المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مؤسسة البترول تتكبد 25 مليار دولار نتيجة تخبط التخطيط الاستراتيجي لديها



إنتعاش
29-04-2008, 02:21 PM
القبس 29/04/2008

هل في مؤسسة البترول تخطيط استراتيجي سليم؟ اذا كان الجواب بالايجاب، فلماذا اذن تتعثر معظم مشاريع المؤسسة وشركاتها التابعة؟
خبير نفطي عالمي أسر لـ «القبس» ان التخطيط على عدة مستويات منها الذاتي المتعلق بالمؤسسة نفسها، ومنها الموضوع المتعلق بالوضع السياسي العام ادى الى خسارة الكويت فرصاً هائلة. وقدر الخبير الذي فضل عدم ذكر اسمه، الخسائر والارباح الفائقة والعوائد المتأخرة التحصيل بنحو 50 مليار دولار، بسبب تأخير مشروع الشمال، وتأخير البت بالمصفاة الرابعة، وتأخير تحديث اسطول الناقلات، وتأخير معالجة حرق الغاز، وايقاف عملية الخصخصة، فضلاً عن التخبط في بيع مصفاة روتردام، والتخبط في مواعيد بدء انتاج الغاز.

وقال الخبير: اذا استثنينا مشروع الشمال الذي تقع مسؤولية تأخيره على عاتق المناخ السياسي العام المعادي للمشاركة الاجنبية في الثروة النفطية، فإن المبلغ الذي خسرته الكويت او الارباح التي فاتتها او العوائد التي تأجل تحصيلها لا يقل عن 25 مليار دولار.

والسبب الاول هو ان الاسعار العالمية ارتفعت على نحو مثير خلال السنوات القليلة الماضية، ما ادى بالضرورة الى ارتفاع اكلاف تنفيذ المصفاة الرابعة وتحديث اسطول الناقلات. كما ان ايقاف عملية الخصخصة ابقى قطاعات عديدة اسيرة الروتين الحكومي، وبالتالي اسيرة خسائر او عدم ارباح في الوقت الذي كان فيه بامكان المؤسسة وشركاتها التابعة بيع قطاعات يمكن ان تجني منها ارباحاً، وكان يمكن لخدمات ومنتجات ان يقدمها القطاع الخاص بجودة اعلى.

ومن بين اسباب التخبط في تطبيق الخطط الروتين الذي فيه المؤسسة لانها حكومية، مما يعني ان كوادر التخبط الاستراتيجي يتحولون الى موظفين اداريين عاديين رهن القرار الذي يضيع اتخاذه بين اخذ ورد بين مجالس ادارات الشركات التابعة للمؤسسة ومجلس ادارة المؤسسة نفسها وصولاً حتى المجلس الاعلى للتخطيط بعد المرور بوزير النفط بطبيعة الحال.

فى نظر احدى القيادات النفطية السابقة بالمؤسسة أن القطاع يعاني من مشكلة واحدة فقط قاتلة وهي مشكلة البيروقراطية، فمثلا لو تمت الموافقة وتنفيذ خطة 2020 كما وضعت من البداية لكان تصنيف المؤسسة متقدما عدة مراحل عن التصنيف الحالي اقليمياً وعالمياً، والقيادات الحالية تدرك هذه المشكلة وتحاول التغلب عليها، كما أن عدم وجود وزير حاليا في رأيه أثر بشكل كبير على المصادقة على الخطط والمشاريع وتوجيه القطاع بشكل صحيح، اضافة الى أن عدم استقرار وزير في منصبه لأكثر من عام ونصف العام جعل القطاع محل تخبط في القرارات.

خبير نفطي آخر رفيع المستوى يقول ان المؤسسة ليس لديها التزام نحو خططها التي وضعتها، فلا يوجد على القيادات رقيب أو حسيب في تطبيق الخطط التي توضع لمدة خمسة أعوام أو أكثر، فلا توجد عصا أو جزرة لكل قيادي في حالة تنفيذ المشروع أو التأخير في تنفيذه، ولم يشهد القطاع معاقبة أحد المسؤولين لعدم تحقيقه الأهداف السنوية، ولا تعامل النظم الادارية هناك مثلما هو معمول به في الشركات الخاصة.
كما أن المديرين يخافون من اتخاذ القرارات خوفا من المساءلة ومن الأفضل للكثير منهم تأجيل القرارات أو عدم اتخاذها حفاظاً على المنصب، وتأتي الاجتماعات تلو الأخرى لتؤجل هذه القرارات المصيرية للقطاع.

وأوضح انه من أبسط الأمثلة التي تبين ضعف المؤسسة في تطبيق استراتيجيتها حتى السنوية موضوع الموازنة العامة لها ولشركاتها التابعة وميزانية التطوير، التي لا تواكب ارتفاع الاسعار عالميا، اضافة الى مسألة حرق الغاز التي تطرق اليها ديوان المحاسبة وهو اهدار بالملايين لغاز يمكن الاستفادة منه.

وفي رأى محلل نفطي أن المشكلة تكمن في بعض الفراغ القائم بين قيادات الصف الأول وقيادات الصف الثاني، فمثلا تضع القيادات العليا الخطط، وتقف أمامها القيادات الأخرى حائرة لأنها ليست ذات خبرة أو قدرات كافية لتحقيق مثل هذه الأهداف، كما أنها تحتاج لتواصل منع القيادات العليا ومتابعة للمشروعات وطرق تنفيذها، هو ما يظهر وجود مشكلة تسمى مشكلة ادارة المشروعات السليمة حيث تعترف المؤسسة بهذا النقص عندما تخلو جيوبها من المبررات.

ومن أهم المشروعات التي تعرضت للتأخير وأدت الى تحمل القطاع خسائر المشروعات التالية:

المصفاة الرابعة

المشروع يهدف في الأساس الى انتاج الوقود النظيف لتزويد محطات توليد الطاقة الكهربائية وتحسين الوضع البيئي في دولة الكويت، خصوصا في ظل محدودية كميات الغاز المتوافرة وتعثر مشاريع استيراد الغاز من الخارج وزيادة الطاقة التكريرية لتصل الى 1.5 مليون برميل يوميا بحلول عام 2010.

وكان المفروض بمشروع بمثل هذه الأهمية ألا يؤجل أكثر من 12 عاما، منذ اطلاق فكرته للمرة الأولى، وبفعل التأجيل تضاعفت ميزانيته أكثر من مرة من 4 الى 6 ثم 12 ثم 15 مليار دولار، كيف لمشروع بدأ بميزانية 1،1 مليار دينار أن تصل ميزانيته الى ما يتعدى الاربعة مليارات ؟ وهناك شكوك تدور حول معدل الربح المتوقع لهذه المصفاة بحلول عام 2012، فهل فعلا سيصل الى 4% كما أعلنت مؤسسة البترول من قبل؟

مصفاة الروتردام:

تبلغ الطاقة الانتاجية لهذه المصفاة80 ألف برميل يوميا وتتعرض بين الوقت والآخر لأعمال صيانة واصلاحات بسبب تقدم معداتها في العمر، ويقول المحللون ان المصفاة الآن تعد استثماراً خاسراً بسبب حاجتها للتطوير في ضوء قرارات الاتحاد الأوروبي الجديدة الخاصة بالبيئة ، ويحتج الكثيرون على قرار وقف بيعها وتأجيل البث فيه وهو قرار لا يحتاج وجود وزير كما يدعي البعض.

تحديث أسطول الناقلات

شهد مشروع تحديث الأسطول منذ بدايته العديد من المنازعات بين القيادات القائمة عليه أدت الى تأخير اقراره، وتعود أسباب النزاع كما يرى البعض الى الخلافات الشخصية وتضارب المصالح بين الفرقاء، وأدى التأخير في الاقرار الى مضاعفة الكلفة 3 مرات.

مشروع إنتاج الغاز

على الرغم من النفي المستمر لشركة نفط الكويت أي تأخير لانتاج الغاز بشكل تجاري فان هذا الانتاج كان من المفترض أن يتم منذ نهاية العام الماضي، والآن تعلن الشركة أن الانتاج التجاري سيتم في نصف الشهر القادم.. وهذا ليس بالمؤكد بعد! ولكن ما الذي جعل الشركة تتأخر في انجاز هذا المشروع؟ يرى أحد المحللين أن السبب يعود الى تصميم الشركة في البداية على اختيار الشركة المكتشفة للنفط للقيام بالمشروع وبعد أن تم اختيار مقاول آخر وجدت الشركة نفسها أمام عجز في الكوادر الملمة بالغاز، والآن يوجد ضياع في المسؤوليات بين المؤسسة والشركة مما يرجح المزيد من التأخير في هذا المشروع.

مشروع الرؤية

المشروع الذي يهدف الى توحيد الشركات تحت مظلة مؤسسة البترول طرح في مناقشات المجلس الأعلى للبترول منذ عدة سنوات الا أن أسباب خفية أوقفت تنفيذه، وانتظر هذا المشروع الضخم كل هذه المدة ليتم تطبيقه على مدى ثلاث سنوات، كان من الممكن أن يستفيد منه القطاع منذ فترة طويلة عند بداية طرحه.. علماً بان المشروع حتى الان عالقان في دوائر التنظير.

الخصخصة

يرى محللون أن السبب في ايقاف مشروع الخصخصة هو عدم وضع خطة استراتيجية كاملة متكاملة له من قبل قطاع التخطيط مما أدى في النهاية الى ايقافه، ووجدت المؤسسة في موقف محرج بعد أن واجهت العديد من المشكلات بعد خصخصة بعض القطاعات مثل محطات الوقود، واضطرت في النهاية الى توقيف العملية برمتها بحجة عدم وجود قانون حكومي ينظم عملية الخصخصة!!

زيادة الانتاج

منذ عدة سنوات وضعت خطة 2020 التي من خلالها سيتم زيادة الانتاج ليصل الى 3 ملايين برميل يوميا في 2010 و4 ملايين في 2020، ولأن نفط الكويت تفتقد الى الخبرات والكوادر للتعامل مع مرحلة النفط الصعبة لن تصل الى هذه المرحلة في الوقت المناسب، مما جعل المؤسسة تعطي للخطة مسمى جديدا يسمح لها بمدة زمنية أطول لتطبيق خطة 2020.. حتى 2030 وربما 2040 من يدري؟