عبدالله العذبة
10-07-2008, 12:06 PM
أهي نهاية الليبرالية الجديدة؟
جوزيف إي. ستيغليتز :
نيويورك
إن العالم لم يكن كريماً مع الليبرالية الجديدة، تلك المجموعة المتنوعة من الأفكار القائمة علي فكرة أساسية تزعم أن الأسواق قادرة علي تصحيح ذاتها، وتخصيص الموارد بكفاءة، وخدمة مصالح عامة الناس.
وكانت أصولية السوق هذه بمثابة الأساس لأفكار ونظريات تاتشر وريغان وما أطلق عليه "إجماع واشنطن"، لصالح الخصخصة، والتحرير، والبنوك المركزية المستقلة التي تركز علي التضخم ولا شيء غير التضخم.
ولربع قرن من الزمان دارت منافسة عنيفة بين الدول النامية، وكان الطرف الخاسر في هذه المنافسة واضحاً: إذ إن الدول التي تبنت الليبرالية الجديدة لم تخسر سباق النمو فحسب؛ بل إنها حين حققت نمواً ذهبت الفوائد علي نحو غير متكافئ إلي هؤلاء المتربعين علي القمة.
رغم أن الليبراليين الجدد لا يريدون أن يعترفوا بهذا، إلا أن إيديولوجيتهم فشلت أيضاً في اجتياز اختبار آخر.
فلا أحد يستطيع أن يزعم أن الأسواق المالية قامت بعمل ممتاز فيما يتصل بتخصيص الموارد في أواخر تسعينيات القرن العشرين، حيث استغرقت 97% من الاستثمارات في الألياف البصرية أعواماً قبل أن تري النور.
بيد أن ذلك الخطأ أدي علي نحو غير مقصود إلي فائدة ما: فمع استمرار تكاليف الاتصالات في الانخفاض، أصبحت الهند والصين أكثر اندماجاً في الاقتصاد العالمي.
ولكن من الصعب أن نتبين مثل هذه الفوائد في مقابل الخطأ الهائل في توجيه الموارد نحو الإسكان.
فالمساكن المنشأة حديثاً لصالح الأسر التي لم يكن بوسعها تحمل أسعارها من قبل تحولت إلي خرائب بعد إرغام الملايين من الأسر علي الخروج من مساكنها، وفي بعض المجتمعات تدخلت الحكومات أخيراً لإزالة البقايا.
وفي مجتمعات أخري انتشرت المحنة علي نطاق واسع.
وعلي هذا فحتي المواطنون النموذجيون، الذين توخوا الحذر والتعقل في الاقتراض واحتفظوا بمساكنهم، اكتشفوا الآن أن السوق قلصت من قيمة مساكنهم إلي حد ما كانوا ليتخيلوه في أسوأ كوابيسهم.
لا شك أن الاستثمارات في سوق العقار جلبت بعض الفوائد في الأمد القصير: حيث تمتع بعض الأمريكيين (ربما لبضعة أشهر فقط) بلذة ملكية المسكن والحياة في بيت أكبر مما كانت مواردهم لتسمح لهم به.
ولكن ماذا كان الثمن الذي تحمله هؤلاء والذي تحمله اقتصاد العالم؟ إن الملايين سوف يخسرون مدخراتهم التي جمعوها طيلة حياتهم فضلاً عن مساكنهم.
كما أدي حبس الرهن العقاري إلي التعجيل بحدوث تباطؤ اقتصادي عالمي.
والآن أصبح هناك إجماع متزايد علي السيناريو المحتمل: والذي يتلخص في اتساع دورة الهبوط هذه واستمرارها لمدة طويلة.
فضلاً عن ذلك فإن السوق لم تجهزنا بشكل جيد للارتفاع الهائل في أسعار النفط والغذاء.
بطبيعة الحال، لا يصلح أي من هذين القطاعين كمثال لاقتصاد السوق الحرة، إلا أن هذا مجرد جزء من الأمر: فقد استُخدِمت اللغة الخطابية المرتبطة بالسوق الحرة علي نحو انتقائي فكان المديح حين تخدم بعض المصالح الخاصة، والذم حين لا تخدم تلك المصالح.
ربما كان من بين الفضائل القليلة لإدارة جورج دبليو بوش أن الفجوة بين لغتها الخطابية والواقع كانت أضيق مما كانت عليه أثناء ولاية رونالد ريغان.
فرغم لغة التجارة الحرة التي تبناها ريغان، إلا أنه منح نفسه مطلق الحرية في فرض القيود، بما في ذلك قيود التصدير "الطوعية" سيئة السمعة التي فرضها علي السيارات.
كانت السياسات التي تبناها بوش أسوأ، إلا أن الدرجة التي خدم بها المؤسسات العسكرية والصناعية الأميركية كانت أكثر وضوحاً.
والمرة الوحيدة التي تحولت فيها إدارة بوش إلي السياسات الخضراء، كانت حين اتصل الأمر بدعم الإيثانول، الذي تدور الشكوك حول الفوائد البيئية المترتبة عليه.
وما زالت التشوهات في سوق الطاقة مستمرة (بسبب النظام الضريبي بصورة خاصة)، ولو كان بوش تمكن من الإفلات بفعلته كانت الأمور لتتفاقم سوءاً.
إن هذا الخليط من خطابة السوق الحرة والتدخلات الحكومية لم يعمل لمصلحة الدول النامية بأي حال من الأحوال.
فقد طُلِب من تلك الدول أن تتوقف عن الاستثمار في الزراعة، الأمر الذي أدي إلي تعريض مزارعيها لمنافسة مهلكة من جانب الولايات المتحدة وأوروبا.
وربما كان بوسع مزارعيها أن يتنافسوا مع المزارعين الأميركيين والأوروبيين، ولكنهم ما كانوا ليتمكنوا بأي حال من منافسة الإعانات التي يحصل عليها المزارعون في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وعلي هذا فلم يكن من المدهش أن تضمحل الاستثمارات الزراعية في الدول النامية وتتسع فجوة الغذاء.
إن هؤلاء الذين نشروا هذه النصيحة المضللة ليسوا مضطرين للحصول علي وثائق تأمين ضد الخطأ في مزاولة المهنة.
إذ أن كل التكاليف سوف يتحملها هؤلاء في الدول النامية، والفقراء منهم بصورة خاصة.
ولسوف يشهد هذا العام ارتفاعاً ضخماً في معدلات الفقر، وخاصة إذا ما قمنا بقياس هذه المعدلات علي النحو السليم.
الأمر ببساطة كالتالي: علي الرغم من الوفرة التي يشهدها العالم، إلا أن كثيرا من بلدان العالم النامي ما زالت عاجزة عن تحمل الحد الأدني من متطلبات التغذية.
وفي العديد من البلدان سوف تخلف الزيادات في أسعار الغذاء والطاقة تأثيرات مدمرة بصورة خاصة علي الفقراء، وذلك لأن هذين البندين يشكلان الحصة الأضخم من إنفاق الفقراء.
لقد بات الغضب ملموساً واضحاً في مختلف أنحاء العالم.
وليس من المدهش أن يتحمل المضاربون قدراً ضخماً من الغضب.
إلا أن المضاربين يزعمون أنهم ليسوا السبب وراء المشكلة؛ وأنهم ببساطة يزاولون عملهم في "استكشاف الأسعار"، إلا أن الوقت تأخر قليلاً كي يتمكنوا من علاج المشكلة علي أي نحو هذا العام، كما زعموا أن السبب الأساسي يرجع إلي الندرة.
إلا أن هذا الزعم مخادع وخبيث.
إذ أن التوقعات بارتفاع وتقلب الأسعار يشجع مئات الملايين من المزارعين علي توخي الحذر واتخاذ التدابير الاحتياطية.
فقد يكسبون المزيد من المال إذا ما عمدوا إلي تخزين قدر ضئيل من محاصيلهم اليوم لبيعها في وقت لاحق؛ وإذا لم يفعلوا ذلك فلن يتمكنوا من تحمل النفقات إذا جاءت محاصيل العام القادم أقل من المأمول.
إن حجب نسبة ضئيلة من الحبوب عن السوق بواسطة مئات الملايين من المزارعين في مختلف أنحاء العالم لابد وأن يشكل في النهاية حصيلة ضخمة للغاية.
يريد أنصار أصولية السوق أن يحولوا أصبع الاتهام نحو فشل الحكومات بدلاً من إخفاق السوق.
يقول أحد كبار المسئولين في الصين إن المشكلة تتلخص في تقاعس حكومة الولايات المتحدة عن مساعدة الأمريكيين من ذوي الدخول الضئيلة في الاحتفاظ بمساكنهم.
وأنا أتفق معه في الرأي، إلا أن هذا لا يغير حقيقة واضحة: ألا وهي أن بنوك الولايات المتحدة أساءت إدارة المجازفة علي نحو مروع، الأمر الذي خلف عواقب سيئة علي مستوي العالم، بينما رحل هؤلاء الذين أداروا هذه المؤسسات وقد حملوا معهم المليارات من الدولارات علي سبيل التعويض!
اليوم، هناك مزاوجة غير ملائمة بين المنافع الاجتماعية والخاصة.
وما لم يتم تصحيح هذا الخطأ فلن يفلح نظام السوق في مزاولة عمله بنجاح.
كانت أصولية السوق لدي الليبراليين الجدد دوماً عبارة عن مبدأ سياسي يخدم مصالح معينة، ولم تكن هذه الأصولية مدعومة قط بأي نظرية اقتصادية.
ومن الواضح الآن أنها لم تكن مدعومة أيضاً بأي تجربة تاريخية سابقة.
إن الاستفادة من هذا الدرس قد تكون الخير المستتر الوحيد الذي تحمله في طياتها هذه السحابة المخيمة علي الاقتصاد العالمي.
جوزيف إي. ستيغليتز أستاذ بجامعة كولومبيا، وحائز علي جائزة نوبل للاقتصاد في العام 2001، كما اشترك مع ليندا بيلمز في تأليف كتاب حرب التريليونات الثلاثة: التكاليف الحقيقية للصراع في العراق .
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2008 .
www.project-syndicate.org
ترجمة: إبراهيم محمد علي Translated by: Ibrahim M. Ali
المصدر الراية 10-7-2008 http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=362404&version=1&template_id=24&parent_id=23
جوزيف إي. ستيغليتز :
نيويورك
إن العالم لم يكن كريماً مع الليبرالية الجديدة، تلك المجموعة المتنوعة من الأفكار القائمة علي فكرة أساسية تزعم أن الأسواق قادرة علي تصحيح ذاتها، وتخصيص الموارد بكفاءة، وخدمة مصالح عامة الناس.
وكانت أصولية السوق هذه بمثابة الأساس لأفكار ونظريات تاتشر وريغان وما أطلق عليه "إجماع واشنطن"، لصالح الخصخصة، والتحرير، والبنوك المركزية المستقلة التي تركز علي التضخم ولا شيء غير التضخم.
ولربع قرن من الزمان دارت منافسة عنيفة بين الدول النامية، وكان الطرف الخاسر في هذه المنافسة واضحاً: إذ إن الدول التي تبنت الليبرالية الجديدة لم تخسر سباق النمو فحسب؛ بل إنها حين حققت نمواً ذهبت الفوائد علي نحو غير متكافئ إلي هؤلاء المتربعين علي القمة.
رغم أن الليبراليين الجدد لا يريدون أن يعترفوا بهذا، إلا أن إيديولوجيتهم فشلت أيضاً في اجتياز اختبار آخر.
فلا أحد يستطيع أن يزعم أن الأسواق المالية قامت بعمل ممتاز فيما يتصل بتخصيص الموارد في أواخر تسعينيات القرن العشرين، حيث استغرقت 97% من الاستثمارات في الألياف البصرية أعواماً قبل أن تري النور.
بيد أن ذلك الخطأ أدي علي نحو غير مقصود إلي فائدة ما: فمع استمرار تكاليف الاتصالات في الانخفاض، أصبحت الهند والصين أكثر اندماجاً في الاقتصاد العالمي.
ولكن من الصعب أن نتبين مثل هذه الفوائد في مقابل الخطأ الهائل في توجيه الموارد نحو الإسكان.
فالمساكن المنشأة حديثاً لصالح الأسر التي لم يكن بوسعها تحمل أسعارها من قبل تحولت إلي خرائب بعد إرغام الملايين من الأسر علي الخروج من مساكنها، وفي بعض المجتمعات تدخلت الحكومات أخيراً لإزالة البقايا.
وفي مجتمعات أخري انتشرت المحنة علي نطاق واسع.
وعلي هذا فحتي المواطنون النموذجيون، الذين توخوا الحذر والتعقل في الاقتراض واحتفظوا بمساكنهم، اكتشفوا الآن أن السوق قلصت من قيمة مساكنهم إلي حد ما كانوا ليتخيلوه في أسوأ كوابيسهم.
لا شك أن الاستثمارات في سوق العقار جلبت بعض الفوائد في الأمد القصير: حيث تمتع بعض الأمريكيين (ربما لبضعة أشهر فقط) بلذة ملكية المسكن والحياة في بيت أكبر مما كانت مواردهم لتسمح لهم به.
ولكن ماذا كان الثمن الذي تحمله هؤلاء والذي تحمله اقتصاد العالم؟ إن الملايين سوف يخسرون مدخراتهم التي جمعوها طيلة حياتهم فضلاً عن مساكنهم.
كما أدي حبس الرهن العقاري إلي التعجيل بحدوث تباطؤ اقتصادي عالمي.
والآن أصبح هناك إجماع متزايد علي السيناريو المحتمل: والذي يتلخص في اتساع دورة الهبوط هذه واستمرارها لمدة طويلة.
فضلاً عن ذلك فإن السوق لم تجهزنا بشكل جيد للارتفاع الهائل في أسعار النفط والغذاء.
بطبيعة الحال، لا يصلح أي من هذين القطاعين كمثال لاقتصاد السوق الحرة، إلا أن هذا مجرد جزء من الأمر: فقد استُخدِمت اللغة الخطابية المرتبطة بالسوق الحرة علي نحو انتقائي فكان المديح حين تخدم بعض المصالح الخاصة، والذم حين لا تخدم تلك المصالح.
ربما كان من بين الفضائل القليلة لإدارة جورج دبليو بوش أن الفجوة بين لغتها الخطابية والواقع كانت أضيق مما كانت عليه أثناء ولاية رونالد ريغان.
فرغم لغة التجارة الحرة التي تبناها ريغان، إلا أنه منح نفسه مطلق الحرية في فرض القيود، بما في ذلك قيود التصدير "الطوعية" سيئة السمعة التي فرضها علي السيارات.
كانت السياسات التي تبناها بوش أسوأ، إلا أن الدرجة التي خدم بها المؤسسات العسكرية والصناعية الأميركية كانت أكثر وضوحاً.
والمرة الوحيدة التي تحولت فيها إدارة بوش إلي السياسات الخضراء، كانت حين اتصل الأمر بدعم الإيثانول، الذي تدور الشكوك حول الفوائد البيئية المترتبة عليه.
وما زالت التشوهات في سوق الطاقة مستمرة (بسبب النظام الضريبي بصورة خاصة)، ولو كان بوش تمكن من الإفلات بفعلته كانت الأمور لتتفاقم سوءاً.
إن هذا الخليط من خطابة السوق الحرة والتدخلات الحكومية لم يعمل لمصلحة الدول النامية بأي حال من الأحوال.
فقد طُلِب من تلك الدول أن تتوقف عن الاستثمار في الزراعة، الأمر الذي أدي إلي تعريض مزارعيها لمنافسة مهلكة من جانب الولايات المتحدة وأوروبا.
وربما كان بوسع مزارعيها أن يتنافسوا مع المزارعين الأميركيين والأوروبيين، ولكنهم ما كانوا ليتمكنوا بأي حال من منافسة الإعانات التي يحصل عليها المزارعون في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وعلي هذا فلم يكن من المدهش أن تضمحل الاستثمارات الزراعية في الدول النامية وتتسع فجوة الغذاء.
إن هؤلاء الذين نشروا هذه النصيحة المضللة ليسوا مضطرين للحصول علي وثائق تأمين ضد الخطأ في مزاولة المهنة.
إذ أن كل التكاليف سوف يتحملها هؤلاء في الدول النامية، والفقراء منهم بصورة خاصة.
ولسوف يشهد هذا العام ارتفاعاً ضخماً في معدلات الفقر، وخاصة إذا ما قمنا بقياس هذه المعدلات علي النحو السليم.
الأمر ببساطة كالتالي: علي الرغم من الوفرة التي يشهدها العالم، إلا أن كثيرا من بلدان العالم النامي ما زالت عاجزة عن تحمل الحد الأدني من متطلبات التغذية.
وفي العديد من البلدان سوف تخلف الزيادات في أسعار الغذاء والطاقة تأثيرات مدمرة بصورة خاصة علي الفقراء، وذلك لأن هذين البندين يشكلان الحصة الأضخم من إنفاق الفقراء.
لقد بات الغضب ملموساً واضحاً في مختلف أنحاء العالم.
وليس من المدهش أن يتحمل المضاربون قدراً ضخماً من الغضب.
إلا أن المضاربين يزعمون أنهم ليسوا السبب وراء المشكلة؛ وأنهم ببساطة يزاولون عملهم في "استكشاف الأسعار"، إلا أن الوقت تأخر قليلاً كي يتمكنوا من علاج المشكلة علي أي نحو هذا العام، كما زعموا أن السبب الأساسي يرجع إلي الندرة.
إلا أن هذا الزعم مخادع وخبيث.
إذ أن التوقعات بارتفاع وتقلب الأسعار يشجع مئات الملايين من المزارعين علي توخي الحذر واتخاذ التدابير الاحتياطية.
فقد يكسبون المزيد من المال إذا ما عمدوا إلي تخزين قدر ضئيل من محاصيلهم اليوم لبيعها في وقت لاحق؛ وإذا لم يفعلوا ذلك فلن يتمكنوا من تحمل النفقات إذا جاءت محاصيل العام القادم أقل من المأمول.
إن حجب نسبة ضئيلة من الحبوب عن السوق بواسطة مئات الملايين من المزارعين في مختلف أنحاء العالم لابد وأن يشكل في النهاية حصيلة ضخمة للغاية.
يريد أنصار أصولية السوق أن يحولوا أصبع الاتهام نحو فشل الحكومات بدلاً من إخفاق السوق.
يقول أحد كبار المسئولين في الصين إن المشكلة تتلخص في تقاعس حكومة الولايات المتحدة عن مساعدة الأمريكيين من ذوي الدخول الضئيلة في الاحتفاظ بمساكنهم.
وأنا أتفق معه في الرأي، إلا أن هذا لا يغير حقيقة واضحة: ألا وهي أن بنوك الولايات المتحدة أساءت إدارة المجازفة علي نحو مروع، الأمر الذي خلف عواقب سيئة علي مستوي العالم، بينما رحل هؤلاء الذين أداروا هذه المؤسسات وقد حملوا معهم المليارات من الدولارات علي سبيل التعويض!
اليوم، هناك مزاوجة غير ملائمة بين المنافع الاجتماعية والخاصة.
وما لم يتم تصحيح هذا الخطأ فلن يفلح نظام السوق في مزاولة عمله بنجاح.
كانت أصولية السوق لدي الليبراليين الجدد دوماً عبارة عن مبدأ سياسي يخدم مصالح معينة، ولم تكن هذه الأصولية مدعومة قط بأي نظرية اقتصادية.
ومن الواضح الآن أنها لم تكن مدعومة أيضاً بأي تجربة تاريخية سابقة.
إن الاستفادة من هذا الدرس قد تكون الخير المستتر الوحيد الذي تحمله في طياتها هذه السحابة المخيمة علي الاقتصاد العالمي.
جوزيف إي. ستيغليتز أستاذ بجامعة كولومبيا، وحائز علي جائزة نوبل للاقتصاد في العام 2001، كما اشترك مع ليندا بيلمز في تأليف كتاب حرب التريليونات الثلاثة: التكاليف الحقيقية للصراع في العراق .
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2008 .
www.project-syndicate.org
ترجمة: إبراهيم محمد علي Translated by: Ibrahim M. Ali
المصدر الراية 10-7-2008 http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=362404&version=1&template_id=24&parent_id=23