المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقتراح بإنشاء هيئة للسياسات النقدية الخليجية



مغروور قطر
05-11-2005, 08:05 AM
اقتراح بإنشاء هيئة للسياسات النقدية الخليجية




أكد صندوق النقد الدولي أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي قطعت شوطاً كبيراً في مسيرة التكامل الاقتصادي خلال العقدين الماضيين إلا أنه في ضوء اختلاف المصالح الاقتصادية والتفاوت في أحجام الاحتياطي من النفط والغاز فيما بين الدول الأعضاء في المجلس فإن دول مجلس التعاون مضطرة الآن إلى اتخاذ خيارات سياسية صعبة.


وأشارت دراسة حديثة أعدها د. راجان غوفيل بدائرة الشرق الأوسط ووسط شرق آسيا في صندوق النقد أشار إلى أن المرحلة التي تمت حتى الآن في مسيرة التكامل الاقتصادي ساعد على إنجازها أن عملات دول المنطقة كانت في الواقع مربوطة بالدولار الأميركي على مدار العقدين الماضيين وأن السلع والخدمات ورأس المال والعمالة الوطنية كانت حرة أيضاً خاصة بالنظر إلى التشابه في اللغة والثقافة.


وأكدت الدراسة أن نجاح الاتحاد النقدي الخليجي سيقتضي تكثيف الجهود للتوصل إلى إجماع بشأن المسائل الاقتصادية الحرجة وإلى تطوير المؤسسات ذات العلاقة مشيرة إلى أن المجالات الرئيسية التي ستستدعي اهتماماً خاصاً من قبل صانعي السياسات تشمل وضع القواعد والمؤسسات اللازمة لدعم الاتحاد النقدي متضمنة الإطار المحاسبي المالي المشترك


وتقوية إجراءات إعداد الموازنات الحكومية والمؤسسات المحورية وعلى رأسها البنك المركزي المشترك كما ستتطلب عملية التقارب والرقابة الداخلية المعززة الارتقاء بجودة البيانات الإحصائية وتوسيع المجالات التي تغطيها واعتماد معايير إحصائية مشتركة.


ودعت الدراسة سلطات دول مجلس التعاون إلى الإسراع في عملية بناء الإجماع حول معايير التقارب المطلوب لإنشاء الاتحاد النقدي بحلول عام 2010 خصوصاً فيما يتعلق بالسياسة المالية العامة وقاعدة البيانات الإحصائية والممارسات التنظيمية في القطاع المالي وإقامة بنك مركزي للاتحاد النقدي.


وأوضحت الدراسة أنه سبق لدول مجلس التعاون أن اعتمدت عناصر عدة مهمة من شأنها تأمين نجاح الاتحاد النقدي إلا أنه لا بد لهذه الدول أن تتخذ خيارات أساسية وخطوات مهمة لتصميم وتنفيذ اتحاد نقدي فعال.


مشيرة إلى أن هذه الخطوات تشمل وجوب قيام جميع الدول الأعضاء بمواصلة المحافظة على أوضاع مالية قابلة للاستمرار ومستندة على إطار للأمد المتوسط في ظل الافتراض المحافظ نفسه بشأن أسعار النفط في كل دول المجلس وتبني ميثاق مشترك للسلوك المالي يتكون من معايير للتقارب المالي الضريبي وإطار مشترك لممارسات المحاسبة العامة وإجراءات مناسبة لإدارة ميزانية الحكومة وتطوير سياسة سعر صرف مشتركة،


بما فيها تكوين حساب تجميعي للاحتياطيات الدولية المشتركة وتصميم المؤسسات مثل ـــ البنك المركزي المشترك ــــ التي تدعم الاتحاد النقدي، بالإضافة إلى مجموعة من أدوات السياسة النقدية الكفيلة لضمان فعالية عمليات السياسة النقدية عبر دول الاتحاد، وتوفير البيانات ذات النوعية والدقة العاليتين واعتماد معايير مشتركة ونشر المعلومات في الأوقات المناسبة وبما يسمح بتقييم مدى التقدم في الالتزام بمعايير التقارب وأهداف السياسات.


وذكرت الدراسة أنه على الرغم من أنه يتعين اتخاذ الخطوات المبينة أعلاه قبل إدخال العملة المشتركة فإن وتيرة الإصلاحات الهيكلية المكملة للاتحاد النقدي هي التي ستحدد سرعة تمكن دول مجلس التعاون من ترسيخ الاتحاد الاقتصادي وتعزيز صافي المنافع من العملة المشتركة.


الاتحاد النقدي


ورأت الدراسة أن الحفاظ على وضع مالي قابل للاستمرار يمثل عنصراً حيوياً في نجاح الاتحاد النقدي حيث إن تواجد وضع غير قابل للاستمرار، وخاصة في حالة إحدى الدول الأعضاء الكبرى، يمكن أن يعرض الاتحاد لمزيج غير مرغوب من السياسات،


ما من شأنه أن يقوض أهداف السياسات الاقتصادية الكلية الأخرى مثل استقرار الأسعار وأن يؤثر سلباً على سمعة الاتحاد برمته وجدارته الائتمانية، بالإضافة، وفي حال اختارت دول المجلس نظام ربط العملة المشتركة فإن دعم سعر الصرف المثبت يقتضي المحافظة على وضع مالي قوي.


وذكرت الدراسة أن نظام أسعار الصرف الثابتة المتبع في دول مجلس التعاون خلال العقود الماضية في ترسيخ الاستقرار وإبقاء التضخم على مستوى متدنٍ وتعزيز الثقة كما قررت هذه الدول ربط عملتها المشتركة المستقبلية بالدولار إلى حين قيام الاتحاد النقدي.


إلا انه لابد من النظر في الخيارات الأخرى المتاحة لنظام صرف العملة المشتركة بما في ذلك ربطها بسلة من العملات أو ترتيبات أخرى أكثر مرونة وينطوي كل من هذه الخيارات على انعكاساته الذاتية على السياسات والمتطلبات التشغيلية.


وأضافت انه لابد لهذه الخيارات من ان تأخذ في الحسبان تغير أنماط التجارة في الأمدين المتوسط والبعيد، نظراً لتزايد أهمية آسيا مع مرور الزمن فقد بلغ نصيب الولايات المتحدة الأميركية 11.6% من إجمالي صادرات دول مجلس التعاون و8.9% من وارداتها لعام 2003.


وفي تلك الأثناء ارتفعت حصة آسيا بدون اليابان من 18.5% من صادرات دول المجلس عام 1985 إلى 35% عام 2003، بينما ارتفعت حصتها من واردات دول الخليج من 12.3% إلى 27.4% خلال الفترة ذاتها كما أن حصتي الاتحاد الأوروبي واليابان في تجارة دول مجلس التعاون تفوقان بكثير نصيب الولايات المتحدة الأميركية


ونظرا لتدني حصة الولايات المتحدة في تجارة دول المجلس، وإذا تم اخذ استراتيجية تلك الدول حيال تنويع اقتصاداتها من خلال تشجيع نمو القطاع غير النفطي بالحسبان، فانه يتعين على دول المجلس النظر في الخيار المتاح لتبني نظام سعر صرف مرن فور قيام الاتحاد النقدي.


وأوضحت انه من شأن اعتماد عملة مشتركة لدول مجلس التعاون مربوطة بالدولار الأميركي ان تعكس الوضع الاقتصادي المصاحب لذلك في داخل الولايات المتحدة حيث تكون السياسة النقدية مقيدة بسبب ارتباط أسعار الفائدة بأسعار الفائدة الأميركية،


فمن غير المستحسن أن يتم اتباع استراتيجية تستهدف زيادة توظيف العمالة من خلال تشجيع وتنويع القطاع الخاص غير النفطي إذا تم اعتماد سياسة أسعار صرف لا تدعم النمو داخل منطقة دول مجلس التعاون وتكون مرتبطة بأحداث تطرأ في الولايات المتحدة الأميركية ذات الحصة المحدودة في تجارة دول المجلس.


البنك المركزي الخليجي


وفيما يتعلق بإنشاء بنك مركزي خليجي مشترك ذكرت الدراسة انه يبدو من المنظور العملي والسياسي ان اتباع نهج غير مركزي في تنظيم مسؤوليات البنك المركزي كما هو الحال في الاتحاد النقدي الأوروبي سيلائم ظروف مجلس التعاون،


وستشمل صلاحيات البنك المركزي المشترك اتخاذ القرارات وتحليل البيانات الاقتصادية والمالية عن كل أعضاء الاتحاد ومخاطبة وإعلام الجمهور بشأن القرارات المنبثقة عن السياسة النقدية والتطورات الاقتصادية في كافة منطقة مجلس التعاون،


كما ستناط بالبنك المركزي المشترك مهمة التأكد من الترابط الفعلي في نظم المدفوعات بما يعزز في اندماج الأسواق النقدية بين المصارف وفعالية السياسة النقدية، كما تستهدف مبادرات الإرشاد والتنسيق في المقام الأول تحقيق التلاؤم بين القواعد التنظيمية والإجرائية المالية بغرض تحسين اندماج السوق المالية الإقليمية وسبل تطويرها.


وأوضحت أن التركيب المطروح سيتطلب إنشاء هيئة لاتخاذ قرارات السياسة النقدية ويمكن أن تتكون هذه الهيئة من محافظي البنوك المركزية لكل دول مجلس التعاون المعينين على المستوى الوطني،


إضافة إلى كبار المسؤولين التنفيذيين في البنك المركزي المشترك المعينين على المستوى الإقليمي حيث يتعين منح البنك المركزي المشترك استقلالية تشغيلية بحيث يتمتع بحرية التصرف في وضع أدواته النقدية وفقاً لأهداف سياسته دون التدخل السياسي المباشر أو غير المباشر، ولذلك لابد من مراجعة قوانين البنوك المركزية الوطنية في دول مجلس التعاون.


وأضافت الدراسة انه سيتوجب على البنك المركزي المشترك والبنوك المركزية الوطنية التمتع بمجموعة من الأدوات المشتركة لإدارة السياسة النقدية ليتسنى لعمليات السياسة النقدية إحداث الآثار المرغوبة عبر الاتحاد النقدي برمته وبينما يقوم البنك المركزي المشترك بتحديد الشروط لكل من أدوات السياسات تقوم البنوك المركزية الوطنية بتطبيقها بوصفها وكالات للبنك المركزي المشترك،


وعلى سبيل المثال ينبغي أن تكون آليات ومواصفات أية عمليات الإقراض أو الإيداع هي نفسها في كافة الدول الأعضاء فإذا يتولى البنك المركزي المشترك تحديد أسعار الفائدة فلابد من أن تطبق تلك الأسعار نفسها في كافة الدول الأعضاء


وبالمثل لابد من تطابق مواصفات الاحتياطي الإلزامي ـــ مثل نسبة الاحتياط وقاعدة الاحتياط وسعر الفائدة عليها والعقوبات ـــ تطابقا تاما عبر كافة الدول وبصورة عامة ينبغي ان تسمح أدوات السياسة المشتركة بإدارة السياسة النقدية بكفاءة وبأسلوب بسيط وشفاف ومتوافق مع مبادئ السوق بما يساهم في تطوير الأسواق المالية.


الشفافية


وأكدت أن تقييم النجاح في التقارب والالتزام بأهداف السياسة يتطلبان توفر بيانات إحصائية اقتصادية ومالية شفافة وقابلة للمقارنة عبر كل الدول الأعضاء في مجلس التعاون فمن شأن توفر هذه المعلومات للجمهور في الأوقات المناسبة ان يعزز الرقابة الإقليمية والمساهمة في تطبيق سياسات اقتصادية ملائمة وربما الحد من التباعد الاقتصادي الكلي الزائد عبر دول مجلس التعاون،


وبالأخص ينبغي أن تتوفر لواضعي السياسات عند الطلب مفاهيم ومنهجيات وبيانات مالية قابلة للمقارنة، كما يتعين ان تدعم تطبيق القاعدة المالية المقترحة ـــ أو أية قاعدة أخرى ـــ ممارسات جيدة في مجالي الشفافية والمساءلة. كما يتحتم إخضاع مواقف السياسات المالية في كل من دول مجلس التعاون لرقابة متعددة الأطراف من اجل تحقيق الانضباط المالي بين كافة الدول الأعضاء.


وأشارت إلى انه قد يكون من المفيد أن يتم استحداث هيئة إحصائية إقليمية مسؤولة عن تطوير المفاهيم والمنهجيات وتوفير البيانات الموحدة المتناسقة على مستوى مجلس التعاون والتي تقوم بتجميعها السلطات الوطنية موضحة انه باستطاعة الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي المعززة بالقدر الكافي ان تلعب دوراً مهماً في تقوية المعايير الإحصائية بغية توفير معلومات إحصائية شفافة وقابلة للمقارنة عبر كل دول المجلس.


الإصلاحات الهيكلية


وأكدت الدراسة انه سيتعين على دول مجلس التعاون الخليجي تنسيق سياساتها وجعلها متجانسة مع بعضها البعض بغية دعم عملية التكامل وتطوير الأسواق المالية وتحسين كفاءة توزيع الموارد وقدرة عوامل الإنتاج على التنقل كما أن من شأن إصلاح نظم الإعانات الاجتماعية والحوافز تخفيف الإسراف ومعالجة مكامن عدم المرونة في الإنفاق،


كما ينبغي أن تنظر دول مجلس التعاون في اعتماد استراتيجية مشتركة بشأن التملك وحقوق الملكية بما فيها لصالح غير المواطنين وذلك بغية تسهيل وتوسيع مجالات الاستثمار في جميع دول المجلس. ولتحقيق هذه الغاية سيتعين على تلك الدول وضع قواعد واضحة ومتوازنة لكل من المستثمرين المواطنين والأجانب على قدم المساواة، وإزالة الممارسات التنظيمية والضريبية التمييزية وتوفير الضمانات القانونية وحقوق ملكية متساوية.


أبوظبي ـ عبد الفتاح منتصر