عبدالله العذبة
08-06-2008, 10:23 AM
مداد القلم : الحراك الفكري حول مشروع قانون الانتخاب ظاهرة صحية!!
إن الحراك الفكري المتقد حول مشروع قانون الانتخاب لهو ظاهرة صحية لمجتمع يترجم نضجه حقا لدخول معترك الحياة السياسية و لعل ما يثلج الصدر أن وصلنا في قطر إلي تفاعل وسائل ووسائط التمثيل الديمقراطي بين الإعلام المباشر والمطبوع والرقمي الإلكتروني ذلك الذي حدا بنا ككتاب أن نشعر حقا بأننا في وحدة أو اتحاد وإن اختلفت أفكارنا ورؤانا و إن لم يظهر للنور إلي الآن اتحاد كتاب أو جمعية صحفيين بإطار رسمي وقانوني، ولكن نواتها الآن لن نقول قد خلقت بل نضجت وقطفت ثمارها فاتحادنا موجود وأن تأخر إشهارها.
كنت قد طرحت في مقال سابق الرأي حول اختيار ممارسة الحقوق السياسية وتقسيم الدوائر علي أساس موطن العائلة أو القبيلة، وإنني في ذلك الطرح يسرني أن أقدم جزيل الشكر للدكتور الفاضل حسن السيد المتخصص في القانون الدستوري الذي لا يمكننا ان نستغني عن علمه الغزير وحجته في هذا المجال الخصب نظرا لقناعتنا بالصلة الوثيقة بين الدستور وقانون الانتخاب علي وجه الخصوص.
وضح الدكتور في مقاله في "الشرق" أسباب صعوبة اختيار مسقط رأس العائلة كموطن انتخابي من ناحية قانونية ومنطقية شارحا مختلف أبعاده الديمقراطية والديموغرافية والجغرافية والاجتماعية، وبقدر تمكنه من الإقناع بكثير من الحجج التي أوردها، إلا إنني لا أري غضاضة ديمقراطية من ممارسة الحق الانتخابي على أساس مقر العائلة حيث إن ذلك لا ينفي العدالة في التمثيل حيث إن معظم مناطق قطر كانت تقطنها أكثر من عائلة في الماضي والعدالة التي أقصدها ليست في وصول مرشح من كل قبيلة أو عائلة قطرية للبرلمان (القبلية) أو (شورى القبائل) بقدر ما هي عدالة تمثيل ومشاركة كل القطريين الذين توطنوا هذه الدائرة أو تلك والذين تجري عليهم مواد الدستور ويجري عليهم قانون الانتخاب في الانتخابات.
أما النتائج اللاحقة بعد خوض غمار الانتخابات فيمن يصل لدفة البرلمان من جملة أربع أو خمس عوائل أصولها في الموطن ذاته سواء قلت العائلة أو كثرت، فتترك لشطارة المرشح في إقناع أهل دائرته بانتخابه وأقصد جميع أهل الدائرة لا عائلته أو فخيذته أو قبيلته على النظم القبلية، تماما كما يقنعهم في ظل أي تقسيم آخر سواء علي أساس النطاق السكني أو البلدي أو المزدوج، ولكن الإشكالية الوحيدة التي أجدها تكمن فقط في صعوبة وصول المرشح لأهل دائرته بعد تفرقهم وتعذر اجتماعهم في موطنه الانتخابي الأصلي (مسقط الرأس) مهما أوتي من قوة ومهما أنفق من أموال في حملته مما قد يعرقل برنامج الناخب وسير العملية الانتخابية وإقبال الجميع عليها فقد يتلكأ الناخبون عن التسجيل أو المشاركة وزيارة الموطن الأصلي الذين هجروه لغيره تذرعا بهذا السبب خصوصا إذا أضفنا عليه معوقات مشروعات البنية التحتية والطرق والشوارع القطرية الأصيلة الخاضعة للإصلاحات والتعديل والمد والرصف في كل المدن القطرية والتي تزيد التلكؤ اليوم في الذهاب من مكان لآخر مع االتضخم السكاني المختل التركيبة السكانية، الأمر الذي قد يدعو - ما دام المشروع لا زال مشروعا غضا - لإعادة النظر في اعتماد طريقة واحدة فقط للموطن نظرا لإمكانية الجمع بين طريقتين ،إذ لا ضير من اختيار الموطن الأصلي والنطاق البلدي (للإقامة الحالية) مزدوجا تماما كما اعتمدته عدد من الدول العربية مثل (جمهورية مصر) في قانون رقم 73 لعام 1956 وتعديلاته المتعلقة بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية فقد ورد في الباب الثاني المتعلق ب (جداول الانتخابات) في المادة 11:
"الوطن الانتخابي هو الجهة التي يقيم بها الشخص عادة، ومع ذلك يجوز أن يختار لقيد اسمه الجهة التي بها محل عمله الرئيسي أو التي بها مصلحة جدية أو مقر عائلته ولو لم يكن مقيما فيها."
فيجوز لمجلس الوزراء إذا:
أن يعيد مناقشة كلمة "يجوز" السابقة المعترف بها دوليا في اختيار الموطن الانتخابي، والنظر في إمكانية الجمع بين طريقتين إذا كانت ستحقق العدالة بشكل أكبر خصوصا وأن 10% لا زالت لم تحسم بعد حسب مداولات الشوري، وما دامت الدوائر ستحسم بمرسوم أميري لم يصدر بعد.
أما كلمة "مسقط الرأس" التي تناولها العديد من الكتاب الأسبوع الماضي بالنقد والتحليل وقد بين الشوري أن من أوردها هو وزير الداخلية تعريفا وشرحا للموطن الأصلي للعائلة دون أن تكون قد وردت من الشوري أو في المشروع ذاته.
فقد يظن بأن هذه الكلمة (عامية) او من اختراعنا نحن القطريين فهل هي كذلك؟
إنه لحري بنا في ظل هذا الحراك الفكري المتقد أن نحلل لنوضح أن هذه الكلمة ليست عامية بل عربية فصيحة واضحة المدلول في اللغة العربية علي الدلالة فلم تكن إلا مرادفا لكلمة (الموطن الأصلي)، وإنها لم تخترع في مجال نقاشات الموطن الانتخابي من قبل القطريين من الداخلية أو من ناقشوها وتداولوها في الشوري حتي يرميها البعض في ملعب الآخر وكأنها تهمة، بل إن هناك عددا من الأنظمة العربية للانتخابات قد أوردتها في قوانينها الانتخابية المدونة مثل: جمهورية الجزائر حيث وردت في المادة: (11) من الفصل الثاني المتضمن القوائم الانتخابية وطريقة التسجيل فيها من (الأمر التشريعي رقم 07-99 ، يونيو 1997) والذي جاء في آخر نصها جملة:
(بلدية مسقط رأس أحد أصول المعني)
هذا بغض النظر عن اختلاف طريقة الانتخابات بين الجزائر و قطر.
وأخيرا، لعل مقارنة وضعنا بعدد من الأنظمة الانتخابية في الدول العربية سيتيح لنا مقاربة تفيدنا في الأخذ بما هو جيد بما يتناسب ومجتمعنا علي أن ذلك يفيدنا في تلافي المساوئ أو الثغرات، وإننا لمتأكدون من أن الداخلية قد أشبعت ذلك بحثا.
و رغم كل ذلك فإن المناقشة الثرية والتفاعل الفكري لكتاب المجتمع ومثقفيه وأفراده سواء في المقالات أو في تحقيقات الصحف أو في المجالس أو المنتديات الرجالية أو النسائية أو في المنتديات والمدونات على الانترنت أو حتي الرسوم الكاريكاتورية، إنما تعد خلاصة حية للرأي العام لمجتمع حي متقد وناضج الفكر والحجة حول أول مشروع قانون للانتخاب في دولة قطر والذي سيمر علي تداول مجلس الشوري له وموافقته علي مشروعه غدا قرابة ثلاثة أسابيع، تعد في ظل الأنظمة البحثية وأنظمة قياس الرأي العام فترة جيدة وفرصة لتدارسها من قبل الجهة المعنية بالبحوث الانتخابية واستطلاعات الرأي العام قبل اعتماد مشروع القانون لتوخي رأي من سيمارس لهم وعليهم حق الانتخاب والترشيح، خصوصا وإن الشوري قد ناقشه في شفافية جلية في جلسة معلنة غطتها وسائل الإعلام، نؤمن بوجوب عدم شكليتها فقط لذر الرماد في العيون
بقدر ما هي فرصة لإعطاء أهل السلطة الرابعة وجمهورها الواعي اليوم حقهم في مشاركة السلطة التشريعية الرأي حول المشروع الذي طال انتظاره
دون تجزئة المواطنين إلي درجات في حسابات القطرنة أو التقطير.
مريم الخاطر
إعلامية و كاتبة قطرية
medad_alqalam@yahoo.com
المصدر الراية الأحد الموافق 8-6-2008 http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=354000&version=1&template_id=24&parent_id=23
إن الحراك الفكري المتقد حول مشروع قانون الانتخاب لهو ظاهرة صحية لمجتمع يترجم نضجه حقا لدخول معترك الحياة السياسية و لعل ما يثلج الصدر أن وصلنا في قطر إلي تفاعل وسائل ووسائط التمثيل الديمقراطي بين الإعلام المباشر والمطبوع والرقمي الإلكتروني ذلك الذي حدا بنا ككتاب أن نشعر حقا بأننا في وحدة أو اتحاد وإن اختلفت أفكارنا ورؤانا و إن لم يظهر للنور إلي الآن اتحاد كتاب أو جمعية صحفيين بإطار رسمي وقانوني، ولكن نواتها الآن لن نقول قد خلقت بل نضجت وقطفت ثمارها فاتحادنا موجود وأن تأخر إشهارها.
كنت قد طرحت في مقال سابق الرأي حول اختيار ممارسة الحقوق السياسية وتقسيم الدوائر علي أساس موطن العائلة أو القبيلة، وإنني في ذلك الطرح يسرني أن أقدم جزيل الشكر للدكتور الفاضل حسن السيد المتخصص في القانون الدستوري الذي لا يمكننا ان نستغني عن علمه الغزير وحجته في هذا المجال الخصب نظرا لقناعتنا بالصلة الوثيقة بين الدستور وقانون الانتخاب علي وجه الخصوص.
وضح الدكتور في مقاله في "الشرق" أسباب صعوبة اختيار مسقط رأس العائلة كموطن انتخابي من ناحية قانونية ومنطقية شارحا مختلف أبعاده الديمقراطية والديموغرافية والجغرافية والاجتماعية، وبقدر تمكنه من الإقناع بكثير من الحجج التي أوردها، إلا إنني لا أري غضاضة ديمقراطية من ممارسة الحق الانتخابي على أساس مقر العائلة حيث إن ذلك لا ينفي العدالة في التمثيل حيث إن معظم مناطق قطر كانت تقطنها أكثر من عائلة في الماضي والعدالة التي أقصدها ليست في وصول مرشح من كل قبيلة أو عائلة قطرية للبرلمان (القبلية) أو (شورى القبائل) بقدر ما هي عدالة تمثيل ومشاركة كل القطريين الذين توطنوا هذه الدائرة أو تلك والذين تجري عليهم مواد الدستور ويجري عليهم قانون الانتخاب في الانتخابات.
أما النتائج اللاحقة بعد خوض غمار الانتخابات فيمن يصل لدفة البرلمان من جملة أربع أو خمس عوائل أصولها في الموطن ذاته سواء قلت العائلة أو كثرت، فتترك لشطارة المرشح في إقناع أهل دائرته بانتخابه وأقصد جميع أهل الدائرة لا عائلته أو فخيذته أو قبيلته على النظم القبلية، تماما كما يقنعهم في ظل أي تقسيم آخر سواء علي أساس النطاق السكني أو البلدي أو المزدوج، ولكن الإشكالية الوحيدة التي أجدها تكمن فقط في صعوبة وصول المرشح لأهل دائرته بعد تفرقهم وتعذر اجتماعهم في موطنه الانتخابي الأصلي (مسقط الرأس) مهما أوتي من قوة ومهما أنفق من أموال في حملته مما قد يعرقل برنامج الناخب وسير العملية الانتخابية وإقبال الجميع عليها فقد يتلكأ الناخبون عن التسجيل أو المشاركة وزيارة الموطن الأصلي الذين هجروه لغيره تذرعا بهذا السبب خصوصا إذا أضفنا عليه معوقات مشروعات البنية التحتية والطرق والشوارع القطرية الأصيلة الخاضعة للإصلاحات والتعديل والمد والرصف في كل المدن القطرية والتي تزيد التلكؤ اليوم في الذهاب من مكان لآخر مع االتضخم السكاني المختل التركيبة السكانية، الأمر الذي قد يدعو - ما دام المشروع لا زال مشروعا غضا - لإعادة النظر في اعتماد طريقة واحدة فقط للموطن نظرا لإمكانية الجمع بين طريقتين ،إذ لا ضير من اختيار الموطن الأصلي والنطاق البلدي (للإقامة الحالية) مزدوجا تماما كما اعتمدته عدد من الدول العربية مثل (جمهورية مصر) في قانون رقم 73 لعام 1956 وتعديلاته المتعلقة بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية فقد ورد في الباب الثاني المتعلق ب (جداول الانتخابات) في المادة 11:
"الوطن الانتخابي هو الجهة التي يقيم بها الشخص عادة، ومع ذلك يجوز أن يختار لقيد اسمه الجهة التي بها محل عمله الرئيسي أو التي بها مصلحة جدية أو مقر عائلته ولو لم يكن مقيما فيها."
فيجوز لمجلس الوزراء إذا:
أن يعيد مناقشة كلمة "يجوز" السابقة المعترف بها دوليا في اختيار الموطن الانتخابي، والنظر في إمكانية الجمع بين طريقتين إذا كانت ستحقق العدالة بشكل أكبر خصوصا وأن 10% لا زالت لم تحسم بعد حسب مداولات الشوري، وما دامت الدوائر ستحسم بمرسوم أميري لم يصدر بعد.
أما كلمة "مسقط الرأس" التي تناولها العديد من الكتاب الأسبوع الماضي بالنقد والتحليل وقد بين الشوري أن من أوردها هو وزير الداخلية تعريفا وشرحا للموطن الأصلي للعائلة دون أن تكون قد وردت من الشوري أو في المشروع ذاته.
فقد يظن بأن هذه الكلمة (عامية) او من اختراعنا نحن القطريين فهل هي كذلك؟
إنه لحري بنا في ظل هذا الحراك الفكري المتقد أن نحلل لنوضح أن هذه الكلمة ليست عامية بل عربية فصيحة واضحة المدلول في اللغة العربية علي الدلالة فلم تكن إلا مرادفا لكلمة (الموطن الأصلي)، وإنها لم تخترع في مجال نقاشات الموطن الانتخابي من قبل القطريين من الداخلية أو من ناقشوها وتداولوها في الشوري حتي يرميها البعض في ملعب الآخر وكأنها تهمة، بل إن هناك عددا من الأنظمة العربية للانتخابات قد أوردتها في قوانينها الانتخابية المدونة مثل: جمهورية الجزائر حيث وردت في المادة: (11) من الفصل الثاني المتضمن القوائم الانتخابية وطريقة التسجيل فيها من (الأمر التشريعي رقم 07-99 ، يونيو 1997) والذي جاء في آخر نصها جملة:
(بلدية مسقط رأس أحد أصول المعني)
هذا بغض النظر عن اختلاف طريقة الانتخابات بين الجزائر و قطر.
وأخيرا، لعل مقارنة وضعنا بعدد من الأنظمة الانتخابية في الدول العربية سيتيح لنا مقاربة تفيدنا في الأخذ بما هو جيد بما يتناسب ومجتمعنا علي أن ذلك يفيدنا في تلافي المساوئ أو الثغرات، وإننا لمتأكدون من أن الداخلية قد أشبعت ذلك بحثا.
و رغم كل ذلك فإن المناقشة الثرية والتفاعل الفكري لكتاب المجتمع ومثقفيه وأفراده سواء في المقالات أو في تحقيقات الصحف أو في المجالس أو المنتديات الرجالية أو النسائية أو في المنتديات والمدونات على الانترنت أو حتي الرسوم الكاريكاتورية، إنما تعد خلاصة حية للرأي العام لمجتمع حي متقد وناضج الفكر والحجة حول أول مشروع قانون للانتخاب في دولة قطر والذي سيمر علي تداول مجلس الشوري له وموافقته علي مشروعه غدا قرابة ثلاثة أسابيع، تعد في ظل الأنظمة البحثية وأنظمة قياس الرأي العام فترة جيدة وفرصة لتدارسها من قبل الجهة المعنية بالبحوث الانتخابية واستطلاعات الرأي العام قبل اعتماد مشروع القانون لتوخي رأي من سيمارس لهم وعليهم حق الانتخاب والترشيح، خصوصا وإن الشوري قد ناقشه في شفافية جلية في جلسة معلنة غطتها وسائل الإعلام، نؤمن بوجوب عدم شكليتها فقط لذر الرماد في العيون
بقدر ما هي فرصة لإعطاء أهل السلطة الرابعة وجمهورها الواعي اليوم حقهم في مشاركة السلطة التشريعية الرأي حول المشروع الذي طال انتظاره
دون تجزئة المواطنين إلي درجات في حسابات القطرنة أو التقطير.
مريم الخاطر
إعلامية و كاتبة قطرية
medad_alqalam@yahoo.com
المصدر الراية الأحد الموافق 8-6-2008 http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=354000&version=1&template_id=24&parent_id=23