بوناصر-قطر
20-03-2005, 12:59 AM
«القاعدة»... كيف تتصرف على أبواب «الخلجنة»؟
فارس بن حزام الحياة 2005/03/20
لم يكن مفاجئاً أن يصدر أحد أهم المطلوبين في السعودية تسجيلاً صوتياً قبل ثلاثة أيام بعد كل هذا الغياب، ولكن الـــمفاجأة في «الحـــفلة الجـــماعية» التي صاحبه، فصالح العوفي، الذي فر تاركاً زوجته وأطفاله مع زملائه في أحدى المواجهات مع قوات الأمن في الرياض الصيف الماضي، خرج بخمسة تسجيلات دفعة واحدة، صوبها إلى غير اتجاه.
هذه التسجيلات الخمسة التي ضخت عبر «الإنترنت»، قد يرى بعض المراقبين أنها عشوائية الهدف، ولكن آخرين سيذهبون إلى أن اثنين منها يقدمان إشارات جديدة حول واقع تنظيم «القاعدة» في السعودية أولاً، وفي الخليج ثانياً، وهدفه المقبل ثالثاً.
تنظيم «القاعدة» يتحرك وفق الإشارات، وتنطلق خلاياه على أثر الذبذبات. هذا هو نهج التنظيم في التحرك، لكنه لا يلجأ إليه إلا في الأيام الصعبة، التي يكون التضييق فيها قد بلغ مداه. ومنذ عامين، بدا واضحاً أن أشرطة قائديه (بن لادن، الظواهري) تحدث أثراً بعد بثها، لكونها تحمل إشارات لخلايا محددة لبدء عملها، وهذا تفسير أجهزة الاستخبارات بشكل عام.
أول التسجيلات في «حفلة العوفي» الصوتية، كان عن الهجوم الذي نفذته أحدى خلايا التنظيم على القنصلية الأميركية في جدة في السادس من شهر كانون الأول الماضي (ديسمبر)، وانتهى بمقتل 4 من المهاجمين والقبض على الخامس مصاباً.
العوفي، تناول عملية واحدة، وتجاهل عمليتين كانتا أكثر خطورة، وأعني بهما استهداف وزارة الداخلية ومركز قوات الطوارئ في الرياض في 29 كانون الأول الماضي، على رغم أن بقية تسجيلاته تناولت أحداثاً جديدة، آخرها مهرجان الجنادرية الثقافي في الرياض قبل أسابيع قليلة.
وعند قراءة ما تضمنه التسجيل - من زاوية إستراتيجية التنظيم في العمل الميداني – نجد أن العوفي بدا واضحاً أنه على غير علم ولا إطلاع بخلفيات عمليتي الرياض، التي سبقها وأعقبها سقوط 19 عنصراً، نصفهم من المهمين، خلال أسبوع واحد.
وهذا يبعث على التأكيد أن التنظيم قد تفكك بالفعل، وانفصل، ولم تبق منه إلا مجموعات قليلة، لا تتصل ببعضها...
والأحداث في الأشهر الأخيرة، أكدت عدم ترابط الخلايا، وتشتتها جغرافياً، وافتقادها للتنظيم، ويمكن القول أن التنظيم بهذه الصورة قد انتهى وتلاشى، ولم يبق منه سوى خلايا منتشرة بين الوسطى والغربية، ولأنها غير مترابطة؛ فهذا ينفي عنها صفة التنظيم التي كانت تحملها في الفترة الماضية.
عند الزاوية الأخرى من «حفلة العوفي» الإذاعية، نجد أنه مد يده مباشرة إلى أبو مصعب الزرقاوي – قائد تنظيم «القاعدة» في بلاد الرافدين- الذي يرفع راية أسامة بن لادن حالياً، وخليفته إعلامياً، بحصوله على وهج إعلامي، يخوله درجة « البيعة» من مريدي «القاعدة».
رسالة العـــوفي الإذاعية إلى الـــزرقاوي، التي تجـــاوزت الســـبع دقائق، تضـــمنت « بيعة» غير مباشرة لإمارة الزرقـــاوي على التنـــظيم في الخليج والعراق، وإن لم يجاهر بها، إلا أنه قــال: «وسنرسل لكم المقاتلين والاستشهاديين متى ما احتجتم، وستجدوننا حصناً منيعاً، ودرعاً متيناً»، ووفق المدرسة الجهادية، يمكن تصنيف مثل هذا الاقتباس على أنه جزء من «البيعة»، وقد تتبعه بعد فترة «بيعة مباشرة» إن لم تحدث هذه الخطوة أي رد فعل مخالف يصدر من «مثلث الأفيون».
في شريط «البيعة غير المباشرة»، هناك مؤشر قوي قد ينبئ بـــمرحلة جديدة للتنـــظيم، تحركه جـــغرافياً، وتـــوسع دائــرته، وإن كانت بوادرها قد لاحت، وأعني بها: ساحة الكويت.
الرسالة، بعد أن قدمت «البيعة» للزرقاوي، وباركت «خلايا الكويت»، وجهت نداءً إلى مريدي «القاعدة» في الخليج بسرعة التحرك، وجاء فيها: « نشيد بإخواننا في قطر والبحرين، وعمان والإمارات، وجميع ليوث الجهاد في الدول المجاورة للعراق، ألا يتوانوا في نصرتكم (...) فليضرب كل فوج منا ما على أرضه من جنود وآليات، وقواعد وطائرات، ونفط للصليب ليتسع الخرق على الراقع»، والعوفي هنا لا يجزم، ولا الكاتب يجزم، بوجود خلايا بالفعل في هذه الدول، وقد يكون الخطاب موجهاً للمتعاطفين لشحذ هممهم، ولكنه، في الوقت ذاته، لا ينفي وجود خلايا تنتظر ساعة الصفر.
هذه المرحلة المتوجسة، من شأنها - كما يرى العوفي – أن تؤثر في القوات الأميركية في العراق، من خلال استهداف قواعدها في تلك الدول، خصوصاً في قطر التي وضعها في أول الصف. ومن هنا، كانت الكويت، بأحداثها، والملاحقة المستمرة لقيادات الخلايا، إشارة أولى لانتقال « القاعدة» إلى مرحلة «الخلجنة»، ولا يستبعد أن تبرز في قطر خلال الفترة المقبلة خلايا مشابهة، طالما أن شعار «القاعدة»: المواجهة مع أميركا، وطالما أن أسبابها متوافرة.
كاتب سعودي.
المصدر (http://www.daralhayat.com/opinion/03-2005/Item-20050319-bbb2b5c7-c0a8-10ed-0078-529d12d96916/story.html)
فارس بن حزام الحياة 2005/03/20
لم يكن مفاجئاً أن يصدر أحد أهم المطلوبين في السعودية تسجيلاً صوتياً قبل ثلاثة أيام بعد كل هذا الغياب، ولكن الـــمفاجأة في «الحـــفلة الجـــماعية» التي صاحبه، فصالح العوفي، الذي فر تاركاً زوجته وأطفاله مع زملائه في أحدى المواجهات مع قوات الأمن في الرياض الصيف الماضي، خرج بخمسة تسجيلات دفعة واحدة، صوبها إلى غير اتجاه.
هذه التسجيلات الخمسة التي ضخت عبر «الإنترنت»، قد يرى بعض المراقبين أنها عشوائية الهدف، ولكن آخرين سيذهبون إلى أن اثنين منها يقدمان إشارات جديدة حول واقع تنظيم «القاعدة» في السعودية أولاً، وفي الخليج ثانياً، وهدفه المقبل ثالثاً.
تنظيم «القاعدة» يتحرك وفق الإشارات، وتنطلق خلاياه على أثر الذبذبات. هذا هو نهج التنظيم في التحرك، لكنه لا يلجأ إليه إلا في الأيام الصعبة، التي يكون التضييق فيها قد بلغ مداه. ومنذ عامين، بدا واضحاً أن أشرطة قائديه (بن لادن، الظواهري) تحدث أثراً بعد بثها، لكونها تحمل إشارات لخلايا محددة لبدء عملها، وهذا تفسير أجهزة الاستخبارات بشكل عام.
أول التسجيلات في «حفلة العوفي» الصوتية، كان عن الهجوم الذي نفذته أحدى خلايا التنظيم على القنصلية الأميركية في جدة في السادس من شهر كانون الأول الماضي (ديسمبر)، وانتهى بمقتل 4 من المهاجمين والقبض على الخامس مصاباً.
العوفي، تناول عملية واحدة، وتجاهل عمليتين كانتا أكثر خطورة، وأعني بهما استهداف وزارة الداخلية ومركز قوات الطوارئ في الرياض في 29 كانون الأول الماضي، على رغم أن بقية تسجيلاته تناولت أحداثاً جديدة، آخرها مهرجان الجنادرية الثقافي في الرياض قبل أسابيع قليلة.
وعند قراءة ما تضمنه التسجيل - من زاوية إستراتيجية التنظيم في العمل الميداني – نجد أن العوفي بدا واضحاً أنه على غير علم ولا إطلاع بخلفيات عمليتي الرياض، التي سبقها وأعقبها سقوط 19 عنصراً، نصفهم من المهمين، خلال أسبوع واحد.
وهذا يبعث على التأكيد أن التنظيم قد تفكك بالفعل، وانفصل، ولم تبق منه إلا مجموعات قليلة، لا تتصل ببعضها...
والأحداث في الأشهر الأخيرة، أكدت عدم ترابط الخلايا، وتشتتها جغرافياً، وافتقادها للتنظيم، ويمكن القول أن التنظيم بهذه الصورة قد انتهى وتلاشى، ولم يبق منه سوى خلايا منتشرة بين الوسطى والغربية، ولأنها غير مترابطة؛ فهذا ينفي عنها صفة التنظيم التي كانت تحملها في الفترة الماضية.
عند الزاوية الأخرى من «حفلة العوفي» الإذاعية، نجد أنه مد يده مباشرة إلى أبو مصعب الزرقاوي – قائد تنظيم «القاعدة» في بلاد الرافدين- الذي يرفع راية أسامة بن لادن حالياً، وخليفته إعلامياً، بحصوله على وهج إعلامي، يخوله درجة « البيعة» من مريدي «القاعدة».
رسالة العـــوفي الإذاعية إلى الـــزرقاوي، التي تجـــاوزت الســـبع دقائق، تضـــمنت « بيعة» غير مباشرة لإمارة الزرقـــاوي على التنـــظيم في الخليج والعراق، وإن لم يجاهر بها، إلا أنه قــال: «وسنرسل لكم المقاتلين والاستشهاديين متى ما احتجتم، وستجدوننا حصناً منيعاً، ودرعاً متيناً»، ووفق المدرسة الجهادية، يمكن تصنيف مثل هذا الاقتباس على أنه جزء من «البيعة»، وقد تتبعه بعد فترة «بيعة مباشرة» إن لم تحدث هذه الخطوة أي رد فعل مخالف يصدر من «مثلث الأفيون».
في شريط «البيعة غير المباشرة»، هناك مؤشر قوي قد ينبئ بـــمرحلة جديدة للتنـــظيم، تحركه جـــغرافياً، وتـــوسع دائــرته، وإن كانت بوادرها قد لاحت، وأعني بها: ساحة الكويت.
الرسالة، بعد أن قدمت «البيعة» للزرقاوي، وباركت «خلايا الكويت»، وجهت نداءً إلى مريدي «القاعدة» في الخليج بسرعة التحرك، وجاء فيها: « نشيد بإخواننا في قطر والبحرين، وعمان والإمارات، وجميع ليوث الجهاد في الدول المجاورة للعراق، ألا يتوانوا في نصرتكم (...) فليضرب كل فوج منا ما على أرضه من جنود وآليات، وقواعد وطائرات، ونفط للصليب ليتسع الخرق على الراقع»، والعوفي هنا لا يجزم، ولا الكاتب يجزم، بوجود خلايا بالفعل في هذه الدول، وقد يكون الخطاب موجهاً للمتعاطفين لشحذ هممهم، ولكنه، في الوقت ذاته، لا ينفي وجود خلايا تنتظر ساعة الصفر.
هذه المرحلة المتوجسة، من شأنها - كما يرى العوفي – أن تؤثر في القوات الأميركية في العراق، من خلال استهداف قواعدها في تلك الدول، خصوصاً في قطر التي وضعها في أول الصف. ومن هنا، كانت الكويت، بأحداثها، والملاحقة المستمرة لقيادات الخلايا، إشارة أولى لانتقال « القاعدة» إلى مرحلة «الخلجنة»، ولا يستبعد أن تبرز في قطر خلال الفترة المقبلة خلايا مشابهة، طالما أن شعار «القاعدة»: المواجهة مع أميركا، وطالما أن أسبابها متوافرة.
كاتب سعودي.
المصدر (http://www.daralhayat.com/opinion/03-2005/Item-20050319-bbb2b5c7-c0a8-10ed-0078-529d12d96916/story.html)