المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في دول الخليج .. الشركات تحقق أرباحاً والمواطنون لا يشعرون



رايق
04-05-2008, 02:55 PM
في دول الخليج .. الشركات تحقق أرباحاً والمواطنون لا يشعرون

http://www.amwalnews.com/gallery/large/amwal32163.jpg

04/05/2008

القبس الكويتية

لا تتوقف خلاطات الاسمنت عن الهدير طوال النهار والليل في دبي. فالمدينة في عجلة من أمرها والبناء لا يتوقف ابدا. والهدير نفسه يمكن سماعه في مختلف دول الخليج التي تسعى للاستفادة من اسعار النفط التي تجاوزت الـ 100 دولار للبرميل لبناء كل شيء، الطرقات والجسور وحتى مدن بأكملها.

طاقة جديدة تنبعث في الدوحة، في حين بدأت أبوظبي تخلع عن نفسها التقاليد المحافظة لتحويل الجزر الرملية الى منتجعات سياحية فاخرة، كما لحقت السعودية بالركب لتضخ استثمارات ضخمة في مشروعات بنية تحتية تنتشر بسرعة كبيرة في انحاء المملكة.

يقول جورج مكهول، رئيس عمليات الشرق الاوسط في مورغان ستانلي «ان دبي هي الصفحة الأولى لكتاب مثير، لكن القصة الحقيقية تجري في السعودية والدوحة وأبوظبي». ومع ذلك وفي الوقت الذي يشكل فيه حيوية اقتصاد الخليج نقيضا صارخا للوضع القائم الذي يخيم على الدول الغربية حيث يعاني المصرفيون والحكومات من أزمة الائتمان واحتمالات حدوث ركود اقتصادي، فإنه يتبين ان الازدهار النفطي يمثل تحديا في كيفية ادارته وفي التخطيط الصعب لتبعاته واثاره على السكان.

السيولة في دول الخليج ضخمة نتيجة تراكم اموال النفط في خزائن الحكومات، فبحسب معهد التمويل الدولي، تضاعف اجمالي الناتج المحلي لدول الخليج الى 900 مليار دولار منذ عام 2003، ومرشح للزيادة بمعدل 14% خلال العام الجاري. ووفق معظم المعايير فان تأثير ازمة واضطرابات اسواق المال العالمية كان محدودا، إذ ما زالت الصناعة المصرفية في المنطقة تدر ارباحا جيدة.

لكن ارتفاع معدلات التضخم شاب ذلك المزاج الجيد، والذي يقدره محللون مستقلون بـ 15% في الامارات و20% في قطر. ويشكو المواطنون والوافدون على السواء في مختلف انحاء دول المنطقة من ارتفاع الايجارات واسعار المواد الغذائية، ويأتي ذلك بعد عامين على الضرر الكبير الذي اصاب معظم مواطني الخليج نتيجة انهيار اسواق الاسهم بعد ان تحولت محاولات الحكومات لتوزيع الثروة النفطية من خلال الاكتتابات الاولية الى حدث مُر.

وبحسب استطلاع حديث صادر عن غلف نيوز فان 42% من الوافدين الذين جاءوا الى الامارات بحثا عن معيشة افضل لا يستطيعون ادخار جزء من دخلهم، في حين 17% منهم مدينون و28% منهم اعادوا عائلاتهم الى بلدانهم بسبب ارتفاع ايجارات السكن.

فرص العمل
ومن غير الواضح ما اذا كان الازدهار الاقتصادي يوفر وظائف كافية للمواطنين الخليجيين انفسهم، خصوصا ان قطاع البناء يعتمد بشكل كلي تقريبا على العمالة الوافدة الرخيصة فضلا عن انظمة التعليم السيئة في المنطقة.
وقد تبدو هذه المشكلة اقل اثارة للقلق في دول ذات تعداد سكاني (من المواطنين) قليل لكنها تضع الحكومات في دول ذات تعداد سكاني مرتفع، كالسعودية، تحت ضغط سياسي.
اذ يقول انيس فرج، المدير التنفيذي في بنك نومورا الاستثماري في البحرين «ان قطاع الشركات يحقق ارباحا، لكن الرجل في الشارع لا يشعر بتحسن في وضعه المعيشي، بل على العكس ان بعض الناس يشعرون بأن اوضاعهم تسوء».
ويضيف خليفة جاسم آل ثاني رئيس غرفة التجارة في الدوحة «ان المستفيد الاكبر من هذه الطفرة هي الشركات ومعظمها لايوظف الا الوافدين، وعند مستويات معينة، فان من يتقاضون مرتبات ضعيفة، مثل موظفي السكرتارية يتضررون كثيرا، فعلى مدى السنوات الاربع الاخيرة، ارتفعت اسعار العقار بمعدل 4 الى 5 مرات».
كما بدأت الشركات كذلك تشعر بالضغط، ففواتير المرتبات وتكاليف المواد الخام تشهد زيادات مطردة.
فقد اظهرت دراسة حول ثقة الشركات صدرت في ابريل عن اتش اس بي سي الشرق الأوسط ان 65% من الشركات التي استطلعت اراؤها انها لا تزال متفائلة حيال نمو اعمالها، لكن جزءا من تلك الشركات يدعي وجود تأثير سلبي لارتفاع التضخم من 36% في فبراير 2007 الى 61% في الربع الاول من هذا العام.
يقول كيث برادلي، رئيس العمليات المصرفية التجارية في اتش بي سي في دبي «ان الثروة تذهب الي جيوب الافراد، لكن يتعين على الافراد ان ينفقوا اموالا اكثر، فهناك رابحون وخاسرون».

إدارة الطفرة
ومع ذلك، فان اموال الخليج هذه المرة تمت ادارتها بشكل افضل بكثير من الطفرات النفطية السابقة في السبعينات والثمانينات.
فبعد عجز في الميزانيات، استقبلت الحكومات ارتفاع اسعار النفط بحذر وعزم على الادخار ودفع الديون العالقة، وكان معهد التمويل الدولي قدر صافي الاصول الاجنبية بـ 1800 مليار دولار في 2007.
وعندما تبين ان اسعار النفط المرتفعة راسخة ومستمرة، اعد واضعو السياسات العدة لموجة انفاق وضخوا نحو 30% من فائض الاموال المتراكمة في مشروعات تحسين البنية التحتية. كما سعوا وراء تنويع القاعدة الاقتصادية الى الخدمات المالية والسياحية والصناعات ذات الصلة بالتكرير والتخزين وتسويق وبيع الطاقة.
وقد شجع ذلك القطاع الخاص، الذي اصبح له باستثماراته الخاصة دور مهم في دفع وقيادة الازدهار، وبلغ معدل نمو اجمالي الناتج المحلي للقطاع غير النفطي نحو 8% سنويا منذ 2005.
تقول مونيكا مالك، مديرة بحوث الاقتصادات والاسهم في مصرف اي اف جي هيرمس، الاستثماري «لم تشهد المنطقة فترة كهذه. لقد ادير هذا الازدهار بطريقة افضل بكثير من سابقاته، ودفعت جميع الديون العالقة وتم بناء احتياطيات خارجية، ما يعني ان الازدهار يمكن ان يصبح اكثر ديمومة، وانه في اوقات تراجع اسعار النفط، ستكون الحكومات قادرة على تحفيز الاقتصاد ماليا».

الشعور بالثراء
ويصير المسؤولون على ان الاحساس بالتأثير الواسع النطاق للنمو الاقتصادي اصعب مما يحدث الواقع. اذ يقول يوسف حسين كمال، وزير المالية القطري، هل استفاد الناس؟ نعم، فكم عدد الذين لديهم ملايين في البنوك الآن؟ لقد ازدادت الرواتب بنسبة 40% في العامين الماضيين. لكن عندما يكون لديك نموا بمعدل 30%، فلا بد ان تواجه التضخم».
¶ فايننشال تايمز ¶

نمو غير مسبوق
يقول عمر بن سليمان، محافظ مركز دبي المالي العالمي ان التضخم يجب ان يبقى في منظوره، مضيفا «ان النمو الذي يحدث هنا نمو غير مسبوق، ولم يحدث في اي مكان آخر. وهو يحدث على كل المستويات والصناعات، لذلك عندما يتحدث الناس عن التضخم، فإن ذلك حقيقي لأنه موجود. لكن عندما نقيس التضخم الحقيقي والصافي منه في مثال كالرواتب التي شهدت زيادة بلغت 40 ـــ 45% والتضخم الذي نتحدث عنه 11% و12% في بعض اللمناطق. لذلك فإن الصافي ليس سيئا». ويقول برادلي من بنك اتش اس بي سي ان انفاق المستهلكين في المنطقة بدأ بالنمو في المنطقة بمعدل اسرع من التضخم في دليل على انتشار فوائد وايجابيات الازدهار الاقتصادي.



توفير وظائف جديدة
بحسب تقديرات اتش اس بي سي فإن ما بين 15 الف ـــ 18 الف شركة تم انشاؤها في الامارات العام الماضي في قطاعات البناء والخدمات والرعاية الصحية.
لكن من الصعب قياس الى اي مدى استطاعت تلك الشركات ان توفر وظائف جديدة للمواطنين والوافدين من الطبقة المتوسطة، خصوصا في ظل غياب الاحصاءات الرسمية الدقيقة، بل ان المؤشرات في السعودية، حيث معدل البطالة يقدر بنحو 12%، تشير الى ان البطالة ربما تتجه نحو الارتفاع.
وسؤال في السعودية او في اي دولة اخرى في الخليج، فإن الخلل في سوق العمل سيتطلب جيلا لإصلاحه. فمع سعي الحكومات لتقليص قطاعاتها الحكومية، فإنه يتعين عليها اصلاح انظمة التعليم لتخريج اجيالا مؤهلة للعمل في القطاع الخاص.



تحسين المهارات البشرية
يقول محسن خان، رئيس قسم الشرق الاوسط في صندوق النقد الدولي «ان للبطالة علاقة كبيرة بعدم توافق المهارات والجميع يدرك هذه الحقيقة. ان مواطني دول الخليج لن يقوموا ابدا بأداء الوظائف التي تقوم بها العمالة غير الماهرة والمستوردة من جنوب آسيا. ما تحتاجه هو ان ترفع من مستوى مهارات السعوديين والاماراتيين حتى يتمكنوا من المنافسة مع الوافدين الاجانب المهنيين».

مجاراة الفائدة الأميركية
على صعيد مكافحة التضخم، تجد الحكومات نفسها مقيدة. فكون عملاتها مرتبطة بالدولار، فإنها مضطرة لاتباع مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي في خفض معدلات الفائدة في وقت تتطلب فيه اقتصاداتها المحمومة خطوات في الاتجاه المعاكس. ومع الإصرار على أن منافع الإبقاء على الارتباط بالدولار تفوق التكاليف وان التضخم يقوده الطلب المحلي الشديد، فقد سعت الحكومات إلى الحد من الاستياء الشعبي من خلال إجراءات مؤقتة تشمل وضع حد أعلى للإيجارات والدعم الحكومي ومحاولات الحد من تدفق الائتمان.



عمال البناء الآسيويون الضحايا الأساسيون لسياسة النقد
كان عمال البناء الآسيويون من الضحايا الأساسيين للسياسة النقدية لأن عملات بلدانهم زادت قيمتها مقابل الدولار. يقول كي في شامسودين، رئيس برافاسي باندو ويلفير تراست الذي يرعى شؤون الجالية الهندية في الإمارات «لقد ارتفع مستوى المعيشة هنا، لذلك أصبح الناس يدخرون أقل. ومع هبوط الدولار يصرفون أموالاً أكثر لتحويلها إلى الهند. وفي الهند هناك طلب أكثر على مزيد من الأموال بسبب زيادة تكاليف المعيشة هناك».



اتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء :anger1:
في دول مليئة بالمشاكل الاجتماعية، مثل السعودية والبحرين فإن اتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء قد يولد مزيداً من الاستياء ضد الأنظمة، خصوصاً إذا ما اتسع تداول الرأي القائل إن من لهم ارتباطات وعلاقات سياسية هم الذين يفوزون بالعقود الكبرى.
إذ يقول محمد فهد القحطاني، أستاذ مساعد الاقتصاد في معهد الدراسات الدبلوماسية في الرياض «ان 5% من نخبة المجتمع يكسبون المزيد والمزيد والباقي لا يحصلون على شيء».
أما الدول الأصغر التي تقطنها غالبية من الوافدين كالإمارات وقطر، فإن المخاطر مختلفة. فالخبراء يقولون إن لم تقم الحكومات بالتخطيط لاقتصاد شامل وسياسة نقدية، فإن التضخم قد يشكل خطراً حقيقياً على التوسع الاقتصادي.
إذ يقول مكهول من مورغان ستانلي» إذا ما استمر التضخم في الارتفاع، فإن المحاسبين والعاملين في الموارد البشرية وموظفي الاستقبال وأولئك الذين يعملون في المتاجر قد يجدون انه من الأفضل العودة إلى أوطانهم. إذا بدأت في تنفير مثل هؤلاء الناس، فلن تستطيع الحصول على نمو اقتصادي».