عبدالله العذبة
28-06-2008, 08:47 PM
الاقتصاد أم الهوية والوجود؟
كان مجموعة سكان دول مجلس التعاون الخليجي الست سنة 1975 حوالي عشرة ملايين، ونسبة الوافدين للعمل آنذاك 26%، بعد ثلاثين سنة، عام 2006، وصل مجموع سكان تلك الدول إلي خمسة وثلاثين مليوناً ووصلت نسبة الوافدين إلي 53% في ثلاثة عقود تضاعف سكان كل دولة ثلاث مرات ماعدا الإمارات العربية التي تضاعف عدد سكانها ثماني مرات، بينما ارتفعت نسبة الوافدين إلي الضعفين.
لو سارت الزيادة السكانية علي نفس المنوال فسيصل العدد الإجمالي لسكان الدول الست بعد ثلاثين سنة إلي مائة مليون وسيكون عدد الوافدين آنذاك أكثر من ستين مليوناً.
لكن الأمور مرشحة لأن تكون أكثر تعقيداً وخطورة لسببين:
الأول يتمثل في أن الزيادة الحالية والمستقبلية للمداخيل النفطية ستقود إلي زيادة هائلة في وتيرة التنمية الاقتصادية والخدمية والتي بدورها ستحتاج إلي مزيد من العمالة الوافدة للقيام بمتطلبات تلك التنمية.
أما السبب الثاني فيمكن في الهوس الجنوني الحالي لبناء الأبراج الشاهقة ومجمعات سكن الرفاهية الضخمة لاجتذاب الملايين من الأجانب الوافدين وذلك للإقامة شبه الدائمة في ربوع بلداننا، بل إن مدن مجلس التعاون أصبحت تتباري فيما بينها بشأن من يعطي أفضل التسهيلات لمن يرغبون من الأجانب في شراء شقق وبيوت تلك التجمعات للإقامة في تلك المدن هم وعائلاتهم.
وبمعني آخر فقد بدأنا عملية خطرة لتسهيل هجرة استيطانية إلي بلداننا تحت مسمي الاستثمار السياحي، وهي هجرة لن تقل في مضاعفاتها علي المدي المتوسط عن الهجرة الاستيطانية التي ابتلعت فلسطين تحت مسمي تحقيق الوعد الإلهي لليهود.
من هنا فلن يكون مستغرباً أن يصل عدد سكان دول المجلس الست خلال ثلاثين عاماً إلي حوالي مائة وخمسين مليوناً وأن تصبح نسبة الأجانب من الوافدين للعمل والراغبين في الإقامة شبه الدائمة لأسباب مختلفة حوالي 80% من إجمالي السكان، أي حوالي مائة مليون غير مواطن.
هل تبدو الصورة قائمة وأقرب إلي الخيال؟
أبداً إنها قراءة واقعية لما نسير نحوه بخطي حثيثة والذي سيحمل اخطاراً سياسية واقعية لما نسير نحوه بخطي حثيثة والذي سيحمل اخطاراً سياسية واجتماعية وثقافية كارثية، كتب عنها الكثيرون
ما هو الحل؟
هناك ثلاث خطوات يمكن أن تساعد في تخفيف هذه الظاهرة:
أولاً: وجود برنامج تدريبي وإعادة تأهيل لكل المواطنين بصورة دائمة ومكثفة بحيث لا يبقي مواطن عاطل عن العمل بسبب ضعف المؤهلات وبحيث تجري عملية إحلال واسعة لأكبر عدد من الوافدين غير العرب.
ثانياً: هناك حاجة لتفكير استراتيجي بشأن استجلاب عدد كبير من العمالة العربية والاستثمار المكثف في تدريبها ثم توطين الصالح منها، أن نسبة العمالة العربية من إجمالي الوافدين لم تزد عبر كل العقود الماضية عن 25% وهي نسبة ضيئلة.
ثالثاً: الفصل التام بين حق ملكية العقار للأجنبي وحقه في الإقامة شبه الدائمة، ففي الأغلبية الساحقة من دول العالم يستطيع الإنسان الأجنبي أن يشتري ما يشاء من العقار ولكنه لا يحصل علي حق الإقامة المؤقتة أو الدائمة، إلا بتوفر شروط أخري سياسية وثقافية تحافظ علي سلامة وهوية تلك المجتمعات.
عبر القرون دأبت قوي خارجية وداخلية علي قضم أجزاء من الوطن العربي ونجحت في ذلك.
قمة ذلك القضم ما حدث في فلسطين وما يجري من محاولات في السودان والعراق والصومال.
وفي اعتقادي أن محاولة القضم القادمة ستكون في دول مجلس التعاون.
يجب التذكير بأن عدد اليهود في فلسطين في الثلاثينيات في القرن الماضي كان 6% ومع ذلك نجحت عملية الاستيطان الصهيوني، فكيف الحال عندنا والنسب عالية وتدفق غير العرب في ازدياد هائل..
مسؤولو دول الخليج العربي وشعوبها يحتاجون إلي تفكير أكثر من اقتصادي، تفكير يدافع عن الهوية والوجود قبل فوات الأوان.
بقلم : د. علي محمد فخرو
كاتب و مفكر بحريني
المصدر الراية الخميس 26-6-2008 http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=358480&version=1&template_id=24&parent_id=23
كان مجموعة سكان دول مجلس التعاون الخليجي الست سنة 1975 حوالي عشرة ملايين، ونسبة الوافدين للعمل آنذاك 26%، بعد ثلاثين سنة، عام 2006، وصل مجموع سكان تلك الدول إلي خمسة وثلاثين مليوناً ووصلت نسبة الوافدين إلي 53% في ثلاثة عقود تضاعف سكان كل دولة ثلاث مرات ماعدا الإمارات العربية التي تضاعف عدد سكانها ثماني مرات، بينما ارتفعت نسبة الوافدين إلي الضعفين.
لو سارت الزيادة السكانية علي نفس المنوال فسيصل العدد الإجمالي لسكان الدول الست بعد ثلاثين سنة إلي مائة مليون وسيكون عدد الوافدين آنذاك أكثر من ستين مليوناً.
لكن الأمور مرشحة لأن تكون أكثر تعقيداً وخطورة لسببين:
الأول يتمثل في أن الزيادة الحالية والمستقبلية للمداخيل النفطية ستقود إلي زيادة هائلة في وتيرة التنمية الاقتصادية والخدمية والتي بدورها ستحتاج إلي مزيد من العمالة الوافدة للقيام بمتطلبات تلك التنمية.
أما السبب الثاني فيمكن في الهوس الجنوني الحالي لبناء الأبراج الشاهقة ومجمعات سكن الرفاهية الضخمة لاجتذاب الملايين من الأجانب الوافدين وذلك للإقامة شبه الدائمة في ربوع بلداننا، بل إن مدن مجلس التعاون أصبحت تتباري فيما بينها بشأن من يعطي أفضل التسهيلات لمن يرغبون من الأجانب في شراء شقق وبيوت تلك التجمعات للإقامة في تلك المدن هم وعائلاتهم.
وبمعني آخر فقد بدأنا عملية خطرة لتسهيل هجرة استيطانية إلي بلداننا تحت مسمي الاستثمار السياحي، وهي هجرة لن تقل في مضاعفاتها علي المدي المتوسط عن الهجرة الاستيطانية التي ابتلعت فلسطين تحت مسمي تحقيق الوعد الإلهي لليهود.
من هنا فلن يكون مستغرباً أن يصل عدد سكان دول المجلس الست خلال ثلاثين عاماً إلي حوالي مائة وخمسين مليوناً وأن تصبح نسبة الأجانب من الوافدين للعمل والراغبين في الإقامة شبه الدائمة لأسباب مختلفة حوالي 80% من إجمالي السكان، أي حوالي مائة مليون غير مواطن.
هل تبدو الصورة قائمة وأقرب إلي الخيال؟
أبداً إنها قراءة واقعية لما نسير نحوه بخطي حثيثة والذي سيحمل اخطاراً سياسية واقعية لما نسير نحوه بخطي حثيثة والذي سيحمل اخطاراً سياسية واجتماعية وثقافية كارثية، كتب عنها الكثيرون
ما هو الحل؟
هناك ثلاث خطوات يمكن أن تساعد في تخفيف هذه الظاهرة:
أولاً: وجود برنامج تدريبي وإعادة تأهيل لكل المواطنين بصورة دائمة ومكثفة بحيث لا يبقي مواطن عاطل عن العمل بسبب ضعف المؤهلات وبحيث تجري عملية إحلال واسعة لأكبر عدد من الوافدين غير العرب.
ثانياً: هناك حاجة لتفكير استراتيجي بشأن استجلاب عدد كبير من العمالة العربية والاستثمار المكثف في تدريبها ثم توطين الصالح منها، أن نسبة العمالة العربية من إجمالي الوافدين لم تزد عبر كل العقود الماضية عن 25% وهي نسبة ضيئلة.
ثالثاً: الفصل التام بين حق ملكية العقار للأجنبي وحقه في الإقامة شبه الدائمة، ففي الأغلبية الساحقة من دول العالم يستطيع الإنسان الأجنبي أن يشتري ما يشاء من العقار ولكنه لا يحصل علي حق الإقامة المؤقتة أو الدائمة، إلا بتوفر شروط أخري سياسية وثقافية تحافظ علي سلامة وهوية تلك المجتمعات.
عبر القرون دأبت قوي خارجية وداخلية علي قضم أجزاء من الوطن العربي ونجحت في ذلك.
قمة ذلك القضم ما حدث في فلسطين وما يجري من محاولات في السودان والعراق والصومال.
وفي اعتقادي أن محاولة القضم القادمة ستكون في دول مجلس التعاون.
يجب التذكير بأن عدد اليهود في فلسطين في الثلاثينيات في القرن الماضي كان 6% ومع ذلك نجحت عملية الاستيطان الصهيوني، فكيف الحال عندنا والنسب عالية وتدفق غير العرب في ازدياد هائل..
مسؤولو دول الخليج العربي وشعوبها يحتاجون إلي تفكير أكثر من اقتصادي، تفكير يدافع عن الهوية والوجود قبل فوات الأوان.
بقلم : د. علي محمد فخرو
كاتب و مفكر بحريني
المصدر الراية الخميس 26-6-2008 http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=358480&version=1&template_id=24&parent_id=23