المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "هيرمس": لا نخشى المقاضاة ولن نضحي بسمعة مجموعة قيمتها 4 مليارات دولار



عزوز المضارب
24-06-2008, 01:59 PM
وسط "فوضى توصيات" حصيلتها 65 تقريرًا خلال عام ونصف
"هيرمس": لا نخشى المقاضاة ولن نضحي بسمعة مجموعة قيمتها 4 مليارات دولار

لا نتعامل بما نحلل
إفصاح ثلاثي
غياب الضوابط غيَّب النزاهة
"حصان طروادة" مكشوف
ثنائية الانسياق والانتقاد




يبدو أن زوبعة تقرير "هيرمس" الأخير عن سهم "زين" خرجت من فنجانها؛ لتحدث دويًا هائلاً اختلطت فيه التصريحات بالانتقادات والآراء، التي دعت إلى فتح ملف الدراسات التقييمية بكافة أبعاده، لاسيما في ظل تكرار التوصيات المتضاربة وما تخلفه من "أضرار مادية" يصعب إحصاؤها كونها تطال فئات واسعة من الأفراد، الذين تزيد نسبتهم عن 90% من مجمل متداولي السوق السعودية.

ورغم مرور قرابة أسبوع على تقرير "هيرمس" فإن الخسائر التي مني بها سهم "زين" خلال هذه الفترة جعلت السجال أكثر احتدامًا، بعد أن فقد السهم حوالي 7% من قيمته، دون أن يولي كبير اهتمام للتطمينات التي صدرت عن إدارة الشركة بخصوص أدائها الإيجابي المنتظر، وقدرتها على دخول منطقة الأرباح بعد عامين أو ثلاثة من بدء التشغيل.


لا نتعامل بما نحلل
ولأن هيرمس السعودية اعتذرت عن التصريح حول الموضوع، فقد اتجهنا إلى المقر الرئيس في القاهرة، حيث اعتبر رئيس قطاع البحوث في المجموعة المالية هيرمس وائل زيادة في اتصالٍ هاتفي معه أن الكلام عن تعمد إصدار التقرير بالتزامن مع تسجيل سهم "زين" أعلى إغلاق تاريخي له، هو ادعاء غير منطقي، متسائلاً: ما هي المصلحة في إصدار توصية من هذا النوع في سوقٍ لا تشهد عمليات بيع قصيرة، نافيًا أن يكون هناك أي رابط للتقرير بما يدور في أذهان المتداولين من اتهامات.

وقال زيادة لـ"الأسواق.نت": إن عدم تحديد السعر العادل لسهم "زين" برقم معين عائد لكون الشركة لم تبدأ عملياتها التشغيلية بعد، علمًا أن التقرير أوصى ببيع السهم على المديين القصير والطويل.

وحول علاقة التقرير الأخير بتصريحاتٍ سابقة عن رفع تخصيص المجموعة في السوق السعودية، أكد زيادة بلغةٍ جازمةٍ أن ما عرضته الصحافة في هذا الإطار غير دقيق؛ لأن إدارة الأصول لا يمكن أن تكشف أو تسمي الأسهم التي تستثمر بها، فهذا التصرف ممنوع على قطاع المحافظ أصلاً، كما أنه متوافق مع المقاييس العالمية، داعيًا إلى ضرورة التفريق بين هذا القطاع وبين إدارة تحليل البحوث التي تضمّن جميع تقاريرها تنويهًا قانونيًا مفاده أنها لا تتعامل بالأسهم التي جرى تحليلها.

وفي أغسطس/آب 2007، نقلت وسائل إعلامية مختلفة عن المدير الإقليمي لإدارة الأصول في هيرمس القابضة هاشم منتصر أن المجموعة زادت تخصيصها للسعودية إلى 15%، بما يعادل 180 مليون دولار، مبديًا تفضيله الاستثمار في مجموعة من الأسهم على رأسها سهمي شركة الاتصالات السعودية، واتحاد اتصالات "موبايلي".


إفصاح ثلاثي
وتعقيبًا على وجود أصوات تطالب هيئة السوق بمساءلة "هيرميس" عن تقريرها الأخير وضرورة مقاضاتها من قِبل "المتضررين"، ردَّ زيادة الذي أشرف على إصدار التقرير: نحن لا نخشى المقاضاة لأن إجراءاتنا وأوراقنا سليمة، وليس لدينا تضارب مصالح من أجل خدمة إدارات أخرى، مشددًا أنهم لا يمكن أن يخاطروا بسمعة مجموعةٍ تخطت قيمتها 4 مليارات دولار في سبيل كسب 100 أو 200 ألف دولار، كما يتخيل البعض.

من جهتها، لم تكن هيئةُ السوق السعودية مستعدة كعادتها لإعطاء أي جوابٍ واضح حول تحركاتها لضبط وتنظيم المشهد الخاص بدراسات التقييم، حيث اكتفى أحد مسؤولي الهيئة بالقول لموقعنا إنهم يتابعون القضية وهم مهتمون بها وإن لم يصرحوا بذلك، رافضًا الخوض في تفاصيل يحتاج الإفصاح عنها مزيدًا من التشاور، على حد تعبيره.
وإزاء ما يدور من لغطٍ حول جدوى تقارير التقييم ومدى حاجة السوق إليها رأى الخبيرُ الاقتصادي عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبد الحميد العمري أن من المتفق عليه في الأسواق المالية أن تضطلع الشركات الاستثمارية بكامل أدوارها؛ ومن ضمنها المبادرة لتقييم أسعار أصولها بصورة عادلة وفق معايير وطرق محاسبية ومالية معترف بها، تأخذ في الحسبان المركز المالي والتدفقات النقدية ومشروعات التوسع وغيرها من العوامل المؤثرة في الأداء، علاوةً على دراسة حالة السوق التي تعمل فيها الشركة المقيَّمة وتفاعلها مع الوضع الاقتصادي المحلي والعالمي، وصولاً إلى إسقاط جميع نتائج الدراسة على سعر السهم المعني.

لكن العمري أوضح أن هذه العملية تتم وفق قيود وضوابط بالغة التعقيد في الأسواق الأكثر نضجًا، حتى لا تخرج التوصيات عن الأهداف الأساسية من وجودها، حيث يُشترط أن تفصح أي شركة استثمارية عن استثماراتها واستثمارات عملائها في السوق، وبصورةٍ مستمرة تسبق أي توصية تقوم بإصدارها، كما أن على الشركة الإفصاح عن أسماء الأشخاص الذين قاموا بإعداد تلك التقييمات، وليس ذلك فحسب بل يجب عليها أن تفصح أيضًا عن نوع وحجم وتركز استثمارات أولئك المحللين.


غياب الضوابط غيَّب النزاهة
وبصفته متابعًا دقيقا للملف، أكد العمري أن السوق السعودية تشهد حالةً خطيرة من فوضى التوصيات، يضاعف من خطورتها زيادة عدد تلك التوصيات بصورة خارجة عن السيطرة، حيث تجاوز عددها (65) توصية، وجهت إلى السوق المحلية منذ بداية 2007 إلى منتصف العام الجاري فقط، والغريب أنها تركزت على شركات بعينها.

وخلص العمري إلى أن غياب الضوابط المعمول بها في الأسواق الناضجة، يجعل ضرر التوصيات أكبر من نفعها، خصوصًا أنها واقعة بجملتها في مخالفة النظام واللوائح التنفيذية، فضلاً عن اتخاذها قناعًا لإخفاء مصالح ومنافع خاصة.

وفي ظل هذه الصورة من غياب الضوابط واختلاط الشخصي بالمهني، بيّن العمري أن صفة النزاهة غائبة تمامًا عن ساحة الدراسات التقييمية، ولن يُثبت وجودها لعموم المستثمرين سوى الشفافية والإفصاح من قبل الشركات الدارسة عن كامل المعلومات المتعلقة باستثماراتها وتوزيعاتها في السوق موضوع التقييم.

ولفت إلى أن المسألة ليست نسبية كما يتوهم البعض، ولا يكفي أبدًا ربطها بأخلاقيات العاملين في هذا الميدان، ما دامت تقاريرهم تتدخل في تحديد وتقييم حقوق الغير والتأثير عليها، بما قد يصل إلى حد الإضرار بها وإتلافها، ومن هنا فلا مفر من المطالبة بمستوى قانوني يصنف ويحاكم كفاءة ونزاهة وحيادية العاملين في تلك الشركات الاستثمارية.

وعن تفسيره لانجراف عموم المتداولين وراء التقييمات رغم عدم ثقتهم بأكثرها، نوه العمري بأن المتعاملين كانوا وما زالوا يتأثرون بتوصية شخص مجهول الهوية في أحد المنتديات، أو رسالة جوال مضللة ترفع وتخفض سعر سهم معين، فمن الأولى أن يتضاعف هذا التأثر عندما يتعلق الأمر بشركات معروفة توظف وسائل الإعلام لإيصال توصياتها بأسرع وأوسع ما يمكن، حيث يجد المتداول نفسه أمام تيار جارف لا يستطيع مقاومته حتى ولو كان يشك بصوابه؛ لأن مخالفة التيار العام تعني في نهاية المطاف الخسارة، حسب العرف السائد في أسواق المال.


"حصان طروادة" مكشوف
وأمام تقاذف كرة المسؤولية عن هذه التقارير بين مختلف الأطراف، ذكّر العمري أن هيئة السوق وشركة تداول تتحملان كاملَ المسؤولية في جانب تشريع وتنظيم عمل الشركات الاستثمارية دون أية استثناءات، آملاً أن تأخذ الجهتان بالضوابط المطبقة في الأسواق المتقدمة، وعندها فقط يمكن أن نرى الدراسات والتقارير تتخذ منحى أكثر أمانة ونزاهة وجدية، وأقل عددًا مقارنة بصورتها الراهنة.

وحول حقيقية ما يثار من أن تقارير التقييم ليست سوى "حصان طروادة" مصمم للتغرير بالمتداولين وتلميع صورة شركات وأسهم معينة، قال العمري: هذه مسألة أصبحت مكشوفة ومعلومة لدى عموم المتعاملين بكل أسف، ورغم ذلك لم نشاهد إلى الآن تحركًا صارما يوقف مدَّها المأساوي، ولي في هذا المجال تجربة شخصية وقعت العام الماضي، عندما زجّت إحدى الشركات المساهمة بتصريحٍ على لساني يؤيد فحوى التقييم لسعر سهمها، ولم أعلم بخطوة الفبركة إلا مصادفةً وبعد مُضي عدة أشهر.

بدورهم، عبَّر مستثمرون سعوديون عن استيائهم مما آلت إليه أوضاع التوصيات في سوق الأسهم المحلية، التي أصبحت حقل تجارب لجميع شركات العالم دون رقيب أو رادع.

وأشار وليد الدهامي أن تركيز الانتقاد على الشركة التي أصدرت تقرير "زين" لا يعني أن الشركات الأخرى أفضل حالاً، فلكل منها سوابقها التي غررت بالمتداولين وأضرت بهم، مستعرضًا قائمة طويلة من التوصيات "الوهمية" على الكهرباء وسابك والمراعي وسواها من شركات السوق المدرجة.

وأضاف: لو كان هناك نظام للمساءلة والعقاب لما تجرأت بعض الشركات على التلاعب بنا وتغيير توصياتها كل شهرين أو ثلاثة، رغم عدم حدوث تطور جوهري يستدعي ذلك.


ثنائية الانسياق والانتقاد
أما منصور العوض فأشار إلى أن دراسات التقييم تعامل بثقةٍ واحترام في العديد من أسواق العالم، بعكس الحاصل في السوق السعودية؛ حيث ينظر إلى التوصيات بعين الشك والاتهام، ما يمثل خللاً كبيرًا علينا البحث في أسبابه والكشف عن المستفيدين من استمراره ممن يناسب مصالحهم بقاء هذه الازدواجية في انسياقنا وراء نفس التقارير التي ننتقدها!

واستبعد مطلق الحربي أن تتقلص ظاهرة التقارير ما لم تعمد هيئة السوق إلى إقرار نظامٍ يكفل حق المتضررين من التوصية في مقاضاة صاحبها وطلب التعويض المادي، مضيفًا: لو طبقت جزئية التعويض وحدها لاختفت جميع التوصيات دفعة واحدة، إذ ليس هناك شركة تقوى على دفع تعويضات لمتداولين يعدون بالملايين.

يذكر أن مجموعة إي.أف.جي هيرمس أصدرت تقريرًا خاصًا عن قطاع الاتصالات السعودي بشركاته الثلاث (الاتصالات وموبايلي وزين)، بيَّنت فيه أن "زين السعودية" ستبقى تحت وطأة الخسائر حتى 2015، كما أن حصتها من السوق لن تتجاوز 15% في نفس العام، مرجعةً ذلك إلى ارتفاع تكاليف الرخصة والتمويل ورسوم الإدارة الواجب دفعها للشركة الأم.

فيما توقع التقرير أن تبقى "الاتصالات السعودية" محتفظة بحصة 50% من سوق الهاتف المحمول بعد سبع سنوات، مقابل 35% من نصيب "موبايلي"، مانحةً السهمين تقديرًا سعريًا يزيد بحوالي 60% عن إغلاقهما وقت صدور التقرير.