المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرأي الآخر ...من وراء الخلل السكاني، هم أم نحن..؟؟



Bohamad
09-07-2008, 01:01 PM
الرأي الآخر ...من وراء الخلل السكاني، هم أم نحن..؟؟


بقلم الكاتبة / مريم آل سعد :

مشاكل العمالة الوافدة ذات شقين الأول يتعلق بالعاملة في البيوت ويكاد عددها يوازي سكان المنازل، ففي البيوت الكبيرة نجد، خادمات وسائقين وطباخاً وبستانياً وحارساً..!! ولا ننسي حتي العائلات الوافدة لا تستغني عن الخدم..!! وهذه الفئة من عمالة المنازل لهم ثقلهم في البنية السكانية ومشاكلهم. والعمالة الأخري تتفرع إلي شرائح قد تكون راقية كالعاملين في المطاعم والكوفي شوب والباعة في المتاجر والسوبر ماركات ووكالات السيارات والطيران ..الخ، أو التعبانة المسحوقة وهم الغالبية وبالآلاف ويشكلون طبقة العمال،ثم يتبقي لدينا كبار موظفي الدولة من الوافدين سواء كانوا عربا أم أجانب، وهم الطبقة المتعلمة المنتجة، كأطباء ومهندسين ومحامين وإعلاميين وخبراء وفنيين ومديرين إداريين..الخ، وهذه الطبقة هي العمالة المرفهة التي تنال أفضل الأجور والتقدير والامتيازات والاحترام..!! ولا ندري من منهم الذي يهدد البنية السكانية ويسبب الخلل فيها..؟؟

أما الطبقة العمالية الفقيرة المهضومة الحق والأجر أحيانا، المعرضة للخطر بسبب عملها الشاق غير المؤمن ومواجهتها للمجهول كل يوم، والذي لا تتردد في اجتيازه حيث ليس لها بد من سبر غوره، فإنها لا تجد التقدير وتلاحقها نظرات الضيق، بينما يود السكان المحليون بقطع دابرهم من أساسه..!! بمعني يريدون خدماتهم ولا يستغنون عنها ولكنهم يتضايقون من وجودهم ويعتبرونه تهديدا لمواطنتهم، يريدون جهدهم وتسيير اقتصادهم ولكن لا يودون الاختلاط بهم أو الاحتكاك معهم في نفس الوقت، بل وينتابهم الذعر عندما تمر عليهم كوكبة من العمال الذين لا يجدون متنفسا للترويح عن النفس إلا يوم إجازتهم كالجمعة مثلا، ويرونهم حينها في الكورنيش أو منطقة الأسواق، هنا لا ترحمهم العيون ولا القلوب وتتكاثر طلبات إبعادهم وحظر تواجدهم في هذه الأماكن.

ان تسكين هذه العمالة في المنطقة الصناعية يعتبر خطوة حكيمة لخلق مجتمعهم الخاص بعيدا عن استفزاز العائلات والمدنيين العاديين، وبالفعل فان تواجدهم الذي ما زال ساريا في بعض الأحياء القديمة داخل العاصمة ساهم في تشويهها، وامتلائها بناقلاتهم وشاحناتهم التي يضطرون لرصفها أمام بيوتهم وإعاقة المرور في الدهاليز الضيقة، ولأنهم فقراء وكادحون فتكون منازلهم قديمة ومهدمة، ولغلاء إيجارها مع ذلك فإنهم يضطرون للسكن فيها كجماعات، ومن هنا تزداد فوضويتها وقذارتها وضغط مرافقها. وأيضا تعرضها للخطر ويصبح الخطر حينها مضاعفا لوجودهم وسط الأسر الآمنة، وقد كان السبب في الكثير من الحوادث وجود شاحنات توزيع الغاز متروكة في الشارع بين المنازل المكتظة بالبشر ومن ضمنهم هؤلاء العمال الذين شكلوا المتسبب والضحية، حيث تذهب حياتهم أيضا بسبب إهمالهم وجهلهم وعدم إدراكهم بحجم المسئولية الملقاة علي عاتقهم لحساسية التعامل مع الغاز. ولعدم وعيهم بكونه بمثابة قنابل موقوتة بالإمكان انفجارها بمجرد شرارة، كما حدث في مدينة خليفة الجنوبية عندما تسرب الغاز من إحدي الأنابيب التي نسي العامل إغلاقها، ممما أدي إلي انفجار بشع في حي سكني مأهول.

و ان كان يتحول أيضا إلي خطر مخيف عندما يحدث في الكاونتات المعدة لسكنهم في المدينة الصناعية، حيث بإمكان خطأ واحد أن يؤدي لمقتل وحرق مئات العمال، وما أكثر الحرائق والحوادث المتكررة التي تصب في خانة واحدة، الإهمال والجهل وقلة الوعي والتفكير من شدة الإرهاق وانعدام الحرص، وقد تضاءلت رغبة التمسك بحياة بائسة شاقة مؤلمة تزداد من سوء إلي أسوأ، وتمص معها عمرهم وطاقتهم وقدرتهم علي المضي والحلم والأمل.

في أحد شوارع منطقة (مسيمير) توجد يافطة باص كروه معلنة محطة وقوف باصها للالتقاط الركاب، وترتفع اليافطة علي منطقة فضاء شاسعة، في منطقة غير مأهولة مليئة بالحصي والأتربة وربما الزواحف والعقارب لا يمكن رؤيتها بسبب الظلام، الذي يخفف وطأته أنوار السيارات المارقة، ولا توجد كراسي ويحزنك جلوس العمال المرهقين القرفصاء منتظرين مرور الباص، وسط الصخور والنتوءات والقذارة والحشرات والظلام والظروف الجوية الصعبة، كم هي مؤلمة لقمة العيش..!! وفي النهاية نقول الحمد لله لوجود الباص أخيرا رغم كل شيء، ولولاه لحفيت منهم الأقدام وهم يلوحون بأيديهم للسيارات المسرعة، ولا أحد ينتبه لوجودهم أصلا إلا بعد تخطيهم، وقد يفكر فيهم أصحابها هنيهة من الزمن ثم سرعان ما تتلقفهم مشاكلهم الخاصة ويطويهم النسيان. كل فرد منا لا بد أنه رأي في مناسبات كثيرة علي الطرقات الصلدة، هؤلاء العمال في عز الحرارة والشمس الحارقة وهم يؤشرون بأيديهم ويلوحون بأكفهم يتوسلون من يرحمهم، ولكن الرحمة ما زالت في السماء ولم تجد بعد طريقها إلي الأرض..!!

و لكن السؤال، إذا تم الاستغناء عن هذه العمالة كم من الأفراد والعائلات والمؤسسات والمطاعم والمتاجر والمقاولات ومشاريع التنمية والشركات بل القطاع الخاص برمته، كم منهم يستطيع الاستمرار علي قيد الحياة..؟؟

كم مواطن سيرضي أن يقوم بعمل أحد هؤلاء العمال الذين يعاملهم كسقط المتاع، ويلفظهم كأنهم وباء سقط عليه جبرا ويود لو يستأصله من الجذور..؟؟

فعلا هناك دعوة لتقنين استيراد العمالة وتنظيمها، ولكن يجب أن تكون فعالة وسارية في جميع المجالات حتي البيوت والخدم والحشم والسائقين وما إلي ذلك. علي المجتمع أن يتعود علي الاعتماد علي نفسه وتنظيم حياته، والتخلص من الفضلات داخل بيته ثم يلتفت إلي مجتمعه ويعمل أيضا علي غربلة الفوضي الدائرة فيه، ويؤطرها بقدرته علي استيعاب احتياجات بلده ذاتيا، وتلبيتها بمشاركاته وجهوده ليحد من تكاثر الأيدي العاملة غير الضرورية، والتي يساهم من جهة أخري الكثير من المواطنين باستيرادها ثم بعثرتها في البلاد في فوضي أمنية، لقاء إتاوة نقدية، ولا يهمهم ماذا يفعل هذا المكفول المفلوت في المجتمع..؟؟ هل يعمل بشرف وأمانة أم انه ليغطي نفقات كفيله، ويحقق الثراء السريع يعمل بشكل غير قانوني، ويقوم بالسرقة أو النصب والاحتيال والتزوير..؟؟

ان وجود هذه العمالة المتدفقة بشراسة ليس صحيا ولا طبيعيا لمجتمع قليل السكان، ماذا ينتظرون حتي يتعاونوا علي تحقيق احتياجاتهم الأسرية البيتية علي الأقل بالكفاية الذاتية..؟؟

لقد حول الاعتماد المتزايد علي الخدم والسائقين المواطنين بالذات إلي اتكاليين، قد نفهم أن تعتمد السيدة علي السائق بإحضار طلبات المنزل، وشراء قطع الغيار وأخذ السيارة الخاصة إلي الكراج، وتخليص المعاملات في المؤسسات والهيئات، ولكن أن يرمي الرجل ملابسه وسيارته وبطاقته الشخصية ومعاملاته علي السائق ليقوم بكل ذلك، ويتركه يتولي شئون بيته بالإضافة إلي توصيل أبنائه وزوجته ومتابعة طلباتهم، أين مكانه حينها من الإعراب..؟؟ وهل هو مشغول لهذه الدرجة..؟؟ وما الذي يزحمه وأغلبهم يجدون أوقات الفراغ للتسكع مع الرفاق والتلفزيون والنت..؟؟ لقد أخذ السائقون دور الأب ورب البيت ويؤدون واجباته..!!

و أصبحت الخادمات يقمن بوظيفة ربة البيت أيضا التي تفرغت للعناية بنفسها وعلاقاتها الاجتماعية أو الجلوس خلف شاشة الكمبيوتر بالساعات وقد نست حتي أطفالها، وأصبحت البيوت تدار بعقلية الخدم والأبناء يتأثرون بهم، وهل يستغرب بعد ذلك بأن تصبح هذه المعدمة الجاهلة أمهم البديلة التي تعرف أمورهم أكثر من والدتهم البيولوجية.؟؟ بينما الأهل يجرون في الحياة ويتذمرون ويحاكمون الزمن، ولا يدركون بأنهم يساهمون بكل المشاكل المجتمعية التي يرونها في الخارج، لأنها تنبع من داخل بيوتهم، وتصدر من سلوكياتهم، وتكمن في أسلوب إدارتهم الفاشلة لحياتهم.

لا مانع من الاستعانة بالخدم ، والكلمة استعانة ، وليس الاعتماد الكلي الذي يشبه استيراد آلات لا بد من أن يصيب إحداها العطل، وما أكثرها بسبب الإهمال واللامبالاة كأن تترك الخادمة مع السائق ومن يتفرغ لملاحظتهما..؟؟ ثم يتذمر أصحاب البيت بعد أن تحدث الواقعة وينكشف الخطب، أو لا يهتمون ولا بالأمر الذي يخطر علي البال بتقدير حالتها النفسية وملاحظة عدم رضائها عن حالها ووضعها إلا بعد هروبها، وما أكثر الهاربات..!!

بعض البيوت تخصصوا في استيراد الخدم، كل ستة أشهر أو أقل أو أكثر يتم تسفير واحدة واستقدام أخري، والبعض الآخر لا ينتظر أن تتضح الخطوط ويبادر إلي إعادتها لمكتب الاستقدام قبل انتهاء مدة اختبارها. والتلاعب والاستهتار يكون أيضا من المكتب الآخر في البلد الآسيوي الذي يتفق مع خدمه علي الالتزام التام أثناء فترة الاختبار حتي يتم نقل الكفالة وتوثيق أوراق العمل، حينها تظهر الشغالة علي حقيقتها بدون رتوش وقد تكون مضطربة أو قاربت علي سنوات استهلاكها، أو تعاني من ردود فعل شخصية، وعدم القدرة علي الاندماج مما يجعلها في وضعية لا تتحمل العمل والغربة.

هذا الخلل في البنية السكانية، ألا تحتسب العمالة البيتية جزءا منه، ولا يخلو منزل كما قلنا مهما كانت حالتهم الاقتصادية، ومهما كانوا وافدين أو أجانب ، من عمالة تتزايد بالطبع في بيوت المواطنين المقتدرين بحيث تتساوي أحيانا مع عدد سكان المنزل الطبيعيين.

الجميع يعلن ضيقه من وجود الخدم في المنازل، ويودون لو استطاعوا التخلص من عبء وجودهم الكثيف والمتنامي، ولكن ماذا فعلوا ليخففوا من وطأته..؟؟ ان اعتمادهم يزيد أكثر وأكثر، واتكاليتهم تتضخم لدرجة إنهم لا يفعلون شيئا في البيوت سوي الأمر، ولا يستحملون حتي السفر بدون خدمهم، ولا يصرفون أمورهم بدون الاستعانة أو بالأحري برميها عليهم..!!

نتضايق من كثرة الوافدين والأجانب..؟؟ فلنتسلم بلادنا إذا ولنقلل من اتكاليتنا علي الغرباء، لتكن لدينا مؤسسات لرعاية أطفال الموظفات ملحقة بجهات عملهن، لتنهض الأم التي بلا مسئوليات والتي تسمي مجازا ربة بيت بينما الفطور يصلها لطاولتها، لتنهض لترعي أطفالها، ولتأخذ إجازة أمومة لتربيتهم بدون راتب، ذلك الذي تنفقه علي ملابس وعزائم وشكليات لحضور الحفلات من كوافير وماكياج وإكسسوارات لا جدوي منها، ولن تتضمن صفحة واحدة من دفتر علاقتها بأبنائها ومشاركتها لهم. لتقلل الأسر الصغيرة من عليائها ببنائها القصور الشاهقة بينما لا تحتاج لاستعماله منها إلا القليل، والباقي يحتاج الخدم والحشم للتنظيف والترقيع والصيانة، ليكبر أفق أولياء الأمور ولتتولي المرأة القيادة وتتحمل المسئولية، وليخففوا من وجود السائقين ومشاكلهم وأيضا المعاناة التي يتسبب فيها سفرهم. لتنشأ مؤسسات بها خدمة التنظيف بالساعة لمساعدة الأسر بالاستعانة بهم أسبوعيا، للتخفيف من استقدام خادمات يعاملن كجاريات وتتمادي الأسر باستغلالهن دون التفكير بطاقتهن ومحدودية قدراتهن كبشر.

مجتمعنا معوق ولكنه يتبجح بأنه معتدي عليه من الآخرين، يمتص طاقتهم ويرميهم عظاما ويتهمهم بأنهم يسببون الخلل لتركيبته السكانية، بينما لا يستطيع هو الاستغناء عن خدماتهم، والمضي قدما بنجاح وتنظيم بدونهم. كم من مواطن فكر بمزاولة الأعمال الحرة..؟؟ لقد كان الآباء والأجداد في السابق يأنفون من مزاولة الحدادة والنجارة والأعمال اليدوية عامة، وماذا حفظ المستقبل لأبناء هذه المهن..؟؟ لقد أصبحوا أغنياء العصر الحديث وعمالقة الاقتصاد بينما انزوي أبناء العقلية المترفعة في الظلال ولم يؤسسوا إمبراطوريات تجارية، ولا حتي يكفلوا لأبنائهم الوضع الاقتصادي المريح. وما أشبه اليوم بالبارحة، والبلاد تزخر بالفرص الحية التي ينتهزها الأجانب، وهم يسيطرون علي القطاع الخاص، ولم يستولوا عليه عنوة ولكن وجدوه سائبا ومتروكا، وقد التفت أبناء البلاد إلي البحث عن البرستيج والمظاهر والإحساس بالاستعلاء علي من هو أدني.

يا أبناءنا .. اتركوا عنكم الادعاء والمظهرة وشمروا عن أكماكم ، وحققوا نجاحكم بعرق جبينكم، وهنا تستطيعون أن تحموا بلادكم من التدفق الأجنبي، وتحفظوا هويتكم ولغتكم وعاداتكم وتراثكم، ولن تحدوا من تدفق النزف الغريب إلا بالعمل بأيديكم وعقولكم ونواياكم وتواضعكم وتحمل مسؤولياتكم، وتعبئة الفراغات الكثيفة والمسيطرة والمهولة في المهن اليدوية ومجال التصليحات والصيانة والسمكرة وما إليها. وسيبارك الله أرزاقكم ويضاعفها ويملأ حياتكم النفسية بالرضا والانفتاح علي عوالم التأمل والاكتشاف. وليس بالاحتجاج والتنديد والاحباط، واستشعار التهديد دون محاسبة النفس أولا ومواجهة الواقع، ان ذلك اسمه ادعاء الوطنية وليس وطنية حقة، وللحديث بقية الأسبوع القادم.


مقال يستحق القراءة

الوعد2016
09-07-2008, 03:45 PM
بصراحه المقال ممتاز والكاتبه غنيه عن التعريف
مشكور على النقل

Bohamad
09-07-2008, 05:50 PM
بصراحه المقال ممتاز والكاتبه غنيه عن التعريف
مشكور على النقل

مافي داعي للشكر والشكر موصول للكاتبة الكبيرة ...
فهذا الموضوع شامل بكل جوانبه لمافيه من وصف كامل للحالة الاجتماعية الراهنة ، وايضا وضحت الكاتبة امور كثيرة ذات اهمية منها العمالة الوافدة ومالها من سلبيات وايجابيات في نفس الوقت والعلاقة بين افراد المجتمع وهذه العمالة الوافدة وايضا مكان تواجد هذه العمالة وماله من سلبيات على المجتمع ( اقصد تواجدهم داخل الاحياء السكنية ) وايضا طرحت ماهو البديل في حالة الاستغناء عن العمالة الوافدة ، وامور كثيرة وهامة في الموضوع .