المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من كتاب وقفات دستورية د. حسن بن عبدالرحيم السيد : القرآن و الدستور



عبدالله العذبة
07-07-2008, 11:39 AM
القرآن والدستور

يتخذ البعض من عبارة (دستورنا القرآن الكريم) شعاراً، فيردده في المقابلات الفضائية والكتابات الصحفية، وبالرغم من نبل هذا الشعار وعظمته غير إنه لا يستقيم مع المعنى الاصطلاحي لكلمة الدستور، والذي يعني مجموعة القواعد القانونية التي تحدد نظام الحكم في بلدٍ ما وترسم المقومات الأساسية التي ترتكن عليه في الشئون الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وتبين السلطات العامة واختصاصاتها وعلاقة بعضها ببعض وتؤكد على الحقوق والحريات العامة.

إن أول اختلاف بين القرآن الكريم والدستور يتمثل في كون موضوعات القرآن الكريم لا تقتصر على الجوانب التي يعالجها القانون الدستوري فقط بل هي أعم وأشمل.

فآيات القرآن البينات تضم علوماً قانونية أخرى يمكن أن تدرج اليوم ضمن قانون العقوبات كالحدود والقصاص والقانون التجاري كآية الدين وتحريم الربا وقانون الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق ناهيك عن موضوعات لا تدخل أصلاً ضمن نطاق القانون كالعقيدة والعبادات والأخلاق.

إضافة إلى ذلك نرى القرآن الكريم عند بيانه للموضوعات التي يمكن أن تدرج ضمن القانون الدستوري اليوم لم يتعرض للتفاصيل والجزئيات الدقيقة بل اقتصر على التأكيد على المبادئ العامة الأساسية التي تحكم الدساتير كمبادئ الشورى و العدالة والحرية والمساواة والتعاون.

فالحكمة الإلهية اقتضت ترك التفاصيل الدقيقة مثل (الشروط الواجب توافرها في رئيس الدولة أو الوزير أو عضو البرلمان وأساليب اختيارهم واختصاصاتهم وعلاقة السلطات بعضها ببعض والإجراءات العملية وغيرها من التفاصيل) للأمة تنظمها حسب مقتضيات الأحوال وبما يناسب زمانها ومكانها، وذلك رفعاً للحرج عنها، قال تعالى (وما جعل الله عليكم في الدين من حرج)، وقال (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر). وقد أثبت التاريخ حقيقةً إن هذه الجزئيات التفصيلية دائمة التغير والتطور بسبب تغير وتطور الظروف الاجتماعية والتقنية والاقتصادية والسياسية.

ومن الفوارق كذلك بين القرآن الكريم والدستور هو كون القواعد والأحكام المستمدة من القرآن الكريم تتسم بالخلود ولا يمكن أن تتغير بأي حال من الأحوال لأنها ليست من وضع جماعة البشر حتى يجوز لهم التعديل فيها بعكس المبادئ والأحكام والقواعد التي تضمها الدساتير اليوم فهي قابلة للتعديل والتطور بل إن الدساتير ذاتها تنص على الكيفية التي يمكن لأحكامها أو نصوصها أن تعدل والإجراءات التي يجب أن تتبع لذلك.

وللفروقات السابقة يذهب الكثير من أساتذة القانون الدستوري وفقهاء السياسة الشرعية إلى عدم جواز تشبيه القرآن الكريم بالدستور بمعناه الفني الدقيق، ولكن يمكن اعتباره من القواعد فوق الدستورية التي تلتزم الدول الإسلامية باحترامها وعدم الخروج عن نطاقها عند وضع دساتيرها.

وهذا ما فعله المشرع الدستوري القطري حقيقةً إذ لم يخرج عن نطاق المبادئ السامية الواردة في القرآن الكريم.

فمبدأ الشورى مثلاً مؤكد عليه في الدستور الذي يوسع من نطاقه ويقرر الزاميته في مسائل تتعلق بمراقبة أعمال الحكومة وإقرار الميزانية العامة والمشاركة في التشريع.

ومبدأ المساواة مؤكد عليه في الدستور كذلك الذي ينص على تساوي الناس أمام القانون دون تميز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين، كما يكفل الدستور الحريات الشخصية واحترام حقوق الإنسان والعدالة ويضمن حرية الرأي والتعبير والنقد البناء ومخاطبة السلطات العامة.


بقلم : د. حسن بن عبدالرحيم السيد
عميد كلية القانون بجامعة قطر

من كتاب وقفات دستورية - محاولة لنشر الثقافة الدستورية في المجتمع القطري - للدكتور حسن بن عبدالرحيم السيد ص (16-18)

هوامش:
تنص المادة الأولى من النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية، الصادر بالأمر الملكي رقم أ/90 بتاريخ 27/8/1412 للهجرة، على أن (المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولغتها العربية، وعاصمتها مدينة الرياض).
الآية (78) من سورة الحج.
الآية (185) من سورة البقرة.
إسماعيل البدوي، مبادئ القانون الدستوري – دراسة مقارنة بالشريعة -، دار الكتاب الجامعي، القاهرة، 1979، ص 31 – 34

عاشق الشهادة
07-07-2008, 04:48 PM
up




































up

عبدالله العذبة
08-07-2008, 09:08 AM
up

up


الأخ الشهادة لي وفقه الله

ما هو رأيك في ما كتبه د. حسن السيد؟

ألا يوجد قانونييون أو فقهاء في القانون الإسلامي ليثروا الحوار؟