عبدالله العذبة
11-05-2008, 11:25 AM
مداد القلم: نزيف القرارات المصيرية
لعل أغرب وصف تلقيته من القراء منذ بدأت كتابة عمودي تسميته ب: "دماء القلم" وليس "مداد القلم".
استوقفتني هذه الاستعارة الدموية لنزيف القلم أمام قضايا الوطن والشأن العام وهموم المواطن والمقيم فيه، ليس تأملا فيما يخطه مدادي المتواضع فحسب بل مداد غيري من كتاب الرأي الذين أعيتهم الحيلة لا الوسيلة.
اليوم فقط وسط هذا الحراك الفكري المتقد والشفافية في الطرح أيقنت أن دولة قطر علي أعتاب برلمان مقبل، حيث ان السلطة الرابعة فيها قد دخلت بعمق في معترك الحياة البرلمانية لتحاسب الحكومة (السلطات الثلاث) وتدقق علي أدائها ان كان يحق لها فعلا محاسبة الحكومة أمام تأخر الصدور ليس لقانون الانتخاب النيابي فحسب بل حتي لمرسوم الدوائر لدولة قطر الذي سيحسم الانتخابات البرلمانية (الشوري) في ظل متاهة اعادة التخطيط العمراني والسكاني الشاملة للمدن الحضرية والبرية والبحرية في قطر التي أطلقت عليها البي بي سي مسمي تسونامي قطر.
سمعنا جميعا عن قرار أمانة مجلس الوزراء (منع المستقيلين من جهات حكومية من العمل بجهات حكومية أخري) من خلال طرحه في منتديات الانترنت التي باتت تكتب ما لا نستطيعه نحن الكتاب وسط رقابتنا الذاتية علي الكلمة ومن ثم رقابة صحفنا ومن ثم غيرها، ولم أحبذ الكتابة فيه حتي أراه قرارا مسطرا علي الورق لأتأكد من مدي مصداقية ما يثار علي مواقع منتديات الانترنت، وقد تأكد ذلك، وصدق المنتدون وان سبقوا.
وأشكر الأستاذ الفاضل أحمد السليطي رئيس تحرير الوطن لاثارته هذه القضية وطرحها "بالصوت" و"بالصورة" قضية للرأي العام، وهكذا يجب أن تكون الصحافة الديمقراطية التي تنوي دخول البرلمان.
القرار وان كان بعين المسؤولين معالجة جادة ارتأتها جهة الاختصاص للتسرب الوظيفي الحاصل بين مؤسسات وهيئات الدولة والذي يضر المؤسسات، ومعالجة للمحسوبيات والوساطات في التوظيف في قفزات مناصب ورواتب خيالية لصغار صغار الموظفين أو لبعض الوصوليين ، واذ نشكرهم لذلك ، الا أن المعالجة كانت ستقبل بصدر أرحب لو تم علي الأقل معالجة انخفاض رواتب كثير من مؤسسات ووزارات الدولة بقرار يدعم زيادتها في ظل طفرة التضخم وغلاء المعيشة ونار السكن خصوصا أمام شح رواتب قدماء الموظفين المخلصين لمؤسساتهم الذين خدموا ولا زالوا بمرتبات تعد ربع ما يتقاضاه الموظف الجديد الذي لم يمر علي تعيينه العام أو العامان في ظلم وتمييز مجحف لم يتوقعه القطري مقارنة بينه وبين موظفي الهيئات الحديثة والشركات الاستثمارية.
لذلك فظُلم القرار بعين المواطن أنه خلق طبقة برجوازية مرفهة في ظل نظام جديد، جل من تربع قمته الوظيفية الأجانب الذين تصدروا قوائم دولة المؤسسات هم ومن سبق بها من صغار الخبرة من القطريين أو من قادته الواسطة وان كان فيها آخرون مستحقين، تاركين أنات مخضرمي الخبرة تحتهم بأقل الرواتب وان علا شأنهم، لأنهم الطبقة الكادحة في قطر التي تعمل بوطنية وبصمت.
ولعل الشفافية في مثل هذه القرارات مطلوبة لأنها قرارات مصيرية بالنسبة للمواطنين، اذ أن المباغتة في اقرارها ينافي مبدأ تنوع البدائل الذي رسمته رؤية دولة قطر التي تعززها مبادرة التعليم الحديث المتمثل في المدارس المستقلة ، وفي تنوع البدائل الجامعية التخصصية العالمية التي احتفلت بعشريتها دولة قطر في مناسبة عظيمة في المدينة التعليمية مساء الثلاثاء والتي جعلت المواطن حرا في اختيار التعليم الذي يريد لضمان الاثراء الفكري والبشري في التنمية الوطنية والبشرية لمستقبل دولة قطر،ولكن أتي هذا القرار وان كان مؤقتا لإشعار آخر فقضي علي الرؤي في (فوضى خلاقة) كما سماها بعض زملائنا، الفوضي التي ضجت بها أدمغتنا كما ضجت بها قرارات مصيرية أرخت سدولها علينا كجنح الليل من حولنا، لنبتلي حيث لا يعلم اشعار نهايتها.
ايجاد مقاربة في رواتب العاملين في الهيئات والمؤسسات الحكومية وتقدير زيادتها وفقا لنوعها وشروط شغلها واختصاصاتها علي الأقل أو اقرار زيادة عامة لرواتب الموظفين في القطاعات الحكومية المخضرمة، كان الأجدر قبل سن القرار لتخفيف حدته، حيث لا يعلم أحدنا سوي (متخذه) متي اشعاره الآخر خصوصا ان الانتداب والاعارة بين المؤسسات غالبا ما يواجه بالرفض كونها تفقد المؤسسات الفرصة لوظيفة شاغرة ويصعب عليها بالتالي استحداث بديل لها، فيحسب المنتدب علي كادرها دون أن تستفيد منه أو من غيره علي درجته في غيابه هذا مما يلجئ المؤسسات لتعويض شواغر وظائفها المتقدمة الخبرة لا بالقطريين بل بالأجانب وهذا يخالف قرار التقطير السابق الذي سبق من ذات الجهة التي اتخذت القرار اللاحق.
منع الاستقالات حاليا قد يضر المؤسسات نفسها، ويعد عضلا للموظف القطري ليضطر اما لصراع مع البقاء، أولطلب الخلع الذي يخسر فيه كل ما قدمه، ولكن أين يذهب ؟ وماذا يفعل؟ هل يهاجر؟ وان هاجر هل ستضعه دول الهجرة أعلي هرمها كما ان مهاجريها أعلي هرمنا؟
ألا أيّها الليل ُ الطويل ُ ألا أنجل ِ بصبح
والإصباح ُ نأمل ُأن تكون َ منك َ بأفضل ِ !!!
مريم الخاطر
كاتبة و إعلامية قطرية
المصدر الراية http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=347071&version=1&template_id=24&parent_id=23
لعل أغرب وصف تلقيته من القراء منذ بدأت كتابة عمودي تسميته ب: "دماء القلم" وليس "مداد القلم".
استوقفتني هذه الاستعارة الدموية لنزيف القلم أمام قضايا الوطن والشأن العام وهموم المواطن والمقيم فيه، ليس تأملا فيما يخطه مدادي المتواضع فحسب بل مداد غيري من كتاب الرأي الذين أعيتهم الحيلة لا الوسيلة.
اليوم فقط وسط هذا الحراك الفكري المتقد والشفافية في الطرح أيقنت أن دولة قطر علي أعتاب برلمان مقبل، حيث ان السلطة الرابعة فيها قد دخلت بعمق في معترك الحياة البرلمانية لتحاسب الحكومة (السلطات الثلاث) وتدقق علي أدائها ان كان يحق لها فعلا محاسبة الحكومة أمام تأخر الصدور ليس لقانون الانتخاب النيابي فحسب بل حتي لمرسوم الدوائر لدولة قطر الذي سيحسم الانتخابات البرلمانية (الشوري) في ظل متاهة اعادة التخطيط العمراني والسكاني الشاملة للمدن الحضرية والبرية والبحرية في قطر التي أطلقت عليها البي بي سي مسمي تسونامي قطر.
سمعنا جميعا عن قرار أمانة مجلس الوزراء (منع المستقيلين من جهات حكومية من العمل بجهات حكومية أخري) من خلال طرحه في منتديات الانترنت التي باتت تكتب ما لا نستطيعه نحن الكتاب وسط رقابتنا الذاتية علي الكلمة ومن ثم رقابة صحفنا ومن ثم غيرها، ولم أحبذ الكتابة فيه حتي أراه قرارا مسطرا علي الورق لأتأكد من مدي مصداقية ما يثار علي مواقع منتديات الانترنت، وقد تأكد ذلك، وصدق المنتدون وان سبقوا.
وأشكر الأستاذ الفاضل أحمد السليطي رئيس تحرير الوطن لاثارته هذه القضية وطرحها "بالصوت" و"بالصورة" قضية للرأي العام، وهكذا يجب أن تكون الصحافة الديمقراطية التي تنوي دخول البرلمان.
القرار وان كان بعين المسؤولين معالجة جادة ارتأتها جهة الاختصاص للتسرب الوظيفي الحاصل بين مؤسسات وهيئات الدولة والذي يضر المؤسسات، ومعالجة للمحسوبيات والوساطات في التوظيف في قفزات مناصب ورواتب خيالية لصغار صغار الموظفين أو لبعض الوصوليين ، واذ نشكرهم لذلك ، الا أن المعالجة كانت ستقبل بصدر أرحب لو تم علي الأقل معالجة انخفاض رواتب كثير من مؤسسات ووزارات الدولة بقرار يدعم زيادتها في ظل طفرة التضخم وغلاء المعيشة ونار السكن خصوصا أمام شح رواتب قدماء الموظفين المخلصين لمؤسساتهم الذين خدموا ولا زالوا بمرتبات تعد ربع ما يتقاضاه الموظف الجديد الذي لم يمر علي تعيينه العام أو العامان في ظلم وتمييز مجحف لم يتوقعه القطري مقارنة بينه وبين موظفي الهيئات الحديثة والشركات الاستثمارية.
لذلك فظُلم القرار بعين المواطن أنه خلق طبقة برجوازية مرفهة في ظل نظام جديد، جل من تربع قمته الوظيفية الأجانب الذين تصدروا قوائم دولة المؤسسات هم ومن سبق بها من صغار الخبرة من القطريين أو من قادته الواسطة وان كان فيها آخرون مستحقين، تاركين أنات مخضرمي الخبرة تحتهم بأقل الرواتب وان علا شأنهم، لأنهم الطبقة الكادحة في قطر التي تعمل بوطنية وبصمت.
ولعل الشفافية في مثل هذه القرارات مطلوبة لأنها قرارات مصيرية بالنسبة للمواطنين، اذ أن المباغتة في اقرارها ينافي مبدأ تنوع البدائل الذي رسمته رؤية دولة قطر التي تعززها مبادرة التعليم الحديث المتمثل في المدارس المستقلة ، وفي تنوع البدائل الجامعية التخصصية العالمية التي احتفلت بعشريتها دولة قطر في مناسبة عظيمة في المدينة التعليمية مساء الثلاثاء والتي جعلت المواطن حرا في اختيار التعليم الذي يريد لضمان الاثراء الفكري والبشري في التنمية الوطنية والبشرية لمستقبل دولة قطر،ولكن أتي هذا القرار وان كان مؤقتا لإشعار آخر فقضي علي الرؤي في (فوضى خلاقة) كما سماها بعض زملائنا، الفوضي التي ضجت بها أدمغتنا كما ضجت بها قرارات مصيرية أرخت سدولها علينا كجنح الليل من حولنا، لنبتلي حيث لا يعلم اشعار نهايتها.
ايجاد مقاربة في رواتب العاملين في الهيئات والمؤسسات الحكومية وتقدير زيادتها وفقا لنوعها وشروط شغلها واختصاصاتها علي الأقل أو اقرار زيادة عامة لرواتب الموظفين في القطاعات الحكومية المخضرمة، كان الأجدر قبل سن القرار لتخفيف حدته، حيث لا يعلم أحدنا سوي (متخذه) متي اشعاره الآخر خصوصا ان الانتداب والاعارة بين المؤسسات غالبا ما يواجه بالرفض كونها تفقد المؤسسات الفرصة لوظيفة شاغرة ويصعب عليها بالتالي استحداث بديل لها، فيحسب المنتدب علي كادرها دون أن تستفيد منه أو من غيره علي درجته في غيابه هذا مما يلجئ المؤسسات لتعويض شواغر وظائفها المتقدمة الخبرة لا بالقطريين بل بالأجانب وهذا يخالف قرار التقطير السابق الذي سبق من ذات الجهة التي اتخذت القرار اللاحق.
منع الاستقالات حاليا قد يضر المؤسسات نفسها، ويعد عضلا للموظف القطري ليضطر اما لصراع مع البقاء، أولطلب الخلع الذي يخسر فيه كل ما قدمه، ولكن أين يذهب ؟ وماذا يفعل؟ هل يهاجر؟ وان هاجر هل ستضعه دول الهجرة أعلي هرمها كما ان مهاجريها أعلي هرمنا؟
ألا أيّها الليل ُ الطويل ُ ألا أنجل ِ بصبح
والإصباح ُ نأمل ُأن تكون َ منك َ بأفضل ِ !!!
مريم الخاطر
كاتبة و إعلامية قطرية
المصدر الراية http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=347071&version=1&template_id=24&parent_id=23