الامل القديم
10-05-2008, 07:13 PM
نصّ الحديث
عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( كانت امرأة
من بني إسرائيل قصيرة تمشي مع امرأتين طويلتين ، فاتخذت رجلين من خشب ،
وخاتماً من ذهب مغلق مطبق ، ثم حشته مسكاً - وهو أطيب الطيب - ،
فمرّت بين المرأتين فلم يعرفوها ، فقالت بيدها هكذا - ونفض شعبة يده - ) رواه مسلم .
وفي رواية لأحمد : ( فكانت إذا مرت بالمجلس حركته فنفح ريحه ) .
وعند ابن حبان في صحيحه : ( فاتخذت لها نعلين من خشب ) .
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال : ( إن أول ما هلك بنو إسرائيل أن امرأة الفقير كانت تكلفه
من الثياب أو الصيغ ما تكلف امرأة الغني . فذكر امرأة من بني اسرائيل
كانت قصيرة ، واتخذت رجلين من خشب ، وخاتماً له غلق وطبق ،
وحشته مسكاً ، وخرجت بين امرأتين طويلتين أو جسيمتين ،
فبعثوا إنساناً يتبعهم ، فعرف الطويلتين ، ولم يعرف صاحبة الرجلين من خشب ) رواه ابن خزيمة .
معاني المفردات
رجلين من خشب : أي نعلين من الخشب كما جاء في الرواية الأخرى
فقالت بيدها هكذا : يعني حرّكت يديها لتفوح رائحة العطر
خاتماً له غلق وطبق : أي خاتماً محكم الإغلاق وعليه غطاء
جسيمتين : الجسيم : عظيم الجثّة
تفاصيل القصّة
من سنن الله الكونية ألا تبلغ الحضارات الإنسانيّة أوجّ عزّها ،
ولا ترتقي إلى قمّة مجدها ، إلا حين تتّخذ من الأخلاق الفاضلة ،
ومعاني العفّة والطهارة ، سياجاً يحيط بها ، وفي المقابل أيضاً لا ترى التراجع
والوهن يبدأ في أمّة من الأمم إلا حين تنسلخ من القيم والمُثُل العليا ،
وتفشو في أفرادها مظاهر الترف والبذخ ، والبحث عن المظاهر الكاذبة
والتصنّع الزائف ، حتى تأتي اللحظة التي تنهار فيها ، وتزول عن الوجود .
والنبي – صلى الله عليه وسلم – يعرض من خلال
القصّة التي بين يدينا ، جانباً من جوانب الفساد الاجتماعي والافتتان
بزخارف الدنيا ، والذي أودى بالمجتمع الإسرائيلي مهاوي الردى ،
وكان سبباً في تسلّط أعدائهم عليهم .
وقد ظهرت بوادر الفساد الاجتماعي في تلك الأمّة بقوّة من خلال المبالغة
في الاهتمام بالمظاهر ، فكان الإنفاق على الملابس والحلي وأنواع الزينة
ومراسم الحفلات على أشدّه ، ولم يكن التسابق المحموم على تلك الأمور
محصوراً بالطبقة الغنيّة القادرة ، بل اكتوى بنارها الفقراء والمعدمين ،
سعياً لمجاراة الواقع الموجود ، ومع مطالب النساء وما جرّه من النفقات الباهظة ،
كانت النتيجة الحتمية الغرق في دوّامة لا تنتهي من الديون والقروض الرّبوية .
أما الصورة الأخصّ التي ذكرها النبي – صلى الله عليه وسلم –
فهي حال امرأة من بني إسرائيل ، تملّكها الشعور بالحسرة على قصر قامتها ،
ورأت في نفسها أنها أقل حظّاً في نيل إعجاب الرجال ولفت أنظارهم ، وكان الرجال
من بني إسرائيل يرون الجمال في طول المرأة .
وبدلاً من الرضى بقضاء الله وقدره ، ظلّت تفكّر زماناً طويلاً للبحث عن أفضل الطرق لجذب
أنظار الناس إليها ، حتى اهتدى عقلها إلى حيلة تزيل ما تظنّه عيباً فيها ،
فقد صنعت لها نعلين من الخشب تلبسهما تحت الثياب فيزيد من قامتها ،
ويظهرها أمام الناس طويلة.
وأمام الحيلة التي ابتكرتها ، تغيّر منظرها الخارجي ، فلم يتعرّف عليها الرجال ، وظنّوا
أنها امرأة غريبة عن الديار ، بل أرسلوا أحدهم ليعلم عن هذا الوافد الجديد
– بالنسبة إليهم – ويتقصّى حقيقتها فلم يفلح .
وبذكائها أيضاً ، اتّخذت خاتماً من ذهب صنعته خصّيصاً عند أحد الصاغة ، وأمرته أن يجعل
فيه تجويفاً له غطاء لتملأه مسكاً قوي الرائحة ، ثم كانت تذهب إلى مجامع الناس
وتحرّك يدها ذات اليمين وذات الشمال ، فيفوح شذى العطر في أرجاء المكان
ليسلب بعبقه ألباب الرجال وينال استحسانهم لها .
والنبي – صلى الله عليه وسلم – إذ يعرض هذه القصّة ،
يريد من المجتمع الإسلامي أن يحذر من تلك الآفات ويرفع من تطلّعاته وطموحاته ،
ويوجّه تركيزه نحو إصلاح الباطن وتحسين الأخلاق ، وما قيمة المرء إلا بنبل صفاته ،
وجميل أفعاله ، وبياض صفحته ، كما جاء تقرير ذلك في قوله – صلى الله عليه وسلم - :
( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) رواه مسلم .
ونلمح أيضاً في ثنايا القصّة تحذير النبي – صلى الله عليه وسلم – من فتنة النساء ،
وتفنّنهنّ في طرق الغواية والإضلال ، في ظلّ انتكاسة أخلاقيّة تنبيء بذوبان العفّة
وقلّة المروءة ، وذهاب الغيرة من قلوب الرجال ، وما يؤدّيه من الفساد العظيم ،
والشرّ المستطير .
وكان الإشفاق من خطر هذه الفتنة هو ما أشغل بال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
، فلم يزل يحذّر أمته من فتنة النساء ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم – قال : ( اتقوا الدنيا ، واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) رواه أحمد .
ومن هنا ، حرص الإسلام من خلال تعاليمه ومبادئه أن يحمي أفراده من بواعث الفتنة
وأسبابها ، فنهى النساء عن مظاهر التبرّج والزينة ، ومنع من الاختلاط والخلوة
المحرّمة ، ورتّب الوعيد الشديد على من خرجت من بيتها متعطّرة حتى ولو كانت
ذاهبة إلى المسجد ، وبهذا الموقف الحازم والصارم ، يمكن للمجتمع المسلم
أن يعيش في ظلٍّ من العلاقات الطاهرة ، والقائمة على أساسٍ من التقوى
والصلاح ، والمراقبة الذاتيّة ، والله الموفّق.
منقول : عن الشبكة الاسلامية
عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( كانت امرأة
من بني إسرائيل قصيرة تمشي مع امرأتين طويلتين ، فاتخذت رجلين من خشب ،
وخاتماً من ذهب مغلق مطبق ، ثم حشته مسكاً - وهو أطيب الطيب - ،
فمرّت بين المرأتين فلم يعرفوها ، فقالت بيدها هكذا - ونفض شعبة يده - ) رواه مسلم .
وفي رواية لأحمد : ( فكانت إذا مرت بالمجلس حركته فنفح ريحه ) .
وعند ابن حبان في صحيحه : ( فاتخذت لها نعلين من خشب ) .
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال : ( إن أول ما هلك بنو إسرائيل أن امرأة الفقير كانت تكلفه
من الثياب أو الصيغ ما تكلف امرأة الغني . فذكر امرأة من بني اسرائيل
كانت قصيرة ، واتخذت رجلين من خشب ، وخاتماً له غلق وطبق ،
وحشته مسكاً ، وخرجت بين امرأتين طويلتين أو جسيمتين ،
فبعثوا إنساناً يتبعهم ، فعرف الطويلتين ، ولم يعرف صاحبة الرجلين من خشب ) رواه ابن خزيمة .
معاني المفردات
رجلين من خشب : أي نعلين من الخشب كما جاء في الرواية الأخرى
فقالت بيدها هكذا : يعني حرّكت يديها لتفوح رائحة العطر
خاتماً له غلق وطبق : أي خاتماً محكم الإغلاق وعليه غطاء
جسيمتين : الجسيم : عظيم الجثّة
تفاصيل القصّة
من سنن الله الكونية ألا تبلغ الحضارات الإنسانيّة أوجّ عزّها ،
ولا ترتقي إلى قمّة مجدها ، إلا حين تتّخذ من الأخلاق الفاضلة ،
ومعاني العفّة والطهارة ، سياجاً يحيط بها ، وفي المقابل أيضاً لا ترى التراجع
والوهن يبدأ في أمّة من الأمم إلا حين تنسلخ من القيم والمُثُل العليا ،
وتفشو في أفرادها مظاهر الترف والبذخ ، والبحث عن المظاهر الكاذبة
والتصنّع الزائف ، حتى تأتي اللحظة التي تنهار فيها ، وتزول عن الوجود .
والنبي – صلى الله عليه وسلم – يعرض من خلال
القصّة التي بين يدينا ، جانباً من جوانب الفساد الاجتماعي والافتتان
بزخارف الدنيا ، والذي أودى بالمجتمع الإسرائيلي مهاوي الردى ،
وكان سبباً في تسلّط أعدائهم عليهم .
وقد ظهرت بوادر الفساد الاجتماعي في تلك الأمّة بقوّة من خلال المبالغة
في الاهتمام بالمظاهر ، فكان الإنفاق على الملابس والحلي وأنواع الزينة
ومراسم الحفلات على أشدّه ، ولم يكن التسابق المحموم على تلك الأمور
محصوراً بالطبقة الغنيّة القادرة ، بل اكتوى بنارها الفقراء والمعدمين ،
سعياً لمجاراة الواقع الموجود ، ومع مطالب النساء وما جرّه من النفقات الباهظة ،
كانت النتيجة الحتمية الغرق في دوّامة لا تنتهي من الديون والقروض الرّبوية .
أما الصورة الأخصّ التي ذكرها النبي – صلى الله عليه وسلم –
فهي حال امرأة من بني إسرائيل ، تملّكها الشعور بالحسرة على قصر قامتها ،
ورأت في نفسها أنها أقل حظّاً في نيل إعجاب الرجال ولفت أنظارهم ، وكان الرجال
من بني إسرائيل يرون الجمال في طول المرأة .
وبدلاً من الرضى بقضاء الله وقدره ، ظلّت تفكّر زماناً طويلاً للبحث عن أفضل الطرق لجذب
أنظار الناس إليها ، حتى اهتدى عقلها إلى حيلة تزيل ما تظنّه عيباً فيها ،
فقد صنعت لها نعلين من الخشب تلبسهما تحت الثياب فيزيد من قامتها ،
ويظهرها أمام الناس طويلة.
وأمام الحيلة التي ابتكرتها ، تغيّر منظرها الخارجي ، فلم يتعرّف عليها الرجال ، وظنّوا
أنها امرأة غريبة عن الديار ، بل أرسلوا أحدهم ليعلم عن هذا الوافد الجديد
– بالنسبة إليهم – ويتقصّى حقيقتها فلم يفلح .
وبذكائها أيضاً ، اتّخذت خاتماً من ذهب صنعته خصّيصاً عند أحد الصاغة ، وأمرته أن يجعل
فيه تجويفاً له غطاء لتملأه مسكاً قوي الرائحة ، ثم كانت تذهب إلى مجامع الناس
وتحرّك يدها ذات اليمين وذات الشمال ، فيفوح شذى العطر في أرجاء المكان
ليسلب بعبقه ألباب الرجال وينال استحسانهم لها .
والنبي – صلى الله عليه وسلم – إذ يعرض هذه القصّة ،
يريد من المجتمع الإسلامي أن يحذر من تلك الآفات ويرفع من تطلّعاته وطموحاته ،
ويوجّه تركيزه نحو إصلاح الباطن وتحسين الأخلاق ، وما قيمة المرء إلا بنبل صفاته ،
وجميل أفعاله ، وبياض صفحته ، كما جاء تقرير ذلك في قوله – صلى الله عليه وسلم - :
( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) رواه مسلم .
ونلمح أيضاً في ثنايا القصّة تحذير النبي – صلى الله عليه وسلم – من فتنة النساء ،
وتفنّنهنّ في طرق الغواية والإضلال ، في ظلّ انتكاسة أخلاقيّة تنبيء بذوبان العفّة
وقلّة المروءة ، وذهاب الغيرة من قلوب الرجال ، وما يؤدّيه من الفساد العظيم ،
والشرّ المستطير .
وكان الإشفاق من خطر هذه الفتنة هو ما أشغل بال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
، فلم يزل يحذّر أمته من فتنة النساء ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم – قال : ( اتقوا الدنيا ، واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) رواه أحمد .
ومن هنا ، حرص الإسلام من خلال تعاليمه ومبادئه أن يحمي أفراده من بواعث الفتنة
وأسبابها ، فنهى النساء عن مظاهر التبرّج والزينة ، ومنع من الاختلاط والخلوة
المحرّمة ، ورتّب الوعيد الشديد على من خرجت من بيتها متعطّرة حتى ولو كانت
ذاهبة إلى المسجد ، وبهذا الموقف الحازم والصارم ، يمكن للمجتمع المسلم
أن يعيش في ظلٍّ من العلاقات الطاهرة ، والقائمة على أساسٍ من التقوى
والصلاح ، والمراقبة الذاتيّة ، والله الموفّق.
منقول : عن الشبكة الاسلامية