المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحكام العيد وادابه(2)



business
02-11-2005, 03:16 AM
التكبير في الطريق إلى المصلى:

ومن السنة التكبير في الطريق إلى المصلى ورفع الصوت بالتكبير للرجال، لما أخرجه البيهقي بسند حسن عن ابن عمر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين مع الفضل ابن عباس وعبد الله والعباس وعلي وجعفر والحسن والحسين، وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة وأيمن ابن أم أيمن رضي الله عنهم رافعاً صوته بالتهليل والتكبير) (الإرواء (3/123)).
وأخرج الدارقطني والفريابي أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يأتي الإمام(الإرواء ح(650)).
ويتأكد التكبير في الفطر عنه في الأضحى لقول الله تعالى: {وَلِتُكْمِلُواْ ?لْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ ?للَّهَ عَلَى? مَا هَدَاكُمْ} [البقرة:185]. ولما أخرجه الفرياني بسند صحيح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: (كانوا في الفطر أشد منهم في الأضحى). قال وكيع: يعني في التكبير(الإرواء (3/122)).

هل يكبر حتى يأتي المصلى أو حتى يخرج الإمام؟

روايتان عن أحمد ذكرهما صاحب المغني، وسبق أن ابن عمر كان يكبر حتى يأتي الإمام.

صيغة التكبير:

ثبت عن ابن مسعود عن ابن أبي شيبة أنه كان يقول: (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد)، بتشفيع التكبير، وفي رواية أخرى له أيضاً بتثليث التكبير وهي صحيحه(تمام المنة (ص356)).
وقال ابن حجر في الفتح: أصح ما ورد فيه ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان قال: (كبروا الله، الله أكبر، الله، الله أكبر كبيراً) (فتح الباري (2/536)).

التطوع قبل صلاة العيد وبعدها:

لم يثبت لصلاة العيدين سنة قبلها ولا بعدها، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه يصلون إذا انتهوا إلى المصلى شيئاً قبل الصلاة ولا بعدها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم العيد فصلى ركعتين، لم يصل قبلهما ولا بعدهما(متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب العيدين باب الخطبة بعد العيد، وباب الصلاة قبل العيد وبعدها وفي غيرهما (الفتح (2/526، 552)، وأخرجه مسلم في كتاب العيدين باب ترك الصلاة قبل العيد وبعدها في المصلي (صحيح مسلم 2/606)).
قال ابن العربي: التنفل في المصلى لو فُعل لنقل، ومن أجازه رأى أنه وقت مطلق للصلاة، ومن تركه رأى النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله ومن اقتدى فقد اهتدى(فتح الباري (2/552)).
قال ابن حجر: وأما مطلق النفل فلم يثبت فيه منع بدليل خاص إلا إن كان ذلك في وقت الكراهة الذي في جميع الأيام والله أعلم(المصدر السابق (2/552)).
وفرق بعضهم بين المأموم والإمام، فكرهه للإمام وأباحه للمأموم.
وذهب آخرون إلى التفريق بين قبل الصلاة وبعدها على قولين ذكرهما ابن المنذر عن أحمد:
الأول: جواز الصلاة بعدها، وهو قول الأوزاعي والنووي والحنفية وبه يقول الكوفيون.
الثاني: جواز الصلاة قبلها لا بعدها، وهو قول الحسن البصري وجماعة، وهو مذهب البصريين.
ولعله للجمع بين هذه الأقوال أن يقال:
إن السنة ترك الصلاة قبلها وبعدها في المصلى، فإذا صلى بعدها في البيت، سواء كان إماماً أو مأموماً جاز. والله أعلم. ويؤيده ما أخرجه ابن ماجه وأحمد والحاكم بإسناد حسن.
عن أبي سعيد الخدري قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئاً، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين) (الإرواء (3/100)).
وذهب بعض أهل العلم – كالشيخ ابن عثيمين – إلى أن مصلى العيد مسجد، فإذا دخله الإنسان فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، واستدل بمنع الرسول صلى الله عليه وسلم الحيض أن يمكثن فيه، وأمرهن باعتزاله(أسئلة وأجوبة في صلاة العيدين (ص12)).
وقد سبق ذكر كلام أهل العلم عن حكمة أمر الحيض باعتزال المصلى.
أما إن صلى الناس العيد في المسجد فالأصل صلاة ركعتي تحية المسجد.

وقت صلاة العيد:

يبدأ وقتها إذا ارتفعت الشمس قيد رمح (حوالي ثلاثة أمتار)، ويمتد إلى الزوال، ولم يصح في تحديدها حديث مرفوع ينتهض للاحتجاج به، وأما حديث الأسود بن قيس عن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم يوم الفطر والشمس على قيد رمحين، والأضحى على قيد رمح، ففي إسناده المعلى بن هلال، اتفقوا على تكذيبه.
وقال أصحاب الشافعي: أول وقتها إذا طلعت الشمس لحديث يزيد بن خُمير قال: خرج عبد الله بن بسر، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيد فطر أو أضحى، فأنكر إبطاء الإمام، وقال: إنْ كنا قد فرغنا ساعتنا هذه، وذلك حين التسبيح(رواه البخاري تعليقاً بصيغة الجزم. (الفتح 2/568)، وقوله: حين التسبيح: أي وقت صلاة السبحة وهي النافلة).
وليس في ذلك دليل لما ذهبوا إليه؛ لأن معناه إذا مضى وقت الكراهة، ويكون إنكاره إبطاء الإمام عن وقتها المجمع عليه. ويرده أيضاً عموم نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند بلوغ الشمس حتى ترتفع وعليه جرى عمل المسلمين في جميع العصور والأمصار.
ويُسن تقدم الأضحى ليتسع وقت الأضحية، وتأخير الفطر ليتسع وقت إخراج الصدقة.

حكم الأذان والإقامة لها وقول الصلاة جامعة:

قال ابن القيم في الزاد: "كان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة ولا قول الصلاة جامعة، والسنة أن لا يُفعل شيء من ذلك".
وأخرج مسلم عن عطاء قال: "أخبرني جابر أن لا أذان لصلاة يوم الفطر حين يخرج الإمام، ولا بعدها يخرج، ولا إقامة، ولا نداء، ولا شيء، لا نداء يومئذ ولا إقامة".
قال الشيخ ابن باز حفظه الله في تعليقه على حديث جابر: "هذا... ومن هنا يعلم أن النداء للعيد بدعة بأي لفظ كان، والله أعلم" (انظر تعليق الشيخ على فتح الباري (2/525)).

صفة صلاة العيد: عدد ركعاتها:

لا خلاف بين أهل العلم أن صلاة العيد مع الإمام ركعتان وإنما اختلفوا فيمن لم يدركها معه كما سيأتي بمشيئة الله، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (صلاة العيد والأضحى ركعتان ركعتان، تمام غير قصر على لسان نبيكم وقد خاب من افترى) (أخرجه أحمد بإسناد صحيح (الإرواء ص638)).

ما يقرأ فيها:

لا خلاف بين أهل العلم في مشروعية قراءة الفاتحة وسورة في كل ركعة من صلاة العيد.
ويستحب أن يقرأ في الأولى بسبح، وفي الثانية بالغاشية لحديث النعمان بن بشير عند مسلم وغيره قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين، وفي الجمعة بـ {سَبِّحِ ?سْمَ رَبّكَ ?لأَعْلَى?} [الأعلى:1]. و{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ?لْغَـ?شِيَةِ} [الغاشية:1]. وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأ بهما).
أو يقرأ بـ {ق وَ?لْقُرْءانِ ?لْمَجِيدِ} [ق:1].و{?قْتَرَبَتِ ?لسَّاعَةُ وَ?نشَقَّ ?لْقَمَرُ} [القمر:1]. لحديث أبي واقد الليثي عند مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفطر والأضحى بـ {ق وَ?لْقُرْءانِ ?لْمَجِيدِ} [ق:1].و{?قْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر:1].
ومهما قرأ به أجزأه، ولكن الأولى اتباع السنة.

الجهر فيها:

يسن الجهر فيهما، قال ابن المنذر: أكثر أهل العلم يرون الجهر بالقراءة، وفي إخبار من أخبر بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم دليل على أنه كان يجهر.

التكبير فيها:

يستحب للإمام أن يكبر في الصلاة سبعاً في الأولى وخمساً في الثانية، ثبت هذا عن جماعة من الصحابة والتابعين، كعمر وعثمان وعلي وأبي هريرة وابن عباس وأبي سعيد وغيرهم ، وروى ذلك عن فقهاء المدينة السبعة، وعمر بن عبد العزيز والزهري ومالك.
وأما المرفوع فمختلف فيه، ومن ذلك ما روته عائشة أنه صلى الله عليه وسلم: (كان يكبر في الفطر والأضحى: في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمساً سوى تكبيرتي الركوع) (رواه أبو داود والفريابي وغيرهما، وفي إسناده ابن لهيعة مختلف فيه، ورواية العبادلة عنه مقبولة على الصحيح، وهذا من رواية عبد الله بن وهب عنه، وهو مخرج في الإرواء (3/17)، وقال الشيخ الألباني حفظه الله بعد أن ساق عدة طرق للحديث: وبالجملة فالحديث بهذه الطرق صحيح، ويؤيده عمل الصحابة به (الإرواء 3/110)).
وأخرجه الدارقطني عنها بلفظ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في العيدين اثنى عشر تكبيرة سوى تكبيرتي الاستفتاح) (سنن الدراقطني (2/46)) وهذا مذهب الشافعي والأوزاعي وإسحاق.
وأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح على شرط الشيخين، عن ابن عباس أنه كان يكبر في العيد في الأولى سبع تكبيرات بتكبيرة الاستفتاح وفي الآخرة ستاً بتكبيرة الركعة كلهن قبل القراءة(الإرواء (3/111)).
وأما التكبير أربعاً فقد ثبت من فعل بعض الصحابة، والمرفوع منه فيه ضعف يسير(انظر أحكام العيدين للفرياني (ص164)).وهذا مذهب الأحناف.
وصح عن ابن عباس أنه قال: (من شاء كبر سبعاً، ومن شاء كبر تسعاً، وبإحدى عشرة وثلاث عشرة) (الإرواء (3/112)).
قال الشيخ الألباني: ويجمع بينها أنه كان يرى التوسعة في الأمر وأنه يجيز كل ما صح عنه... والله أعلم. اهـ.
وكون بعض الصحابة كبر سبعاً وخمساً وبعضهم كبر أربعاً دون إنكار أحد من الصحابة شيئاً من ذلك، يدل على ثبوت التكبيرتين والله أعلم، إذ التكبير فيها عبادة، والأصل فيها التوقيف(انظر: سواطع القمرين في تخريج أحاديث أحكام العيدين (ص165)).