عبدالله العذبة
25-05-2008, 11:33 AM
الانتخابات و مسقط الرأس (1-2)
لقد كان موضع الجدل حول أول مشروع قانون انتخاب أعضاء الشورى الذي صادق عليه مجلسه بالإجماع صباح الاثنين الماضي الموافق 19 مايو 2008 بعد موافقة مجلس الوزراء هو اختيار ممارسة الحقوق السياسية وتقسيم الدوائر على أساس موطن العائلة أو القبيلة، والذي فسر من قبل وزارة الداخلية بأنه مسقط رأس القبيلة التي ينتمي لها المرشح.
وزير الدولة للشؤون الداخلية وضح بأنّ مفهوم القبلية أو العائلة جاء من أجل إعطاء كافة الشرائح القطرية حق المشاركة، وأنه يرجع للمعايير الدولية في تحديد الموطن الانتخابي، حيث إن معيار تحديده متعارف عليه مثل محل الميلاد، أو محل الإقامة، أو محل الاستثمار وأنه متبع في عدة دول، وكل دولة تأخذ ما يناسبها، مبينا ً أنّ المشروع اختار هذا النهج باعتبار أنّ الشخص معروف بين أهله وجماعته وهذا يتيح المجال لمشاركة أغلب القبائل والعائلات، ومن ثم يحافظ عليى مقر القبيلة أو العائلة.
أما كيفية تحديد محل إقامة القبيلة أو العائلة فهو أمر سيحدد من وزير الداخلية حيث يبين الموطن الأصلي للشخص ودائرته وذكر أنّ الوزارة ستصدر ضوابط، وسيتم تشكيل لجنة لتحديد الأماكن الأصلية لسكان قطر، ومن ليس له مقر أصلي سيحدد له مقر لذلك، وهي آلية سترى النور بعد صدور القانون،وسيتم تحديد الدوائر الانتخابية التي تقسم إليها الدولة ومناطقها بمرسوم.
إن الموافقة على مشروع قانون الانتخاب وإعلانه والإعداد المبكر له من قبل وزارة الداخلية ووصولها إلى 90% من تحديد الدوائر الانتخابية، لأمر يستحق الإشادة والتقدير لوزير الداخلية أولا ومن ثم للجنود الخفية في الإدارات المعنية في الداخلية على الجهود المبذولة فضلا عن جهود اللجنة القانونية والتشريعية في مجلس الوزراء وتشريعية وقانونية الشورى ومجلسه خصوصا وإن إعلان هذا المشروع تم على ملأ ليس إعلاميا فحسب ، بل أكاديميا وطلابيا أيضا.
و لعله مما يثلج الصدر أن شعرنا بقرب ميلاد أول مجلس نيابي منتخب.
و بعيد هذا الإعلان ثارت ثائرة الرأي على الصحف وفي المنتديات معتبرين أن مفهوم مسقط الرأس يرسخ القبلية، فيما دعا البعض الآخر إلى الأخذ بنظام الدائرة الواحدة، فيما طالب البعض بتبني نظام " الكوتا " او الحصة في المقاعد للمرأة في مجلس الشوري المنتخب لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية.
فهل تحديد الموطن الانتخابي للناخبين وفق أحد المعايير العالمية التي نصت عليها التشريعات الخاصة بالانتخابات يحسب لصالح قطرأو ضدها؟ وهل تنفع قطر دائرة واحدة أم ثلاثين دائرة؟ وأي نظام سيخدم المرأة المرشحة؟
وهل ترضى المرأة الجادة للوصول لمقعد شورى كحسنة بنظام الحصص المقررة سلفا "الكوتا" من جملة الثلاثين مقعدا؟ أم الأجدر بها أن تكافح للوصول له بكفاءتها؟
سنبدا بمناقشة السؤال الأول حول الموطن الانتخابي، فبما أن المشروع قد حسم أمر الانتخاب والترشح وفقا للمادة (42) التي تنص على أن "تكفل الدولة حق الانتخاب والترشيح للمواطنين، وفقا للقانون" وبموجب المادة (80) يجب أن تكون جنسية عضو مجلس الشورى الأصلية قطرية.
وقد حسم أمرالمرشحين والمنتخبين في القطريين الأصليين تماماً كقانون الجنسية، ونظرا لأنه وفقا لما ورد في الدستور، في الحقوق والواجبات العامة المادة (41) من أن الجنسية القطرية وأحكامها يحددها القانون حيث إن لها صفة دستورية.
وقد حددها القانون الأميري رقم (38) لعام 2005 حيث بينت المادة (1) أن القطريين أساسا هم:
1- المتوطنون في قطر قبل عام 1930 م وحافظوا على إقامتهم العادية فيها، واحتفظوا بجنسيتهم القطرية حتى تاريخ العمل بالقانون رقم (2) لسنة 1961م.
2- من ثبت أنه من أصول قطرية ولو لم تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في البند السابق وصدر باعتباره كذلك قرار أميري.
3- من ردت إليهم الجنسية القطرية طبقا لأحكام القانون.
4- من ولد في قطر أو في الخارج لأب قطري بموجب البنود السابقة.
وبما أن المادة (16) من القانون ذاته قد بينت انه " لا يكون لمن اكتسب الجنسية القطرية حق الانتخاب أو الترشيح أو التعيين في أي هيئة تشريعية."
فإن ذلك يعطي عدة أسباب لحكمة اختيار احد المعايير الدولية كموطن انتخابي وهو مسقط رأس الناخب وعائلته وجماعته لتقسيم الدوائر الثلاثين بناء عليها لأنه:
يعكس حرصا على أكبر قدر ممكن من التمثيل العادل للقطريين مع عدم حرمان أي فئة او جماعة سواء قلت هذه الجماعة أو الفئة أو كثرت، و حتى لو كنا واقعيين أكثر وقلنا (أي عائلة) أو (قبيلة) وليس في ذلك غضاضة ما دام قانون (القطري الأصلي ) قد حسمها مسبقا خصوصا وإن الانتخاب والترشيح سيأتي بمرشح عبر اقتراع سري مباشر حتى لو وزعت الدوائر على الموطن الأصلي للمرشح.
ونظرا لما يمثله اختيار "مسقط الرأس" من اعتبارات لخصوصية المجتمع وتركيبته الاجتماعية خصوصا وإن دولة قطر حديثة عهد بالممارسات الانتخابية "النيابية" في مجال الشورى والتي لا نتوقع أن تبتعد عن معيار القبلية حتى لو فتتت دوائرها بين مختلف أرجاء قطر في أول تجربة ولنا في المجلس البلدي لعبرة، فضلا عن عدم وجود أحزاب وتكتلات سياسية تخدم نظام الدائرة الواحدة في تقسيم الدوائر المطلوب من البعض إذ يتعذر تقديم مرشحين أكفاء في قوائم انتخابية وطنية تمثل كل شرائح الوطن بعدالة ما لم تكن هناك أحزاب.
هذا فضلا عن أن الأنظمة الأخرى لتحديد الموطن الانتخابي مثل :مكان سكن الناخب أو إقامته الدائمة ، أو مكان العمل أو ممارسة النشاط التجاري لن تفي بعدالة التوزيع الديموغرافي المستجد للقطريين في الدوائر المرتقبة إذا حددت بناء عليها، إذ يجب أن ترسم الدوائر بحكم المتعارف عليه عالميا في نظم تقسيم الدوائر على شكل هيئات متناسقة تقترب بقدر الإمكان من شكل الدائرة أو المربع بحيث تكون مدمجة من أراض مترابطة متاخمة ومتصلة اتصالا جغرافيا لا انقطاع بينها ولا يفصل بين أجزائها أي مانع جغرافي، وهذا ما يتعذر معه التمثيل العادل لمن حددهم القانون في ظل التخطيط العمراني الجديد لقطر الذي بناء عليه تشرذم القطريون بين عدد كبير من المدن والقرى، فضلا عن إنه لو تم اختيار موقع العمل فإنه لن يخدم من صنع لهم الترشيح والانتخاب، لأن مواقع ممارسة النشاط التجاري هي مواقع هجرة القطريين منها ونزوح العمالة إليها وبقاء أقلية قطرية قليلة فيها.
فمرحبا بأول قانون للانتخاب النيابي في قطر رغم صعوبة "مسقط الرأس" في الإطار التنفيذي العملي بعد تشرذم قبائل قطر، ونسأل الله أن يعين وزارة الداخلية وإدارة الانتخابات على حسن أداء مهامها فيها بنجاح.
ولكن، هل ترضى حواء القطرية التي تؤمن بقدراتها وكفاءتها والتي لا ترضى بالتمييز ضدها أن تقبل بالتمييز لها لمجرد دخول البرلمان؟ لماذا يريد البعض أن يكيل للمرأة بمكيالين متناقضين؟
يتبع الأسبوع القادم......
بقلم مريم الخاطر
كاتبة و إعلامية قطرية
medad_alqalam@yahoo.com
لقد كان موضع الجدل حول أول مشروع قانون انتخاب أعضاء الشورى الذي صادق عليه مجلسه بالإجماع صباح الاثنين الماضي الموافق 19 مايو 2008 بعد موافقة مجلس الوزراء هو اختيار ممارسة الحقوق السياسية وتقسيم الدوائر على أساس موطن العائلة أو القبيلة، والذي فسر من قبل وزارة الداخلية بأنه مسقط رأس القبيلة التي ينتمي لها المرشح.
وزير الدولة للشؤون الداخلية وضح بأنّ مفهوم القبلية أو العائلة جاء من أجل إعطاء كافة الشرائح القطرية حق المشاركة، وأنه يرجع للمعايير الدولية في تحديد الموطن الانتخابي، حيث إن معيار تحديده متعارف عليه مثل محل الميلاد، أو محل الإقامة، أو محل الاستثمار وأنه متبع في عدة دول، وكل دولة تأخذ ما يناسبها، مبينا ً أنّ المشروع اختار هذا النهج باعتبار أنّ الشخص معروف بين أهله وجماعته وهذا يتيح المجال لمشاركة أغلب القبائل والعائلات، ومن ثم يحافظ عليى مقر القبيلة أو العائلة.
أما كيفية تحديد محل إقامة القبيلة أو العائلة فهو أمر سيحدد من وزير الداخلية حيث يبين الموطن الأصلي للشخص ودائرته وذكر أنّ الوزارة ستصدر ضوابط، وسيتم تشكيل لجنة لتحديد الأماكن الأصلية لسكان قطر، ومن ليس له مقر أصلي سيحدد له مقر لذلك، وهي آلية سترى النور بعد صدور القانون،وسيتم تحديد الدوائر الانتخابية التي تقسم إليها الدولة ومناطقها بمرسوم.
إن الموافقة على مشروع قانون الانتخاب وإعلانه والإعداد المبكر له من قبل وزارة الداخلية ووصولها إلى 90% من تحديد الدوائر الانتخابية، لأمر يستحق الإشادة والتقدير لوزير الداخلية أولا ومن ثم للجنود الخفية في الإدارات المعنية في الداخلية على الجهود المبذولة فضلا عن جهود اللجنة القانونية والتشريعية في مجلس الوزراء وتشريعية وقانونية الشورى ومجلسه خصوصا وإن إعلان هذا المشروع تم على ملأ ليس إعلاميا فحسب ، بل أكاديميا وطلابيا أيضا.
و لعله مما يثلج الصدر أن شعرنا بقرب ميلاد أول مجلس نيابي منتخب.
و بعيد هذا الإعلان ثارت ثائرة الرأي على الصحف وفي المنتديات معتبرين أن مفهوم مسقط الرأس يرسخ القبلية، فيما دعا البعض الآخر إلى الأخذ بنظام الدائرة الواحدة، فيما طالب البعض بتبني نظام " الكوتا " او الحصة في المقاعد للمرأة في مجلس الشوري المنتخب لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية.
فهل تحديد الموطن الانتخابي للناخبين وفق أحد المعايير العالمية التي نصت عليها التشريعات الخاصة بالانتخابات يحسب لصالح قطرأو ضدها؟ وهل تنفع قطر دائرة واحدة أم ثلاثين دائرة؟ وأي نظام سيخدم المرأة المرشحة؟
وهل ترضى المرأة الجادة للوصول لمقعد شورى كحسنة بنظام الحصص المقررة سلفا "الكوتا" من جملة الثلاثين مقعدا؟ أم الأجدر بها أن تكافح للوصول له بكفاءتها؟
سنبدا بمناقشة السؤال الأول حول الموطن الانتخابي، فبما أن المشروع قد حسم أمر الانتخاب والترشح وفقا للمادة (42) التي تنص على أن "تكفل الدولة حق الانتخاب والترشيح للمواطنين، وفقا للقانون" وبموجب المادة (80) يجب أن تكون جنسية عضو مجلس الشورى الأصلية قطرية.
وقد حسم أمرالمرشحين والمنتخبين في القطريين الأصليين تماماً كقانون الجنسية، ونظرا لأنه وفقا لما ورد في الدستور، في الحقوق والواجبات العامة المادة (41) من أن الجنسية القطرية وأحكامها يحددها القانون حيث إن لها صفة دستورية.
وقد حددها القانون الأميري رقم (38) لعام 2005 حيث بينت المادة (1) أن القطريين أساسا هم:
1- المتوطنون في قطر قبل عام 1930 م وحافظوا على إقامتهم العادية فيها، واحتفظوا بجنسيتهم القطرية حتى تاريخ العمل بالقانون رقم (2) لسنة 1961م.
2- من ثبت أنه من أصول قطرية ولو لم تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في البند السابق وصدر باعتباره كذلك قرار أميري.
3- من ردت إليهم الجنسية القطرية طبقا لأحكام القانون.
4- من ولد في قطر أو في الخارج لأب قطري بموجب البنود السابقة.
وبما أن المادة (16) من القانون ذاته قد بينت انه " لا يكون لمن اكتسب الجنسية القطرية حق الانتخاب أو الترشيح أو التعيين في أي هيئة تشريعية."
فإن ذلك يعطي عدة أسباب لحكمة اختيار احد المعايير الدولية كموطن انتخابي وهو مسقط رأس الناخب وعائلته وجماعته لتقسيم الدوائر الثلاثين بناء عليها لأنه:
يعكس حرصا على أكبر قدر ممكن من التمثيل العادل للقطريين مع عدم حرمان أي فئة او جماعة سواء قلت هذه الجماعة أو الفئة أو كثرت، و حتى لو كنا واقعيين أكثر وقلنا (أي عائلة) أو (قبيلة) وليس في ذلك غضاضة ما دام قانون (القطري الأصلي ) قد حسمها مسبقا خصوصا وإن الانتخاب والترشيح سيأتي بمرشح عبر اقتراع سري مباشر حتى لو وزعت الدوائر على الموطن الأصلي للمرشح.
ونظرا لما يمثله اختيار "مسقط الرأس" من اعتبارات لخصوصية المجتمع وتركيبته الاجتماعية خصوصا وإن دولة قطر حديثة عهد بالممارسات الانتخابية "النيابية" في مجال الشورى والتي لا نتوقع أن تبتعد عن معيار القبلية حتى لو فتتت دوائرها بين مختلف أرجاء قطر في أول تجربة ولنا في المجلس البلدي لعبرة، فضلا عن عدم وجود أحزاب وتكتلات سياسية تخدم نظام الدائرة الواحدة في تقسيم الدوائر المطلوب من البعض إذ يتعذر تقديم مرشحين أكفاء في قوائم انتخابية وطنية تمثل كل شرائح الوطن بعدالة ما لم تكن هناك أحزاب.
هذا فضلا عن أن الأنظمة الأخرى لتحديد الموطن الانتخابي مثل :مكان سكن الناخب أو إقامته الدائمة ، أو مكان العمل أو ممارسة النشاط التجاري لن تفي بعدالة التوزيع الديموغرافي المستجد للقطريين في الدوائر المرتقبة إذا حددت بناء عليها، إذ يجب أن ترسم الدوائر بحكم المتعارف عليه عالميا في نظم تقسيم الدوائر على شكل هيئات متناسقة تقترب بقدر الإمكان من شكل الدائرة أو المربع بحيث تكون مدمجة من أراض مترابطة متاخمة ومتصلة اتصالا جغرافيا لا انقطاع بينها ولا يفصل بين أجزائها أي مانع جغرافي، وهذا ما يتعذر معه التمثيل العادل لمن حددهم القانون في ظل التخطيط العمراني الجديد لقطر الذي بناء عليه تشرذم القطريون بين عدد كبير من المدن والقرى، فضلا عن إنه لو تم اختيار موقع العمل فإنه لن يخدم من صنع لهم الترشيح والانتخاب، لأن مواقع ممارسة النشاط التجاري هي مواقع هجرة القطريين منها ونزوح العمالة إليها وبقاء أقلية قطرية قليلة فيها.
فمرحبا بأول قانون للانتخاب النيابي في قطر رغم صعوبة "مسقط الرأس" في الإطار التنفيذي العملي بعد تشرذم قبائل قطر، ونسأل الله أن يعين وزارة الداخلية وإدارة الانتخابات على حسن أداء مهامها فيها بنجاح.
ولكن، هل ترضى حواء القطرية التي تؤمن بقدراتها وكفاءتها والتي لا ترضى بالتمييز ضدها أن تقبل بالتمييز لها لمجرد دخول البرلمان؟ لماذا يريد البعض أن يكيل للمرأة بمكيالين متناقضين؟
يتبع الأسبوع القادم......
بقلم مريم الخاطر
كاتبة و إعلامية قطرية
medad_alqalam@yahoo.com