المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أئمة الهدى ومصابيح الدجى



المهندس عبدالعزيز
30-10-2005, 02:22 PM
بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم


قال الإمام أحمد : ( الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ، ويصبرون منهم على الأذى ، يحيون بكتاب الله الموتى ، ويبصرون بنور الله أهل العمى ، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه ، وكم من ضال تائه قد هدوه ، فما أحسن أثرهم على الناس ، وأقبح أثر الناس عليهم ، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين . . . )[الرد على الجهمية والزنادقة].

المهندس عبدالعزيز
30-10-2005, 02:24 PM
الإمام البخاري



الإمام البخاري رحمه الله تعالى

هو إمام الأمة أبو عبدالله محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن بَردِزبَة الجعفي البخاريأصله فارسي ..



فقد كان جده المغيرة مولى لليمان البخاري والي بخارى .. فانتسب إليه بعد إسلامهولد ببخارى سنة 194 هـ ونشأ يتيما و أخذ يحفظ الحديث وهو دون العاشرة



رحــلاتــه في طـلـب الـعلـم


رحل شيخنا في طلب العلم إلى الشام و مصر و الجزيرة و العراق .. وأقام في الحجاز ستة أعوام يأخذ الحديث عن أربابه .. وتلقى عنه الناس الحديث ولم يبلغ الثامنة عشرة من عمره .. سمع من نحو ألف شيخ وأخذ الحديث عنهم .. لا يسمع بشيخ في الحديث إلا رحل إليه وسأل عنه وأخذ عنه علمه

قال عن نفسه مبينا رحلاته إلى الأمصار الإسلامية (( دخلت الشام و مصر و الجزيرة مرتين وإلى البصرة أربع مرات و أقمت بالحجاز ستة أعوام ولا أحصي كم دخلت إلى الكوفة و بغداد مع المحدثين )) ... وجمع من الحديث أكثر من ستمائة ألف حديث .

حـــيـــاتـــه

كان رحمه الله تعالى شديد الورع و التقوى .. قليل الأكل لا ينام من الليل إلا أقله و كان مجدا في تحصيل العلم وتأليف الكتب فيه .. يقوم من الليل ثماني عشرة مرة أو أكثر يسرج المصباح ويتذكر الأحاديث فيكتبها و يدقق البعض الآخر فيعلم عليها

لم يكن له هم سوى الحديث النبوي .. كان شغله الشاغل ليله و نهاره .. كثير الإحسان إلى الطلبة رفيقا بهم , مهذب العبارة حتى مع المخالفين له .. ولم يطلق لسانه في الساقطين متروكي الحديث .. فإذا أراد جرح راوٍ قال : فيه نظر أو سكتوا عنه وكان ينقل رأي النقاد في رواة الحديث .. كتب الله له القبول في قلوب العلماء .. قال محمود بن النضر سهل الشافعي (( دخلت البصرة و الشام و الحجاز و الكوفة و رأيت علمائها .. كلما جرى ذكر محمد بن اسماعيل البخاري فضلوه على أنفسهم ))

كان آيــة في الحفظ والذكاء و الإتـقان .. كأن الله سبحانه قد اختاره لحراسة و حفظ الحديث النبوي ... وقد جرت له في بغداد حادثة مشهورة تشهد له بذلك .. تداولها علماء التاريخ و الحديث في كتبهم ... ذلك أن علماء بغداد أرادوا اختبار حفظه و ذكائه و إتقانه , فجاء أصحاب الحديث بمائة حديث فقلبوا متونها و أسانيدها .. ودفعوها إلى عشرة رجال .. إلى كل رجل عشرة أحاديث .. وأمروهم إذا حضروا الإجتماع يلقون هذه الأحاديث المقلوبة على البخاري فلما اجتمعوا كلهم مع حشد من الناس انتدب إليه رجل من العشرة فسأله عن حديث فقال لا أعرفه , فما زال يلقي عليه حديثا بعد آخر حتى فرغ من عشرته .. وهكذا حتى فرغوا من الأحاديث المائة المقلوبة .. والبخاري لا يزيدهم على (( لا أعرفه )) .. فاستغرب الناس كيف لا يعرف الأحاديث كلها .. فلما علم أنهم فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال : أما حديثك الأول فهو كذا .. وحديثك الثاني فهو كذا و هكذا إلى آخر الأحاديث المائة فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه .. فأقر له الناس بالحفظ و أذعنوا له بالفضل

يقول الحافظ بن حجر رحمه الله عن هذه الحادثة : ليس العجب من رده الخطأ إلى الصواب فإنه كان حافظا .. بل العجب من حفظه الخطأ على ترتيب ماألقوه عليه من مرة واحدة

شهد له العلماء بالفضل و العلم .. قال شيخ البخاري محمد بن بشار الحافظ (( حفاظ الدنيا أربعة : أبو زرعة بالري , ومسلم بن الحجاج بنيسابور , وعبدالله بن عبدالرحمن الدرامي بسمرقند , ومحمد بن اسماعيل ببخارى ))

وقال عنه الإمام الترمذي (( لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل و التاريخ و معرفة الأسانيد أحدا أعلم من محمد بن اسماعيل ))

أشــهـر كـتـبـه
كان كتاب (( الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله وسننه وأيامه )) .. أشهر كتبه على الإطلاق .. وهو أصح كتاب بعد كتاب الله سبحانه وتعالى .. وهو أول من جمع الأحاديث الصحيحة مجردة عن غيرها .. ولكنه لم يستوعب كل الصحيح .. فقد ترك من الحديث الصحيح أكثر مما أثبته لئلا يطول الكتاب .

ابتدأ تأليفه بالحرم النبوي الشريف ولبث في تصنيفه ست عشرة سنة و أتمه ببخارى .. وماكان يضع حديثا إلا بعد أن يغتسل و يصلي ركعتين ويستخير الله في وضعه .. فقد قال (( ماأدخلت في الصحيح حديثا إلا بعد أن استخرت الله و تيقنت صحته ))

ومما ألف أيضا كتاب (( التاريخ الكبير )) جمع فيه أسامي من روى عنه الحديث من زمن الصحابة إلى زمنه .. وله أيضا (( التاريخ الأوسط )) و (( التاريخ الصغير )) و (( الأدب المفرد )) و (( الكنى )) و (( الوحدان )) و (( الضعفاء ))

وفــــــاتــــه

توفي ليلة السبت بعد صلاة العشاء , وكانت ليلة عيد الفطر , ودفن يوم الفطر .. بعد صلاة الظهر سنة ست وخمسين ومائتين 256 هـ بخَرتَنك وهي قرية بالقرب من بخارى وهي القرية التي ولد فيها

رحمه الله تعالى فقد خدم السنة النبوية , ووقف حياته لها , وخلف تراث الأمة الإسلامية .. أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى : صحيح البخاري .. فجزاه الله عن الأمة خير الجزا

مر البخاري رحمه الله بمحنتين

محنته مع أهل نيسابور
قال الحاكم في تاريخه: قدم الإمام البخاري نيسابور سنة 250 ، فأقام بها مدة يحدث على الدوام، قال فسمعت محمد بن حامد البزار يقول: سمعت الحسن بن محمد بن جابر يقول: سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول: اذهبوا الى هذا الرجل فاسمعوا منه، قال: فذهب الناس إليه فأقبلوا على السماع منه حتى ظهر الخلل في مجلس محمد بن يحيى، قال: فَتُكُلِّمَ فيه بعد ذلك

قال أحمد بن عدي: ذكر لي جماعة من المشايخ، أن محمد بن اسماعيل لما ورد نيسابور واجتمع الناس عنده حسده بعض شيوخ الوقت، فقال لأصحاب الحديث: إن محمد بن اسماعيل يقول: لفظي بالقرآن مخلوق. فلما حضر المجلس قام إليه رجل فقال: يا أبا عبد الله ما تقول في اللفظ بالقرآن مخلوق هو أو غير مخلوق؟
فأعرض عنه البخاري ولم يجبه ثلاثا، فألح عليه، فقال البخاري: القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة، و الامتحان بدعة، فشغب الرجل و قال: قد قال: لفظي بالقرآن مخلوق

و قال أبو حامد الشرقي: سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق و من زعم لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع، و لا يجالس و لا يكلم، ومن ذهب بعد هذا الى محمد بن اسماعيل البخاري فاتهموه فإنه لا يحضر الى مجلسه إلا من كان على مذهبه

وقال الحاكم: ولما وقع بين البخاري وبين الذهلي في مسألة اللفظ، انقطع الناس عن البخاري إلا مسلم بن الحجاج و أحمد بن سلمة

قال أبو عمر أحمد بن نصر النيسابوري يوما للبخاري: يا أبا عبد الله ههنا من يحكي عنك أنك تقول: لفظي بالقرآن مخلوق. فقال: يا أبا عمرو احفظ عني من زعم من أهل نيسابور، وسمى غيرها من البلدان بلادا كثيرة، أنني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب فإنني لم أقله إلا أني قلت أفعال العباد مخلوقة

محنته مع أمير بخارى

قال أحمد بن منصور الشيرازي: لما رجع عبد الله البخاري الى بخارى نصبت له قباب على فرسخ البلد، واستقبله عامة أهل البلد، حتى لم يبق مذكور، ونثر عليه الدراهم و الدنانير، فبقي مدة ثم وقع بينه وبين الأمير فأمره بالخروج من بخارى، فخرج الى بيكند

و قال الحاكم: سمعت محمد بن العباس الضبي يقول: سمعت أبا بكر بن أبي عمرو يقول: كان سبب مفارقة أبي عبد الله البخاري البلد، أن خالد بن طاهر سأله أن يحضر منزله فيقرأ التاريخ و الجامع على أولاده، فامتنع من ذلك. وقال: لا يسعني أن أخص بالسماع قوما دون قوما آخرين فاستعان خالد بحريث ابن أبي الورقاء و غيره من أهل بخارى حتى تكلموا في مذهبه، فنفاه عن البلد

المرجع : كتاب (( معالم السنة النبوية )) للدكتور عبدالرحمن عتر رحمه الله تعالى

http://www.emanway.com/showmsg.php?cid=4&id=19

المهندس عبدالعزيز
30-10-2005, 02:27 PM
الإمام أحمد




الإمام أحمد رحمه الله

هو أحمد بن حنبل بن هلال الشيباني ولد في بغداد ويلتقي نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في نزار بن معد بن عدنان وكان من قبيلة شيبان

وصل الإمام أحمد بهذا النسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الذروة لأنه نسب عربي شريف طاهر وكان رغم هذا كله أكثر الناس تواضعا من غيره , توفي والده وهو في الثلاثين من عمره وجده كذلك من والده فلم ير أباه ولا جده فعاش يتيما في كنف أمه التي أشرفت على تربيته ورعايته
تزوج الإمام أحمد وهو في الثامنة والثلاثين من عمره , أنجب من أول زوجاته صالحا ثم أنجب من أخرى عبد الله تأخر الزواج بالامام أحمد وكان السبب هو الإهتمام بالعلم وطلب الحديث الذي كان يتطلب الأسفار البعيدة من مكان إلى آخر وبعد موت أم عبد الله تسرى الإمام أحمد بجارية له فأنجبت له زينب



زهده وثقة الناس به

قضى الامام أحمد حياته في زهد فإذا لم يجد عملا في يومه التقاط بقايا الزرع في الطريق بعد الحصاد المنقول الى السوق وكان أحيانا يعمل حمالا وايضا نساجا ينسج ثم يبيع ما ينسج .. وكان يرفض عطايا الخلافاء ويعف عنها ويقول لأهله وأقربائه : ( لم تأخذونه , والثغور معطلة غير مشحونة والفيء غير مقسوم بين أهله ) ولم يكن نهيه لأقربائه بالكلام فقط فأخذ يقاطعهم ولا يؤاكلهم حتى أنه لا يأكل الخبز الذي يخبز في تنورهم وبنارهم .. وصدق من قال لولا أحمد لمات الورع ثقة الناس به كان الامام احمد موثوق الجانب بين الناس فكان أحيانا يقرأ للرجال وللنساء بعض ما كان يكتبه الجنود لأهاليهم حتى لدرجة بوح بعض الجنود لأزواجهم بمشاعرهم فلا يجدنا النساء حرج في ذلك ثقة في بالامام احمد وحين يكتب لهن بعض الرسائل لأزواجهم في الثغور كان لا يكتب كل شيء عن طريق إملائهن لان بعض الألفاظ التي تدل على المشاعر الخاصة بين الزوجين مما هي مباحة بينهما فهو يراها من الأسرار التي يجب أن لاتتعدى دائرتها الخاصة

قوة ذاكرته وجديته في طلب العلم

قوة ذاكرته وجديته في طلب العلم لقد أنعم الله على الإمام أحمد بذاكرة قوية ساعدته على النبوغ والبراعة فيما يقول ويتحدث يروي عنه : كنت أذاكر وكيعا بحديث الثوري فكان إذا صلى العشاء وخرج من المسجد إلى منزله فكنت أذاكره فربما ذكر تسعة أحاديث أو عشرة فأحفظها فإذا دخل قال لي أصحاب الحديث إمل علينا فأمليها عليهم فيكتبونها ولقد رآه رجل من معاصريه والمحبرة في يده يكتب , ويستمع فقال له : يا أبا عبد الله : أنت قد بلغت هذا المبلغ , وأنت إمام المسلمين فقال : مع المحبرة إلى المقبرة وكان يقول : أنا أطلب العلم إلى أن أدخل القبر ومن شدة إخلاصه كان يقول : إظهار المحبرة من الرياء وكان يؤثر ألا يسمع به أحد فكان يقول : أريد النزول بمكة ألقى نفسي في شعب من تلك الشعاب حتى لا أعرف كان الإمام أحمد مولعا في السفر إلى اليمن , لأن فيها عالما جليلا هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني , ونوى الإمام أحمد زيارة هذا الشيخ في بلده ولكن بينما هو وشيخه يحيى بن معين يطوفان طواف القدوم إذا عبد الرزاق بن همام يطوف فرآه ابن معين وكان يعرفه فسلم عليه وقال له : هذا أحمد بن حنبل أخوك , فقال : حياه الله وثبته فإنه يبلغني منك كل جميل قال : نجيء إليك غدا إن شاء الله حتى نسمع ونكتب , فلما أنصرف قال الامام أحمد معترضا لم أخذت على الشيخ موعدا ؟! قال : لنسمع منه وقد أراحك الله سبحانه وتعالى مسيرة شهر ورجوع شهر والنفقة , فقال الإمام أحمد ما كان يراني وقد نويت نية أن أفسدها تقول نمضي فنسمع منه ثم مضى بعد الحج حتى سمع بصنعاء

رحلته لطلب الحديث

نموذج لإحدى رحلات الإمام أحمد في طلب الحديث الشريف : سار الإمام أحمد مرة من بغداد إلى الشام ليسمع من محدث مشهور , فلما بلغه وجده يطعم كلبا , وجلس ابن حنبل واستمر المحدث في إطعامه للكلب زمنا أغضب ابن حنبل , فلما انتهى المحدث من إطعامه الكلب التفت إلى ابن حنبل وقال له : لعلك وجدت على في نفسك ؟ فأجابه : نعم .. فقال المحدث : إنه ليس بأرضنا كلاب , وقد قصدني هذا الكلب , ورجاني أن أطعمه وأسقيه , فعلمت أنه جائع وظمآن فأطعمته وسقيته وأجبت رجاءه , لأني سمعت من أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قطع رجاء من ارتجاه قطع الله رجاءه يوم القيامة .. فابتسم ابن حنبل وقال : يكفيني هذا الحديث , وعاد إلى بغداد

ثمرات مجالس الإمام

لقد بدأ زرع الإمام يثمر من أول يوم جلس فيه للتعليم وتدريس الحديث حتى أن بعض الرواة كان يحصي عدد الذين كانوا يستمعون إلى درسه نحو خمسة آلاف , وأنه كان يكتب منه نحو خمسمائة ولبعض كان يحضر درسه فقط لأخلاقه وآدابه . قال سلمة بن شبيب : كنا عند الإمام أحمد فجاءه رجل فدق الباب , وكنا قد دخلنا عليه خفيا , فظننا أنه غمز بنا , فدق ثانية وثالثة فقال الإمام أحمد : أدخل قال فدخل فسلم وقال أيكم الإمام أحمد .. ؟ فأشار بعضنا إليه , قال : جئت من البحر من مسيرة أربعمائة فرسخ , أتاني آت في المنام فقال : إئت الإمام أحمد وسل عنه , فإنك تدل عليه , وقل له إن الله عنك راض , وملائكة سماواته عنك راضون , وملائكة أرضه عنك راضون قال : ثم خرج فماسأله عن حديث ولا مسألة

الأمام أحمد والمحنة

آثار المعتزلة مسألة خلق القرآن وكانوا من المقربين إلى المأمون وهم الذين أخبروه بطريقة أو بأخرى على إلزام العلماء والفقهاء والمحدثين بهذا الرأي عرض الأمر على الأمام أحمد فلم يوافق ولم يرضخ كباقي العلماء فأخذ الأمام الى سجن التعذيب وهو تحت السياط والسلطان الضعيف يرى الأمام أحمد يزداد قوة وثبات وهذا ماكان يغيظ المعتصم أكثر من أي أمرآخر .. فلما ضرب الامام أحمد سوطا قال : بسم الله , فلما ضرب الثاني : قال لا حول ولا قوة الا بالله , فلما ضرب الرابع قال : قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا . فضرب تسعة وعشرين سوطا وكان رباط سرواله حاشية ثوب فانقطعت فنزل السروال إلى عانته , فقال الراوي الساعة ينهتك , فرمى الإمام أحمد طرفه تحت السماء وحرك شفتيه فما كان بأسرع من أن ارتقى السروال , ولم ينزل حيث قال في دعائه : اللهم إني أسألك باسمك الذي ملأت به العرش , إن كنت تعلم أني على الصواب فلا تهتك لي سترا .. بمعية الله سبحانه وتعالى الإمام أحمد يقهر المعتصم : أقبل المعتصم وجلس على كرسيه فقال : هاتوا أحمد ابن حنبل , فجيء به فلما أن وقف بين يديه قال له المعتصم : كيف كنت يا أحمد في محبسك البارحة .. ؟ فقال : بخير والحمد الله إلا إني رأيت ياأمير المؤمنين في محبسك أمر عجبا , قال له وما رأيت ؟ قال : قمت في نصف الليل فتوضأت للصلاة وصليت ركعتين , فقرأت في ركعة الحمد الله وقل أعوذ برب الناس وفي الثانية الحمد الله وقل أعوذ برب الفلق ثم جلست وتشهدت وسلمت ثم قمت فكبرت فقرأت الحمد الله وأردت أن أقرأ قل هو الله أحد فلم أقدر ثم اجتهدت أن اقرأ غير ذلك من القرآن فلم أقدر فمددت عيني في زاوية السجن فإذا القرآن مسجى ميتا فغسلته وكفنته وصليت عليه ودفنته فقال له : ويلك يا أحمد والقرآن يموت .. ؟! فقال له الإمام أحمد : فأنت كذا تقول : إنه مخلوق وكل مخلوق يموت فقال المعتصم : قهرنا أحمد قهرنا أحمد

المصدر " في رحاب الإمام أحمد رحمه الله لـــعبد الله العوضي "

http://www.emanway.com/showmsg.php?cid=4&id=20

المهندس عبدالعزيز
30-10-2005, 02:28 PM
الإمام ابن قيم الجوزية





أسمه ولقبه وكنيته :


هو محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد حريز الزرعي (نسبة إلى زرعة: قرية من حوران بدمشق) الدمشقـي ، الملقب بشمس الدين ، والمكنى بـأبى عبدالله ، والمعروف بابــن قيم الحوزية ، والجوزية مدرسـة كان أبوه قيماً عليها.

مولده ونشأته :


ولد في السابع من صفر سنة 691هـ بدمشق ، ونشأ في أسرة مشهورة بالفضل ، معروفة بالعلم ، فجد في الطلب ، واشتغل بالتحصيل ، وقيل: قد بدأ في السماع في سن السادسة أو السابعة ، وعنى بالعلوم المختلفة ، والفنون المتنوعة فبرع في كثير منها وبخاصة علم التفسير والحديث والأصلين حتى بلغ رتبة التدريس والإفادة ، وارتقى منصب الإفتاء والإمامة ، فدرس بالصدرية وأم مدة بالجوزية .

شيوخه في العلم :


قرأ العربية على مجد الدين أبي بكر بن محمد المرسي التونسي ومحمد بن أبي الفتح البعلبكي الحنبلي ، وأخذ الفرائض خاصة عن والده ، والفقه عامة عن مجد الدين إسماعيل بن محمد الحرافي الحنبلي وتقى الدين أحمد ابن عبدالحليم أبي العباس ابن تيمية الحنبلي ، وتلقى الأصول عليه وعلى صفى الدين محمد بن عبدالرحيم الهندي الشافعي ، وسمع الحديث على زين الدين إبراهيم بن محمد أبي نصر ابن الشيرازي الشافعي وصدر الدين إسماعيل بن يوسف بن مكتوم السويدي الدمشقي وأبي بكر بن أحمد بن عبدالدائم النابلي وتقى الدين سليمان بن حمزة أبي الفضل المقدسي وعيسى بن عبدالرحمن الصالحي الحنبلي المعروف بالمطعم وأم محمد فاطمة بنت إبراهيم بن محمد بن جوهر البطائحي ولما عاد الشيخ تقى الدين ابن تيمية من الديار المصرية في نسة 712 لازمه إلى أن مات الشيخ فإخذ عنه علماً جماً ، مع ما سلف له من الاشتغال فصار فريداً في بابه في فنون كثيرة مع كثرة الطلب ليلاً ونهاراً وكثرة الابتهال .

تلاميذه :

منهم ابنه عبدالله ، والحافظ ابن كثير صاحب كتاب البداية والنهاية تفسير القرآن العظيم ، والحافظ ابن رجب الحنبلي ، وابن عبدالعادي ، وشمس الدين محمد بن عبدالقادر النابلسي.

عبادته وأخلاقة :


قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية : " كان حسن القراءة والخلق كثير التودد لا يحسد أحداً ولا يؤذيه ولا يستعيبه ، ولا يحقد على أحد ، وكنت من أصحب الناس له وأحب الناس إليه ، ولا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادة منه ، وكانت له طريقة في الصلاة يطيلها جداً ويمد ركوعها وسجودها ، رحمه الله ، فالغالب عليه الخير والأخلاق الصالحة " .

منهاجه وعقيدته :


كان ابن قيم الجوزية ، رحمه الله ، صاحب عقيدة صافية نقية ، يلتمس أبوابها ومفرداتها من فقة الكتاب والسنة ، وما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، عازفاً عن طريقة الفلاسفة ومنهج المتكلمين ويرى الحق في اتباع النصوص والتزامها دون تأويل ولا تعطيل ، ولا تشبيه ولا تمثيل ، ولهذا ، فقد كان حرباً على الفرق الضالة والأحزاب المبتدعة ، يصوب إلى ظلمة أهوائها أنوار حججه فيكشف زيفها ، ويظهر زيغها ، وكان داعية إلى إيقاظ العقول وتحريرها من ربقة التقليد ، وبعث الهمم على طلب الحجة ، والبحث عن الدليل ، ودفع النفوس إلى الخروج من العصبية الذميمة والأهواء الممقوتة.
وكان من منهجه أن لا يقدم على القرآن والسنة شيئاً ، ولا يعدل بأقوال الصحابة أقوال غيرهم ، ثم يلجاً إلى القياس حيث لا يجد قرآناً ولا سنة ولا قول صاحب ، ويرى القياس تطبيقاً لمبدأ العدل حيث لا يجوز التفريق بين المتماثلين ، ولا الجمع بين المختلفين في الحكم ، وعليه فإنه يرى أن القياس الصحيح لا يمكن أن يتعارض مع النص الثابت .
وقد عاش ابن القيم حياته كلها مجاهداً في سبيل دعوته ، حريصاً على ردً الناس إلى عقيدة خير القرون وعبادة المبشرين بجنة الرحمن ، داعياً إلى نبذ الفرقة والاختلاف وردً النزاع إلى الله ورسوله .
وقد أوذي بسبب دعوته وثباته على مبدأه ومخالفة فتاواه لأواء من عاصروه وسجن مع شيخه العظيم ابن تيمية في القلعة منفرداً عنه ، ولم يفرج عنه إلا بعد وفاة شيخة ، رحمهما الله .

مؤلفاته
:

كان أبن القيم من أبرز العلماء الذين رزقوا حظاً كبيراً في التأليف ، ومن أبرز مؤلفاته :
1- كتاب زاد المعاد في هدى خير العباد
2- كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأفراح
3- كتاب الداء والدواء أو الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي
4- مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين
5- تحفة الودود بأحكام المولود
6- الروح
7- عدة الصابرين
8- بدائع الفوائد
9- طريق الهجرتين
10- مفتاح دار السعادة
11- الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
12- أعلام الموقعين
وعيرها كثير ، جعلها الله في ميزان حسناته يوم يقوم الناس لرب العالمين

وفاتـــــه :

توفى ، رحمه الله ، في ليلة الخميس الثالث عشر من شهر رجب وقت أذان العشاء ، وصلى عليه بعد صلاة الظهر من الغد بالجامع الأموى ودفن عن والدته بمقابر الباب الصغير ، وقد كانت جنازته حافلة ، رحمه الله ، شهدها القضاة والأعيان والصالحون من الخاصة والعامة ، وتزاحم الناس على حمل نعشه وكمل له من العمر ستون سنة رحمه الله

http://www.emanway.com/showmsg.php?cid=4&id=115

المهندس عبدالعزيز
30-10-2005, 02:31 PM
الإمام الشافعي

http://www.angelfire.com/mt/alaalam/images/shaf.jpg











نسبه ومولده ونشأته

أبو عبدالله محمد بن أدريس بن العباس بن عثمان بن بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد بن يزيد بن هاشم بن عبدالمطلب.
ولد بغزة في فلسطين على الأصح وفي رواية بعسقلان ، وفي أخرى باليمن عام 150 هـ لذلك فهو مولود في بلد غريب بعيد عن موطن قومه بمكة والحجاز ، توفي أبوه قبل أن يعرفه محمد ، وتركه لأمه ، وكانت إمرأة من الأزد ، فبدأ الإمام رضي الله عنه حياته وحليفاه اليتم والفقر ، ورأت الأم أن تنتقل بولدها إلى مكة ، فانتقلت به وهو صغير لايجاوز السنتين . قال الشافعي رضي الله عنه : ولدت بغزة سنة خمسين ومائة -يوم وفاة أبي حنيفة- فقال الناس : مات إمام وولد إمام ، وحملت إلى مكة وأنا إبن سنتين.


دراسته وتعلمه

في مكة المكرمة حفظ القرآن وهو حدث ، ثم أخذ يطلب اللغة والأدب والشعر حتى برع في ذلك كله . قال إسماعيل بن يحيى : سمعت الشافعي يقول : حفظت القرآن وأنا إبن سبع سنين وحفظت الموطأ وأنا إبن عشر سنين .
ثم رحل من مكة إلى بني هذيل وبق يفيهم سبعة عشر سنة، وكانوا أفصح العرب ، فأخذ عنهم فصاحة اللغة وقوتها ، ثم إنصرفت همته لطلب الحديث والفقه من شيوخهما ، فحفظ الموطأ وقابل الإمام مالك فأعجب به وبقراءته وقال له: يابن أخي تفقه تعل.
وقال له أيضا: يا محمد إتق الله فسيكون لك شأن.


رحلاته رضي الله عنه

رحل الإمام الشافعي رحلات كثيرة كان لها أكبر الأثر في علمه ومعرفته ،فقد رحل من مكة إلى بني هذيل ، ثم عاد إلى مكة ، ومنها رحل للمدينة ، ليلقى فيها إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه ، وبعد وفاة الإمام مالك رضي الله عنه، رحل إلى بغداد ، ثم عاد إلى مكة ، ثم رجع إلى بغداد ، ومنها خرج إلى مصر.
يقول إبن خلكان:
" وحديث رحلته إلى الإمام مالك مشهور ، فلاحاجة إلى التطويل فيه ، وقدم بغداد سنة 195هـ ، فأقام فيها سنتين، ثم خرج إلى مكة ، ثم عاد إلى بغداد سنة 198هـ فأقام شهرا، ثم خرج إلى مصر، وكان وصوله إليها في سنة 199هـ وقيل سنة 201هـ ، ولم يزل بها إلى أن توفي يوم الجمعة آخر يوم من رجب سنة204هـ".


جمعه لشتى العلوم

حدث الربيع بن سليمان قال:
كان الشافعي رحمه الله يجلس في حلقته إذا صلى الصبح ، فيجيئه أهل القرآن فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء أهل الحديث فيسألونه تفسيه ومعانيه ، فإذا إرتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر ، فإذا إرتفع الضحى تفرقوا ، وجاء أهل العربية والعروض والنحو والشعر فلا يزالون إلى قرب إنتصاف النهار ، ثم ينصرف ، رضي الله عنه.
وحدث محمد بن عبدالحكم قال:
ما رأيت مثل الشافعي ، كان أصحاب الحديث يجيئون إليه ويعرضون عليه غوامض علم الحديث ، وكان يوقفهم على أسرار لم يقفوا عليها فيقومون وهم متعجبون منه، وأصحاب الفقه الموافقون والمخالفون لايقومون إلا وهم مذعنون له ، وأصحاب الأدب يعرضون عليه الشعر فيبين لهم معانيه. وكان يحفظ عشرة آلاف بيت لهذيل إعرابها ومعانيها، وكان من أعرف الناس بالتواريخ، وكان ملاك أمره إخلاص العمل لله تعالى.
قال مصعب بن عبدالله الزبيري:
"ما رايت أعلم بأيام الناس من الشافعي".
وروي عن مسلم بن خالد أنه قال لمحمد بن إدريس الشافعي وهو إبن ثمان عشرة سنة:
"أفت أبا عبدالله فقد آن لك أن تفتي".
وقال الحميدي:
كنا نريد أن نرد على أصحاب الرأي فلم نحسن كيف نرد عليهم، حتى جاءنا الشافعي ففتح لنا.



تواضعه وورعه وعبادته

كان الشافعي رضي الله عنه مشهورا بتواضعه وخضوعه للحق ، تشهد له بذلك مناظراته ودروسه ومعاشرته لأقرانه ولتلاميذه وللناس .
قال الحسن بن عبدالعزيز الجروي المصري: قال الشافعي:
ما ناظرت أحدا فأحببت أن يخطئ ، وما في قلبي من علم ، إلا وددت أنه عند كل أحد ولا ينسب لي.
قال حرملة بن يحيى:قال الشافعي:
كل ما قلت لكم فلم تشهد عليه عقولكم وتقبله وتره حقا فلا تقبلوه ، فإن العقل مضطر إلى قبول الحق.
قال الشافعي رضي الله عنه:
والله ما ناظرت أحدا إلا على النصيحة.
وقال أيضا:
ما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلهما إلا هبته و إعتقدت مودته، ولا كابرني على الحق أحد ودافع الحجة إلا سقط من عيني.
وقال:
أشد الأعمال ثلاثة: الجود من قلة، والورع في خلوة، وكلمة الحق عند من يرجى ويخاف.
وأما ورعه وعبادته فقد شهد له بهما كل من عاشره استاذا كان أو تلميذا ، أو جار ،أو صديقا.
قال الربيع بن سليمان:
كان الشافعي يختم القرآن في رمضان ستين مرة كل ذلك في صلاة.
وقال أيضا:
قال الشافعي : والله ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلا شبعة طرحتها لأن الشبع يثقل البدن ، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف صاحبه عن العبادة.
وقال : أيضا : كان الشافعي قد جزأ الليل ثلاثة أجزاء: الثلث الأول يكتب ، والثلث الثاني يصلي، والثلث الثالث ينام.


فصاحته وشعره وشهادة العلماء له

لقد كان الشافعي رضي الله عنه فصيح اللسان بليغا حجة في لغة العرب ونحوهم، إشتغل بالعربية عشرين سنة مع بلاغته وفصاحته، ومع أنه عربي اللسان والدار والعصر وعاش فترة من الزمن في بني هذيل فكان لذلك أثره الواضح على فصاحته وتضلعه في اللغة والأدب والنحو، إضافة إلى دراسته المتواصلة و إطلاعه الواسع حتى أضحى يرجع إليه في اللغة والنحو.
قال أبو عبيد: كان الشافعي ممن تؤخذ عنه اللغة .
وقال أيوب بن سويد :
خذوا عن الشافع اللغة.
قال الأصمعي :
صححت أشعار الهذليين على شاب من قريش بمكة يقال له محمد بن أدريس.
قال أحمد بن حنبل : كان الشافعي من أفصح الناس ، وكان مالك تعجبه قراءته لأنه كان فصيحا.
وقال أحمد بن حنبل:
ما مس أحد محبرة ولا قلما إلا وللشافعي في عنقه منة.
حدث أبو نعيم الاستراباذي، سمعت الربيع يقول : لو رأيت الشافعي وحسن بيانه وفصاحته لعجبت منه ولو أنه ألف هذه الكتب على عربيته -التي كان يتكلم بها معنا في المناظرة- لم يقدر على قراءة كتبة لفصاحته وغرائب ألفاظه غير أنه كان في تأليفه يجتهد في أن يوضح للعوام.


سخاؤه


أما سخاؤه رحمه الله فقد بلغ فيه غاية جعلته علما عليه، لا يستطيع أحد أن يتشكك فيه أو ينكره ، وكثرة أقوال من خالطه في الحديث عن سخائه وكرمه.
وحدث محمد بن عبدالله المصري، قال :كان الشافعي أسخى الناس بما يجد.
قال عمرو بن سواد السرجي : كان الشافعي أسخى الناس عن الدنيا والدرهم والطعام، فقال لي الشافعي :ألإلست في عمري ثلاث إفلاسات، فكنت أبيع قليلي وكثيري، حتى خلي ابنتي وزوجتي ولم أرهن قط.
قال الربيع : كان الشافعي إذا سأله إنسان يحمارّ وجهه حياء من السائل، ويبادر بإعطائه.


وفاته رحمه الله

قال الربيع بن سليمان:
توفي الشافعي ليلة الجمعة بعد العشاء الآخرة- بعد ما حل المغرب- آخر يوم من رجب ودفناه يوم الجمعة فانصرفنا فرأينا هلال شعبان سنة أربع ومائتين.
قال إبن خلكان صاحب وفيات الأعيان:
وقد أجمع العلماء قاطبة من أهل الحديث والفقه والأصول واللغة و النحو وغير ذلك على ثقته وأمانته وعدله وزهده وورعه وحسن سيرته وعلو قدره وسخائه.
ومن أروع مارثي به من الشعر قصيدة طويلة لمحمد بن دريد يقول في مطلعها:
ألم تر آثار ابن إدريس بعده دلائلها في المشكلات لوامع .

منقول

http://www.angelfire.com/mt/alaalam/shaf.html

المهندس عبدالعزيز
30-10-2005, 02:34 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



الإمام مسلم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة ، والسلام ، على الهادي الأمين ، المبعوث رحمة للعالمين ، نبينا محمد ، وآله ، أما بعد:

الفصل الأول ترجمة مسلم بن الحجاج:المبحث الأول:
اسمه ، ونسبه : مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد بن كوشاذ القشيري النيسابوري.
سير أعلام النبلاء 12/558
والقشيري : بضم القاف وفتح الشين المعجمة وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفي آخرها راء هذه النسبة إلى قشير
بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة قبيلة كبيرة ينسب إليها كثير من العلماء منهم .. الإمام مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري .
الأنساب لأبي سعد السمعاني 4/501 واللباب في تهذيب الأنساب لعز الدين بن الأثير3/37 .

وهل هو من أنفسهم أو مولى ؟ ظاهر صنيع السمعاني وابن الأثير أنه من أنفسهم ، وقال ابن الصلاح في المقدمة ص160: من أنفسهم ، وقال في صيانة صحيح مسلم ص1215: القشيري النسب ... عربي صليبة .
ووافقه النووي في شرح مسلم 1/122، و تهذيب الأسماء 2 /395 .
وقال التجيبي في برنامجه ص 93 : أخبرنا العلامة النسابة شرف الدين أبو محمد التوني ـ أعجوبة زمانه في حفظ الأنساب ـ [عبد المؤمن بن خلف الدمياطي ت705هـ] بقراءتي عليه في بعض تخاريجه ، ومجموعاته إثر حديث وقع له مصافحة لمسلم ـ رحمه الله ـ قال فيه : لكأني شافهت فيه الإمام الناقد أبا الحسين مسلم بن الحجاج المضري القيسي الهوازني العامري القشيري مولى قشير بن كعب أخو عقيل بن كعب .. الخ.
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء 12/558 : فلعله من موالي قشير . اهـ.
قلتُ: لعل الإمام الذهبي تلقاه عن شيخه أبي محمد بن خلف الدمياطي ، ولم يجزم به لكونه لم يره لغيره ، ولذا لم يذكره في بقية كتبه ، وهذا الذي ذكره العلامة الدمياطي ـ رحمه الله ـ غريب ، وهو ، وإن كان علامة في الأنساب ، وله خبرة بها إلا أن ما ذكره لم يذكره من تقدمه من العلماء ممن هم أخبر بالرجل منه ، وأقرب زمانا ، ومكانا ، وقد نسبوه لبني قشير ، ولم يشيروا لكونه مولى .
وعلى قول الدمياطي أيضا : هو عربي أصيل ، فالله أعلم.
والنيسابوري نسبة إلى بَلَدِه نيسابور من مدن خراسان .
قال ياقوت في معجم البلدان 5/331: مدينة عظيمة ذات فضائل جسيمة معدن الفضلاء ، ومنبع العلماء لم أر فيما طوفت من البلاد مدينة كانت مثلها .اهـ.
وفي الإرشاد للخليلي 2/802: "نيسابور" قال هلال بن العلاء الرقي: شجرة العلم أصلها بالحجاز ، ونقل ورقها إلى العراق ، وثمرها إلى خراسان.اهـ.
وكل من رأيته ترجم لمسلم لا يجاوز في عد آبائه جده : كوشاذ ، بل كثير منهم لم يذكر إلا جده مسلما ، ولم أر من زاد على هذه التسمية .

المبحث الثاني :
كنيته ، ولقبه :
كنيته أبو الحسين ، ولم أجد له لقبا .

المبحث الثالث:
مولده :
اختلف أهل العلم في مولده :
القول الأول: قال الذهبي في العبر 2/23: إنه مات وله ستون سنة . فعليه تكون ولادته عام 201هـ ، لأنه لا خلاف أنه توفي عام 261هـ ، وأظن أن هذا القول من العلامة الذهبي تخمينا ، لأنه ـ رحمه الله ـ قال في سير أعلام النبلاء 12/580 : توفي عن بضع وخمسون .اهـ.
وأما في تذكرة الحفاظ 2/590 : فقال : يقال: إنه ولد سنة 204 هـ . وبه جزم الحافظ ابن كثير في البداية 11/34-35 ـ في وفيات سنة 261هـ ـ قال : وكان مولده في السنة التي توفي فيها الشافعي ، وهي سنة أربع ومائتين ، فكان عمره سبعا وخمسين سنة .
وكذا قال ابن حجر في تقريب التهذيب ص529 : مات سنة إحدى وستين ، وله سبع وخمسون سنة.
وهذا القول الثاني.
والقول الثالث: قال ابن الصلاح في صيانة مسلم ص1216 : مات مسلم ـ رحمه الله ـ سنة إحدى وستين ومائتين بنيسابور ، وهذا مشهور لكن تاريخ مولده ، ومقدار عمره كثيرا ما تطلب الطلاب علمه ، فلا يجدونه ، وقد وجدناه ـ ولله الحمد ـ فذكر الحاكم أبو عبد الله ابن البيع الحافظ في كتاب "المزكين لرواة الأخبار" أنه سمع أبا عبد الله ابن الأخرم الحافظ يقول: توفي مسلم بن الحجاج رحمه الله عشية يوم الأحد ، ودفن يوم الاثنين لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين ، وهو ابن خمس وخمسين سنة ، وهذا يتضمن أن مولده كان في سنة ست ومائتين ، والله أعلم. وعنه النووي في شرح مسلم 1/123 .
فهذه ثلاثة أقول أضعفها الأول ، أقواها الثالث لأن ابن الأخرم من أئمة هذا الشأن ، وله عناية بمسلم ، وذهب أكثر عمره في جمع المستخرج على مسلم ، وهو أيضا قريب العهد جدا من مسلم فتوفي مسلم وعمره إحدى عشرة سنة ، وهو بلديه ، والحاكم قد ارتضى قوله ، و الحاكم خبير بأهل بلده أيضا ، وله فيهم تأريخه العظيم: تأريخ نيسابور. والله أعلم.
ترجمة ابن الأخرم في تذكرة الحفاظ 3/864 .

المبحث الرابع:أول سماعه للحديث : قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 12/558 : وأول سماعه في سنة ثمان عشرة [يعني: ومائتين]من يحيى بن يحيى التميمي اهـ.
قلت: فيكون عمره أول سماعه ـ على القول الراجح ـ اثنتي عشرة سنة .

المبحث الخامس:
شيوخه ، وتلاميذه : تلقى مسلم العلم عن جموع من العلماء من أبرزهم هؤلاء الأئمة : عبد الله بن مسلمة القعنبي ، ويحيى بن يحيى النيسابوري ، وقتيبة بن سعيد ، وسعيد بن منصور ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وأبي خيثمة زهير بن حرب ، وأبي بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن بشار بندار ، ومحمد بن عبد الله بن نمير ، وأبي كريب محمد بن العلاء ، وأبي الربيع الزهراني ، وأبي موسى محمد بن المثنى ، وهناد بن السري ، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، والبخاري ، وعبد الله الدارمي ، وإسحاق الكوسج ، وخلق سواهم.
انظر: صحيح مسلم ، تسمية من أخرجهم البخاري ومسلم ، رجال مسلم لا بن منجويه ، وتأريخ بغداد 13/100، وتأريخ دمشق 58/85 ، و تهذيب الكمال 27/500 ، وسير أعلام النبلاء 12/558 .

وقد ذكر مغلطاي في إكمال تهذيب الكمال ، وابن حجر في تهذيب التهذيب كلاهما عن كتاب " زهرة المتعلمين في أسماء مشاهير المحدثين " ـ لبعض المغاربة ـ عند كل شيخ روى عنه صاحبا الصحيح في كتابيهما عدد الأحاديث التي رواها عنه في صحيحه ، فراجعها في مواضعها من الكتابين إن شئت.
وأخذ الحديث ، والعلم عن الإمام مسلم خلق من الرواة من أبرزهم :
الإمام أبو عيسى الترمذي ، والفقيه إبراهيم بن محمد بن سفيان ، وأبو حامد أحمد بن حمدون ، والحافظ أبو الفضل أحمد بن سلمة ، وأبو حامد ابن الشرقي ، والحافظ أبو عمرو الخفاف ، والحافظ سعيد بن عمرو البرذعي ، والحافظ صالح بن محمد البغدادي ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، ومحمد بن إسحاق السراج ، وأبو عوانة الإسفراييني ، وأبو محمد القلانسي ، ومكي بن عبدان ، وخلق غيرهم. تأريخ دمشق 58/85 ، وتهذيب الكمال 27/504 ، وسير أعلام النبلاء 12/562 ، وغيرها.

المبحث السادس :
مؤلفاته: الجامع المسند الصحيح ، التمييز ، الكنى والأسماء ، الطبقات ، المنفردات والوحدان ، رجال عروة بن الزبير ، وهذه كلها قد طبعت .
وله : كتاب العلل ، كتاب الأفراد ، كتاب الأقران ، سؤالاته أحمد ابن حنبل ، كتاب عمرو بن شعيب ، كتاب الانتفاع بأهب السباع ، كتاب مشايخ مالك ، كتاب مشايخ الثوري ، كتاب مشايخ شعبة ، كتاب من ليس له إلا راو واحد ، كتاب المخضرمين ، كتاب أولاد الصحابة ، كتاب أوهام المحدثين ، أفراد الشاميين ، الرد على محمد بن نصر. وغيرها .
سير أعلام النبلاء 12/579 ، وطبقات علماء الحديث 2/288 ، وغنية المحتاج ص40 ، تدريب الراوي 2/363 .

المبحث السابع:
ثناء العلماء عليه : أثنى على مسلم كبار العلماء من شيوخه ، وأقرانه ، وتلاميذه ، ومن جاء بعدهم من علماء الأمة ، والثناء عليه كثير جدا سأنقل شيئا من ذلك :
قال أبو قريش محمد بن جمعة بن خلف ـ تأريخ دمشق 58/89 ـ: سمعت بندارا محمد بن بشار يقول: حفاظ الدنيا أربعة : أبو زرعة بالري ، ومسلم بن الحجاج بنيسابور ، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي بسمرقند ومحمد بن إسماعيل ببخارى .
وقال الحسين بن منصور: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ـ وذكر مسلم بن الحجاج ـ ، فقال : مردا كابن بوذ ، قال المنكدري [شيخ الخطيب]: وتفسيره : أي رجل كان هذا ؟!
وقال أحمد بن سلمة : رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلما في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما .
تأريخ بغداد 13/101-102 .
وقال إسحاق الكوسج : لمسلم لن نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين.
تأريخ دمشق 58/89 وتذكرة الحفاظ 2/588 .
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم في الجرح والتعديل 8/182: كتبت عنه بالري ، وكان ثقة من الحفاظ له معرفة بالحديث.
وقال أبو عبدالله محمد بن يعقوب بن الأخرم الحافظ إنما أخرجت نيسابور ثلاثة رجال محمد بن يحيى ، ومسلم بن الحجاج ، وإبراهيم بن أبي طالب . سير أعلام النبلاء 12/565 .
وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ 2/588: مسلم بن الحجاج الإمام الحافظ حجة الإسلام.

المبحث الثامن:
مهنته : قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 12/570 : قال الحاكم : كان متجرُ مسلم خان محمش ـ اسم موضع ـ ، ومعاشه من ضياعه بأستوا .
قلتُ: أستوا ناحية من نواحي نيسابور ، كما في معجم البلدان 1/175.
وفي تهذيب التهذيب لابن حجر 10/114: قال محمد بن عبد الوهاب الفراء : كان مسلم من علماء الناس ..، وكان بزازا .
وفي العبر 2/29 : وكان صاحب تجارة ، وكان محسن نيسابور ، وله أملاك وثروة . اهـ.
فتجارته في البز ، وكانت المزارع في أستوا المصدر الثاني له.

المبحث التاسع:
صفته الخَلْقية : قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 12/566 : قال الحاكم: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: رأيت شيخا حسن الوجه ، والثياب عليه رداء حسن ، وعمامة قد أرخاها بين كتفيه ، فقيل: هذا مسلم ، فتقدم أصحاب السلطان ، فقالوا: قد أمر أمير المؤمنين أن يكون مسلم بن الحجاج إمام المسلمين فقدموه في الجامع ، فكبر وصلى بالناس. وهذا الخبر عند ابن عساكر في تاريخ دمشق 58/89: ولفظه : يقول رأيت في منامي شيخا..
وقال الذهبي 12/570 : قال الحاكم: وسمعت أبي يقول: رأيت مسلم بن الحجاج يحدث في خان محمش فكان تام القامة أبيض الرأس ، واللحية يرخي طرف عمامته بين كتفيه .

المهندس عبدالعزيز
30-10-2005, 02:34 PM
المبحث العاشر:
عقيدته :
هي عقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين ومما يدل على ذلك:
أـ قوله في مقدمة صحيحه 1/6 : أعلم وفقك الله تعالى أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها ، وثقات الناقلين لها من المتهمين أن لا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه والستارة في ناقليه ، وأن يتقي منها ما كان منها عن أهل التهم ، والمعاندين من أهل البدع .اهـ.
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 12/558 : وأكثر عن علي بن الجعد لكنه ما روى عنه في الصحيح شيئا .اهـ
قلتُ: هذا السبب : قال مكي بن عبدان : سألت مسلما عن علي بن الجعد ؟ فقال: ثقة ، ولكنه كان جهميا .
سير أعلام النبلاء 12/568 .
ب ـ وافتتح صحيحه بكتاب الإيمان ، وضمنه أحاديث في تقرير مذهب أهل السنة في عدد من المسائل ، والرد على أهل البدع من القدرية ، والمرجئة ، والخوارج ، والجهمية ، وغيرهم ، وفيه الاحتجاج بخبر الواحد .. ، وأفرد كتابا للقدر ..
ج ـ وموضوع كتابه كله على منهاج أهل السنة ، وهو نقمة على أهل البدع.
د ـ وذكر أبو عثمان الصابوني في اعتقاد أهل السنة وأصحاب الحديث ص121-123: في آخر الكتاب .. ـ بعد أن ذكر عقيدة أهل السنة ـ أسماء جمع من أئمة أهل السنة منهم " مسلم بن الحجاج " وقال : من أحبهم فهو صاحب سنة ، ثم قال: وهذه الْجُمَلُ التي أثبتها في هذا الجزء كانت معتقد جميعهم لم يخالف فيها بعضهم بعضا ، بل أجمعوا عليها كلها ، ولم يثبت عن أحد منهم ما يضادها .اهـ.
هـ ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل 7/36
وأما في معرفة ما جاء به الرسول وما كان عليه الصحابة والتابعون فمعرفتهم [جماعة ممن وقعوا في بدع المتكلمين] بذلك قاصرة ، و إلا فمن كان عالما بالآثار ، وما جاء عن الرسول ، وعن الصحابة ، والتابعين من غير حسن ظن بما يناقض ذلك لم يدخل مع هؤلاء ـ إما لأنه علم من حيث الجملة أن أهل البدع المخالفين لذلك مخالفون للرسول قطعا ، وقد علم أنه من خالف الرسول فهو ضال ـ كأكثر أهل الحديث ، أو علم مع ذلك فساد أقوال أولئك ، وتناقضها كما علم أئمة السنة من ذلك ما لا يعلمه غيرهم كمالك [ثم سرد أسماء جموع من الأئمة منهم:] ومسلم بن الحجاج النيسابوري ... ومن لا يحصي عدده إلا الله من أئمة الإسلام ، وورثة الأنبياء وخلفاء الرسل ؛ فهؤلاء كلهم متفقون على نقيض قول النفاة كما تواترت الآثار عنهم ، وعن غيرهم من أئمة السلف بذلك من غير خلاف بينهم في ذلك.
وـ قال العلامة محمد السفاريني في كتابه "لوامع الأنوار البهية ، وسواطع الأسرار الأثرية شرح الدرة المضية في عقيدة الفرقة المرضية " 1/22: [في سرده لعلماء أهل السنة ..] ومسلم ، وأبو داود ... ثم قال: وغير هؤلاء كلهم على عقيدة واحدة سلفية أثرية .
وهذا يزيل إشكال عدم ذكر اللالكائي له في معرض سياقه من رسم بالإمامة في السنة ، والدعوة ، والهداية إلى طريق الاستقامة .. في كتابه شرح أصول اعتقاد أهل السنة 1/ 51-53 مع أنه ذكره في 1/302:
فيمن نقلوا كلاما في رد بدعة .
قلتُ: فلعله لم يذكره لأنه لم يؤلف في الرد على أهل البدع .. ، أو يكون قد غفل عنه ، أو سقط سهوا.
ز ـ سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ مجموع الفتاوي 20/39 ـ هل البخاري ومسلم ـ وذكر جمعاً من العلماء ـ هل كان هؤلاء مجتهدين لم يقلدوا أحدا من الأئمة أم كانوا مقلدين ؟ وهل كان من هؤلاء أحد ينتسب إلى مذهب أبي حنيفة .. ؟
فأجاب جوابا طويلا جاء في آخره : وهؤلاء كلهم يعظمون السنة ، والحديث. اهـ .
ح ـ ومما يؤكد ذلك أيضا كونه تلميذا ، وصاحباً لأئمة أهل السنة كأحمد ، وإسحاق ، والبخاري ، وأبي زرعة وغيرهم ، ومعلوم مكانة وشدة هؤلاء في السنة ، وشدتهم على أهل البدع ، حيث لم يكن لأهل البدع نصيب من مجالستهم .
ط ـ كل من ذكره ، وترجم له من العلماء ابتداء من شيوخه ، وحتى اليوم قد أثنوا عليه ، وذكروه بأحسن الذكر ، ولم يَنقل أحد منهم أنه كان مخالفا لطريقة السلف ، أو متلبسا ببدعة ، وحاشاه من ذلك ، بل كان متابعا متأسيا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فرحمه الله رحمة واسعة .


الرياض ،عبدالرحمن السديس،ملتقى أهل الحديث

المهندس عبدالعزيز
30-10-2005, 02:35 PM
شيخ الإسلام أحمد بن تيمية



http://www.angelfire.com/mt/alaalam/images/taimea.jpg




إسمه ونسبه

هو شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن عبدالله بن محمد الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبدالله بن تيمية الحراني ثم الدمشقي.
وتيمية هي والدة جدة الأعلى محمد . وكانت واعظة راوية.
ولد رحمه الله يوم الأثنين العاشر من ربيع الأول ، بحران سنة 661هـ ولما بلغ سبع سنوات من عمره إنتقل مع والده إلى دمشق ، هربا من التتار .


نشأته


نشا في بيت علم وفقه ودين، فأبوه و أجداده وإخوانه وكثير من أعمامه كانوا من العلماء المشاهير، منهم جده الأعلى الرابع محمد بن الخضر، ومنهم عبدالحليم بن محمد بن تيمية، وعبدالغني بن محمد بن تيمية ، و حده الأدنى عبدالسلام بن عبدالله بن تيمية مجد الدين أبو البركات صاحب التصانيف التي منها : المنتقى من أحاديث الأحكام وقد قام الشوكاني بشرحه في كتابه "نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار"، والمجرد في الفقه والمسودة في الأصول وغيرها،وكذلك أبوه و أخوه عبدالرحمن وغيرهم.
وفي هذه البيئة العلمية الصالحة كانت نشأة هذا العالم الجليل الذي بدأ بطلب العلم على والده وعلماء بلاده أولا، فحفظ القرآن وهو صغير، ودرس الحديث والفقه و الأصول والتفسير، وعرف بالذكاء والفطنة وقوة الحفظ والنجابة منذ صغره، ثم توسع في دراسة العلوم وتبحر فيها، وأجتمعت فيه صفات المجتهد وأعترف له بذلك الداني والقاصي والقريب والبعيد وعلماء عصره.


خصاله


تميز شيخ الإسلام إبن تيمية بالإضافة إلى العلم والفقه في الدين و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بخصال حميده فكان سخيا كريما، كثير العبادة والذكر والقرآن، وكان ورعا زاهدا متواضعا، ومع ذلك فقد كانت له هيبة عند السلطان وقصته مع سلطان التتار معروفه، كما عرف رحمه الله بالصبر وقوة الإحتمال في سبيل الله.


جهاده

جاهد شيخ الإسلام فارس المعقول والمنقول في الله حق جهاده، فقد حاهد بالسيف وحرضّ المسلمين على القتال بالقول و العمل، فقد كان يصول ويجول بسيفه في ساحات الوغى مع الفرسان والشجعان، والذين شاهدوه في القتال أثناء فتح عكا عجبوا من شجاعته وفتكه بالأعداء .
وقد قام بالدفاع عن دمشق عندما غزاها التتار، وحاربهم عند شقحب جنوبي دمشق وكتب الله هزيمة التتار، وبهذه المعركة سلمت بلاد الشام وفلسطين ومصر والحجاز.
وطلب من الحكام متابعة الجهاد لإبادة أعداء الأمة الذين كانوا عونا للغزاة، فأجج ذلك عليه حقد الحكام و حسد العلماء و الأقران ودس المنافقين والفجار، فناله الأذى والسجن والنفي والتعذيب فما لان و لاخضع .
وكانت كلمته المشهورة: "مايصنع أعدائي بي؟!! أنا جنتي وبستاني في صدري أنّى رحت، فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة" وكان يقول في سجنه: المحبوس من حبس قلبه عن ربه، والمأسور من أسره هواه.
أما جهاده بالقلم واللسان فإنه رحمه الله وقف أمام أعداء الإسلام من أصحاب الملل والنحل والفرق والمذاهب الباطلة والبدع كالطود الشامخ فقد تصدى للفلاسفة، والباطنية، من صوفية، وإسماعيلية ونصيرية وروافض، كما تصدى للملاحدة والجهمية والمعتزلة والأشاعرة ولا تزال بحمد الله ردود الشيخ سلاحا فعالا ضد أعداء هذا الدين العظيم على مر الدوام وذلك لأنها إنما تستند على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهدي السلف الصالح، مع قوة الإستنباط، وقوة الإستدلال و الإحتجاج الشرعي والعقلي، وسعة العلم التي وهبها الله له ولا تزال ردود الشيخ وكتبه هي أقوى سلاح بعد كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم للتصدي لهذه الفرق الضالة والمذاهب الهدامة التي راجت اليوم وهي إمتداد للماضي، وغيّرت أسمائها فقط مثل البعثية و الإشتراكية و القومية و البهائية و القاديانية وغيرها من الفرق .


مؤلفاته و إنتاجه العلمي

يعتبر شيخ الإسلام من العلماء الأفذاذ الذين تركوا تراثا ضخما ثمينا، لايزال العلماء والباحثون ينهلون منه وقد ألف ابن قيم الجوزية كتب ورسائل شيخه ابن تيمية التي قام بتأليفها وهي مطبوعة.
وقد زادت مؤلفاته على ثلاثمائة مؤلف في مختلف العلوم، و منها ماهو في المجلدات المتعدده وهذه بعض مؤلفاته رحمه الله:
1 - بيان موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول (طبع في 11 مجلدا).
2 - إثبات المعاد .
3 - ثبوت النبوات عقلا ونقلا .
4 - الرد على الحلولية والإتحادية .
5 - الإستقامة (في مجلدين).
6 - مجموع فتاوى ابن تيمية : جمعها عبدالرحمن بن قاسم وتقع في (37) مجلدا.
7 - إصلاح الراعي والرعية.
8 - منهاج السنة .
9 - الإحتجاج بالقدر .
10 - الإيمان.
11 - حقيقة الصيام.
12 - الرسالة التدمرية.
13 - الرسالة الحموية.
14 - شرح حديث النزول.
15 - العبودية.
16 - المظالم المشتركة.
17 - الواسطة بين الحق والخلق.
18 - الفرقان بين أولياء الرحمن و أولياء الشيطان.
19 - الكلم الطيب.
20 - رفع أعلام عن الأئمة الأعلام.
21 - حجاب المرأة ولباسها في الصلاة.
22 - قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة.
23 - الرسالة العشرية.
24 - الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح.


وفاة شيخ الإسلام

توفي شيخ الإسلام أحمد بن تيمية الحراني رحمه الله رحمة واسعة ليلة الإثنين العشرين من ذي القعده سنة(728) وعمره (67) عاما وهو مسجون بسجن القلعة بدمشق وحضر جنازته جمهور كبير جدا يفوق العدد.
ولمن أراد الإستزاده و الإطلاع عن سيرة هذا الشيخ الكبير والعالم النحرير والحجة القوية فعليه بالعودة إلى الكتب التي أولفت عنه رحمه الله رحمة واسعة وهي كثيرة ومنها:
1 - العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام أبن تيمية لتلميذه ابن عبدالهادي.
2 - الرد الوافر لابن ناصر الدين الدمشقي .
3 - الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية للبزاز.
4 - حياة ابن تيمية للبيطار.
5 - ابن تيمية للإستنبولي.
وغيرها كثير .


http://www.angelfire.com/mt/alaalam/taimea.html