al-fahad
14-07-2008, 08:54 PM
بقلم :د. محمد سلمان العبودي
نشرت مجلة «السياسة الخارجية» الأميركية بالاشتراك مع صندوق السلام تقريراً يضع فيه سبع دول (عربية) ضمن المراكز الأربعين الأولى بقائمة الدول «الفاشلة»! على رأس القائمة نجد: الصومال في المركز الأول (مبروك)، و السودان (المركز الثاني ـ الوصيف الأول). مبروك بنسبة أقل، والعراق في المرتبة الخامسة، ولبنان في المركز الثامن، واليمن المركز 21، وسوريا: المركز 35، ومصر: المركز 40.
وهكذا من بين 22 دولة عربية ومسلمة هناك 7 دول احتلت المراكز الأولى على رأس قائمة الدول الفاشلة. بينما إسرائيل في المرتبة 58. بالطبع هذا التقييم اعتمد على عدة مؤشرات اقتصادية واجتماعية وسياسية بل وحتى عسكرية قابلة للنقاش.
بغض النظر عن الاعتبارات الموضوعة والمؤشرات التي اعتمدت عليها هذه المؤسسة لتقييم فشل دولة ونجاح أخرى، ومدى موضوعية التقييم، إلا أن مجرد وجود نشرة عالمية حتى ولو كانت صادرة من قبل أعداء الأمة العربية والإسلامية تضع 7 دول عربية على رأس القائمة، أمر يستحق التوقف قليلاً، لماذا؟
لأن الدول العربية التي احتلت رأس القائمة تمثل أولاً المراكز الأولى على قائمة الحضارات في تاريخ الشعوب والتي سادت وحكمت العالم ثم تراجعت مع مرور الزمن ولكنها لم تنته من الوجود: مصر والعراق وسوريا ولبنان واليمن. ثانياً، هذه الدول بالذات، من بين الدول العربية والإسلامية الأخرى، تملك من المقومات الاقتصادية العملاقة ما لا تحظى به أية دولة أخرى في العالم.
النفط والزراعة والسياحة والمساحات الشاسعة والموقع الاستراتيجي المتميز ومصادر المياه المختلفة والتنوع الجغرافي والبحار. ثالثاً، معظم هذه الدول لديها من المتعلمين والمثقفين والخبراء في مختلف المجالات العلمية ما لا تملكه أي دولة أخرى لم تدرج ضمن تلك القائمة.
فإمكانيات مصر الاقتصادية والاجتماعية والجغرافية تفوق بكثير ما تملكه اليابان. فكيف تفوقت اليابان على معظم دول العالم وأصبحت تزاحم أخطر الدول المتقدمة في مجال الصناعة؟ وإسرائيل، أحدث دويلة على سطح الأرض، كيف تخطت كل هذه الخطوط لتقف في مصاف الدول الصناعية.
وتأتي لأول مرة في المرتبة 58 من القائمة؟ لقد خرجت اليابان التي كادت أن تمسح من على وجه الأرض والشعب الألماني الذي هزم شر هزيمة بل أوروبا بأكملها التي خرجت بعد 4 سنوات فقط من الحرب إلى كتل من الركام وهي منهكة ذهنياً وجسدياً ومادياً وعسكرياً واقتصادياً وسياسياً...
كيف استطاعت هذه الشعوب التي لا نختلف معها إلا في اللغة، كيف تحولت في غضون أربعين سنة إلى بعبع اقتصادي صناعي بنظام اجتماعي سياسي متطور جداً وبأساطيل تنتشر في شتى أنحاء المحيطات تفرض من خلالها كلمتها على كل من يقف في وجهها أو يهدد مصالحها الحيوية؟
ونحن نجد أنفسنا اليوم مع أهم الدول العربية نقف على رأس قائمة الدول «الفاشلة» في العالم! هناك أسباب كثيرة بالطبع جعلتنا في مقدمة الدول الفاشلة وفي ذيل الدول المتحضرة. وأهم هذه الأسباب، هي أن المصلحة الخاصة فاقت ومازالت تفوق بمراحل كثيرة المصلحة العامة لدينا. ما ساعد على انتشار الفساد من الرتب العليا للدنيا، والفساد أدى بالطبع إلى اختلال النظام. وعندما يختل نظام أي آلة من الآلات تفسد.
ثانياً، هناك نوع من عدم الاكتراث بالاستفادة من الخبرات الموجودة على الأرض أو تهجيرها أو محاربتها. هناك أكثر من 000,600 خبير ومبدع مصري يعملون خارج مصر نفسها، منهم 000,60 في اليونان! ووفق إحصائية أخرى فإن 50% من الأطباء العرب و23% من المهندسين و 15؟ من العلماء هاجروا إما إلى الولايات المتحدة الأميركية أو كندا.
أسباب هجرة العقول العربية عديدة، ولكن أول الأسباب المردود المادي وصعوبة الحصول على وظيفة مناسبة. ويغيب عن بال الجهاز الإداري والاقتصادي في دولنا بأن استثمار تلك الخبرات سيعود على المؤسسة التي تستثمره بعائد يفوق مئات المرات ما يتسلمه من راتب شهري. ولكن يبدو أن عقدة الراتب تمثل هاجساً للمستثمر العربي دون أن يضع في حساباته المردود المادي الكبير من استثمار مثل هذه الخبرات المحلية. ويبدو أن معظم مؤسساتنا باجتهاد ومغامرة فردية لا تعتمد على بيوت الخبرة في دراسة المؤسسات التي تنشئها.
ثالثاً، اللجوء إلى الكسل والتواكل والاعتماد على الله في كل شيء حتى في توصيل رغيف الخبز إلى أفواهنا الجائعة. هناك نوع من اليأس الشديد والإحباط الذي له بالتأكيد أسبابه. هناك انعدام للدافع. وإلا فكيف نفسر أن لا نرى في أسواقنا أي منتج زراعي مستورد من السودان وهي الأرض التي حباها الله بمقومات زراعية غير محدودة، بدءاً من التربة الخصبة إلى مياه النيل الذي لا ينضب؟ لا أحد يعرف.
لماذا تمتلئ أسواقنا بالتفاح الأميركي والفرنسي والصيني بينما ثلاثة أرباع صندوق الفواكه العربية فاسدة أو متعفنة وغير صالحة حتى للبهائم؟ لماذا تصبح صناعاتنا مرفوضة محلياً ودولياً؟ فقد اشترى أحدهم لأحد أطفاله لعبة صغيرة من أسواق إحدى الدول العربية دون ذكر اسمها وكنت شاهداً على هذه الواقعة، وفوجئنا أنها صناعة عربية فطرنا فرحاً بذلك، لكن فرحتنا لم تدم أكثر من ساعة واحدة وهي الفترة الزمنية التي استطاعت فيها تلك اللعبة أن تقاوم العطب!
هذا مجرد مثل من بين أمثال أخرى تجعلنا بطبيعة الحال نقف على رأس الدول الفاشلة في العالم. نصنع، لا شك، ولكن في كثير من الأحيان صناعاتنا تفتقد إلى الجودة والمنافسة. نحكم، نعم، ولكن دون أن يتدخل المواطن في الجهر برأيه حتى ولو كان نائباً في البرلمان منتخباً من قبل الشعب، حتى لا يتهم بمحاولة المساس بأمن الدولة. نزرع، نعم نزرع ولكن لما يسد حاجة القرية دون الطموح إلى غزو الأسواق الخارجية. نحارب، بالطبع، فهي سمة من سماتنا الدائمة. ولكن نحارب من؟ أنفسنا.....
نحن لسنا متخلفين كما قد يتصورنا أو يصورنا البعض، ولسنا أقل إمكانيات من الآخرين، ولكن ينقصنا التنظيم والأريحية والإرادة القوية والتصميم والتضحية وبعد النظر وتغليب المصلحة العامة على الخاصة. كل واحد منا يعيش لنفسه ويكافح لتأمين مستقبله دون أن يهتم بمستقبل من حوله. وهكذا نعيش: مكانك سر، بينما العالم يتقدم في كافة المجالات بسرعات تفوق سرعة الضوء....
المهم، مبروك علينا المراكز الأولى في قائمة الدول «الفاشلة» ـ اليوم على الأقل نستطيع أن نفاخر بأننا في مراكز متقدمة في شيء ما، حتى في الفشل؟
نشرت مجلة «السياسة الخارجية» الأميركية بالاشتراك مع صندوق السلام تقريراً يضع فيه سبع دول (عربية) ضمن المراكز الأربعين الأولى بقائمة الدول «الفاشلة»! على رأس القائمة نجد: الصومال في المركز الأول (مبروك)، و السودان (المركز الثاني ـ الوصيف الأول). مبروك بنسبة أقل، والعراق في المرتبة الخامسة، ولبنان في المركز الثامن، واليمن المركز 21، وسوريا: المركز 35، ومصر: المركز 40.
وهكذا من بين 22 دولة عربية ومسلمة هناك 7 دول احتلت المراكز الأولى على رأس قائمة الدول الفاشلة. بينما إسرائيل في المرتبة 58. بالطبع هذا التقييم اعتمد على عدة مؤشرات اقتصادية واجتماعية وسياسية بل وحتى عسكرية قابلة للنقاش.
بغض النظر عن الاعتبارات الموضوعة والمؤشرات التي اعتمدت عليها هذه المؤسسة لتقييم فشل دولة ونجاح أخرى، ومدى موضوعية التقييم، إلا أن مجرد وجود نشرة عالمية حتى ولو كانت صادرة من قبل أعداء الأمة العربية والإسلامية تضع 7 دول عربية على رأس القائمة، أمر يستحق التوقف قليلاً، لماذا؟
لأن الدول العربية التي احتلت رأس القائمة تمثل أولاً المراكز الأولى على قائمة الحضارات في تاريخ الشعوب والتي سادت وحكمت العالم ثم تراجعت مع مرور الزمن ولكنها لم تنته من الوجود: مصر والعراق وسوريا ولبنان واليمن. ثانياً، هذه الدول بالذات، من بين الدول العربية والإسلامية الأخرى، تملك من المقومات الاقتصادية العملاقة ما لا تحظى به أية دولة أخرى في العالم.
النفط والزراعة والسياحة والمساحات الشاسعة والموقع الاستراتيجي المتميز ومصادر المياه المختلفة والتنوع الجغرافي والبحار. ثالثاً، معظم هذه الدول لديها من المتعلمين والمثقفين والخبراء في مختلف المجالات العلمية ما لا تملكه أي دولة أخرى لم تدرج ضمن تلك القائمة.
فإمكانيات مصر الاقتصادية والاجتماعية والجغرافية تفوق بكثير ما تملكه اليابان. فكيف تفوقت اليابان على معظم دول العالم وأصبحت تزاحم أخطر الدول المتقدمة في مجال الصناعة؟ وإسرائيل، أحدث دويلة على سطح الأرض، كيف تخطت كل هذه الخطوط لتقف في مصاف الدول الصناعية.
وتأتي لأول مرة في المرتبة 58 من القائمة؟ لقد خرجت اليابان التي كادت أن تمسح من على وجه الأرض والشعب الألماني الذي هزم شر هزيمة بل أوروبا بأكملها التي خرجت بعد 4 سنوات فقط من الحرب إلى كتل من الركام وهي منهكة ذهنياً وجسدياً ومادياً وعسكرياً واقتصادياً وسياسياً...
كيف استطاعت هذه الشعوب التي لا نختلف معها إلا في اللغة، كيف تحولت في غضون أربعين سنة إلى بعبع اقتصادي صناعي بنظام اجتماعي سياسي متطور جداً وبأساطيل تنتشر في شتى أنحاء المحيطات تفرض من خلالها كلمتها على كل من يقف في وجهها أو يهدد مصالحها الحيوية؟
ونحن نجد أنفسنا اليوم مع أهم الدول العربية نقف على رأس قائمة الدول «الفاشلة» في العالم! هناك أسباب كثيرة بالطبع جعلتنا في مقدمة الدول الفاشلة وفي ذيل الدول المتحضرة. وأهم هذه الأسباب، هي أن المصلحة الخاصة فاقت ومازالت تفوق بمراحل كثيرة المصلحة العامة لدينا. ما ساعد على انتشار الفساد من الرتب العليا للدنيا، والفساد أدى بالطبع إلى اختلال النظام. وعندما يختل نظام أي آلة من الآلات تفسد.
ثانياً، هناك نوع من عدم الاكتراث بالاستفادة من الخبرات الموجودة على الأرض أو تهجيرها أو محاربتها. هناك أكثر من 000,600 خبير ومبدع مصري يعملون خارج مصر نفسها، منهم 000,60 في اليونان! ووفق إحصائية أخرى فإن 50% من الأطباء العرب و23% من المهندسين و 15؟ من العلماء هاجروا إما إلى الولايات المتحدة الأميركية أو كندا.
أسباب هجرة العقول العربية عديدة، ولكن أول الأسباب المردود المادي وصعوبة الحصول على وظيفة مناسبة. ويغيب عن بال الجهاز الإداري والاقتصادي في دولنا بأن استثمار تلك الخبرات سيعود على المؤسسة التي تستثمره بعائد يفوق مئات المرات ما يتسلمه من راتب شهري. ولكن يبدو أن عقدة الراتب تمثل هاجساً للمستثمر العربي دون أن يضع في حساباته المردود المادي الكبير من استثمار مثل هذه الخبرات المحلية. ويبدو أن معظم مؤسساتنا باجتهاد ومغامرة فردية لا تعتمد على بيوت الخبرة في دراسة المؤسسات التي تنشئها.
ثالثاً، اللجوء إلى الكسل والتواكل والاعتماد على الله في كل شيء حتى في توصيل رغيف الخبز إلى أفواهنا الجائعة. هناك نوع من اليأس الشديد والإحباط الذي له بالتأكيد أسبابه. هناك انعدام للدافع. وإلا فكيف نفسر أن لا نرى في أسواقنا أي منتج زراعي مستورد من السودان وهي الأرض التي حباها الله بمقومات زراعية غير محدودة، بدءاً من التربة الخصبة إلى مياه النيل الذي لا ينضب؟ لا أحد يعرف.
لماذا تمتلئ أسواقنا بالتفاح الأميركي والفرنسي والصيني بينما ثلاثة أرباع صندوق الفواكه العربية فاسدة أو متعفنة وغير صالحة حتى للبهائم؟ لماذا تصبح صناعاتنا مرفوضة محلياً ودولياً؟ فقد اشترى أحدهم لأحد أطفاله لعبة صغيرة من أسواق إحدى الدول العربية دون ذكر اسمها وكنت شاهداً على هذه الواقعة، وفوجئنا أنها صناعة عربية فطرنا فرحاً بذلك، لكن فرحتنا لم تدم أكثر من ساعة واحدة وهي الفترة الزمنية التي استطاعت فيها تلك اللعبة أن تقاوم العطب!
هذا مجرد مثل من بين أمثال أخرى تجعلنا بطبيعة الحال نقف على رأس الدول الفاشلة في العالم. نصنع، لا شك، ولكن في كثير من الأحيان صناعاتنا تفتقد إلى الجودة والمنافسة. نحكم، نعم، ولكن دون أن يتدخل المواطن في الجهر برأيه حتى ولو كان نائباً في البرلمان منتخباً من قبل الشعب، حتى لا يتهم بمحاولة المساس بأمن الدولة. نزرع، نعم نزرع ولكن لما يسد حاجة القرية دون الطموح إلى غزو الأسواق الخارجية. نحارب، بالطبع، فهي سمة من سماتنا الدائمة. ولكن نحارب من؟ أنفسنا.....
نحن لسنا متخلفين كما قد يتصورنا أو يصورنا البعض، ولسنا أقل إمكانيات من الآخرين، ولكن ينقصنا التنظيم والأريحية والإرادة القوية والتصميم والتضحية وبعد النظر وتغليب المصلحة العامة على الخاصة. كل واحد منا يعيش لنفسه ويكافح لتأمين مستقبله دون أن يهتم بمستقبل من حوله. وهكذا نعيش: مكانك سر، بينما العالم يتقدم في كافة المجالات بسرعات تفوق سرعة الضوء....
المهم، مبروك علينا المراكز الأولى في قائمة الدول «الفاشلة» ـ اليوم على الأقل نستطيع أن نفاخر بأننا في مراكز متقدمة في شيء ما، حتى في الفشل؟