Smart
03-07-2008, 02:28 PM
لماذا؟...نحتاج أن نحول أحزاننا إلي حب وعطاء وأمل
مجموعة من البشر مختلفة الأديان والجنسيات والألوان واللغات، اكتظوا في قاعة الكفتيريا التابعة لمستشفي مختص بالحروق والحوادث المميتة في ضواحي فرنسا .
جلست اتأمل الموجودين ، وأراقب حركتهم ، شباب في عمر الزهور يتحركون يمينا" وشمالا" معظمهم يستخدمون كراسي متحركة ويحركونها في مختلف الاتجاهات ، قلة منهم من يمشي علي رجليه .
أجسادهم الغضة ملفوفة بملابس عبارة عن شاش ضاغط ، ووجوههم مغطاة بأقنعة بلاستيكية شفافة تعكس ملامحهم الحزينة من خلفها ، الكل يتحرك دون هوادة ، أظن أن حركتهم المتكررة تبعث الأمل في نفوسهم ، وتعطيهم إيحاء بأنهم أحياء ، أقوياء قادرون علي العيش والعطاء والحب والسلام .
أمعنت النظر في وجوههم ، طريقة اندماجهم ،وتفاعلهم مع بعضهم البعض ألقت مختلف الحواجز بينهم ،فتقاربت المسافات ، وتوحدت اللغات ، وتهاوت الفروقات ،يجمعهم احساس بالألم مشترك وتحية حوار مختصرة (بنجور) تصاحبها ابتسامة مشرقة.
جنسيات مختلفة منهم الفرنسي ، والمغربي ،والجزائري،والبرتغالي ،واللبناني، والانجليزي، والخليجي .
تمنيت وقتها لو أن الناس خارج أسوار هذا المستشفي يلتقون ويتعايشون بنفس الطريقة في عالم تتهاوي فيه الخلافات ،وتختفي منه الاحقاد ، ويسود فيه حب الإنسان للإنسان ،ويعم فيه الحب والخير والسلام .
بينما أنا غارقة في تأملاتي وأمنياتي تلقيت اتصالاً من الدوحة ينقل لي خبر وفاة أخي ورفيق طفولتي وشبابي ،عندها رفعت ناظري فرأيت وجوههم ترمقني ، أدرت وجهي حتي لا تلتقي نظراتي بوجوههم الشاخصة نحوي علني أستطيع إخفاء دمعة حائرة في مقلتي ، وصرخة حزنٍ كادت أن تنطلق من بين شفتي قد تزيد من آلامهم وتبعث الأسي في نفوسهم وتمتمت قائلة بصوت منخفض
رحمة الله عليك يا أخي وعلي روحك الطاهرة ، سنوات عدة وأنت تصارع المرض والمرض يصرعك وأخيرا اختارك الله لجواره ،هذه إرادة الله العلي القدير .
سنوات عصيبة عانيت فيها وقضيتها متنقلاً بين مستشفي حمد ، ومستشفي الأمل ، يتراءي جسدك النحيل المسجي علي السرير أمام ناظري وكأنه جسد طفل صغير، نخره المرض فلم يبق فيه لحم ولا عضل ، صوت أهاتك وأناتك يملأ مسامعي ،أسأل الله العلي القدير الرحمة والمغفرة لك وأن يسكنك فسيح جناته .
اختفت كل الوجوه عدا وجه واحد ظل يحدق في وجهي متسائلاً عن سر صمتي وحزني المفاجئ ، حاولت أن أرسم ابتسامة تبعث الأمل والحب والحياة في نفسه ، وهمست لنفسي قائلة : نستطيع أن نحول أحزاننا حبا يغمر من حولنا بلا حدود .
فريدة العبيدلي
منقول جريدة الرايه
http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=360289&version=1&template_id=24&parent_id=23
مجموعة من البشر مختلفة الأديان والجنسيات والألوان واللغات، اكتظوا في قاعة الكفتيريا التابعة لمستشفي مختص بالحروق والحوادث المميتة في ضواحي فرنسا .
جلست اتأمل الموجودين ، وأراقب حركتهم ، شباب في عمر الزهور يتحركون يمينا" وشمالا" معظمهم يستخدمون كراسي متحركة ويحركونها في مختلف الاتجاهات ، قلة منهم من يمشي علي رجليه .
أجسادهم الغضة ملفوفة بملابس عبارة عن شاش ضاغط ، ووجوههم مغطاة بأقنعة بلاستيكية شفافة تعكس ملامحهم الحزينة من خلفها ، الكل يتحرك دون هوادة ، أظن أن حركتهم المتكررة تبعث الأمل في نفوسهم ، وتعطيهم إيحاء بأنهم أحياء ، أقوياء قادرون علي العيش والعطاء والحب والسلام .
أمعنت النظر في وجوههم ، طريقة اندماجهم ،وتفاعلهم مع بعضهم البعض ألقت مختلف الحواجز بينهم ،فتقاربت المسافات ، وتوحدت اللغات ، وتهاوت الفروقات ،يجمعهم احساس بالألم مشترك وتحية حوار مختصرة (بنجور) تصاحبها ابتسامة مشرقة.
جنسيات مختلفة منهم الفرنسي ، والمغربي ،والجزائري،والبرتغالي ،واللبناني، والانجليزي، والخليجي .
تمنيت وقتها لو أن الناس خارج أسوار هذا المستشفي يلتقون ويتعايشون بنفس الطريقة في عالم تتهاوي فيه الخلافات ،وتختفي منه الاحقاد ، ويسود فيه حب الإنسان للإنسان ،ويعم فيه الحب والخير والسلام .
بينما أنا غارقة في تأملاتي وأمنياتي تلقيت اتصالاً من الدوحة ينقل لي خبر وفاة أخي ورفيق طفولتي وشبابي ،عندها رفعت ناظري فرأيت وجوههم ترمقني ، أدرت وجهي حتي لا تلتقي نظراتي بوجوههم الشاخصة نحوي علني أستطيع إخفاء دمعة حائرة في مقلتي ، وصرخة حزنٍ كادت أن تنطلق من بين شفتي قد تزيد من آلامهم وتبعث الأسي في نفوسهم وتمتمت قائلة بصوت منخفض
رحمة الله عليك يا أخي وعلي روحك الطاهرة ، سنوات عدة وأنت تصارع المرض والمرض يصرعك وأخيرا اختارك الله لجواره ،هذه إرادة الله العلي القدير .
سنوات عصيبة عانيت فيها وقضيتها متنقلاً بين مستشفي حمد ، ومستشفي الأمل ، يتراءي جسدك النحيل المسجي علي السرير أمام ناظري وكأنه جسد طفل صغير، نخره المرض فلم يبق فيه لحم ولا عضل ، صوت أهاتك وأناتك يملأ مسامعي ،أسأل الله العلي القدير الرحمة والمغفرة لك وأن يسكنك فسيح جناته .
اختفت كل الوجوه عدا وجه واحد ظل يحدق في وجهي متسائلاً عن سر صمتي وحزني المفاجئ ، حاولت أن أرسم ابتسامة تبعث الأمل والحب والحياة في نفسه ، وهمست لنفسي قائلة : نستطيع أن نحول أحزاننا حبا يغمر من حولنا بلا حدود .
فريدة العبيدلي
منقول جريدة الرايه
http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=360289&version=1&template_id=24&parent_id=23