البيت القديم
17-07-2008, 08:43 AM
قلما يسعى المحللون والمراقبون فضلا عن العامة إلى استبطان السياسة الإيرانية،فقد درج عامتنا ومثقفونا على نحو سواء للأسف على الأخذ بالأسهل وهو الصوت تثبيتا للظاهرة الصوتية المتهمون أصلا بها ، مع تحاشي الغوص في عمق الأحداث ، وما تحت السطح، وما وراء الشاشة، فذلك بحاجة إلى جهد وتعب ونصب ومال وجرأة ووحشة في طريق السالكين، متناسين والتناسي أشد من النسيان، بأن إبراهيم كان أمة قانتا لله ،ينضاف إلى ذلك ما تُتهم به العقلية العربية الراهنة من عجز واتسام بالتملق والنفاق، مع الافتقار إلى اتخاذ موقف قد يكلفها لوما وعتبا وفقدان منصب ونحو ذلك من ملذات ومنافع الحياة الدنيا الزائلة ..
المعلوم والظاهر والمدرّس في علم الاجتماع بأن العقيدة والدين يلعبان دورا محوريا في صياغة قرارات المستقبل ، وعادة ما يدرس الدين كأهم عامل من عوامل صناعة المستقبل وعلومه، وما لم تُفهم العقيدة الشيعية وتحديدا فيما يتصل بالتقية، والعلاقة مع الآخر وهنا أعني بالآخر أهل السنة والجماعة الذين يشكلون مادة التاريخ الإسلامي، فلن يكون هناك قراءة واقعية وحقيقية للسياسة الإيرانية، فأدوات التحليل السياسي حين الحديث عن السياسة الأميركية لا يمكن أن تنطبق على أدوات التحليل السياسي على السياسة الإيرانية، إذ لا بد من تحديد الثوابت والمحددات العملية الحقيقية لا القولية ، وتحديد المرتكزات الحقيقية والميكانيزمات التي يقوم عليها الخطاب الإيراني أو أي خطاب كي نستكنه ونستبطن سياسة الطرف المنوي دراسته وفهمه والغوص في مواقفه ...
هذه المقدمة باعتقادي مهمة لفهم ما يجري الآن بين الغرب بقيادة أميركا والكيان الصهيوني الغاصب من جهة وبين إيران وحلفائها من جهة أخرى،فالخطاب الإيراني ومعه حليفيه السوري وحزب الله خطاب ظاهره إسلامي وطني مقاوم، وباطنه باطني حشاشي طائفي لا يرى الأمور إلا من خلال النظارة الطائفية، حتى لو تعارض مع مصالح الأمة، بل حتى ولو كان على حساب دمائها وكرامتها وعزها كما حصل في التوافق الإيراني ـ الأميركي في كل من العراق وأفغانستان، ولا أدل من ذلك سوى تمادي النظام السوري في المفاوضات مع الكيان الصهيوني وتبرير حركات إسلامية وقومية لهذه المفاوضات، فالقوم لديهم بوصلتهم الخاصة بهم ، بينما نحن مهمومون بتبرير أفعالهم وتصرفاتهم أكثر من العمل لأنفسنا،ما دمنا نفتقر إلى المشروع، وما دمنا براغي في مشاريع الآخرين، وكأننا محامون عنهم، فحين يتحالف القوم مع أميركا في العراق وأفغانستان يسارع المبررون والإعتذاريون منا إلى القول بأنها تقاطع مصالح، وحين تفاجئهم بتقاطع مصالح جماعة الرابع عشر من آذار في لبنان مع أميركا يقولون لك لا إنها عمالة، وحين تقول لهم مفاوضات بين الكيان الصهيوني والنظام الأسدي يقولون لك، هذا نظام عروبي وفرضت عليه مصالحه ذلك، لكن حين يأتي الأمر لأنظمة وجماعات أخرى تتحدث عن الكيانه الصهيوني تبدأ سهام العمالة والخيانة تنسل من جعب حلفاء الصفويين ....
تتمنع إيران وهي راغبة، ففي الوقت الذي تهدد فيه بإغلاق مضيق هرمز واستهداف الخليج وطلب دور اقليمي فيه، نراها تصمت عن الكيان الصهيوني ، ويخرج علينا المهرج الأميركي سيمور هرش في النيويوركر ليقول لنا بأن إيران ليست وزيرستان،ويكشف عن تخصيص أميركا لأربعمائة مليون دولار أميركي لعمليات سرية في إيران، وكأنه يقول بأن أي عمليات ضد إيران من الأن فصاعدا ستندرج في خانة عمليات المخابرات الأميركية، متناسيا وجود مشاكل لإيران مع البلوش وظهور جماعات سنية بلوشية تهدد إيران لا علاقة لها بأميركا،بل وتقاتل طهران حتى قبل هيرش وتحقيقه، ولا زلنا لم نبتلع كذب التحقيق الذي أجراه هيرش قبل الأخير هذا والذي استند فيه إلى لقاءات ومقابلات مع قادة حزب الله فقط ، وكذب فيه على سياسيين عرب، وفضحوه في حينه...
العجيب واللافت أن بعض الإسلاميين لا يمل ولا يسأم من التحذير من تعرض إيران إلى الخطر، أما أن تحترق بغداد وكابول وغزة وبيروت، فهذا لا يعنيهم،ما دامت البقرة الإيرانية الحلوب تدر عليهم حليب ُسحت وأما حزب الله الذي يلقى للأسف حتى الآن الكثير من المساندة الإسلامية السنية فهو يفاوض الكيان الصهيوني ويجري الصفقات معه، لكن إن إقدم على ذلك غيره فالويل والثبور وعظائم الأمور له ولمن يسانده ...
إن ما يجري بين إيران والغرب وعرض سلة الحوافز الغربية لإيران ما هو إلا سعي أميركي ـ غربي إلى تبرير عرضها لسلة الحوافز وتوسيع دائرة وزاوية هذه العروض طبعا على حساب المنطقة العربية والخليجية تحديدا، ترافق ذلك مع تهديدات حزب الله للمملكة العربية السعودية،وتصاعد طائفية حزب الله في لبنان، وتهديده بالإبقاء على سلاحه حتى لو انسحب الصهاينة من مزارع شبعا، ويأتي ذلك بعد الكشف عن وجود المفاعل النووي الإيراني في سوريا، ثم الانفتاح الفرنسي ـ السوري، والذي جاء بعد المفاوضات السورية ـ الصهيونية....
كلمة أخيرة ينبغي التأمل والتوقف عندها وهي أن لا مشكلة لإيران مع الكيان الصهيوني وكل ما يجري يأتي ضمن تحسين الوضع الإيراني في المنطقة، لا علاقة له بفلسطين و هموم الأمة، ولنتذكر جيدا موقف إنقاذ إمبراطور قورش الفارسي لليهود من السبي البابلي حين هزم نبوخذ نصر، فهل يعمل أولمرت بني صهيون على رد الجميل لآيات قم وطهران بعد آلاف السنين على ذلك الموقف ...
كتبه الصحافي أحمد موفق زيدان
مراسل الجزيرة في باكستان
المعلوم والظاهر والمدرّس في علم الاجتماع بأن العقيدة والدين يلعبان دورا محوريا في صياغة قرارات المستقبل ، وعادة ما يدرس الدين كأهم عامل من عوامل صناعة المستقبل وعلومه، وما لم تُفهم العقيدة الشيعية وتحديدا فيما يتصل بالتقية، والعلاقة مع الآخر وهنا أعني بالآخر أهل السنة والجماعة الذين يشكلون مادة التاريخ الإسلامي، فلن يكون هناك قراءة واقعية وحقيقية للسياسة الإيرانية، فأدوات التحليل السياسي حين الحديث عن السياسة الأميركية لا يمكن أن تنطبق على أدوات التحليل السياسي على السياسة الإيرانية، إذ لا بد من تحديد الثوابت والمحددات العملية الحقيقية لا القولية ، وتحديد المرتكزات الحقيقية والميكانيزمات التي يقوم عليها الخطاب الإيراني أو أي خطاب كي نستكنه ونستبطن سياسة الطرف المنوي دراسته وفهمه والغوص في مواقفه ...
هذه المقدمة باعتقادي مهمة لفهم ما يجري الآن بين الغرب بقيادة أميركا والكيان الصهيوني الغاصب من جهة وبين إيران وحلفائها من جهة أخرى،فالخطاب الإيراني ومعه حليفيه السوري وحزب الله خطاب ظاهره إسلامي وطني مقاوم، وباطنه باطني حشاشي طائفي لا يرى الأمور إلا من خلال النظارة الطائفية، حتى لو تعارض مع مصالح الأمة، بل حتى ولو كان على حساب دمائها وكرامتها وعزها كما حصل في التوافق الإيراني ـ الأميركي في كل من العراق وأفغانستان، ولا أدل من ذلك سوى تمادي النظام السوري في المفاوضات مع الكيان الصهيوني وتبرير حركات إسلامية وقومية لهذه المفاوضات، فالقوم لديهم بوصلتهم الخاصة بهم ، بينما نحن مهمومون بتبرير أفعالهم وتصرفاتهم أكثر من العمل لأنفسنا،ما دمنا نفتقر إلى المشروع، وما دمنا براغي في مشاريع الآخرين، وكأننا محامون عنهم، فحين يتحالف القوم مع أميركا في العراق وأفغانستان يسارع المبررون والإعتذاريون منا إلى القول بأنها تقاطع مصالح، وحين تفاجئهم بتقاطع مصالح جماعة الرابع عشر من آذار في لبنان مع أميركا يقولون لك لا إنها عمالة، وحين تقول لهم مفاوضات بين الكيان الصهيوني والنظام الأسدي يقولون لك، هذا نظام عروبي وفرضت عليه مصالحه ذلك، لكن حين يأتي الأمر لأنظمة وجماعات أخرى تتحدث عن الكيانه الصهيوني تبدأ سهام العمالة والخيانة تنسل من جعب حلفاء الصفويين ....
تتمنع إيران وهي راغبة، ففي الوقت الذي تهدد فيه بإغلاق مضيق هرمز واستهداف الخليج وطلب دور اقليمي فيه، نراها تصمت عن الكيان الصهيوني ، ويخرج علينا المهرج الأميركي سيمور هرش في النيويوركر ليقول لنا بأن إيران ليست وزيرستان،ويكشف عن تخصيص أميركا لأربعمائة مليون دولار أميركي لعمليات سرية في إيران، وكأنه يقول بأن أي عمليات ضد إيران من الأن فصاعدا ستندرج في خانة عمليات المخابرات الأميركية، متناسيا وجود مشاكل لإيران مع البلوش وظهور جماعات سنية بلوشية تهدد إيران لا علاقة لها بأميركا،بل وتقاتل طهران حتى قبل هيرش وتحقيقه، ولا زلنا لم نبتلع كذب التحقيق الذي أجراه هيرش قبل الأخير هذا والذي استند فيه إلى لقاءات ومقابلات مع قادة حزب الله فقط ، وكذب فيه على سياسيين عرب، وفضحوه في حينه...
العجيب واللافت أن بعض الإسلاميين لا يمل ولا يسأم من التحذير من تعرض إيران إلى الخطر، أما أن تحترق بغداد وكابول وغزة وبيروت، فهذا لا يعنيهم،ما دامت البقرة الإيرانية الحلوب تدر عليهم حليب ُسحت وأما حزب الله الذي يلقى للأسف حتى الآن الكثير من المساندة الإسلامية السنية فهو يفاوض الكيان الصهيوني ويجري الصفقات معه، لكن إن إقدم على ذلك غيره فالويل والثبور وعظائم الأمور له ولمن يسانده ...
إن ما يجري بين إيران والغرب وعرض سلة الحوافز الغربية لإيران ما هو إلا سعي أميركي ـ غربي إلى تبرير عرضها لسلة الحوافز وتوسيع دائرة وزاوية هذه العروض طبعا على حساب المنطقة العربية والخليجية تحديدا، ترافق ذلك مع تهديدات حزب الله للمملكة العربية السعودية،وتصاعد طائفية حزب الله في لبنان، وتهديده بالإبقاء على سلاحه حتى لو انسحب الصهاينة من مزارع شبعا، ويأتي ذلك بعد الكشف عن وجود المفاعل النووي الإيراني في سوريا، ثم الانفتاح الفرنسي ـ السوري، والذي جاء بعد المفاوضات السورية ـ الصهيونية....
كلمة أخيرة ينبغي التأمل والتوقف عندها وهي أن لا مشكلة لإيران مع الكيان الصهيوني وكل ما يجري يأتي ضمن تحسين الوضع الإيراني في المنطقة، لا علاقة له بفلسطين و هموم الأمة، ولنتذكر جيدا موقف إنقاذ إمبراطور قورش الفارسي لليهود من السبي البابلي حين هزم نبوخذ نصر، فهل يعمل أولمرت بني صهيون على رد الجميل لآيات قم وطهران بعد آلاف السنين على ذلك الموقف ...
كتبه الصحافي أحمد موفق زيدان
مراسل الجزيرة في باكستان