدخلتهم البلد تحت مسميات وظائف فنية لا يمكن ان يكتشفهم أحد إلا إذا وجدت لجان مخلصة ودقيقة للمتابعة والتدقيق بعد صدور هذا القرار، وهذا جدير بالبحث والتحري من قبل الجهات المعنية، لأنه مخالف لقوانين الدولة، ويعتبر تحديا جديدا أمام لجان التفنيشات الرقمية.
إن مجلس الوزراء الموقر بالتأكيد ، لم يرد من هذا القرار لتطبيق التقطير إلحاق الضرر بالمؤسسات في الوظائف النوعية، ولعل خطة التقطير هذه تحتاج إلي حسن تطبيق وإشراف مباشر من لجان متابعة دقيقة تحت مظلة المجلس لتبين ما إذا كان تفنيش البعض من غير القطريين فيها لمصلحة المؤسسة والدولة من عدمه.
فبالتأكيد مجرد تحقيق رقم يذكر غير مجد أمام النوع، ولا بد من هذه اللجان أن ترصد القوائم (المنهية خدماتها) علها تجد فيها من يخدم قطر نوعيا سواء أعادت اللجنة النظر في إنهاء خدماتهم وأعادتهم لمؤسساتهم الأم أو حولت مساراتهم وانتفعت بهم في مؤسسات أخري علي سبيل التدوير نظرا لأهمية بعض تخصصاتهم وندرتها ، خصوصا وإن تلك المعالجة ستوفر علي الدولة اقتصاديا تكاليف استقدامات جديدة تكلفها أولاً نفقات الإعلان في الصحافة محلياً وعربياً بل وربما دوليا ومن ثم نفقات لاستقدام وتوظيف وتسكين وتأمين غير قطري بل "وعائلته" في تخصص نوعي كان يشغله أيضا غير قطري أصبح مكانه شاغرا بسب وضع وظيفته النوعية المتقدمة تحت مجهر التقطير دون دراسة جدوي لسوق التخصصات النوعية حتي عربيا وعالميا ودون إدراك لافتقار سوق قطر المهني لهذه الخبرات التراكمية في التخصص ومداها.
خطة التقطير تحتاج إلي آليات وضوابط أيضا وإلي إشراف مباشر ليس علي سرعة تطبيق القرار بل علي نوعيته ومداه لأننا باختصار لا نريد دوران التقطير في حلقة مفرغة، كالذي فسر الماء بعد الجهد.. بالماء.
مريم الخاطر
كاتبة وإعلامية قطرية
المصدر (http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=343404&version=1&template_id=24&parent_id=23) الراية 27-4-2008
___
المقال السابق تم طرحه هنا http://www.qatarshares.com/vb/showthread.php?t=171451 لمن أراد أن يطلع عليه و يتفاعل معه
همسة للأخت و الأستاذة المتميزة مريم الخاطر أرجو أن لا تستخدمي مصطلح تفنيش فهو ليس بإنجليزي و ليس بالعربي و ماذا يضير لو أنك قلت ِ إنهاء خدمات؟ شكرا لك