شيخ الشباب
03-05-2008, 09:15 PM
هي عاهات نفسية بالدرجة الأولى ، كأن تكون خليط من العقد المزمنة والمخاوف والقناعات الضالة والجهل .
وهي تقد تكون أصلية في الشخص قبل أن يكون مسئولا أو مكتسبة بعد توليه مهام مسئوليته الجديدة .
والمسئول هو شخص قدّم على غيره لقيادة مجموعة من فريق العمل قل أو كثر ، وهذا المنصب يوضع فيه الأكفأ على الافتراض الصحيح ، إلا أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أخبرنا قبل قرون طويلة أن في آخر الزمان ستسند الأمور إلى غير أهلها .
وهنا سأسرد بعض العاهات التي تكثر لدى المسئولين :
1- المركزية : وهي مرض إداري فتاك ، يشل العمل تماما أو يعيقه كثيرا فلا تخرج النتائج على قدر المعطيات .
والمركزية لدى المسئول نوع من الأنانية والجهل والتسلط وقد يكون الخوف أيضا ، إذ يخنق العمل كله في دهليز واحد ، هو دهليز ذاته المتضخمة ، فإذا كان المسئول مدير إدارة فإنه يصبح مديرا وسكرتيرا ومخططا ومنفذا ومحللا ، بل وأحيانا فإنه يتدخل في شئون المطبخ ومواقف السيارات والحراسة .
أنا لا أطالبه أن يهمل كل هذه المهام بلا متابعة ، ولكن أين التقسيم الإداري لمهام العمل ؟ وما فائدة تقسيم الإدارة إلى أقسام وشعب ووحدات ؟
رأيت بعض المدراء لا يجرأ أن يخول أحد من المسئولين تحت قيادته بالتوقيع ، حتى ولو كان الأمر طلب إجازة لموظف ! أو أي أمر روتيني مماثل ، وبهذا يوقع المسئول العمل في مطب البطء وتراكم المهام وزحمة القرارات بلا داع .
على المدير أن يفعل خاصية التمكين والتفويض في إدارته ، وهي تمكين وتفويض صاحب الاختصاص من أداء وظيفته دون الرجوع إلى المسئول الأعلى ، وبهذا يتحول الموظفون إلى خلية نحل منظمة كل واحد يعرف مسئوليته وينجزها بإتقان ، ومن ثم يتفرغ كل مسئول في هذه الخلية إلى أمور أكثر فائدة وصعوبة .
وسبب المركزية لدى المسئول أما الجهل بفنون الإدارة ، أو الشك المرضي في كفاءة الغير ، أو التلذذ بممارسة السلطة ، أو الخوف من الأخطاء والمساءلة لاحقا ، وكلها تصب في أنه قد أسند الأمر إلى من ليس أهلا له .
2- الإهمال : وهذه العاهة على عكس الأولى ، وهنا يتحول المسئول إلى قائد رمزي لقطيع من الهمج ، كل واحد يترنح في العمل بلا هدى ، بالإضافة إلى تسيب بعض الموظفين وكثرة الكذب والغش والمكائد والبطالة المغلفة ، وتكثر هذه العاهة لدى المسئولين الآمنين من العقاب لكون المنشأة التي يديرونها منشأة شكلية ، تعتمد فقط على بقائها موجودة مرئية للمارة ومرفوع فوقها علم ما ، كبعض السفارات والقنصليات والمؤسسات المدنية جدا ، أو لكون تلك المنشأة منشأة في طريقها إلى التحلل والتفكك كوزارة الكهرباء والماء في مرحلة سابقة ، أو لكون تلك المنشأة واجهة رمزية لهدف معين أو بلا هدف معين كتلفزيون قطر وبعض القنوات التلفزيونية .
3- المبالغة في إثبات الذات : ويكون ذلك على حساب العمل وأهدافه ، وهنا ينصب اهتمام المسئول إلى ممارسة أكبر قدر ممكن من كونه مسئولا ، يكون ذلك بالمبالغة في استخدام برستيج السكرتير ، أو اللوائح الداخلية أو الاجتماعات التي لا داعي لها ، لذا تجد المسئول في مرات كثيرة يرد أحد العملاء أو الزوار ولا ينجز طلبه ليثبت فقط أمامه وأمام نفسه ربما أنه مسئول فعلا ، وأن مصالح الناس بيده ، يعطي من يشاء ويمنع من يشاء . وتجده كثيرا يترك الضيوف في مكتب السكرتير بعض الوقت فيما لا شيء يشغله ، فقط ليلقنهم درسا عمليا أنه هو المسئول حقا .
4- التغرب : وأقصد به افتتان المسئول بكل شخص غريب بعيد ، فيرد طلب ابن جيرانه للوظيفة لكنه يوظف شخصا من أبعد الأبعدين ، ليس لشيء فقط لأنه غريب ، ويرد عقد الشركة المحلية ويوقعه مع الشركة الأجنبية فقط لأنها أجنبية ، وهكذا ، بل أحيانا يحرم شخصا من أبناء عمومته من حق ما ويعطيه شخصا غريبا فقط لأنه غريب ، وهذا الأمر ملاحظ ملموس ، وسبب هذه العاهة سبب نفسي عميق ، عقدة إحباط مزمن من كل ما يحمل صلة قربى ، تتكشف في عقد صغيرة أخرى كـ احتقار الذات ( الذات هنا بشكلها الواسع ، نحن ) ، وعدم الثقة فيها .
5- العنصرية : أو التعصب ، وهذا عكس السابق (4) لذا تجد المسئول متعصبا لأهله أو بلده أو لونه أو قبيلته أو حتى منطقته السكنية ، فإن كان مسئولا من ذوي البشرة السوداء فإنه يقلب طاقم العمل إلى طاقم من ذوي البشرة السوداء ، وإن كان بدويا فإنه يملأ الموقع بالبدو وإن كان حضريا مثل ذلك ، وإن كان من قبيلة معينة ، فإنه يستقطب أبناء قبيلته دون غيرهم. وأنا هنا لا أطالبه أن ينكر فطرته البشرية في موالاة أقربائه وأهله ، بل الأقرباء أولى بالمعروف ، ولكن بشرط أن لا يكون هذا بالظلم والجور وإنكار الحق والعدل مما يضر بمصلحة العمل .
6- العجب والتكبر : وهذا الأمر أكثر الأمراض انتشارا بين المسئولين ، لكن على تفاوت بينهم ، فالمسئول أثناء تأديته لعمله ينسلخ من الشخص الحقيقي الذي كانه قبل قليل ، في البيت والمسجد والشارع ويتحول إلى إمبراطور روماني تدين له الأرض بالطاعة من مشرقها إلى مغربها ، فيما قد لا تتعدى مسئوليته الإشراف على قطع الغيار المستعمل في إدارة المواصلات! والكثير هنا يخلطون بين التكبر وبين الوقار المطلوب ، إذ لا شك أن المسئول لابد أن يظهر لا كما على طبيعته في البيت بين أبنائه ، ولكن بالقليل من الزوائد الرسمية التي يتطلبها المنصب ، مع الحذر أن لا يوقعه هذا في غمط الناس حقوقهم أو الاستعلاء عليهم أو الاستخفاف بهم وبكلامهم .
وهناك العديد من العاهات الأخرى التي لا تحضرني الآن ، لكن ما ذكرته هو أبرز عاهات المسئولين .
________________
المرجع : مدونة وسوم
وهي تقد تكون أصلية في الشخص قبل أن يكون مسئولا أو مكتسبة بعد توليه مهام مسئوليته الجديدة .
والمسئول هو شخص قدّم على غيره لقيادة مجموعة من فريق العمل قل أو كثر ، وهذا المنصب يوضع فيه الأكفأ على الافتراض الصحيح ، إلا أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أخبرنا قبل قرون طويلة أن في آخر الزمان ستسند الأمور إلى غير أهلها .
وهنا سأسرد بعض العاهات التي تكثر لدى المسئولين :
1- المركزية : وهي مرض إداري فتاك ، يشل العمل تماما أو يعيقه كثيرا فلا تخرج النتائج على قدر المعطيات .
والمركزية لدى المسئول نوع من الأنانية والجهل والتسلط وقد يكون الخوف أيضا ، إذ يخنق العمل كله في دهليز واحد ، هو دهليز ذاته المتضخمة ، فإذا كان المسئول مدير إدارة فإنه يصبح مديرا وسكرتيرا ومخططا ومنفذا ومحللا ، بل وأحيانا فإنه يتدخل في شئون المطبخ ومواقف السيارات والحراسة .
أنا لا أطالبه أن يهمل كل هذه المهام بلا متابعة ، ولكن أين التقسيم الإداري لمهام العمل ؟ وما فائدة تقسيم الإدارة إلى أقسام وشعب ووحدات ؟
رأيت بعض المدراء لا يجرأ أن يخول أحد من المسئولين تحت قيادته بالتوقيع ، حتى ولو كان الأمر طلب إجازة لموظف ! أو أي أمر روتيني مماثل ، وبهذا يوقع المسئول العمل في مطب البطء وتراكم المهام وزحمة القرارات بلا داع .
على المدير أن يفعل خاصية التمكين والتفويض في إدارته ، وهي تمكين وتفويض صاحب الاختصاص من أداء وظيفته دون الرجوع إلى المسئول الأعلى ، وبهذا يتحول الموظفون إلى خلية نحل منظمة كل واحد يعرف مسئوليته وينجزها بإتقان ، ومن ثم يتفرغ كل مسئول في هذه الخلية إلى أمور أكثر فائدة وصعوبة .
وسبب المركزية لدى المسئول أما الجهل بفنون الإدارة ، أو الشك المرضي في كفاءة الغير ، أو التلذذ بممارسة السلطة ، أو الخوف من الأخطاء والمساءلة لاحقا ، وكلها تصب في أنه قد أسند الأمر إلى من ليس أهلا له .
2- الإهمال : وهذه العاهة على عكس الأولى ، وهنا يتحول المسئول إلى قائد رمزي لقطيع من الهمج ، كل واحد يترنح في العمل بلا هدى ، بالإضافة إلى تسيب بعض الموظفين وكثرة الكذب والغش والمكائد والبطالة المغلفة ، وتكثر هذه العاهة لدى المسئولين الآمنين من العقاب لكون المنشأة التي يديرونها منشأة شكلية ، تعتمد فقط على بقائها موجودة مرئية للمارة ومرفوع فوقها علم ما ، كبعض السفارات والقنصليات والمؤسسات المدنية جدا ، أو لكون تلك المنشأة منشأة في طريقها إلى التحلل والتفكك كوزارة الكهرباء والماء في مرحلة سابقة ، أو لكون تلك المنشأة واجهة رمزية لهدف معين أو بلا هدف معين كتلفزيون قطر وبعض القنوات التلفزيونية .
3- المبالغة في إثبات الذات : ويكون ذلك على حساب العمل وأهدافه ، وهنا ينصب اهتمام المسئول إلى ممارسة أكبر قدر ممكن من كونه مسئولا ، يكون ذلك بالمبالغة في استخدام برستيج السكرتير ، أو اللوائح الداخلية أو الاجتماعات التي لا داعي لها ، لذا تجد المسئول في مرات كثيرة يرد أحد العملاء أو الزوار ولا ينجز طلبه ليثبت فقط أمامه وأمام نفسه ربما أنه مسئول فعلا ، وأن مصالح الناس بيده ، يعطي من يشاء ويمنع من يشاء . وتجده كثيرا يترك الضيوف في مكتب السكرتير بعض الوقت فيما لا شيء يشغله ، فقط ليلقنهم درسا عمليا أنه هو المسئول حقا .
4- التغرب : وأقصد به افتتان المسئول بكل شخص غريب بعيد ، فيرد طلب ابن جيرانه للوظيفة لكنه يوظف شخصا من أبعد الأبعدين ، ليس لشيء فقط لأنه غريب ، ويرد عقد الشركة المحلية ويوقعه مع الشركة الأجنبية فقط لأنها أجنبية ، وهكذا ، بل أحيانا يحرم شخصا من أبناء عمومته من حق ما ويعطيه شخصا غريبا فقط لأنه غريب ، وهذا الأمر ملاحظ ملموس ، وسبب هذه العاهة سبب نفسي عميق ، عقدة إحباط مزمن من كل ما يحمل صلة قربى ، تتكشف في عقد صغيرة أخرى كـ احتقار الذات ( الذات هنا بشكلها الواسع ، نحن ) ، وعدم الثقة فيها .
5- العنصرية : أو التعصب ، وهذا عكس السابق (4) لذا تجد المسئول متعصبا لأهله أو بلده أو لونه أو قبيلته أو حتى منطقته السكنية ، فإن كان مسئولا من ذوي البشرة السوداء فإنه يقلب طاقم العمل إلى طاقم من ذوي البشرة السوداء ، وإن كان بدويا فإنه يملأ الموقع بالبدو وإن كان حضريا مثل ذلك ، وإن كان من قبيلة معينة ، فإنه يستقطب أبناء قبيلته دون غيرهم. وأنا هنا لا أطالبه أن ينكر فطرته البشرية في موالاة أقربائه وأهله ، بل الأقرباء أولى بالمعروف ، ولكن بشرط أن لا يكون هذا بالظلم والجور وإنكار الحق والعدل مما يضر بمصلحة العمل .
6- العجب والتكبر : وهذا الأمر أكثر الأمراض انتشارا بين المسئولين ، لكن على تفاوت بينهم ، فالمسئول أثناء تأديته لعمله ينسلخ من الشخص الحقيقي الذي كانه قبل قليل ، في البيت والمسجد والشارع ويتحول إلى إمبراطور روماني تدين له الأرض بالطاعة من مشرقها إلى مغربها ، فيما قد لا تتعدى مسئوليته الإشراف على قطع الغيار المستعمل في إدارة المواصلات! والكثير هنا يخلطون بين التكبر وبين الوقار المطلوب ، إذ لا شك أن المسئول لابد أن يظهر لا كما على طبيعته في البيت بين أبنائه ، ولكن بالقليل من الزوائد الرسمية التي يتطلبها المنصب ، مع الحذر أن لا يوقعه هذا في غمط الناس حقوقهم أو الاستعلاء عليهم أو الاستخفاف بهم وبكلامهم .
وهناك العديد من العاهات الأخرى التي لا تحضرني الآن ، لكن ما ذكرته هو أبرز عاهات المسئولين .
________________
المرجع : مدونة وسوم